حاورته: نصيرة سيد علي تحدث الخبير الفلاحي ومستشار التصدير عيسى منصور في لقاءه مع ” الحوار”، عن أسس والاساليب التي يجب انتهاجها من أجل الوصول إلى الأمن الغذائي في الجزائر، كما تطرق إلى عديد القضايا التي تهم القطاع الفلاحي…وهل هذا القطاع قادر على منافسة قطاع المحروقات وجعله بديلا له في مجال التصدير…..
* بصفتك خبيرا فلاحياً، في نظركم هل وصلت الجزائر بالفعل إلى تحقيق أمنها الغذائي؟ وما هي عناصر منظومة الأمن الغذائي ؟ وماهي مؤشرات ذلك في نظركم؟ من المبكر جدا أن نتحدث عن الأمن الغذائي في الجزائر لاننا بعيدين كل البعد عن تحقيقه، الامن الغذائي مفهوم له متطلبات يجب توفرها لاجل تحقيقه و من أهمها تذكرة وفرة المواد الغذائية، امكانية الحصول عليه من طرف المستهلك في كل مكان و زمان، مامونية هذا الغذاء الذي يجب ان يكون صحي ولا يسبب أي اثار سلبية على صحة المستهلك، و كذا الاستقرار بمفهومه العام بما في ذلك الاستقرار السياسي. هل هذه الامور متوفرة عندما حاليا؟ غالبا ما نربط الاكتفاء الذاتي بالامن الغذائي و لكن في الحقيقة ليس هناك أي صلة بينهما لان الامن الغذائي ممكن تحقيقه بالواردات شريطة ان يكون ضمان ديمومتها بتوفير الظروف المادية لذلك.
* برأيكم في ظل المعطيات الراهنة، وفي وجود انتقادات بالجملة للقطاع الفلاحي، هل فعلا هذا القطاع يمكن أن يكون رافدا فعليا جديدا لضخ مداخيل كبيرة من العملة الصعبة في إطار ما يعرف بالتنويع الاقتصادي؟ الفلاحة كبديل للمحروقات شعار من المستحيل تحقيقه على المدى القصير لان تصدير المواد الفلاحية لا يمكنها ان تضاهي مداخيل صادرات البترول، فنحن الان لا نصدر فعليا من المنتوجات الفلاحية الا التمور بقيمة 51 مليون دولار و اما كل المنتوجات الاخرى مجتمعة لا تساوي مليون دولار، اين نحن من عشرات المليارات من الدولارات التي تحققها المحروقات؟ عمل كبير ينتظرنا لأجل تطوير القطاع الفلاحي بالصفة التي يمكن ان يلعب دورا فعالا في الاقتصاد الوطني.
* الفلاحة تروونها بديلا استراتيجيا، فما هو المنظور السليم الذي يراه الأستاذ عيسى منصور مناسبا، يمكن تطبيقه لإنقاذ الفلاحة ويمكنه أن يضعها في الواجهة مع باقي القطاعات الأخرى المنتجة؟ يمكن للفلاحة ان تكون بديلا استرتيجيا على المدى المتوسط و الطويل، إن نحن بدأنا من الان اعطاء الاهمية اللازمة للقطاع و ذلك ببلورة سياسة فلاحية ناجعة لاجل ايجاد الحلول التي يتخبط فيها حاليا. الفلاحة كانت دائما ضحية الريع البترولي و مداخيل المحروقات ألهت السلطات العمومية على التكفل الفعلي بالقطاع و الذي لا نتذكره إلا عندما تتهاوى اسعار المحروقات و تشح الموارد المالية من جراء انخفاض مداخيل تصديرها، لم يتم الاهتمام ابدا بالقطاع الفلاحي كما هو عليه الحال بالنسبة للمحروقات و لذلك لا يمكن ان نجعل من الفلاحة ندا للمحروقات بين عشية و ضحاها.
