في الوقت الذي تمكنت أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء هيئة التشاور والمتابعة من افتكاك الترخيص لعقد مؤتمر "مزفران 2″، في موعده المحدد وتنكب لإنجاح هذا الموعد "المصيري" بالنسبة لها عن طريق وضع آخر اللمسات والاتصال بالشخصيات الوطنية والعمل على إقناعها بجدوى مسعاها بغية إضفاء الشرعية اللازمة على ندوتها، تعمل بالمقابل "فيالق" الموالاة على رص صفوفها والتكتل على قلب رجل واحد لقطع الطريق على المعارضة بتنظيم تجمع "استعراضي" بالقاعة البيضاوية يتزامن تاريخ عقده بتاريخ الندوة الثانية للمعارضة. واللافت أن تجمع المعارضة وتجمع الموالاة يتوافقان في توقيت عقدهما المتزامن مع نهاية شهر مارس الجاري، إلا أنهما يتقاطعان جملة وتفصيلا في الغاية المتوخاة من وراء الموعدين، فالمعارضة تطمع حسب القيادي في حركة مجتمع السلم ورئيس لجنة صياغة اللائحة السياسية التحضيرية للمؤتمر فاروق طيفور لتمرير رسائل سياسية للسطلة، مفادها أن أحزاب المعارضة التي نجحت في لملمة صفوفها وتكتلت تحت غطاء واحد، سطرت هدف تجسيد الانتقال الديمقراطي السلس السلمي، وأن اجتماعها الثاني هذا ستوجه من خلاله رسالتين الأولى للمواطن مفادها أنها ستواصل نضالها ورسالة ثانية للسلطة تحمل طابع الإصرار على مواصلة درب النضال الذي سطر منذ مزفران 1 وأن المعارضة لا تزال متماسكة على الرغم من كل الممارسات "التضييقية" التي انتهجتها السلطة لتشتيت صفوفها. وأمام رغبة المعارضة في"تبيان قوة شعبيتها" بعقد مزفران 2، تفطنت الموالاة لهذه "الحيلة السياسية"، وسارعت لترتيب بيتها من جديد لعدم ترك الساحة فارغة للمعارضة تلهو فيها كما تشاء، بإعادة الروح من جديد للمبادرة السياسية الوطنية من أجل التحالف والاستقرار بقيادة " الأفلان"، تحمل رسالة أخرى مغايرة، في طياتها ضرورة توعية المواطن وبناء جدار وطني ضد المخاطر الأمنية المحدقة بالبلاد بسبب تنامي تهديدات التنظيمات الإرهابية، التي غذاها تعقد الأزمة الأمنية في ليبيا والتوتر القائم في تونس. وراح صاحب المبادرة، حزب جبهة التحرير الوطني، أبعد من ذلك بالكشف عن تجمع ضخم بالقاعة البيضاوية التابعة لملعب 5 جويلية بالعاصمة، وحشد لذلك أكثر من 36 حزبا والمئات من منظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة والجمعيات المهنية والمثقفين، ودعا الكوادر المنضمين للمبادرة للقيام باتصالات من أحزاب سياسية أخرى للالتحاق بالمبادرة السياسية، أين يتوقع وصول عددهم إلى 50 حزبا بينهم حزب جبهة التغيير وحركة البناء الوطني، ما يمكن من توجيه رسائل مشفرة مضمونها تحقيق "التفوق" على ندوة المعارضة التي ترغب في قياس مدى شعبيتها لدى الرأي العام، وهي التي ترفع دائما شعار: "لو تجرى انتخابات شفافة ونزيهة لأثبتنا شعبيتنا الحقيقية". وحسب القائمين على التحضير لتجمع القاعة البيضاوية، فإن إطلاق مبادرة كبيرة كهذه لضمان أمن البلاد ضد "داعش" وضد التدخل الأجنبي، خاصة وأن المبادرة تحمل شعار "بناء جدار وطني" وتجمع كل الشركاء، لتحقيق ثلاثة أهداف إستراتيجية وهي أولا، مساعدة الجيش الشعبي الوطني الذي يبذل جهودا قياسية يجب تثمينها ودعمها ومساندتها، جهود تشرف البلد ويشهد لها العدو قبل الصديق حسبهم وأن الهدف الثاني هو القيام بجهد وطني تجاه المواطنين لتحسيسهم بالمخاطر الحقيقية التي تستهدف البلاد، وثالثا، تحقيق فوائد وطنية لضمان الأمن والسلم، كاشفين أن لقاء 5 جويلية سيخرج بخارطة طريق بمشاركة وسائل الإعلام والمجتمع المدني، لبناء العمل السياسي والإعلامي والجمعوي، إلا أن الأهداف الخفية حسب مراقبين لم يتم الكشف عنها وهي التوجه للميدان ل" منافسة" المعارضة وتنظيم تجمع "استعراضي" يحضره الآلاف ومن مختلف ولايات الوطن "يقزم" ندوة "مزفران2".