أكدت أن نشاطه مستمر ولم ينقطع: وزارة الصناعة تفند ما تردد عن الغلق المؤقت لمصنع "فيات" بوهران    بيان المنامة الختامي للقمة العربية    الجزائر تفقد القميص الأصفر: حمزة ياسين يفوز بالمرحلة السادسة لطواف الجزائر    الإثيوبي تيسيما بدلا من غيزلان أتشو: الفاف تعلن عن تغيير حكم مواجهة الخضر وغينيا    فيما وضع شخصان تحت الرقابة القضائية: حبس 6 متهمين في قضية الشخص المفقود بالجلفة    مدرب اتحاد عنابة نذير لكناوي يؤكد: لا مجال لتكرار سيناريو باتنة    مكونة من 19 شخصا بينهم 16 أجنبيا: تفكيك شبكة للتزوير وتهريب المركبات المستعملة بالوادي    سطيف: وفاة شخص وإصابة آخر في حادث مرور ببئر حدادة    قدم عرضها الشرفي ببشطارزي عشية المنافسة: "زودها الدبلوماسي" تمثل الجزائر في مهرجان "ربيع روسيا الدولي"    بعد عملية تهيئة: إعادة افتتاح قاعتي ما قبل التاريخ والضريح الملكي بمتحف سيرتا    قال مجلس الشورى سيجتمع الجمعة القادم لاتخاذ القرار المناسب: بن قرينة يؤكد أنه سيقدم مرشحهم للحزب أو دعم مرشح آخر    تغيير جزئي لحركة المركبات بسبب دورة الجزائر للدراجات الهوائية بقسنطينة    أفراد فصيلة الطريق السيار بالدرك الوطني في غليزان: حجز 3 كلغ من الكوكايين و 20 كلغ من الكيف المعالج    في افتتاح الدورة 33 لمجلس جامعة الدول العربية بالبحرين،الرئيس تبون: القضية الفلسطينية بحاجة اليوم إلى أمة عربية موحدة وقوية    في العدد 33 للجريدة الرسمية الخاص بشهر ماي الجاري: صدور المرسوم التنفيذي المحدد لشروط تصنيع المركبات    دورة الجزائر الدولية بها 28 عضوا بلجنة التّحكيم    الاختبار الثالث الخاص بوكلاء اللاّعبين (فيفا) يوم 22 ماي    عطاف وميقاتي يتباحثان سبل تعزيز التّعاون    المغرب: تأجيل محاكمة 13 مناهضا للتطبيع إلى غاية 27 يونيو المقبل    عجز ممثل الاحتلال المغربي عن مواجهة الحقائق يدفعه للجوء إلى الأساليب الملتوية أمام لجنة تصفية الاستعمار    الجزائر تعمل بحزم على تعزيز مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء    الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي يطلق 'قريبا' منتوجا يغطي المخاطر المتعلقة بالكوارث الفلاحية    إنشاء لجنة برلمانية استثنائية بالأمم المتّحدة    عمداء الموسيقى العالمية يلتقون بالجزائر    "العدل الدولية" متمسّكة بتعزيز إجراءات حماية الفلسطينيّين    قمع وتعذيب وحشي لمعتقلي "أگديم إزيك"    وهران.. حملات تنظيف واسعة للمساحات الغابية    حلقة أخرى في سلسلة "الثورات" الاقتصادية    سكيكدة.. ربط 56 مستثمرة فلاحية ببن عزوز    مجازر على امتداد القطاع وخسائر متلاحقة للاحتلال    العلاقات بين الجزائر وفيتنام متجذرة في التاريخ    الإحصاء العام للفلاحة 2024 ينطلق غدا    تسييج "بورتيس ماغنيس".. ضمانة الأمان    جاهزون لنقل الحجّاج واستقبال الجالية الجزائرية    عنابة : الحبس لمهرب رعاية أفارقة إلى الخارج بطريقة غير شرعية    الأمن السيبراني وحماية البيانات.. أولوية مطلقة    بين طالب الأمس وطالب اليوم..!؟    المجلس الأعلى للشباب يحتفي بالذكرى ال68 ليوم الطالب    جامعة 20 أوت 1955 بسكيكدة : افتكاك المرتبة الثانية وطنيا بالتصنيف المرتب من مصف +600 عالميا    باحثون متخصّصون يشرعون في رقمنة التراث الثقافي    نظام تعاقدي للفصل في تسقيف الأسعار    أم البواقي : الوالي يقوم بزيارة عمل وتفقد إلى عين البيضاء وفكرينة    المنتدى الاقتصادي الدولي "روسيا-عالم اسلامي": ترقية المنتجات والخدمات "حلال" في صلب اهتمام المشاركين    بطولة العالم للجيدو: الجزائر ممثلة بخمسة مصارعين في موعد أبوظبي    بشار/أيام الموسيقى ورقص الديوان: حفل تقدير وعرفان تكريما لروح الفنانة الراحلة