وجه وزير الصحة تعليمات صارمة إلى المديرين الولائيين ومن خلالهم إلى مسيري المستشفيات بتطبيق الخصم من أجور الأطباء المضربين، وهي أوامر نتج عنها اقتطاع ما يعادل نسبة 30% من راتب جويلية الجاري، غير أن تعليمات زياري “استثنت” نقابات نظمت إضرابا مفتوحا دون توقف، وركزت على الممارسين العموميين والأخصائيين والنفسانيين، بحسب ممثلي هذه الفئة. شرعت وزارة الصحة في تطبيق الخصم من أجور الأطباء الذين شاركوا في إضراب تنسيقية مهنيي الصحة شهر ماي المنصرم، حيث تفاجأ منخرطو النقابات المشكلة لهذا التكتل، لا سيما الممارسون العموميون والأخصائيون والنفسانيون، برواتب مبتورة بنسبة تتراوح بين 20 و30% خلال اليومين الأخيرين، وهو إجراء قانوني يقول الناطق الرسمي باسم التنسيقية ورئيس نقابة النفسانيين خالد كداد، لكنه ميز بين مختلف أسلاك القطاع. وبحسب كداد الذي تحدث ل“الخبر”، فإن وزارة الصحة طبقت خصما “تمييزيا” على عمال القطاع تبعا لسلسلة الإضرابات التي شنتها مختلف النقابات، وركز الاقتطاع على منخرطي نقابات التنسيقية الثلاث، رغم أن الإضراب الذي نظمته التنسيقية لم يكن مفتوحا، بل دوريا ولمدة ثلاثة أيام متجددة، في حين أن النقابات التي دخلت في إضراب مفتوح لمدة تجاوزت 15 يوما، استثنيت من هذا الإجراء، يضيف محدثنا، لأسباب لا تستند لا إلى قانون ولا إلى مبررات منطقية. وقال ممثل النفسانيين إن العدالة حكمت بعدم شرعية الإضرابات التي نظمتها جميع نقابات القطاع، لكنها أمرت بالخصم من رواتب مستخدمين دون آخرين، ما اعتبره استفزازا مرفوضا يكشف أن مصالح الوصاية لا زالت تتعامل بسياسة الكيل بمكيالين مع شركائها الاجتماعيين، وتساءل محدثنا في سياق آخر عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إلغاء المنشورين الوزاريين المؤرخين في 12 مارس 1991 و25 نوفمبر 1998، المتعلقين بكيفيات الخصم من الأجر، باعتبارهما ينصان على أن الخصم لا يمكن أن يتجاوز ثلاثة أيام، ويستثني أيام المواسم والأعياد. وبحسب كداد فإن الحكومة التي ألغت هذين المنشورين وعوضتهما بالمنشور الوزاري الصادر في 25 نوفمبر 2004 الذي نص على الخصم دون تحديد عدد الأيام ولا طبيعتها، أرادت في الحقيقة الحجز على الحريات النقابية والحق في الإضراب، وعليه ترهيب الموظف من أي محاولة أخرى للمشاركة في الإضراب. وقال محدثنا إن السلطات تكون بذلك قد فتحت الباب واسعا أمام الإدارة، لممارسة مختلف أشكال التعسف والتمييز وتصفية الحسابات تحت ذريعة الإضراب، مشيرا إلى أن الأطباء بمختلف أسلاكهم، صدموا من طريقة تعامل الوزارة معهم في شهر الصيام وعشية العيد، حيث لم تراع الظروف الاجتماعية لهؤلاء المستخدمين من خلال جدولة أيام الاقتطاع، مادام الأطباء المضربون لا يزالون يمارسون مهاهم، والخصم من رواتبهم يمكن أن يمتد على عدة أشهر. وتعقد النقابة الوطنية للأطباء النفسانيين اليوم دورة لمكتبها الوطني لمناقشة هذه الوضعية، في انتظار انعقاد المجالس الوطنية لنقابات تنسيقية مهنيي الصحة مباشرة بعد العيد، تحسبا لردة فعل قوية وعنيفة في إطار ما يسمح به القانون، على عمليات الخصم “الوحشية” بداية الدخول المقبل.