أكدت التحذيرات التي لطالما أصدرتها الجزائر، في مختلف الاجتماعات الاقليمية والدولية المتعددة حول خطورة تصاعد رقعة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، صحة مقاربتها المرتكزة على إرساء السلام من قبل كافة الأطراف دون استثناء، مشدّدة في كل مرة على ضرورة احترام القانون الدولي وعدم الاعتداء على سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه أخر لا يتفق ومقاصد الأممالمتحدة. لم تخرج مداخلة الممثل الدائم للجزائر لدى الأممالمتحدة السفير عمار بن جامع، أول أمس، عن المواقف المعهودة للجزائر بخصوص الدعوة إلى استتباب الأمن في العالم، باعتبار ذلك شعار عهدتها كعضو غير دائم في مجلس الأمن، مع مطالبتها المجتمع الدولي بالتحرك أمام الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق القانون الدولي. وقد تبيّن من خلال التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة صواب رؤية الجزائر التي حذّرت منذ بداية عهدتها من الخطر المتزايد لنشوب نزاع إقليمي واسع النّطاق، بسبب الأفعال غير المشروعة والاستفزازات التي يقوم بها الكيان الصهيوني، متحجّجا بما أسماه بالضربات الوقائية دون تفويض قانوني، في الوقت الذي يرفض أي فرصة للسلام. يأتي ذلك في الوقت الذي يلجأ فيه الكيان الصهيوني إلى القوة دون ترخيص من مجلس الأمن، وفي غياب حالة الدفاع الشرعي كما تنص عليه أحكام المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، الأمر الذي يقوّض أسس النظام القانوني الدولي، الذي أنشئ هذا المحفل الأممي للدفاع عنها، في حين لا يتردد في زرع الفوضى في المنطقة بأسرها لكونه "يتصرف وكأن القانون غير موجود أو لا ينطبق عليه". ولم تتوقف الجزائر التي وضعت القضية الفلسطينية ضمن أولويات سياستها الخارجية من التحذير من سياسة اسرائيل في المنطقة، و التي بدأتها في قطاع غزّة عبر سياسة إجرامية تتلذذ في اقترافها يوميا، قبل أن تمتد إلى دول أخرى على غرار لبنان واليمن وسوريا، في سياق مخطط محكم بعيد المدى. وقد التزمت الدبلوماسية الجزائرية، استنادا إلى تعليمات رئيس الجمهورية، بالمساهمة الفعّالة في تعزيز قيم السلام وفضائل الحوار من أجل تجاوز الخلافات وتعزيز التعاون الدولي، بل إنها كانت دوما صوت الشعوب المضطهدة والقابعة تحت وطأة الاستعمار لتمكينها من حقها في تقرير مصيرها، مع حرصها على الدفاع عن قواعد ومبادئ القانون الدولي، ولا سيما مبدأ الحل السلمي للنّزاعات وفقا لميثاق الأممالمتحدة، خاصة بعد تزايد التهديدات على السلم والأمن الدوليين، والتي بلغت ذروتها مع جرائم العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، ولطالما أثارت الجزائر مخاوف بشأن تزايد النّزاعات في العالم، مؤكدة وفق رؤيتها الاستشرافية على أهمية تعزيز التعاون الدولي لتجنب تفاقم الأوضاع، كما دعت إلى ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لبؤر التوتر لتفادي تداعياتها السلبية على الأمن والاستقرار، مع إلزام كافة الدول باحترام لوائح الشرعية الدولية. وعلى هذا الأساس تسعى الجزائر لتعزيز الدبلوماسية متعددة الأطراف والتعاون بين الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية من خلال تبنّيها مقاربات سلمية في التصدّي للتهديدات، فضلا عن ترقية الحوار ما يجعل انتخابها في مجلس الأمن قيمة مضافة ومكسبا لحفظ السلم والأمن الدوليين.