حسنة البشارية    العاب القوى لذوي الهمم(مونديال 2024): نسيمة صايفي, صفية جلال ومونية قاسمي تفتتحن المشاركة الجزائرية بموعد كوبي    حوالي 800 متسابق ينشطون بالعاصمة سباق الجري لمسافة 5 كلم على الطريق لترقية الرياضة في الوسط العمالي    إعداد مشروع مرسوم تنفيذي يتضمن شروط وكيفيات ممارسة مهنة الصيدلي    الجلفة: التأكيد على ضرورة الإهتمام بالأعمال المنجزة في إطار توثيق التراث الشعبي المحلي    الخطوط الجوية الجزائرية تدعو الحجاج الى الاسراع بحجز تذاكرهم عبر الانترنت    مولوجي تشرف على افتتاح فعاليات المعرض الوطني للكتاب بالجلفة    نفحات سورة البقرة    دعوة لجعل الوقاية سلوك يومي    الحكمة من مشروعية الحج    برمجة 9 رحلات جوية لنقل حجاج الجزائر    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية تربيتهم تطرح نفسها بشدة
عائلات تهاجر من أجل أبنائها
نشر في المساء يوم 19 - 12 - 2008

يعيش الفرد الجزائري منذ سنوات، في تناقضات كثيرة جعلته يبحث عن مخارج تغير حايته الى الافضل، مما أكسب المجتمع الجزائري عادات أخرى وطبائع لم تكن موجودة من قبل، هذه التناقضات الكثيرة والمفارقات أثرت خاصة على سلوك الفرد، وعلى التربية بشكل عام، وإذا تكلمنا عن التربية فإننا نتطرق الى التنشئة الاجتماعية واعداد جيل سوي وعادٍ.
وبعيدا عن السلوكات اللا أخلاقية وأمام تذبذب المجتمع، ظهر نوع من الجزائريين يفضلون انجاب وتربية أطفالهم في بلدان اخرى، غربية وحتى عربية، في حين يرى البعض الآخر بأن ذلك لا يؤدي الى أي شيء ايجابي، لأنه لا يمكن التحكم في الاولاد.
وبين هذا وذاك، حاولنا التقرب من الطرفين، ومن اختصاصيين ايضا، لمعرفة الاسباب، والكيفية التي يجب بها تربية الاطفال والمحيط الذي يجب توفيره أيضا من أجل ذلك.

العيش في الخارج أحسن لتربية الأطفال
ومن بين الذين أخذنا آراءهم حول هذا الموضوع، بعض الافراد من جاليتنا في الخارج، والذين يعتبرون الطرف الفعال في هذا الموضوع، فمعظمهم تزوجوا بأجنبيات وبعضهم بجزائريات، إلا أنهم يفضلون تربية ابنائهم خارج الوطن، فهؤلاء يرون أنه من غير الممكن أن يتربى اطفالهم في المجتمع الجزائري، من بين هؤلاء المغترب في فرنسا (ابراهيم. ب) الذي يقول أن اختياره لفرنسا كان عن قناعة، وزواجه من مغتربة كان أيضا اختيارا " لم أكن اريد أن اتزوج في الجزائر، لقد هاجرت في سن متأخرة كنت أبلغ من العمر 35 سنة عندما جئت الى فرنسا، كان ذلك بنية الإقامة هنا والتقيت بزوجتي، والآن لدي ثلاثة اطفال أكبرهم في السن يبلغ 6 سنوات، أحاول أن امنحهم كل ما عندي، حتى يتربوا تربية سليمة". وحول خوفه من انحراف اطفال يقول: "صدقوني عشت تجربة في الجزائر لمدة 35 سنة، وأظن أنني لو بقيت هناك كان سيحدث لي مكروه ولحسن الحظ أن إيماني بالله جعلني أتحكم في نفسي، ولهذا لم أكن اريد أن يعيش أبنائي نفس التجربة التي عشتها". فهذا المغترب الذي يعيش حياة هادئة، يرى أن الاساس يكمن في التربية التي تتم في البيت، فهي القاعدة الأولى، التي ينطلق منها الابناء، حتى لا ينحرفوا، ومثله عائلة (فريد. ب) التي تعيش في فرنسا منذ أكثر من عشرين سنة، والمكونة من بنت وثلاثة ذكور، البنت ارتدت الحجاب رغبة منها دون ضغط أي كان في البيت، وتصرفاتها وسلوكاتها مسمتدة من تربية اسلامية سوية، الوالد يقول "لم أفرض أبدا الحجاب على ابنتي، فهي التي ارادت ارتداءه وهي حرة، وأنا سعيد بذلك، فكما ترون رغم الحداثة التي نعيش فيها والامكانيات المتوفرة هنا، إلا أن أولادي لم يتأثروا بها أبدا، فكلهم يؤدون الصلاة، وابني الاكبر يبلغ 20 سنة، سأزوجه قريبا هكذا سيتمكن من بناء اسرة ومنه يتحمل المسؤولية". هذا المثال يعكس ما يمكن للاسرة أن تقدمه في التنشئة الاجتماعية للأولاد.

