رئيس جمهورية الموزمبيق ينهي زيارة عمل إلى الجزائر    مجلس الخبرات الوطنية لصناعة السيارات: احصاء 2500 ترشح منها 500 من أبناء الجالية    معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر: السيد بللو يؤكد أهمية الصناعات الإبداعية في تحفيز النمو الاقتصادي في افريقيا    الرابطة الأولى "موبيليس" /الجولة الثالثة: أولمبي آقبو ينفرد بالصدارة    منصوري: رؤية الرئيس تبون تجعل الاستثمار خيارا سياديا لإفريقيا    معرض التجارة البينية الافريقية 2025 بالجزائر : رئيس الجمهورية يأمر بفتح خط جوي مباشر نحو نجامينا    الوكالة الوطنية للقرض المصغر تموّل 9 آلاف مشروع خلال السداسي الأول ل2025    المعرض الإفريقي للتجارة البينية : حفل لتوزيع جوائز CANEX Book Factory    فيلما في الطبعة ال20 للقاءات السينمائية لبجاية    المدية..نحو 30 مشاركا في الطبعة الثانية لمهرجان التصوير الفوتوغرافي    الرئيس الموزمبيقي يزور جامع الجزائر    وهران: إقامة مراسم افتتاح بطولتي إفريقيا لكرة اليد إناث لأقل من 17عاما وأقل من 19 عاما    قادة أفارقة يشيدون بدور الجزائر    الناتج المحلي للجزائر يرتفع    انخفاض غير مسبوق لأسعار اللحوم البيضاء    واضح: حركية معرض التجارة البينية الإفريقية تشكل قوة دافعة للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة    شايب: نجاح "يوم الجاليات الإفريقية" يعكس اهتمام الرئيس تبون بالجالية الجزائرية بالخارج    الكرة الطائرة الشاطئية: الجزائر تتوج بطلة العرب عند الرجال والسيدات يحققن البرونز    مشاركون في "أسطول الصمود":"تَحرُّكنا ليس رمزياً بل لفتح ممر بحري إلى غزة"    يوم إبادة.. تدمير 90% من بنية غزة التحتية وخسائر ب68 مليار دولار    الجزائر العاصمة..قافلة طبية تقدم فحوصات لسكان أربع بلديات بولاية الطارف    حملة إصلاح التسربات بتلمسان: نحو استرجاع 17 ألف متر مكعب يومي من المياه    نفذتها القوات الخاصة في البحرية الأمريكية.. مهمة سرية فاشلة في كوريا الشمالية عام 2019    سطيف..استلام 32 مؤسسة تربوية جديدة في الدخول المدرسي المقبل    الدبلوماسية الجزائرية تواصل بقيادة رئيس الجمهورية تعزيز حضورها القوي في المحافل الدولية    موجة حر بولايتي الجزائر و بومرداس وأمطار رعدية بولايات أخرى    البرلمان العربي يدين تصريحات المدعو "نتنياهو" بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 64368 شهيدا    تواصل فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر في يومها الثالث    لا حلّ في الشرق الأوسط دون إقامة دولة فلسطينية    القادة الأفارقة يشيدون بدور الجزائر في تجسيد التكامل الإفريقي    الداخلية تعتمد انتخاب منذر بودن أمينا عاما للأرندي    خطوة كبيرة نحو المونديال    المجتمع الدولي مطالب بوقف إرهاب المستوطنين    الجزائر تفرش بساطها السياحي لضيوفها من القارة    الحياة تعود مجددا إلى ساحة "19 أوت 1956"    تحضيرات مكثفة لتوفير آلاف الحقائب المدرسية بوهران    استشهاد 75 فلسطينيا في القصف الصهيوني على قطاع غزة    نحو دخول جامعي ناجح بكل المقاييس    "المحاربون" يضعون قدما في المونديال    تسليط الضوء على كنوز متحف "هيبون"    إيدير بن عيبوش يتوج بجائزة أفضل ممثل إفريقي    انتقاء بإتقان في مقام الضيوف    مباريات تصفيات المونديال تربح ولا تلعب    المهرجان الدولي للرقص المعاصر بالمسرح الوطني الجزائري: فلسطين ضيف شرف الطبعة ال13    التجارة البينية الإفريقية: "بصمات إفريقية", معرض جماعي يبرز إبداعات 18 فنانا تشكيليا من الجزائر وعدة بلدان أخرى    الفوز للاقتراب أكثر من المونديال    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    المدرب سيفكو يريد نقاط اللقاء لمحو آثار هزيمة مستغانم    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني: اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    نسج شراكات استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية للقارة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدافئ الموت !
نشر في الخبر يوم 25 - 01 - 2020

