ناصري يلتقي رئيس أنغولا    هذا جديد آر آلجيري    مقتل الآلاف وعمليات اختطاف في مجازر مروّعة    أنطقتني غزة شعرا يصدح في مواجهة الاحتلال والخذلان    ميسي يتطلّع لمونديال 2026    عملية ناجحة للشرطة بغرداية    63 عاماً من السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون    مشاركون في ندوة بالعاصمة:الوسطاء غير المصرفيين حلقة أساسية لتنويع مصادر التمويل    سيدي بلعباس : الشروع قريبا في إعادة الاعتبار للمنطقة الصناعية    رئيسة المحكمة الدستورية تشارك في المؤتمر العالمي للعدالة الدستورية بمدريد    إصابة 31 تلميذا في حادث مرور بوسط مدينة القطار شرق غليزان    "إيتوزا" تعلن عن رحلات خاصة لنقل زوار المعرض الدولي للكتاب    رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات يدعو المواطنين إلى التسجيل عبر المنصة الرقمية لتجديد القوائم الانتخابية    الدكتور مصطفى بورزامة: الإعلام الجزائري منبر وطني حرّ وامتداد لمسار النضال    اتفاقية تنظم عملية تبادل البيانات    حملاوي تدعو إلى تفعيل لجان الأحياء والقرى    الإعلام الوطني مُطالبٌ بأداء دوره    وزارة السكن تتحرّك لمعالجة الأضرار    مئات الاعتداءات على شبكة الكهرباء بالبليدة    سياسة الجزائر نموذج يحتذى به    الفلاحة رهان الجزائر نحو السيادة الغذائية    التلقيح ضروري لتفادي المضاعفات الخطيرة    سيلا يفتح أبوابه لجيل جديد    تحويل 9 ولاة وترقية ولاة منتدبين وأمناء عامين    مراجعة دفتر شروط خدمات النّقل بالحافلات    رقم أعمال سوق التأمين يقارب 100 مليار دينار    إبراز اهتمام الجزائر بالدبلوماسية الوقائية لإرساء السلام في العالم    تكثيف الوساطة لاستحداث مناصب عمل للشباب    المنافسات الإفريقية : آخرهم مولودية الجزائر .. العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    بطولة الرابطة الثانية:اتحاد بسكرة يواصل التشبث بالريادة    كأس افريقيا 2026 /تصفيات الدور الثاني والأخير : المنتخب الوطني النسوي من أجل العودة بتأشيرة التأهل من دوالا    المهرجان الثقافي للموسيقى والأغنية التارقية : الطبعة التاسعة تنطلق اليوم بولاية إيليزي    الطبعة ال 28 لمعرض الجزائر الدولي للكتاب: المحافظة السامية للأمازيغية تشارك ب 13 إصدارا جديدا    ناصري يشارك في قمّة تمويل المنشآت في إفريقيا بلواندا    مباشرة حملات تلقيح موسعة ضد الدفتيريا بالمدارس    كبار السن.. استثمار أسري، ثورة مجتمعية وخبرة إنسانية    البوليساريو ترفض أية مقاربة خارج إطار الشرعية الدولية    ضرورة إدماج مفهوم المرونة الزلزالية    الرياضي الصغير.. بذرة النخبة الوطنية    إصابة محرز وبلغالي قد تخلّط أوراق بيتكوفيتش    العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    حوارات في الذاكرة والهوية وفلسفة الكتابة    نسمات المهجر وطلة الصحراء ووقفات أخرى    دُور نشر تغازل القارئ كمّاً ونوعاً    ميزانُ الحقِّ لا يُرجَّحُ    جامعة "بوقرة" ترافع من أجل أسلوب حياة صحيّ وسليم    10 فرق في التجمع الجهوي    دعوة إلى ضرورة التلقيح لتفادي المضاعفات الخطيرة : توفير مليوني جرعة من اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية    الشبيبة تتأهل    الشباب المغربي قادر على كسر حلقة الاستبداد المخزني    فلسطين : المساعدات الإنسانية ورقة ضغط ضد الفلسطينيين    يجسد التزام الجزائر بالعمل متعدد الأطراف والتعاون الدولي    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    معيار الصلاة المقبولة    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستوطنون أبرياءٌ مسالمون والفلسطينيون أعداءٌ معتدون
نشر في الحوار يوم 14 - 11 - 2017


بقلم: د. مصطفى يوسف اللداوي
إنها بحق قسمةٌ ضيزى، لا عدل فيها ولا إنصاف، ولا حق معها ولا قسطاس، قانونها الغاب وفقهها الغطرسة والاستعلاء، وسياستها البغي والعدوان، وحكامها الفجرة والظُلام، وحراسها القراصنة واللصوص، يحكمون بقانونهم الذي صاغوه لأجلهم، ويحتكمون إلى القوة الفائقة التي حازوا عليها دون غيرهم، ولا يعبأون بأصحاب الحق ولا يهتمون بشأن المظلومين، ولا يخافون من ملاحقةٍ ولا يشكون من تضييقٍ عليهم، ولا يقوى أحدٌ على محاسبتهم، ولا يتجرأ آخر على منعهم أو ملاحقتهم، فهم صناع القوانين وحراس الظلم، وسدنة السياسة ومُلَّاك الإعلام وملوكه، يثبتون ما يريدون، ويشطبون من التداول ما يتعارض مع سياستهم أو يخالف منهجهم، ويعتمدون في معاييرهم على دعم دول الاستكبار العالمي لهم، وتأييد المستعمرين القدامى والجدد لهم، الذين يضمنون أمنهم ويتكفلون سلامتهم ومستقبل وجودهم.