التنشئة تأثرت بالحداثة
تقول الأستادة آيت حمودة، أستاذة علم النفس العيادي في جامعة الجزائر في تحليلها لهذا الاتجاه "التنشئة الاجتماعية عملية نقوم من خلالها بإدخال ثقافة مجتمع أو بناء الفرد، فعندما يولد الطفل لن يكون مزودا بالذخيرة الثقافية، لكنها تنقل إليه من التنشئة الاجتماعية، وهذا بإيجابياتها وسلبياتها، فالطفل عندما يولد لا يختار أين يولد". وتضيف ذات الأستاذة "إن التفكير في التغيير وتربية الاولاد في مجتمع آخر، يرجع الى الاختلاف في الثقافات بين المجتمعات، مما يجعل الفرد يفكر في اكتشاف الآخر، ولما كانت الجزائر بلدا مشبعا بالثقافات، الأمازيغية، العربية، الإسلامية وحتى الفرنسية التي خلفها الاستعمار، ودخول الهوائيات، أدى إلى تأثير الثقافة الاجنبية على ثقافتنا الأصلية، وأدى الى ميلاد ما يسمى بقيم الحداثة، القيم الجديدة التي لم تكن في مجتمعنا ولا في ديننا، تقبلناها، أعجبتنا وأدخلناها في ثقافتنا، كطريقة اللباس الخ...".
هذه الحداثة ورغبة البحث عن التغيير، والعيش كالاوربيين، جلعت معظم الشباب يبحثون عن الهجرة، وتقول (ياسمين. ف) "إن تقدم لي مغترب سأقبل الزواج منه، لقد تلقيت عروضا من خارج الوطن، وأفضل فعلا الذهاب، فلا يمكنني أن انجب اطفالا هنا في الجزائر، لأنه لا يمكن أبدا تربيتهم مثلما نريد، لأن الامر لا يتعلق فقط بالأكل والشرب أو اللباس، بل هناك أمورا أخرى تساهم في تربية الطفل، منها التأثيرات الاجتماعية، فنحن هنا لم نعد نعرف كيف علينا أن نعيش". التفتح على العالم الخارجي جعل ياسمين وغيرها يتطلعون إلى عيش أفضل، تقول الأستاذة أيت حمودة: "مادمنا متفتحين على العالم الخارجي، فقد تولدت فكرة المجتمع الآخر، فالطفل الذي يولد خارج الوطن يكون اكثر استقرارا، حسب ما يراه هؤلاء الذين تأثروا بالصور الجميلة، التي تقدمها الهوائيات على الثقافات الأجنبية والمستوى المعيشي".

