التاريخ كان ولا يزال شاهداً علي كل العصور، الماضية واللاحقة والقادمة، ولقد سطرت سجلات الأيام الغابرة سقوطُ أمم وممالك كانت مُسلطنةً، ولا تغيب عن حدود مُلكها الشمس. ولقد ذكرت بعض كُتب السير أن الخليفة هارون الرشيد، رحمه الله، بلغ ملكهُ ما بلغ الليلُ والنهار، فكان يخاطب السحابة في السماء، فيقول:" أيتها السحابة إمُطِري هنا أو لا تمطُرين، فأينما تمطري فإن خراجك أو ريعُكِ راجعٌ إلينا"، وحينما مرض وشعر بدنو أجله وقرب وفاتهِ، قال لمن حوله احملوني وأروني قبري، فلما أخذوه ورأى قبرهِ الذي سيدفن فيهِ بكى، وقال:" يا من لا يزُولُ ملكهُ، ارحم من قد زال ملكهُ"، هذه هي الدنيا!، وكذلك أطول الأنبياء عمرًا نوح عليه السلام، والذي عاش أكثر من ألف وأربعمائة عام، حينما حضرتهُ الوفاة قالوا له يا أطول الأنبياء عمراً كيف وجدت الدنيا؟، فقال: كأني عبرت من بابٍ وخرجتُ من باب آخر". كما سجلت الكتب السماوية، وعلى رأسها الكتاب الصحيح الخالد إلى يوم القيامة القرآن الكريم، كلام الله عز وجل المنزل من فوق سبع سماوات، قصص أُمُم غابرة أفُلّ نجمها وصارت نسياً منسياً، فذلك سنة الله في خلقه وأرضه دفع الناس بعضهُم ببعض، فلو دامت لك ما وصلت لغيرك، فلا حزنٌ يدوم، ولا سرور، فلقد مات الأنبياء والأتقياء والصالحون، والتحقوا بالرفيق الأعلى وتركوا خلفهم طيبّ وجميل الأثر، من فعل الصالحات والخيرات، قال تعالى: "لقد كان في قصصهم عبرهً لأولي الألباب ما كان حديثاً يُفترى". وكذلك مات والتحق بالرفيق الأعلى سيدنا محمد سيد الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام، وترك لنا أجمل وأطيب الأثر، ونجد كذلك موت ورحيل المستبدين والطُغاة والبغاة والظالمين والفجار والكفار، والذين يلعنهم اللاعنون ليلاً ونهاراً، والذين تركوا خلفهم أسوا الأثر من إفسادهم وفسادهم وجرائمهم الدموية، وأفعالهم الإرهابية الدنيئة، ومجازرهم البشعة، فكلما ذكرهم أحد ألحق بذكرهم اللعنة عليهم ولهم، ووصل الحال ببعضهم كفرعون إلى أن يقول لقومه الذين أستخفهُم فأطاعوهُ وكانوا قوماً فاسقين، "ما أُريكُم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد". ولقد وصل به الجبروت والطغيان والصولجان لأن يدعي الألوهية!، فيقول لهم:" أنا ربُكم الأعلى". ولقد ابتلي العالم اليوم بزعماء طُغاة بُغاة ساديين فاشيين متخلفين مثل ترمب ونتنياهو، وهما رويبضة وتافهين، بل معتوهين، ومختلين نفسياً، ويظنون أنفسهم بأنهم فوق البشر وآلهة!، ويتصرفون بكل غطرسة وعنجهية وعربدة وبلطجة!، والحق ما شهد به الأعداءُ، فلقد قال الصحفي الأمريكي، مايكل وولف، في كتابهِ: "نار وغضب" (Fire and Fury)، أن ترمب غير مؤهل لمنصبه، كرئيس للولايات المتحدة. ومن الأمور التي تضمنها الكتاب عن ترمب هو صحته العقلية التي تجعله غير لائق للرئاسة، ومما يدل على أن ترمب مأفول وعنده كفرعون جنون العظمة!