رحبت "مراسلون بلا حدود" في تقرير لها بالإصلاحات التي شهدها مشروع مراجعة الدستور في الجزائر، ودعت إلى تطبيقها على أرض الواقع بما يحترم مضامين الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر. وأثنت المنظمة على ما جاء في المادة41 مكرر على ضمان حرية الصحافة بينما يلغي بشكل كامل عقوبة السجن ضد الصحفيين، وذلك "في إطار القانون واحترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية"، وكذا المادة 41 مكرر 3 التي تكفل الحق في نقل المعلومات والحصول عليها، شريطة ألا تمس ممارسة هذا الحق بحياة الغير الخاصة وبحقوقهم وبالمصالح المشروعة للمقاولات وبمقتضيات الأمن الوطني".
وفي هذا الصدد، قالت ياسمين كاشا، مديرة مكتب شمال إفريقيا في منظمة مراسلون بلا حدود، "إن هذه الضمانات الدستورية تشكل تقدماً هاماً بالنسبة للحق في الإعلام وحرية الصحافة في الجزائر، بيد أن هذه الأحكام لا يمكن أن تبلغ قيمتها الحقيقية إذا كانت التشريعات الوطنية الحالية، بما في ذلك قانون العقوبات، لا تتماشى مع الدستور الجديد والالتزامات الدولية للجزائر في مجال حرية الإعلام والصحافة".
وتذكر مراسلون بلا حدود أن القيود القانونية، مثل الإساءة إلى رئيس الدولة أوالمس بالأمن الوطني أوالقيم الأخلاقية للأمة، تشكل مصدر قلق كبير بسبب عدم دقة هذه المفاهيم. فمن وجهة نظر القانون الدولي، فإن لجنة حقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 تؤكد أن المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجزائر عام 1989، لا تسمح بمعاقبة مؤسسة إعلامية لمجرد انتقادها لنظام سياسي أواجتماعي معين.
وعلاوة على ذلك، فإن مفهوم "المصالح المشروعة للمقاولات"، المشار إليه في الدستور الجديد، لم يرد في أي من القيود التي يجيز القانون الدولي فرضها على حرية التعبير في بعض الحالات، كما يشكل هذا المفهوم خطراً حقيقياً على الحق في الإعلام بشأن المسائل ذات الطابع الاقتصادي.
وأخيراً، يضيف تقرير المنظمة " إذا كانت المعايير الدولية تعتبر مقتضيات الأمن الوطني ضمن القيود المشروعة، فإن لجنة حقوق الإنسان تُذكِّر في الوقت ذاته بواجب تطبيقها وفقاً لأحكام المادة 19 من العهد الدولي، أي أن تكون محددة بنص القانون، وأن تكون ضرورية ومتناسبة مع الهدف المشروع المنشود".