الصحافة المكتوبة نحو المجهول..!؟    أمطار رعدية معتبرة وثلوج بالمناطق الشمالية والشرقية    السيادة ووحدة التراب الوطني خط أحمر    أطالبكم بالمزيد من الجهود المتفانية خدمة للوطن    افتراء سافر وكذب مكشوف على الجزائر    اعتراف دولي جديد بريادة الجزائر    لن نسكت عن أي مخطط خبيث يستهدف منطقة القبائل    المخزن يواصل التورط في إبادة الشعب الفلسطيني    قضية الشّعب الصحراوي تحظى بالاهتمام    بوعمامة يشارك في افتتاح المتحف الليبي    السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم    بوقرة مُحبط ويعتذر    سيفي غريّب ينهي زيارته لتونس    تحرك بغليزان لاحتواء فوضى التجارة العشوائية    حجز 6 أطنان من المواد الإستهلاكية الفاسدة    تيميمون تحتضن المهرجان الدولي للكسكس    خدمة "أرقامي" تحمي الهوية الرقمية للمشتركين    عصرنة 20 قاطرة وتزويدها بأنظمة متطورة    منصب للجزائر في اليونسكو    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    "الأم الناجحة".. استعراض لخطوات الحفاظ على الموروث الوطني    نحو إنتاج 150 ألف قنطار من البطاطا الموسمية بغليزان    ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    بولبينة وبراهيمي يبرّران الإقصاء من كأس العرب    بوقرة يعتذر وينهي مسيرته مع المحليّين بخيبة جديدة    إضراب الطلبة يثير موجة تضامن واسعة    إيران : اعتقال 18 من أفراد طاقم ناقلة أجنبية    وزير العمل يدعو إلى اعتماد الرقمنة لجعل المعهد الوطني للعمل فضاءً مرجعيًا للتكوين المتخصص    احتلت المرتبة الأولى وطنيا..أم البواقي ولاية رائدة في إنتاج الشعير    رئيس حركة مجتمع السلم يشدد على دور الشباب في النهضة الوطنية بوهران    ميلة : إجراء 47 عملية جراحية بمبادرة لقافلة طبية تضامنية    خسائر ب4 ملايين دولار وتحذير صحي..وفاة 11 فلسطينيا جراء المنخفض الجوي الأخير    عودة مفاجئة وثنائي جديد..بيتكوفيتش يعلن عن قائمة "الخضر " لكأس أمم أفريقيا 2025    الدور ال16 لكأس الجزائر:اتحاد الحراش يطيح بشبيبة القبائل، جمعية الشلف ووفاق سطيف يحسمان تأهلهما    بسبب مشاركة المنتخب الوطني في البطولة الافريقية للأمم-2026..تعليق بطولة القسم الممتاز لكرة إلى اليد    غرداية.. إطلاق وتدشين مشاريع تنموية جديدة    دعت إلى جعل "دار الإبداع" متحفا لتاريخها وفنونها..بن دودة تعلن عن عملية استثمارية كبرى لترميم المدينة القديمة بقسنطينة    قبل انتهاء صلاحية مذكرة مصادرة..استيلاء أمريكا على ناقلة نفط قرب فنزويلا    استراتيجية مستدامة لتعزيز الروابط    مسابقة لتوظيف 500 طالب قاض    سيفي غريّب يدعو إلى التوجه نحو فصل جديد    صالون دولي للأشغال العمومية والمنشآت الطاقوية بالجنوب    استحداث علامة مؤسّسة متسارعة    دربال يؤكّد أهمية تعدّد مصادر مياه الشرب    بوعمامة يشارك في اختتام ملتقى الإعلام الليبي    مسابقة لأحسن مُصدّر    حصحاص يدشن مرافق تربوية وصحية جديدة ببوفاريك    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    مظاهرات 11 ديسمبر منعطف فاصل في تاريخ الثورة    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    خُطوة تفصل الخضر عن المربّع الذهبي    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    فتاوى : اعتراض الأخ على خروج أخته المتزوجة دون إذنه غير معتبر    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    نحن بحاجة إلى الطب النبيل لا إلى الطب البديل..    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات "الربيع العربي".. محاولة للفهم!
