"الجريمة المنظمة خطر يهدّد الجزائر بعد خطر الإرهاب"، هكذا صرح ممثل الحق العام لدى مجلس قضاء وهران في عرضه لحيثيات قضية تكوين جمعية أشرار والسّرقة الموصوفة التي تورطت فيها عصابة إجرامية متكونة من أربعة أشخاص، فالتمس في حقهم عقوبة 15 سنة سجناً نافذًا. ووعياً منه بضرورة التصدي لخطر الجريمة المنظمة يسعى المشرّع الجزائري إلى إقرار قوانين وتشريعات تكبح هذه الجرائم وتقلّل منها خاصة بعد التطوّر التكنولوجي الذي أدّى إلى ظهور أنواع وأنماط مختلفة من الجرائم، فازدادت بذلك معاناة الدولة من قضايا المخدرات والإرهاب وتبييض الأموال، وكذا الجرائم المعلوماتية والالكترونية، حيث أن الارتباط الوطيد الذي يربطها ببعضها البعض يجعل من الأمر صعباً في التّصدي لها أمام تكاثر العصابات الإجرامية التي لاتحدّها الحدود ولا تكبحها القوانين والتشريعات. ويرى طاهري قائد المجموعة الولائية لوحدات الدرك الوطني بوهران خلال محاورتنا له في موضوع الجريمة المنظمة أنّه من الصّعب إعطاء تعريف شامل لها، بل من الضّروري طرح سؤال دقيق حتى يكون من الممكن الوصول إلى إستراتجية تكبح أو تقلّل من هذه الظاهرة، وهو هل الجريمة المنظمة، منظمة؟ بحكم أنّ أغلب عناصر هذه الشبكات الإجرامية لاتعرف بعضها البعض، فبعد إدراك هذا الارتباط يقول المتحدث يكون الوصول إلى الحل أمراً ممكنا، ويرى المتحدّث أنّ مصالح الدرك الوطني تسعى جاهدة للتّقليل من خطر هذه الظاهرة الإجرامية العويصة، لأنّ القضاء عليها نهائيا أمر مستحيل بحكم أنّ الجريمة المنظمة موجودة في المجتمعات منذ الأزل، إلاّ أنّ الجزائر يضيف القائد قد استحدثت معاهد خاصة بعلوم الإجرام والأدلّة الجنائية تساهم في شلّ حركة التنظيمات الإجرامية بتوفر كلّ الوسائل الضرورية في ذلك. والجريمة المنظمة حسب المختصين في علم الإجرام هي علم له مجالات مختلفة وغير محددة، فقد يقصد بها الوسائل الإجرامية التي ترتكب إمّا من أجل المال والربح أو الاحتماء وراء الروابط الاجتماعية كالعنف والتّرويع والسّرقة والفساد باستعمال طرق غير شرعية، ويكون وراءها العديد من الشّبكات والجماعات والتي تتخذ شكل مجموعة من الأفراد تمارس نشاطات غير شرعية ولاتعترف بالحدود الوطنية، وهدفها الأساسي هو تحقيق الربح. كما يرى أحد أساتذة علم الاجتماع أنّ الغاية الأساسية في الجريمة المنظّمة هو الرّبح والمال، حيث أنّها الدافع الرئيسي في استخدام وسائل غير شرعية، بالإضافة إلى التّركيز على فكرة الإرهاب والعنف من أجل تحقيق الأهداف، وأيضاً استخدام طرق ملتوية ورخيصة من أجل الإيقاع بالمسؤولين والموظفين العموميين في مجال الفساد، ومن ثمة تحقيق أهدافهم الإجرامية، ويضيف قائلاً إن الآليات التي تنظّم العلاقات بين أعضائها تستند إلى إجراءات مشدّدة في حالة العصيان كالتّهديد بالقتل، لذلك فإنّ الانضمام إليها يكون وفقاً لشروط قاسية قائمة على أساس اختبارات الولاء والقسوة والمهارات الإجرامية. ولا يمكن تحديد كلّ ميادين الجريمة المنظمة بشكل دقيق بالنّظر إلى الطّابع الشمولي لها، حيث أنّ مجالها هو نفسه مجال عصابات المافيا، كالاتّجار بالمخدرات والاتّجار غير المشروع بالأسلحة، تبييض الأموال، جرائم الإرهاب، المتاجرة بالأعضاء البشرية، الهجرة غير الشرعية. ويفصل مجلس قضاء وهران سنويا في العديد من قضايا تكوين جمعيات أشرار بأحكام متفاوتة تتراوح بين 10 إلى 20 سنة سجنًا نافذاً تطبيقاً لنص المادّة 176 177من قانون العقوبات الخاص بتكوين جماعة أشرار، كما يجتهد المشرّع الجزائري في إيجاد قانون خاص بالجرائم المنظّمة، حيث تمت المصادقة مؤخّراً على قانون الجريمة الإلكترونية، والذي ستفصل خلاله مختلف المحاكم بالوطن هذه السّنة في القضايا المتعلقة بمثل هذه الجرائم بعد تكييفه إلى جنحة أو جناية، وهذا حسب الحيثيات والوقائع التي يسفر عنها التحقيق.