، ما كتب في تغريده له على توتير أنه عبقري شديد الاتزان!. كما أن الكتاب يتضمن شهادات عدة يُسرد فيها الكاتب الخلل في عمل الرئاسة الأمريكية وتصرفات الرئيس الذي لا يحب القراءة مطلقًا، وينعزل داخل غرفته، ابتداءً من الساعة السادسة مساء، ويتسمر أمام ثلاثة أجهزة تلفزيونية لعدة ساعات. ويقول المقربين لترمب، "إنه كالطفل، وإنه لا بد من إرضائه سريعاً، وإن كل الأمور يجب أن تجري حوله كما يريد"، ووصفه الكاتب بأنه "يتحرك في كل الاتجاهات مثل الكرة"، موضحًا أن ترمب يروي أحيانا القصة نفسها "ثلاث مرات خلال عشر دقائق"، وهو الأمر الذي يحصل أحيانا خلال مداخلاته الصحفية، وأضف لذلك أنه فاز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية مع اتهامات له بالتزوير من خلال المخابرات الروسية، واختراقها لحواسيب الانتخابات الأمريكية واللعب في سجلات الناخبين الخ..، وما طم وعم وسيكون القشة التي سوف تُقسم ظهر ترمب، وستكون من أهم أسباب سقوطهِ قريباً عن سدة الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، هو الجريمة العظيمة التي ارتكبها حينما قرر نقل السفارة الأمريكية إلى القدسالمحتلة، واعترافه بأن القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم!، وهو بذلك كأنه يتحدى رب العالمين، الذي جعل القدس الشريف مباركةً، ومبارك ما حولها، أرض المحشر والمنشر والثبات، بها عجائب سليمان، ومحراب داوود، ومهجر ابراهيم الخليل عليهم السلام، ومبتدأ الإسراء والمعراج، أرض الأنبياء، ومهبط الوحى، صلى بها سيد الأنبياء والمرسلين بالأنبياء إماماً، وهي مهد الرسالات السماوية الثلاث؛ وذكرها في قرآنه العظيم، وجعلها بمكانة عظيمة مُطهرة، وهي مرتبطة ارتباطاً عقدياً بين المسجدين المسجد النبوي، والمسجد الحرام، وهي مباركة كالكعبة المُحرمة والمُشرفة؛ والتي حاول وقتها ملك الحبشة أبرهة الأشرم الحبشي هدمها!!؛ فخرج بجيشٍ عّظيم ومعه فيلة كبيرة تتقدم الجيش لتدمير الكعبة، وعندما اقترب من مكةالمكرمة، وجد قطيعاً من النوق لعبد المطلب سيد قريش فأخذها غصباً، فخرج عبد المطلب، طالباً منه أن يرد له نوقه ويترك الكعبة وشأنها، فرد أبرهة النوق لعبد المطلب ولكنه رفض الرجوع عن مكة، وخرج أهل مكة هاربين إلى الجبال المحيطة بالكعبة خوفاً من أبرهة وجنوده، والأفيال التي هجم بها عليهم، وعندما ذهب عبد المطلب ليسترد نوقه سأله أبرهة لماذا لا تدافعون عن الكعبة، قال عبد المُطلب جد النبي: "أما النوق فأنا ربها، وأما الكعبة فلها رب يحميها"، ولما حاول هدم الكعبة أبت الفيلة التقدم نحو مكة، وعندها أرسل الله سبحانه وتعالى طيوراً أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل قتلتهم وشتتت أشلاءهم، وللقدس الشريف ربٌ يحميه إن قّصْر الحُكام والمحكُومين من العرب والمسلمين، وسيدفع ترمب فرعون هذا الزمان ثمن حماقته بالسقوط المبين المُهين هذا العام من رئاستهِ للولايات المتحدة ولن يُكمل فترة ولايته إن شاء الله، وستبقى القدس عربية إسلامية عصية على الكسر أو الهدم والتهويد. وأما عن المهووس نتنياهو، والذي عّلتْ دولة الاحتلال في زمانه