القاتل الصامت يضاعف من يوم لآخر حصيلة ضحاياه، وبات حلول الشتاء موعدا لمأساة أخرى لم تقو سياسات الحكومات خلال العشرية الأخيرة على ضبطها أو التحكم فيها، فما حصده غاز أحادي أكسيد الكاربون من أرواح يتجاوز ما حصده الإرهاب وحوادث المرور، وما عرفناه في سوق الحميز أن الحزام ضاق بشكل كبير على استيراد أجهزة التدفئة والتسخين المقلدة سيما الصينية منذ عامين، وسيطرت على السوق أجهزة محلية رغم ارتفاع أسعارها، إلا أنها مزودة بجهاز كشف غاز أكسيد الكاربون ونالت ثقة الجزائريين. لكن المشكل المتسبب في حصد الأرواح هو عدم احترام شروط السلامة والأمن عند تركيب وصيانة هذه الأجهزة نتيحة غياب الوعي، ما يعني أن الدولة ملزمة بالالتفات من حولها لمباشرة حملة تحسيسية لفائدة المواطنين عبر ربوع الوطن على مدى أيام السنة، وليس فصل الشتاء فقط، لتوعيتهم بشروط الوقاية عند استعمالهم لتلك الأجهزة.
لا يزال القاتل الصامت، غاز أحادي أكسيد الكاربون، يحصد مزيدا من الأرواح من يوم لآخر، من غير أن يختار ضحاياه لا في الزمان ولا في المكان، ليصل عددهم خلال النصف الأول من الشهر الجاري إلى 36 قتيلا، ومع ذلك فإن أوجه الملهاة والمأساة في المدفأة الصينية، محل اتهام، هو وجود الكثير من الأوفياء لها ممن يحتجون على عدم توفرها في السوق، ولو أن بعض التجار يعترفون بوجود ملابسات تتعلق بتركيبها في مستودعات، مع أن المنتج الوطني المحلي، مثل "سوناريك" و"كندور"، ربح ثقة الجزائريين على حساب علامات إيطالية وألمانية وتركية، حتى أن غالبية التجار يجمعون على أن سبب المأساة قلة الوعي لدى الناس بتركيب وصيانة هذه الأجهزة، وهي الحلقة المفقودة في العملية.
سوق الحميز فضاء مفتوح على مصراعيه للداخلين والخارجين منه مثل أسراب النحل، حتى وإن كانت الدولة لا تزال تنظر إليه بعين الشك وتعتبره حلقة ممتدة لما تسميه سوقا موازية. ففي عز الشتاء ظلت الحميز قبلة للوافدين من مناطق عديدة، بعضهم ساقه فضوله للاطلاع على آخر صيحات علامات الصناعات الكهرومنزلية، والبعض الآخر ساقته الحاجة لاقتناء مدفأة مثل عبد القادر الذي قدم من بابا حسن.

الحميز في الموعد
"جئت إلى الحميز لشراء مدفأة، قيل لي إن أسعارها منخفضة في هذه السوق"، يقول. حال عبد القادر هو حال محمد القادم أيضا من تسالة المرجة لعله يعثر على مدفأة تروق له للتصدي لبرد الشتاء. إذ وبرغم الأخبار التي تملأ الآفاق بشأن سقوط ضحايا اختناقا بغاز أحادي أكسيد الكاربون، إلا أنك حيثما وليت وجهك في السوق يبدو لك هؤلاء غير مكترثين، لعل الرغبة في الحياة أقوى من الموت.
الناس يتجولون، يدققون في نوعيات وحالات مختلف المدفآت المستوية على مختلف أنواعها عبر نقاط بيع نمت وتكاثرت كالفطريات، من علامات أجنبية، إيطالية، ألمانية وتركية.. وأخرى من إنتاج وطني محلي، صُنعت بولاية برج بوعريريج، مثل "سوناريك"، "إينيام"، "كوندور"، "ماجور"..
ففيما تعرض "كوندور" أنواعا مختلفة لمدفآتها المتراوح سعرها بين 24600 دج و27400 دج، تعرض نقطة بيع أخرى عشرات المدفآت من علامة "ماجور" التي لا يقل سعرها هي الأخرى عن سعر "كوندور". ويقول صاحبها "ماجور علامة محلية صُنعت في برج بوعريريج، مثلها مثل كوندور، سوناريك واينيام وغيرها".