صعوبة الاندماج
الأستاذة زبيدي، دكتورة في علم الاجتماع، تروي من جهتها تجربتها الخاصة في هذا الموضوع، فتقول : "أولادي لم يندمجوا في المجتمع الجزائري، فقد ولدوا في بلد عربي وعندما رجعوا الى هنا صغارا لم يتمكنوا من الاندماج حتى الآن، هناك أصحاب، هناك مراهقة، إلا أن الامور صعبة بالنسبة لهم، فقد اعتادوا على طريقة أخرى في الحياة فقد كانوا يدرسون في الصبيحة فقط، نصف النهار، لكن هنا يدرسون طيلة اليوم، هناك كانوا يمارسون الرياضة، لكن هنا لا يمكنهم ذلك، لأن الوقت لا يكفيهم، فالجزائر تنام على السابعة مساء، أنا شخصيا عندما أنهي عملي على الساعة الخامسة مساء أذهب مباشرة الى النوم". وتستطرد الدكتورة زبيدي، قائلة: "لست نادمة على عودتي الى الجزائر، لكن الاولاد ظلموا، لأنهم لا يمكنهم تكوين صداقات، فالحياة في المشرق هادئة، والفرد يكون هادئا أيضا، عكس العقلية الجزائرية، أولادي كانوا ينامون في القيلولة، هنا من المستحيل، فابني الاكبر لا يمكنه الخروج على الثامنة مساء، فيبقى محبوسا في البيت عكس ما اعتدنا عليه في المشرق". نفس الدكتورة تضيف أن التربية اساسها البيت والاسرة : "نحن نعرف أن 50 ? من التربية تكون في البيت. 30 ? في المدرسة والمجتمع و20? في الشارع، هذا بالنسبة لي".. وتضيف "حتى في المجتمع الاوروبي هناك الامن الذي يعتبر أمرا أساسيا، من الجانب المادي، الاجتماعي، الصحي وحتى السياسي، أولادنا هنا اصبحنا نخاف عليهم، ففي أوربا إن كانت هناك سرقة، فهناك قانون يعاقب، لكن هنا في الحرم الجامعي طالبات يسرقن يوميا، في رأيي المنزل هو الاساس في التربية وليست هناك أي علاقة مع المجتمع. المجتمع الاوربي مثلا مكتف من جانب الرفاهية، فهناك احترام للمواطن، وهناك تأمين حياة العيش، فلما وفروا الضرورة، اتجهوا إلى الرفاهية، لكن بالنسبة لنا الضرورة لا توجد".

لا أريد أن يضيع أبنائي في أوروبا
ورغم أن هناك هذه الفئة من الناس ممن يريدون تربية أبنائهم خارج الجزائر، إلا أن هناك البعض الآخر، ممن يرفضون ذلك، ويرون أنه لا يمكن أن ينشأ أبناؤهم تنشئة اجتماعية سوية في مجتمعات ليست لديها نفس العادات والتقاليد مثل مجتمعنا الجزائري، فهم يرون أن هناك قيما لا يمكن أن تكون سوى في المجتمع الذي تعيش فيه، مثل هؤلاء (مراد. ق) الذي درس في ليون الفرنسية لمدة ثلاث سنوات، إلا أنه فضل الدخول الى الجزائر والاستقرار هنا يقول: " كانت لدي امكانية الإقامة في فرنسا لأنه كان لدي اقتراح عمل، هناك، غير أنني فكرت في المستقبل ومستقبل ابنائي، لأنني لا يمكنني أن أربي أبنائي في فرنسا، فليست هناك ضوابط، لهذا لا أريد أن انجب اطفالا في المجتمع الفرنسي". نفس الامر بالنسبة لمغترب آخر ارسل بابنته الوحيدة الى الجزائر لتتربى عند جدتها، في هذا الاطار، تقول الاستاذة آيت حمودة أستاذة علم النفس: "هناك أولياء ندموا على تربية أولادهم خارج الوطن، كونهم فقدوا الكثير من العادات والتقاليد التي اكتسبها ابناؤهم من مجتمع لا يفكر بنفس طريقة المجتمع الجزائري، خاصة من الجانب الديني، فهناك مخاوف من عدم السيطرة على ذهنية الزوجة الاجنبية مثلا، في وقت يسعى فيه الفرد الى الحفاظ على الثقافة الجزائرية، فهناك نوع من الصراع النفسي وتناقض في الشخصية بين عدة مظاهر، بين الحداثة وما هو قديم، فالفرد يريد دائما الرجوع الى الأصل".
أما الدكتورة زبيدي، أستاذة علم الاجتماع، فترى أن "هناك ناس يريدون تربية أولادهم هنا على نفس الذهنية المكتسبة، المشكل في العائلة الجزائرية، أنها تبحث عن المادة واختفت الثوابت، التقاليد الروابط الاجتماعية والعائلة الكبيرة، فقد قلدوا أوربا في الشكليات". وتعبر عن اقتناعها بأن المهم هو المرأة في كل شيء، فهي التي تعطي الابن التربية اللازمة "لكن حاليا المرأة أخذت حرية بطريقة فوضوية، أظن أن توفير الأساسيات في المجتمع هي التي تغير وتسمح بتربية جيل سوى، هنا الامور تتجه الى الأسوأ مع انتشار الرشوة، التمييز، الإطارات غائبة، الأدمغة هجرت، فالتربية هي الأساس لكل شيء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.