يتوالى سقوط رجالات الرئيس السابق بوتفليقة يوما بعد يوم، بفعل تورطهم في قضايا فساد ثقيلة، فلا يمر يوم واحد إلا ويودع مقرب منه ومن حاشيته الحبس المؤقت، في ظل وجود دعوات تطالب بإحضاره شخصيا إلى المحكمة للسماع إلى أقواله فيما ينسب إلى محيطه المقرب من قضايا فساد. أمر قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، أمس، بإيداع مختار رقيق، مدير عام التشريفات للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، رهن الحبس المؤقت عن تهم فساد. وحسب ما نقلته وسائل إعلام، أمس، فإن التهم الموجهة إلى رقيق، إلى غاية تأكيدها، تتعلق بتكوين جماعة أشرار واستغلال النفوذ والتمويل الخفي للحملة الانتخابية (العهدة الخامسة) وكذا تهريب مواد غذائية مدعمة ومخالفة التشريع والتنظيم المعمول بهما في الصرف وحركة رؤوس الأموال. ويوصف مختار رقيق ب"العلبة السوداء" للرئيس السابق بوتفليقة الذي اشتغل معه لسنوات طويلة جدا، فكان لصيقا به كثيرا بحكم منصبه كمدير عام للتشريفات وبحكم علاقة شخصية وطيدة بينهما، حسب العارفين. ويتوقع متابعون أن تطفو إلى السطح ملفات فساد أخرى أكثر شناعة، ويظهر معها متورطون آخرون ممن كانوا في مسؤوليات كبيرة في النظام السابق. وتفاعل متابعون في مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، مع خبر إيداع مختار رقيق رهن الحبس المؤقت، من خلال التذكير بعدد الوزراء والمسؤولين الكبار المحبوسين الذين كانوا من الحاشية اللصيقة بالرئيس السابق، على غرار شقيقه الأصغر السعيد المحكوم عليه ب15 سنة سجنا نافذا عن تهمة التآمر ضد سلطة الجيش والدولة وكذا سلال وأويحيى وهامل وغول وبن يونس ويوسفي وغيرهم كثر محبوسين وآخرين متابعون قضائيا، على غرار شكيب خليل وحميد طمار. وشملت زمرة "الفاسدين" من محيط الرئيس السابق أيضا رجال أعمال كانوا "الآمرين والناهين" في عهده، فبعد حداد والإخوة كونيناف والإخوة بن عمر وبن حمادي ومعزوز وبعيري، المحكوم عليه بأحكام سجن تتراوح من 6 إلى 10 سنوات، أمر، أمس، قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي امحمد بإيداع رجل الأعمال حسين منصور متيجي وابنه رهن الحبس المؤقت عن تهم فساد، فيما استفادت ابنته وزوجته من "حالة إفراج"، فيما وضع متهمون آخرون في نفس القضية تحت الرقابة القضائية، من بينهم المدير العام السابق للديوان المهني الجزائري للحبوب. ويتابع هؤلاء المتورطون في الفساد، سواء أكانوا مسؤولين أو رجال أعمال، بموجب أحكام القانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، خاصة المواد الواردة في الباب الرابع منه، المتعلقة برشوة الموظفين العموميين ومنح الامتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية واستغلال النفوذ وإساءة استغلال الوظيفة والإثراء غير المشروع والتمويل الخفي للأحزاب السياسية. وتستمر الحرب على الفساد، حسب مخطط الحكومة، من خلال "إدراج مكافحة الفساد بجميع أشكاله وأخلقة وشفافية عمل السلطات العمومية ضمن صميم عملية إصلاح مصالح الدولة التي تعتزم تجسيدها من خلال تعزيز ثقة المواطنين في مؤسساتهم، فالفساد تسبب في أضرار جسيمة للاقتصاد وشوه الفعل السياسي وأدى إلى تدهور العلاقة بين المواطن والدولة". كما قرّرت الحكومة في السياق نفسه "رفع مقدار العقوبات المالية المفروضة على الأشخاص الاعتباريين في جرائم الفساد لجعلها أكثر ردعا وإعادة النظر في النصوص التي تكرس الامتياز القضائي لتكريس مبدأ المساواة أمام القضاء وتشديد الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمكافحة الأموال".