نشر في الخبر يوم 02 - 08 - 2013

إن التحوّلات الهائلة التي عاشتها المنطقة العربية منذ سنوات ثلاث ولا تزال ، كانت مفاجئة للجميع، للنظم الحاكمة وأجهزتها، ولقوى المعارضة والنخب المثقفة، وكذلك للدول والمؤسسات الأجنبية والغربية تحديدا، وباستثناء بعض ”أدعياء الحكمة بأثر رجعي ” فإن الجميع يحاولون اليوم فهم ما حدث، وأكثر من ذلك استشراف ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب.
فالذي حدث كان بالفعل مفاجئا لكنه لم يكن شهابا ثاقبا، اخترق الأجواء وسقط فوق رؤوسنا دون سابق إنذار، لأن التحولات الاجتماعية والسياسية الكبيرة تبدو ظاهريا كأنها طفرة بينما هي في الواقع نتاج تراكمات كمية ونوعية تصنعها روافد وجداول صغيرة على مرّ الزمن، وبالنسبة لظاهرة ”الثورات” العربية نجد أمامنا مدرستين للتفسير:
مقولة المؤامرة: قوامها أن ما حدث ويحدث الآن، هو فصول من مؤامرة خارجية مرسومة بدقة، بدأت بمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وأنها إعادة رسم للخريطة السياسية بما يتناسب مع التوجهات الجديدة للسياسة الغربية والأمريكية خصوصا، وأن كل ما في الأمر أن النظم المخلوعة هي نظم انتهت مدة صلاحيتها ولم تعد قادرة على خدمة مصالح الغرب، فتمت إزاحتها لاستبدالها بنظم أكثر مصداقية ومن ثم أكثر قدرة على خدمة المصالح الغربية دون خلق حالة احتقان شعبي تؤدي إلى ردود فعل ”إرهابية” غير متوقعة وغير مضبوطة!
والتفسير التآمري ظاهرة معروفة على المستوى الفكري وفي ميدان العمل السياسي، عيبه الأول هو سلبيته المطلقة، الناتجة عن تسليمه بأن الغرب بدوله ومؤسساته يملك قدرة مطلقة – تكاد تكون إلهية – تمكنه من صناعة الأحداث ورسم مسار الحياة في أي بقعة من الكوكب وأي لحظة من الزمن.. وهذا منطق فيه كثير من اللامنطق وشيء غير قليل من السذاجة.. لأن عشرات وربما آلاف الأدلة والوثائق والوقائع أثبتت أن الغرب طرف أساسي بل هو الطرف الأساسي في صناعة السياسة الدولية، لكنه تفاجأ وفوجئ في مرات كثيرة (الثورة الجزائرية الثورة الإيرانية لبنان غزّة...) وأن قدرته على التخطيط والتنبؤ والاستشراف رغم تطورها محدودة، ولعل الخلط ناشئ أساسا من عدم التمييز بين القدرة على التكيف والجاهزية لاستغلال التغيرات، وبين التخطيط المسبق والتحريك الخفيّ.
ومحاولة تفسير ما حدث ويحدث في العالم العربي بكونه فصول مؤامرة غربية ليس قصورا في الفكر فحسب، بل هو توهين للهمم واستخفاف بالإرادة، وخدمة مباشرة لدعاية النظم الفاسدة والمستبدة. فالغرب اليوم يحاول كعادته تقويم أدائه واستغلال الوضع للحفاظ على مصالحه أولا وتوسيعها إن أتيح له ذلك، لكن الفاعل الأقوى والأهم، حتى هذه اللحظة، هو إرادة الشعوب وحلمها بحياة أفضل.(مع مراعاة خصوصية الحالة السورية).
