بوغالي: مجازر 8 ماي محطة أليمة تغذى منها الوعي الوطني وألهمه عناصر قوة إضافية لتفجير الثورة التحريرية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 52760 شهيدا و119264 جريحا    اليوم الوطني للذاكرة: أصدق اشكال الوفاء للشهداء والمجاهدين هو اعلاء شأن الذاكرة الوطنية    الذكرى ال80 لمجازر 8 مايو 1945: حشود من المواطنين في "مسيرة الوفاء" بسطيف    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات من الوطن يومي الخميس والجمعة    اليوم الوطني للذاكرة: استذكار المجازر و تأكيد مواصلة مسيرة التنمية بولايات الوسط    السيد العرباوي يستقبل بفريتاون من قبل الرئيس السيراليوني    تصفيات بطولة افريقيا للمحليين 2025: إعفاء كداد, ثابتي وبوحلفاية من مباراة غامبيا    تعبئة أكثر من 194 مليار دينار خلال سنة    الجزائر ستظل متمسكة بمطلبها المبدئي في معالجة ملف الذاكرة    غزّة.. مجازر وجوع    تسهيلات استثنائية عبر مينائي الجزائر ووهران    مباراة مجنونة    لامين جمال يتعهد بالعودة    جهود الجزائر ستفتح آفاقا واعدة لدول العبور والمنطقة بأكملها    البليدة :إخماد حريق مهول في مركز تجاري ببلدية مفتاح    أمطار رعدية مرتقبة على عدة ولايات    إطلاق منصة "الحساب الفردي للأجير"    رئاسة اللجنة الفنية للملكية الفكرية التابعة لجامعة الدول العربية    برمجة 22 رحلة إلى البقاع المقدسة انطلاقا من المطار الدولي لوهران    الإعلام العماني يجمع على تاريخية الزيارة ونجاحها    مجازر 8 ماي جريمة دولة مكتملة الأركان    ذكرى المجازر محطة للتلاحم الوطني    الإنتاج الصناعي بالقطاع العمومي.. مؤشرات بالأخضر    تسخير كل الإمكانات لإنجاح موسم الحج    غوتيريس يدعو الهند وباكستان إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس    يوم دراسي حول حماية الملكية الفكرية بتلمسان    700 حادث مرور على خطوط الترامواي خلال 4 سنوات    600 مليار لمشاريع تحسين الإطار المعيشي للمواطن    حجز كميات معتبرة من الفلين المهرب بأم الطوب    هكذا يتم التعامل مع الكباش المستوردة قبيل عيد الأضحى    الجزائر تدعو إلى تغليب المسار السياسي والدبلوماسي    "ترياتلون" الجزائر لتعبيد الطريق نحو أولمبياد 2028    أبواب مفتوحة حول الرياضات العسكرية بالبليدة    نقاط بشار لضمان البقاء    التخلص من عقدة الخوف طريق النجاح    الإعلام العماني يثمن مخرجات الزيارة التاريخية الناجحة للسلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر    "وقائع سنوات الجمر" في كان 2025    لرئاسة اللّجنة الفنّية للملكية الفكرية    الشروع في أشغال الترميم    مجازر 8 ماي 1945 : الجرائم الاستعمارية المرتكبة في الجزائر كانت بتواطؤ ما بين العسكريين والسياسيين الفرنسيين    أعرب عن "بالغ قلقها" إزاء الاشتباكات "المأساوية" بين الهند وباكستان..الجزائر توجه دعوة ملحة لضبط النفس    السيدة شرفي تؤكد من معسكر:"خطوات كبيرة" في مجال حماية الطفولة بالجزائر    عناية أكبر بذوي الاحتياجات الخاصة    عرض حول واقع الإعلام بالجزائر    6000 ناجح في مسابقة سوناطراك    إصلاحات كبرى في المناجم    قويدري يعرض الإستراتيجية الجديدة    حج: انطلاق أول رحلة من غرداية إلى البقاع المقدسة يوم 22 مايو    إطلاق منصة رقمية مخصصة للتراث الوطني المادي واللامادي    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    علامات التوفيق من الله    البليدة: إقبال كبير للجمهور على تظاهرة أبواب مفتوحة حول الرياضة العسكرية    تصفيات شان-2025/الجزائر- غامبيا : "الخضر" على بعد 90 دقيقة من المرحلة النهائية    شراء سندات الهدي بالبقاع المقدّسة من الجهات المعتمدة فقط    قبس من نور النبوة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنيعة..وجهة ثقافية وسياحية بمقوّمات فريدة
تجمع التراث والأصالة
نشر في المساء يوم 08 - 05 - 2025

تمتاز المنيعة بموقع استراتيجي هام، تقع في جنوب الجزائر، وتبعد عن العاصمة ب870 كلم، هي منطقة عبور لولايات الجنوب الجزائري، ونحو إفريقيا، وتعدّ نقطة وصل واتّصال ما بين المناطق للطرق العابرة للصحراء من الشمال إلى الجنوب، والعكس، هي عبارة عن واحة ذات طبيعة خلابة، وسط كثبان رملية تسحر الأنظار، تسمّى باللهجة العامية لمنطقة المنيعة "عرامد"، جمع كلمة "عرمد" أي ربوات قليلة..تعد المنيعة فضاء سياحيا مميّزا لتوفرها على مؤهلات سياحية، تساهم في الجذب السياحي؟
قالت محافظة التراث بالمتحف الوطني ورئيسة مصلحة تنشيط الورشات البيداغوجية السيدة أم السعد بلجودي إنّ القصر القديم بالمنيعة يعدّ من أهم معالم المنيعة، وبداية العمران في المدينة، تأسّس ما بين القرن التاسع والعاشر ميلادي، من طرف قبيلة زناتة القادمة من تميمون، وتعاقبت عليه عدّة قبائل، منها جرمانتية القادمة من صحراء ليبيا في القرن 11 ميلادي، وقبيلة بني خفيان من بني ميزاب في القرن 12 ميلادي، وإلى غاية القرن 13 ميلادي، دخله العرب، وفي القرن 14 ميلادي، كان ضمن مركز الهلالية السلطانة مباركة بنت القص من قبيلة بني عامر، وآخر القبائل الذين عمّروا القصر القديم، هي قبيلة الشعانبة.