يبحثون عن المدفأة الصينية
ومع أننا تجولنا لمدة تزيد عن الساعة عبر غالبية نقاط بيع المنتوجات الكهرومنزلية، في خطوة للعثور على مدفآت صينية، متهم رئيسي في مأساة الجزائريين، إلا أننا لم نعثر على واحدة منها، باعتبار أن بعض التجار يقولون إن المدفأة القادمة من الصين (المقلدة) تم منعها من دخول الجزائر منذ عامين، وتمتاز بافتقارها لقناة إخراج غاز أحادي أكسيد الكربون.
لكن أوجه الملهاة والمأساة في حكاية المدفأة الصينية هو وجود عشرات الجزائريين الأوفياء لها، ويقول حسن صاحب محل لبيع المنتجات الكهرومنزلية: "هناك العديد من الزبائن الذين يبحثون عن هذا النوع من المدفآت.. بل يحتج هؤلاء علينا لعدم اقتنائها".
والحاصل أن ذلك لا يعني خلو السوق الجزائرية من هذه المدفآت المقلدة، بالنظر لوجود ملابسات تسكن مواقع عدد من المستودعات بالحميز، إذ يعترف فاتح صاحب محل رفقة بعض من زملائه قائلا "هناك محلات في الحميز تقوم ببيع مدفآت صينية مقلدة.. لكن الزبون لا يتفطن لها لأن أصحابها يقومون بوضع أختام عليها تظهرها بأنها أصلية، كحيلة لتفادي الرقابة".

المدفأة المحلية تكسب الثقة
ومع ذلك، فإن المنتوج الأجنبي أصبح موضعه في السوق الجزائرية موضع الذي يحارب في مساحات ضيقة قبل سقوط قلاعه، بالنظر إلى أن المنتج الجزائري (كوندور، سوناريك، اينيام، ماجور..) ربح المعركة في جبهات عديدة، وافتك ثقة المستهلك الجزائري، إيذانا بنهاية أسطورة جودة المنتج المستورد، سيما بعد أن شرع منذ عامين في تجهيز المدفأة المحلية بقاطع أوتوماتيكي يتولى قطع الغاز مباشرة بعد حدوث خلل في التهوية أو تسرب للغاز، على نحو يقدم مزيدا من الأمان والأمن.
ولأن المنتج الوطني حاز على العلامة الكاملة في كسب ثقة الناس فقد تزايد الطلب عليه: "المنتوج المحلي أصبح لا يكفي لسد حاجيات الناس"، يقول فاتح الذي فقد 3 إخوة اختناقا بالغاز، قبل أن يضيف "سوناريك ورغم ارتفاع سعره إلى 27500 دج أصبح من الصعب العثور عليه خلال أيام البرد.. بل إن ما نعرفه هو أن بعض الوحدات الصناعية تبيعه بالمعريفة!"، خصوصا أن التجار يقدمونه على أنه سهل الاستعمال ولا يتعرض للعطب ولا تقل مدة الضمان عليه عن 24 شهرا، في حين لا يزيد سعر مدفأة "ديلونغي" الإيطالية الشهيرة عن 11 ألف دينار، وتقريبا السعر ذاته بالنسبة للتركية.

التواصل الاجتماعي بدل أهل الاختصاص
وفي غمرة تعدد المساعي المتسابقة مع الوقت للحد من المأساة الناجمة عن هذا القاتل الصامت غاز أحادي أكسيد الكربون الذي لا يختار ضحاياه، يجمع غالبية الزبائن والتجار على أن المدفأة التي تباع ليست معقدة، باعتبار أن أعوان الرقابة ممن قاموا بتكثيف رقابتهم على سوق الحميز خلال فصل الشتاء تأكدوا من سلامة ما يباع، لذلك يرون أن سبب المأساة هو الإنسان الذي لا يزال بحاجة إلى توعية، لذلك يقولون إن الدولة يجب أن تلتفت من حولها للقيام بحملات تحسيسية واسعة النطاق لتوعية الناس بعملية تركيب أجهزة التدفئة والتسخين المنزلية.
ويستغرب مختصون في عملية الترصيص من لجوء كثير من المواطنين إلى الاستئثار بمنصات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع للحصول على معلومات تخص تركيب أجهزة التدفئة وحتى صيانتها، دون الاكتراث بمخاطر ذلك، بدل الاستعانة بأهل الاختصاص.
وتشير إحصائيات الحماية المدنية إلى أنه تم تسجيل 131 ضحية سنة 2019، وإسعاف 2793 آخر سنة 2019، بفعل غاز أحادي أكسيد الكربون الذي تسبب في اختناقهم وتسممهم، نتيجة قلة الوعي الخاص بشروط السلامة والأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.