لم تعد الكرة عفيون الشباب فقط لدى النظام في الوقت الحالي، فهي وسيلة أيضا لدعم الحظوظ في الاستحقاقات المقبلة، بل بإمكانها قلب كل الموازين يوم السابع عشر من شهر أفريل الجاري، الأمر الذي دفع بموالي العهدة الرابعة لإحكام ”خطتهم التكتيكية” في كل المواعيد، بجعل ”جماهير الكرة” من المتابعين لحدث التجمعات المختلفة لا تنتبه بأنها لاعب بارز في المباراة تم استغلال طاقاتها دون مقابل. وكان الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السابق ووزير الدولة المستشار، عبد العزيز بلخادم، قد خاطب جمهور الحاضرين في أول يوم للحملة الانتخابية في التجمع الشعبي المنظم بمدينة قسنطينة، بأن الجزائر دون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مثل شباب قسنطينة دون اللاعب الدولي السابق ياسين بزاز. وتعمد الرجل اللعب على عواطف الحاضرين لعلمه المسبق بجنون أبناء ”مدينة سيرتا” بفريقهم، بدليل تواجدهم بعشرات الآلاف مع فريقهم في كل مباراة ل«السنافر”، سواء بملعب الشهيد حملاوي أو بعيدا عنه. ولم يشذ عبد المالك سلاّل، مدير الحملة الانتخابية للمرشح عبد العزيز بوتفليقة، عن القاعدة، عند تنظيمه في ولاية سطيف تجمعين شعبين، وقال إن نادي الوفاق دائما ما يدخل البهجة في نفوس جميع الجزائريين لتألقه المستمر، سواء في المنافسات القارية أو الإقليمية. غير أن سلال الذي استثمر في الكرة للترويج للمرشح بوتفليقة خلال تجمعه الأول بالقاعة الرياضية لعاصمة الولاية، تحاشى فتح موضوع إنجاز ملعب جديد يليق بسمعة وفاق سطيف، رغم أن المشروع ينتظره عشّاق ”الكحلة” منذ عدة سنوات. والتجمع الثاني الذي عقده سلال كان بدار الثقافة جيلاني مبارك في العلمة، التي تعد ثاني أكبر مدينة في الولاية، وقال أمام الحاضرين ”فريقكم يحتل المرتبة الرابعة وهدفكم في الموسم المقبل هو الفوز بكأس الجمهورية، حتى ترتقي مدينتكم إلى مصاف الولايات”. ودائما ما تعتمد برامج الرئيس بوتفليقة في الانتخابات على الوعود من خلال التأكيد ”أن سلطات البلاد ستحدث تقسيما إداريا جديدا من خلال استحداث ولايات جديدة. ومباشرة بعد نهاية الانتخابات وفوز الرئيس بعهدة جديدة، يتم وضع الملف في الدرج إلى غاية فتحه من جديد بعد خمس سنوات قادمة. الحديث عن التأهل إلى كأس العالم في كل تجمع شعبي غريب أمر ”وكلاء العهدة الرابعة” الذين يتعمدون في كل تجمع شعبي إلى القول بأن الكرة الجزائرية في عهد الرئيس بوتفليقة تطورت كثيرا، بدليل تأهلها في مناسبتين متتاليتين إلى كأس العالم الأولى بجنوب إفريقيا سنة 2010، والثانية بالبرازيل سنة 2014، وكأنّ الأمر أضحى ”معجزة حقيقية” ينبغي التنويه بها في كل مناسبة. وتبيّن جليا بأن النظام يوظّف ”عفيون” الشباب من أجل تخديره بالكرة التي جعلها النظام ذات تلتهم الملايير من أموال الشعب في سبيل الإبقاء على مفعول تخديرها لهؤلاء الشباب، بعدما ألهتهم الكرة عن همومهم اليومية، ويكون المقابل من هذه الحكومة وهي تشتري سكوت هؤلاء بالكرة، بناء سجن في كل ولاية حتى تزجّ بهؤلاء الشبان فيه، حين ينتهي مفعول التخدير ويطالب الشباب، بعد فوات الأوان، حقوقهم المهضومة بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة. حمّار وعرّاس يقحمان العلمةوسطيف في ”جبهة الموالين للرابعة” وسار بعض رؤساء الأندية في نسق الموالين للعهدة الرابعة، على غرار رئيس وفاق سطيف حسان حمّار ورئيس مولودية العلمة هرادة عراس، حيث قال الرجلان في ندوة صحفية عقداها سويا في مقر مداومة المرشح الحر عبد العزيز بوتفليقة بمدينة سطيف، عن دعمهما المطلق للعهدة الرابعة. وأعلن حمّار خلال حديثه بأن فريقه لا ينكر جميل الرئيس بوتفليقة وبأنه سيكون إلى جانبه يوم 17 أفريل للتصويت بقوة من أجل إكمال ”المسيرة المجيدة”، بينما أكد الثاني أنه بعد اجتماع أعضاء مجلس الإدارة تم الاتفاق على دعم المرشح الحر بوتفليقة، على حسب قوله، لعهدة جديدة، ونسي الرجلان بأن ”الكحلة” و ”البابية” يناصرنهما مئات الآلاف من المشجعين الذين يمتلكون ميولات وتوجهات سياسية مختلفة، ومنهم من يدعم العهدة الرابعة ومنهم من يعارضها. الأندية المحترفة التي تسير بخطى متسارعة نحو الإفلاس وتنتظر ”فرجا” جديدا من الرئيس بوتفليقة لإعادة توزيع الريع دون حساب، راحت لتسطو على رغبة مشجعيها مقدمة الولاء في انتظار الاستفادة من الأموال، فالقاعدة الشعبية للأندية هي ورقة ضغط رؤساء النوادي الجزائرية، وهي ورقة مربحة في كل وقت، خاصة خلال الاستحقاقات التي يغازل فيها المرشحون كل جزائري لكسب صوته فقط. موقف حمّار وعرّاس أثار غضب أنصار الفريقين في العلمةوسطيف، بدليل أن مواقع التواصل الاجتماعي شهدت ردود فعل منددة بتصرفهما. وذكّر هؤلاء بأن موقف حمّار وعرّاس مغامرة غير محمودة العواقب، متسائلين عن مصير الفريقين في حال عدم فوز المرشح عبد العزيز بوتفليقة في الاستحقاقات المقبلة. وأعلنت بعض الشخصيات الرياضية ولاءها للرئيس بوتفليقة في مسعاه المتمثل في الترشح للعهدة الرابعة، يتقدمهم النجم رابح ماجر وزميله في المنتخب الوطني سنوات الثمانينات لخضر بلومي، حيث تبقى كل شخصية رياضية لها الحق الكامل في تدعيم أي مرشح تقتنع ببرامجه، لأن الشخصية الرياضية لا تمثّل بالضرورة الأندية الرياضية، وتتحمّل كل شخصية رياضية عامة كامل مسؤولياتها أمام عشاقها ومحبيها حول ميولاتها السياسية، لكن دون فرض آرائها بالقوة على الآخرين، بدليل أن رابح ماجر كان في الانتخابات الرئاسية الماضية هو رئيس مداومة حملة الرئيس بوتفليقة في العاصمة القطرية الدوحة.