القصر القديم.. رحلة عبر الزمن
أوضحت المتحدّثة ل"المساء"، أنّ القصر أطلق عليه عدّة أسماء، الاسم الأوّل "تاوريرت" وهي كلمة أمازيغية تعني التلة الصغيرة، أصلها "تاورارت" ولكن بالتداول العربي، أصبحت "تاوريرت" لأنّ القصر أسّس فوق هضبة، والاسم الثاني "المنيعة"، وهي كلمة أطلقت من طرف قبيلة الشعانبة سنة 1550، بمعنى أنها كانت تمنع الأهالي من أخطار الغزو، ومن مجرى الوادي، وأطلق أهل القلعة على القصر القديم اسم "القليعة" تصغير لكلمة قلعة، كما أطلق المستعمر الفرنسي عند دخوله القصر القديم، في 23 جانفي 1873، اسم "القوليا" لأنّها كانت عبارة عن قلعة فوق جبل، ثم أرجع اسمه إلى "المنيعة" بعد الاستقلال مباشرة في سنة 1962.
وأضافت المتحدّثة أنّ القصر توجد به 3 أنماط من الطابع العمراني، وهي عمران زناتة، وبني حفيان، وإضافات أخرى، كما توجد به 3 طوابق، والبناء القديم كان خليطا من الطين والنباتات، وقد بناه بنو حفيان بالحجارة الصغيرة، يعني أنّ القصر بني بالطين والحجارة، مشيرة في حديثها إلى أنّه توجد قصور تشبه قصر المنيعة بنفس الشكل، بكلّ من تيميمون وتونس، وأيضا، بجبل الغور في برزينة بولاية البيض. صنّف القصر القديم بالمنيعة وطنيا، سنة 2005، وقبل ترقية المنيعة إلى ولاية، احتضن نشاط التظاهرة الثقافية "عيد القصر".
المتحف الوطني.. حاضن الديناصورات
من جانب آخر، أكّدت مديرة المتحف العمومي الوطني بالمنيعة السيدة أم الخير هامل، أنّ المتحف يعدّ أحد الوجهات الثقافية والسياحية التي يقصدها الزوّار والطلبة للتعرّف على جزء مهم من تاريخ المنطقة، وهو متحف لما قبل التاريخ، تعود بداياته إلى سنة 1958، بمجموعة متحفية جمعها القسّ الفرنسي روني كلارك بمجيئه إلى المنيعة، حيث جمع الآثار، وإليه يعود الفضل في جمع كميات كبيرة من قطع الجيولوجيا والبالينتولوجيا، وأوضحت ل"المساء"، أنّ متحف المنيعة يعدّ المتحف الوطني الوحيد المتخصّص في الجنوب الجزائري، والمتحف الوحيد الذي توجد به الديناصورات، وأيضا، المتحف الوطني الوحيد على مستوى الجزائر، يوجد به ديناصور يزيد عمره عن 150 مليون سنة، ويوجد به أضخم ديناصور يزيد عمره عن 170 مليون سنة، ونوع من التماسيح كانت تعيش فقط في شمال إفريقيا، يصل طولها إلى 12 مترا.
يضمّ المتحف 5 أجنحة، وهي الجيولوجيا، الباليونتولوجيا، عصور ما قبل التاريخ، العصر الحجري الحديث والإثنوغرافيا، وتوجد به 3 أنواع من عظام الديناصور، كما يضمّ مجموعة من الأدوات ما قبل التاريخ من مواقع تميمون وعين صالح والمنيعة بمساعدة سكان المنطقة، أيضا، أدوات الصيد، الفؤوس الحجرية، الشظايا، الفخار، أدوات الطحن المتنوعة وغيرها، وإضافة الى ذلك، يضم المتحف أنواعا من الحيوانات المنقرضة، ومستحثات الأسماك، والأخشاب المتحجّرة، وقشور بيض النعام، ناهيك عن وردة الرمال، وبقايا المرجان، وأواني تقليدية كأدوات الطهي وأوني من سعف النخيل والألبسة التقليدية وغيرها من المعروضات.
