اعتصم، أمس، العشرات من أبناء وعائلات المفقودين إبان العشرية السوداء بساحة البريد المركزي بالعاصمة في وقفة منهم للمطالبة بضرورة كشف مصير آلاف المختطفين من ذويهم، مذكرين الرأي العام الوطني والدولي بمحنتهم التي لازالوا يمرون بها إلى غاية يومنا هذا رغم مرور عديد السنوات عن ماساتهم. ولاحظت " الاتحاد" انتشار رجال الأمن منذ صبيحة، أمس، في محاور الطرق المؤدية إلى البريد المركزي، ولوحظ وجودهم بكثافة بعين المكان بغرض التصدي لمحاولة تنظيم مسيرة نحو مقر المجلس الشعبي الوطني. وظهر أن أفراد الأمن كانوا أكثر عددا من المحتجين، الذين يتشكلون في معظمهم من أمهات مسنات فقدن أبناءهن أثناء فترة العشرية السوداء. وبالمناسبة جددت بعض أمهات المفقودين دعوتها إلى الجهات المعنية بإظهار حقيقة أبنائهم مهما كانت، معبرة في ذات الوقت عن رغبتها في أن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي في دراسة ملفات المفقودين ومحاسبة المتسببين في القضية. وفي هذا الشأن أكدت عائلات المفقودين أن الهدف من مثل هذه التجمعات والمسيرات التي تنظم من حين لآخر هو "محاولة كشف الحقيقة عن المفقودين الذين تم توقيفهم بمنازلهم أثناء العشرية السوداء".وأضافوا بأن عائلات المفقودين " لن تيأس أبدا ولن يهدأ لها بال حتى تعرف مصير أبنائها" مشددة على أنه يتوجب على السلطات "الفصل نهائيا مهما كانت الظروف في ملف هؤلاء"بينما قالت عائلات أخرى أنها "لم تتسلم لحد الآن التعويضات التي أقرتها الدولة للفائدة عائلات المفقودين ".و كانت العائلات أصدرت مؤخرا بيان لها كافة منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية المحلية منها والدولية وكذا رجال الإعلام داخل الوطن وخارجه مساندتهم في قضيتهم التي تحمل العديد من المطالب المشروعة، على رأسها ضرورة تأسيس لجنة تقصي الحقائق والأحداث التي عاشتها البلاد خلال سنوات الجمر، وهي اللجنة المشكلة من عدة شخصيات وطنية من حقوقيين و مناضلين في حقوق الإنسان وأفراد من عائلات ضحايا المأساة الوطنية وكذا ضحايا الإرهاب، مشددين أيضا على ضرورة الكشف عن تلك" المقابر الجماعية" والقيام بعملية تحليل للحمض النووي من أجل الكشف عن هوية القتلى وإعادة رفاتهم إلى ذويهم. بالإضافة إلى مطالبتهم بإعادة النظر في عملية التعويضات الخاصة بذوي المفقودين بما يتناسب وحجم الضرر المعنوي الذي لحق بهم، مع مراعاة ظروفهم الاجتماعية، لاسيما فيما تعلق بالسكن والمنح الشهرية، مشددين على ضرورة تطبيق القانون في حق كل من يمس بكرامة أهالي وأبناء المختطفين أو يصفهم بالإرهاب. مشيرين إلى أن مطالبهم سالفة الذكر لا تتعارض مع المصالحة الوطنية، وإنما جاءت بغرض إزاحة اللبس الذي يحوم حول قضيتهم التي حرمتهم راحة البال والسكينة.