فتائل الانفجار: إن محصلة الفقر والظلم والفساد، مصحوبا بالقمع وغياب الحريات، ممزوجا بإحباطات الهزائم الخارجية، مضافا له تدني مستوى المعيشة، هو المزيج المكوّن للحياة اليومية في كل الدول العربية، لكن في الدول التي عرفت تحولات ثورية، ظهرت ثلاثة مظاهر، كانت بمثابة فتائل للانفجارات التي وقعت:
ظهور الأسر الحاكمة في الجمهوريات الوراثية: قامت النظم الجمهورية العربية، على شعاري التحديث والعلمنة، والصورة الأبرز لتجسيد هذين الشعارين على الصعيد السياسي، هي استبدال روابط الدم بروابط المواطنة وروابط القرابة بروابط الكفاءة، ما يعني تكافؤ الفرص بين كل المواطنين لتولي المناصب السياسية، وشكلت هذه المفاهيم جزءا هاما من شرعية هذه النظم، وقد قبلت الشعوب بكل أشكال ”الشرعيات الحديثة أو الحداثية” حتى إن كانت غير ديمقراطية كالشرعية الثورية وشرعية الانقلابات العسكرية أو شرعية الحزب الواحد القائد... لكن ظهور نموذج الأسرة الحاكمة داخل نظم جمهورية، مثل ردّة صريحة بالعودة إلى شرعية تقليدية مناقضة لمبدأ قيام هذه النظم ذاتها. أما التوريث فهو سطو على المستقبل غير المنظور.
طغيان المال على السياسة: ظلّ دور المال خفيا وحضوره غير بارز في الحياة السياسية العربية وفي النظم الجمهورية تحديدا، بل اعتبر في فترة معينة ”عيبا” سياسيا قادحا في أهلية المسؤول السياسي ومصداقيته، لكن تزايد حضور المال بتزايد الفساد وبالارتباط مع تنامي مفهوم الأسرة الحاكمة التي هي في الغالب بؤرة الفساد المالي، ووقع الاستفزاز الكبير حدث منذ توقف الفاسدون عن الاكتفاء بنهب المال العام، وراحوا يستخدمونه علنا لركوب السلطة السياسية.
التسيير الأمني للحياة العامة: إن غياب الشرعية وانعدام الكفاءة أدى إلى اعتماد القمع وأداة أساسية لتعامل السلطة مع المجتمع، وهو ما ساهم في تضخيم دور الأجهزة الأمنية وتحولها تدريجيا إلى الركائز الأساسية لكل النظم الحاكمة، لكن المراحل والعهود السابقة عرفت قيام النظم بجهد سياسي، تجاه المجتمع قائم على التنظيم والتأطير السياسي والتجنيد والتعبئة، لكن هذا الجهد بدأ يضمر ويتلاشى ليختفي عمليا في العشرية الأخيرة، ومع تراجع البعد ”السياسي” يتزايد البعد الأمني في تعامل النظم مع قضايا الشأن العام، وتشعبت سلطات الأمن لتمس كل فضاءات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.. وحتى مساحات كثيرة من الحياة الخاصة، وهي أجهزة بطبيعتها قائمة على منطق السرية والريبة والشك والتلاعب، وعندما اختفى المشروع والجهد السياسي الذي كان من الممكن أن يوجهها ويؤطرها، راحت تتعامل بمنطق القوة العارية.
إن تفاعل العوامل الثلاثة، وغيرها، أدى إلى سقوط هيبة الأنظمة في أعين مواطنيها، وجاء سقوط الهيبة مسبوقا بحالة يأس تام من إمكانية التغيير، مصحوبا بالاستفزاز والإهانة من تزاوج الفساد والقمع، وهو ما ولّد إحساسا عاما بالقهر وعدم الأهمية وانهيار القيم، انتهى برفض كامل للكابوس الذي أصبحت النظم رمزا له، النظم التي صارت عبئا صافيا على الفرد، فلا هي قدمت له العيش الكريم ولا الأمن ولا العدل ولا هي تركته يتدبر أمر نفسه. ثم كان الشعور بالاحتقار الناتج عن سقوط الهيبة، الذي أدى لكسر جدار الخوف، ولم يحتج الأمر لأكثر من شرارة في جسد البوعزيزي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.