كشفت منظمة حماية وإرشاد المستهلك، هذا الأسبوع، عن إطلاق عمل قاعدي جمعوي ومؤسساتي، يهدف إلى ضبط مواصفات مشروبات الطاقة المنتشرة في الأسواق الجزائرية خلال السنوات الأخيرة بصورة مثيرة للانتباه، خصوصا في ظل تزايد القلق حول تأثيراتها الصحية، والإقبال الكبير عليها من طرف المواطنين، لا سيما المراهقون والأطفال، واستهلاكها بشكل مفرط دون رقابة أو وعي؛ إذ أصبحت اليوم بديل الماء للكثير من المستهلكين، الذين تخلى عدد منهم عن العادات الصحية في ترطيب الجسم بالماء، وفضّلوا استهلاك تلك السموم التي لا نفع فيها أبدا. الحملة التي جاءت تحت شعار "منشط صحي أم طاقة مدمرة ؟"، تهدف إلى التنسيق بين الجهات الرقابية، والجمعيات، والمؤسسات الصحية، ووسائل الإعلام؛ من أجل مراقبة هذه المنتجات، والتحقيق في مدى التزامها بالمعايير الصحية، وتحسيس المستهلك بخطورتها عند الإفراط في تناولها، وخطرها خاصة على الطفل، الذي جسمه في غنى عنها تماما؛ فقد يكون لها مفعول خطير على صحته، وسلامة بدنه. انتشار مشروبات الطاقة لا ينتهي.. في السنوات الأخيرة، شهد السوق الجزائري غزوا كبيرا لمشروبات الطاقة، سواء المحلية أو المستوردة. عشرات العلامات التجارية تُعرض في المحلات، بعضها معروف عالميا، والبعض الآخر يظهر ويختفي دون حسيب ولا رقيب، ليكون الفرد حينها فأر مخبر، يستهلك كل ما يُعرض أمامه دون أي وعي، يكفي أحيانا فقط أن يكون المذاق جيدا، لتكون تركيبات المنتج شيئا ثانويا، ولا أهمية له مطلقا. والخطر الأكبر، بحسب منظمة حماية المستهلك، أن هذه المشروبات تسوَّق بشكل مغرٍ للشباب، بل وحتى الأطفال، دون تحذيرات واضحة على العلبة، وفي غياب قوانين صارمة لتنظيم البيع، أو تحديد السن الأدنى للاستهلاك. القلب أول من يدفع الثمن حول هذا الموضوع كان لصحيفتنا حديث مع الطبيب رابح ولد علي، مختص في أمراض القلب، قال إن "مشروبات الطاقة " ليست سوى قنابل من الكافيين والسكريات والمحفزات العصبية، قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خاصة عند الأطفال والمراهقين، الذين تكون أجسادهم أكثر حساسية وتأثرا. ويضيف الطبيب أن استهلاك قارورة واحدة من مشروب الطاقة، قد يحتوي على ما يعادل 3 إلى 4 فناجين قهوة عالية تركيز الكافيين، وهذا يرفع من ضغط الدم، ويزيد من ضربات القلب، ويحدث خللا في الجهاز العصبي خصوصا إذا كان الطفل يعاني أصلا من أمراض مزمنة، أو مشاكل في القلب. ويتابع أن المشكلة الحقيقية أننا نرى أطفالا في سن 10 أو 12 سنة يستهلكون هذه المشروبات بشكل يومي، وبعضهم مع وجبة الفطور، وحتى في الفترة الليلية التي تسبق النوم، " وهذا كارثي! " ، مضيفا أن تأثيرها قد لا يظهر فورا، لكنه يتراكم على المدى الطويل، ويخلق مشاكل صحية قد لا يُحمد عقباها. وشدد المتحدث على أن عمل المنظمة الوطنية لحماية المستهلك جاء في أوانه، خصوصا أن هذه الظاهرة الاستهلاكية تنتشر بشكل مخيف، لا سيما بين الأطفال، الذين نشهدهم اليوم، أيضا، يدمنون التدخين، وحتى المخدرات، " تجدهم يستهلكون تلك السموم بإرفاقها بتلك المشروبات التي تزيدها سمّا "، مؤكدا أن وضع تحذيرات صحية واضحة على عبوات مشروبات الطاقة، أمر ضروري؛ حتى تكون واضحة، وغير مبهمة الخطورة حيال ما تحتويه من تركيبات سامة، مع أهمية تحديد السن الأدنى للشراء مثل ما هو معمول به في عدد من الدول الأوروبية، ومنع تسويقها في المحيط التربوي، وتشجيع حملات التوعية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، مع ضرورة إخضاع هذه المنتجات لتحاليل دورية؛ للكشف عن نسب الكافيين والمواد المضافة، وعن العلامات غير المطابقة التي قد تُعرض في السوق المحلية.