قصدت المستوطنين الإسرائيليين الغاصبين، بجنسياتهم المتعددة، وألسنتهم الغريبة، وجوههم المقيتة العجيبة، ومنطقهم الأعوج وفلسفتهم العقيمة، وعنيت القوانين الجائرة التي تحميهم، والأنظمة الفاسدة التي تتكفلهم، والسياسات الظالمة التي ترعاهم، وهم الوافدين إلى بلادنا هجرةً، والمغتصبين لحقوقنا عنوةً، والمحتلين لأرضنا عدواناً، والساكنين في بيوتنا غصباً، والعابثين في ديارنا خراباً، والمستغلين لخيراتنا نهباً، إذ من حقهم وفق قوانينهم القتل والاغتصاب، والنهب والخراب، والمصادرة والتجريد، والطرد والتهجير، والاستيطان والاحتلال، ولهم الحق أن يجتاحوا الحدود وأن يقتحموا الخصوصيات، وأن ينتهكوا الحقوق والمقدسات، وأن يعبثوا في الحوائج والممتلكات، وأن يزوروا الوقائع والوثائق، وأن يبدلوا الحقائق والمستندات، فلهم الحق في كل ما يريدون، ولا تثريب عليهم في كل ما يرتكبون، فهم صفوة الإسرائيليين وخيرة اليهود، ورسل بني إسرائيل المعاصرين.
أما روايتهم فهي مصدقة، وحكايتهم موثقة، وشهادتهم غير مزورة، وأولويتهم مصانة، وحقوقهم محفوظة، وعلى الجميع أن يصدقهم إذا قالوا، وأن يقبل بشهادتهم إذا أدلوا بها، وعلى العالم كله أن يقف معهم ويساندهم، وأن يؤيدهم ويناصرهم، ويستغربون كثيراً ممن يعاقبهم أو يعارضهم، أو يقاطعهم ويوقف التعامل معهم، وعلى الشهود أن يكذّبوا الأدلة ولو كانت ضدهم دامغة، وعلى جريمتهم شاهدة، وما الدماء التي على أيديهم جراء جرائمهم ومجازرهم إلا دماؤهم البريئة الطاهرة بزعمهم، التي سفكها الضحايا الفلسطينيون وكانوا سبباً فيها، ولذا فإن على العالم ألا يصدق الفلسطينيين إذا شكوهم، أو جاؤوا إليهم بأدلةٍ ضدهم وشواهد عليهم.
المستوطنون الإسرائيليون في فلسطين المحتلة لا يردعهم أحد، ولا تمنعهم سلطة، ولا يحد من ظلمهم قانون، ولا تخيفهم قوة، ولا يجرّمهم مشرع، ولا يقيدهم سجنٌ أو عقاب، فتراهم يعتدون على بيوت الفلسطينيين ويحرقونها، وقد يحرقون من فيها من السكان وهم أحياء، ويحرقون أشجار الزيتون أو يقتلعونها من أرضها، أو يحرثون بساتينها فلا يبقون منها أثر، ويغتصبون البيوت ويطردون منها سكانها، ويلقون بمتاعهم في الشوارع والطرقات، والشرطة ترقبهم وجنود الجيش تحرسهم، ولا أحد يقف مع الفلسطيني المطرود من بيته، والمنتزع من أرضه وملكه، بينما يقف الجنود مع المعتدين يحرسونهم، ويصدون عنهم أي محاولة من الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم، أو رد العدوان عنهم.