ويضع المتحف بين أيدي الباحثين والطلبة مجموعة من الكتب التي تتوفّر عليها المكتبة يصل عدد عناوينها إلى 2000 عنوان في التراث الشعبي والآثار والتاريخ والحيوانات وعلوم الأرض والأدب. ومن معالم المنيعة، أيضا، الكنيسة الكاثوليكية التي تعود إلى القرن التاسع عشر ميلادي.
الزربية.. مجد الصناعة التقليدية المنيعية
من أبرز الصناعات التقليدية التي تمتهنها المرأة المنيعية، وتعرّف الزائر نمط معيشة سكان المنطقة، هي الزربية المنيعية التي تعود إلى سنة 1920، بأشكال ورسومات ذات بعد رمزي، ومسحة جمالية تعبّر عن مجد الصناعة التقليدية المنيعية بصفة خاصة والجزائرية بصفة عامة، بألوان وخيوط وتراكيب لونية .
وتعتبر زربية المنيعة التي تسمّى بالقصر القديم، من أقدم الزرابي التي تعرفها المنيعة، بألوان مستمدّة من الطبيعة الصحراوية، منها البني والأصفر والأخضر والأزرق الغامق، وفي هذا الإطار، أوضحت الحرفية في صناعة الزربية التقليدية المنيعية السيدة مسعودة ودان، أنّ الزربية المنيعية في أصلها كانت تستعمل بالصباغة باستعمال مواد طبيعية حسب كلّ نوع من الزربية كالحنّة والمسواك والبابونج، كما ترمز أشكال الزربية إلى نمط معيشة السكان قديما، ومن بين الرموز "الخبزة"، "الركيزة" وسط الخيمة، "الحزام" سواء حزام المرأة أو الرجل، "الفول" للحساء، "جريدة النخيل" التي تستعمل لإشعال النار، كما تتميّز زربية المنيعة برسومات معيّنة منها، القندام، تيركوك، تارقي، الموبتي، تويقرة، أكس وغيرها.
وأشارت الحرفية في حديثها ل"المساء"، إلى أنّها تعلّمت الحرفة في مركز الأخوات قديما، ومنذ سنة 1971 إلى يومنا هذا، لا تزال متمسّكة بحرفة الزربية المنيعية، وهي حاليا، تعمل في ورشة وتقدّم دروسا تطبيقية لمجموعة من البنات والنساء، وقد أكّدت أنها شاركت في معارض في فرنسا عدّة مرات، وفي كلّ منطقة من بلادنا من أجل تسويق الزربية المنيعية، باعتبارها مصدر رزقها وتراث المنيعة، وعلى حد تعبيرها "تعيش الفالة والخلالة" أي الفال وهو المنتوج الأول من الخضر والفواكه، والخلالة تخص النسيج، وهما مصدر رزق ناس المنيعة.
"القربة والعكة والشكوة".. وسائل تراثية تأبى الزوال
قالت الحرفية في دباغة الجلود بالمنيعة، الحاجة سعيدة سعدودي، إنّ العائلات المنيعية لا تزال تحافظ على تقاليدها وعاداتها، رغم التطوّر التكنولوجي، خاصة منها أدوات البيوت.
وأوضحت المتحدّثة أنّ العائلات لا تزال تستعمل "القربة" و"الشكوة" و"العكة"، والتي عادة تصنع من جلود الماعز، حيث أنّ سكان المنيعة قديما، كانوا يتناولون الماء الصالح للشرب من القربة، بإضافة قطرات من مادة القطران المفيد للمعدّة، حسب رغبة كلّ شخص وكلّ عائلة، كما أنّ "القربة" تحفظ الماء البارد خاصة في فصل الصيف. من جهة أخرى، لا تزال العائلات تحتفظ ب"الشكوة" لمخض الحليب، وهي أيضا، مصنوعة من جلد الماعز، لكن الفرق بين "الشكوة" و"القربة"، أن "الشكوة" لا يُنزع منها شعر الماعز حسب الحرفية.
أما "العكة" فهي تستعمل لحفظ "الدهان"، وهو الزبدة المستخلصة من مخض الحليب في "الشكوة"، ويمكن ل"العكة" أن تحفظ "الدهان" لمدة عام أو عامين، خاصة وأنه يستعمل في الأكلات الشعبية كالمردود والرفيس في الحفلات والأعراس وأشارت الحاجة سعدودي إلى أنّ "العكة" ينزع منها شعر الماعز، وتستخدم بدباغة الرب من التمر، أما "الشكوة" تستخدم بعود العرعار.
وتشتهر المنيعة أيضا، بالأكلات الشعبية منها المردود، وصناعة الحلي التقليدية، والطينية، والصناعات الخشبية. للإشارة، تحتوي ولاية المنيعة على مياه جوفية ذات نوعية جيّدة تحت اسم "القوليا" و"المنيعة"، وتوجد بها بحيرة والسبخات، وقد صُنّفت "البحيرة المالحة" منطقة رطبة ومحمية وطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.