* مع وجود قطاع كبير للفلاحة، في كل مرة يتم إعادة هيكلته توخيا للفعالية، لكنكم كثيرا ما تتحدثون عن هيكلة الإدارة الفلاحية، ألا ترون بأن كثرة عمليات الهيكلة، وتعددها قد أضر بالقطاع وأفقده التراكمية المطلوبة ؟ أم للسيد منصور منظوره الخاص ب “هيكلة الإدارة الفلاحية” ؟ لقد تم بالفعل إعادة هيكلة القطاع عدة مرات دون ان تكون الفعالية المرجوة و لكن الهيكلة كانت في تنظيم القطاع بإصدار نصوص تنظيمية التي لم تمس بأي حال من الاحوال الهيكلة الإدارية للقطاع، الهيكلة الإدارية الحالية لقطاع الفلاحة خاصة على المستوى المحلي عقيمة و لا يمكن لها ابدا ان تواكب تطوير القطاع، ادارة تنخرها البيروقراطية و عدم تواجد كفاءات من شانها أن تكون لها رؤية استشرافي لا يمكن لها حتى تطبيق برامج التنمية كما هو مخطط لها زد على ذلك عدم توفرها على الامكانيات و التجهيزات التي تجعل منها إدارة حديثة بإمكانها تسيير قطاع حساس كالفلاحة
* كيف تفسرون التناقض الصارخ، بين ما قدمه وزير الفلاحة بالقول أن الجزائر وصلت إلى إنتاج 6 مليون طن من الحبوب، سنة 2018، في حين نجد تصريحات أخرى تقول أن الجزائر استوردت ما قيمته 2.84 مليار دولار خلال 11 شهرا الأخيرة من ذات السنة؟ في الموسم الماضي و حسب الأرقام الرسمية التي اعتمدتها وزارة الفلاحة تم تسجيل إنتاج 6 ملايين طن من الحبوب بما يساوي تقريبا ضعف انتاج الموسم الذي قبله و لكن بالمقابل نجد ان واردات الحبوب قد ارتفعت ب 12 % مقارنة بسنة 2017 وهذا حسب إحصائيات مصلحة الجمارك التي لا يمكن إبداء أي تحفظ بشأنها و هنا يمكن لنا ان نتساءل حول نجاعة الإحصائيات الخاصة بالانتاج الزراعي و مدى فعاليتها و لكن لا يمكن التعجب من تناقض هذه الأرقام إذا علمنا أن إجراءها يتم بطريقة بدائية في غياب نظام إحصائي علمي دقيق.
* الجزائر غيرت وجهتها من فرنسا نحو روسيا لاستيراد القمح، نظرا للجودة التي هي عليه القمح الروسي، في حين تملك الجزائر اصناف من القمح ذات جودة عالية وغنية بالعناصر الغذائية وهي القمح البليوني البليوني والهذبة ومحمد بلبشير، ألم يحن الوقت لإيلاء القمح الجزائري العناية التي يستحقها ؟ الجزائر و إلى إشعار أخر لم تغير بعد وجهتها في اقتناء القمح اللين خاصة كل ما في الأمر أن الديوان المهني للحبوب أبدى اهتماما بالقمح الروسي و عليه توجه وفد من هذه المؤسسة إلى روسيا لأجل المعاينة و جس نبض الطرف الروسي و من المفروض ان تصل شحنة من هذا القمح الى الجزائر كعينة لاجل معاينتها من طرف خبراء و مختصي الديوان قبل اصدار الحكم النهائي في تحديد المورد الاساسي لهذه المادة التي تكلف الخزينة العمومية اكثر من 1.5 مليار دولار سنويا ، اما بالنسبة للأصناف الجزائرية فهي بعيدة كل البعد عن تحقيق معدل إنتاج مرتفع و عليه يجب العمل على إنتاج أصناف أخرى من شأنها أن تتماشى مع العوامل الطبيعية حتى يتم تحسين معدل الإنتاج.
* من أجل النهوض بشعبة الحليب في منطقة الجنوب، هناك نية لإعادة بعث الشراكة مع اقتصاديين من أمريكا، برأيك إلى أي مدى نتوقع نجاح هذه العملية؟ حسب أصداء اعلامية و رسمية فان هناك متعاملين محليين قد امضوا بروتوكولات تفاهم لاجل اقامة شراكة مع مستثمرين امريكيين لتربية الابقار الحلوب في الجنوب من خلال انشاء مزارع ضخمة قد يصل عدد الأبقار إلى 30 الف للمزرعة الواحدة