المستوطنون يقطعون الطرق والشوارع العامة، ويوقفون السيارات الفلسطينية العابرة، يضربونهم ويحطمون سياراتهم، أو يطلقون عليهم النار ويقتلون بعضهم، ولا يبالون بدهس الأطفال والنساء والشيوخ، ومنهم من يدوسهم بعجلات سيارته متعمداً، ويعيد الكرة عليهم ذهاباً وإياباً حتى يتأكد من مقتلهم، وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة أمامه، ورغم أن كاميرات الإعلام تصور وتوثق هذه الجرائم، إلا أن الشرطة الإسرائيلية لا تتهمهم، وإذا اتهمتهم فإن المحاكم تبرؤهم، وإذا أدانتهم وحكمتهم فإن أحكامها تكون بسيطة ومخففة، إذ يأخذ القضاة بالأسباب والدوافع التي أدت بهم إلى ارتكاب هذه الجرائم، ويدرجونها ضمن باب القتل الخطأ أو غير المتعمد أثناء الدفاع عن النفس.
المستوطنون يتلفون المحاصيل الفلسطينية، ويفسدون المنتوجات الزراعية، ويسممون المياه الجوفية، ويردمون الآبار والعيون، ويسرقون المياه ويحرمون أهلها منها، ويهاجمون في جماعاتٍ مسلحةٍ القرى والبلدات، ويقتطعون مساحاتٍ من أرضها، ويقيمون عليها بيوتاً مسبقةً الصنع، لتكون بؤر استيطانٍ جديدةٍ، تمهيداً لتشريعها وتوسيعها والبناء فيها، وقد يكونون في حماية الجيش ورعاية مؤسسات الكيان الأمنية، التي لا ترى في أفعال مستوطنيها جرماً، ولا تصنف اعتداءاتهم عدواناً، بل قد تمارس العنف ضد الفلسطينيين المدافعين عن حقهم، وقد تطلق النار عليهم قتلاً أو تخويفاً وترويعاً لتفريقهم، في الوقت الذي تعتقل العشرات منهم وتحاكمهم بتهمة الإخلال بالأمن العام، وتكدير نفوس المستوطنين والتضييق عليهم.
المستوطنون ومعهم المتدينون اليهود وقادة الأحزاب اليمينية القومية المتطرفة، يعتدون على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي الشريف، ويزرعون لهم فيهما بؤراً دينية بحجة الصلاة وأداء الطقوس الدينية، بينما هم يخططون لشئٍ آخر ويعدون لأمرٍ مريبٍ، في الوقت الذي يمنعون الفلسطينيين من الدخول إلى مساجدهم والصلاة فيها، ويعتدون عليهم بالضرب والإهانة والتنكيل، وإذا رأتهم الشرطة فإنها تعتقل المصلين الفلسطينيين، وتأخذ بيد المستوطنين آمنين عبر بوابات الحرم المصادرة مفاتيحها إلى باحات المسجد الأقصى الشريف.
ويح المجتمع الدولي وويح قوانينه البالية الظالمة، ومعاييره المزدوجة ومكاييله المختلفة، ألا يرى هذا الظلم الفادح، وهذا البغي الفاضح، والاعتداء الصارخ، ألا يحرك ساكناً ويصرخ، ويرفض ويدين ويستنكر، ألا يغضب للقيم والمبادئ والمثل، ألا يثور للحق والعدالة والمساواة، أم تراه شريكٌ مع العدو في جرائمه، وموافقٌ معه على تقوم به مجموعاته وعصاباته الاستيطانية.
أم أننا نحن بلهاء وسفهاءٌ وعقلنا مخربٌ إذ نجرب المجرب، فهل يعقل أن ننتظر من المجتمع الدولي موقفاً، ونتوقع منه عدلاً، ونتخيل أنه سينتصر لنا وسيقف إلى جانبنا، وسيقول للمستوطنين الإسرائيليين وحكومتهم، توقفوا عن غيكم، وامتنعوا عن ظلمكم، وكفوا عن الاعتداء على غيركم واغتصاب حقوقهم.
نتساءل ما العمل مع هذا المجتمع الدولي المزيف بدوله والخرِب بقيمه، إذ انقلبت المعايير وتغيرت الأحوال ودنا آخر الزمان، وأصبح فيه القط طاهياً للحم، والحمار مستشاراً للرأي، والفيل راقصاً للحبل، فهل نأمل منهم أو فيهم بعد ذلك خيراً أو نرجو منهم نصراً وتأييداً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.