علُواً كبيرا، وأصبحوا يملكون المال الكثير والعتاد والسلاح المتطور والنفط والغاز، والتطبيع المجاني مع العرب؛ نتنياهو كقارون الذي بلغت الثروة لديهِ لدرجةِ أن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان يصعب حملها علي مجموعة من الرجال الأشداء، قال تعالى:{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى}، كان ابن عم موسي عليه السلام، ويتكرر المشهد اليوم مع فرعون وقارون الجدد، المعتوه ترمب، ونتنياهو الإرهابي المجرم، والذي تمادى في غيهِ وظلمهِ وطغيانه مع عصابته زعران الغاصبين المستوطنين، والذين تغولوا بعد قرار ترمب بخصوص القدس، فقام نتنياهو وعصابته اليمينة المتطرفة بإصدار قرارات منها ضم الضفة المحتلة ونقل مقر الكنيست للقدس، وقانون إعدام أسرى الحرية الأبطال الفلسطينيين، وعلا علواً كبيراً، واستخف بشعبه المتصهينين فأطاعوه، وتمادي هو ودولة الاحتلال العنصري "الابرتهايد" بالفساد والإفساد في الأرض، وحصل مجاناً من الولاياتالمتحدة على أحدث وأقوى طائرات حربية في العالم F.35، لذلك يضرب اليهود المحتلين بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، ويحتلون فلسطين وبالرغم من أنهم الجلاد ولكنهم يتباكون وكأنهم الضحية!، ولكن هذا العلو الكبير لنتنياهو ودولة الاحتلال تقترب من نهايتها الحتمية، فكل ظالم لابد أن يسقط يوماً ما سقوطاً مدوياً، ليكتب اسمهُ في سجلات التاريخ الأسود، ويكون مصيرهُ مزابل التاريخ؛ فنتنياهو الذي طغى وبغى من المقرر أن يخضع للتحقيق معهُ على خلفية قضية "2000"، كما تُسميها الصحافة العبرية، وستحقق شرطة الاحتلال أيضاً مع نجل نتنياهو (يائير)، في القضية المنسوبة لوالده ووالدته المتهمين بالفساد. إن الزمن كفيل بمداواة وحلّ كل شيء، وإن الظلم وإن طال ظلامه سيسقط في أسفل سافلين. وحسب المُعطيات والتحليل وتصوري للقادم، إن شاء الله تعالى، وهو سبحانه وتعالى أعلى وأجل وأعلم، سوف يسقط ترمب من حكم الولاياتالمتحدة، والتي هي دولة استعمارية مارقة عمرها 240 عاماً قامت على أنقاض شعب آخر، وكذلك سيسقط المجرم زعيم دولة الاحتلال المتطرف النازي نتنياهو، وإن أشد ساعات الليل حلكةً وظلاماً هي تلك الساعة التي تسبق بزوغ الفجر، وبالرغم من حالة الوهن والترهل الشديد التي يعاني منها اليوم العالم العربي والإسلامي في كل أصقاع الأرض!، إلا أن هذا المارد النائم سوف يستيقظ يوماً قريباً جداً وينفض غبار الأيام عن كاهلهِ وسوف يحرر القدس الشريف، لأن تلك الدماء الطاهرة الزكية العظيمة المنفرشة على أرض فلسطين كسجادة خضراء، من دماء الشهداء الأبرار النازفة مدراراً ومغزاراً، والتي سقطت لتروي ثرى الأرض المقدسة المباركة فلسطين، هي دماء عزيزة وغالية جداً عند الله عز وجل ولن تذهب هدراً، وما النصرُ إلا صبر ساعة، يرونها بعيداً ونراها قريبة وقريبة جداً، وإننا لصادقون. الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والوطني الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل