قالت الأستاذة الأميركية ألكسندرا غايدان توارك في المحاضرة التي ألقتها، أوّل أمس، خلال فعاليات الطبعة السابعة عشرة من المهرجان الدولي للشريط المرسوم، إنّ ل«المانغا الجزائرية" نكهة محلية بهوية جزائرية أصيلة رغم استخدامها لتقنيات يابانية. أكّدت الأستاذة الأمريكية، المتخصّصة في الأدب الحديث والشريط المرسوم بالعالم العربي، ألكسندرا غايدانن توارك أنّ المانغا الجزائرية ليست تقليدا، بل هي فن أصيل، موضّحة أنّ كلّ فن عالمي يمكن أن يتحوّل إلى محلي حين ينهل من قضايا الناس وثقافتهم اليومية. وأضافت أنه حين تتناول المانغا الجزائرية مواضيعها من الواقع الاجتماعي واللغوي والثقافي للجزائر، فإنّها تتحوّل تلقائياً إلى تعبير عن الذات، لا عن الآخر. مشيرة إلى أنّ هذا الانغراس في المحلية هو بوابة العالمية الحقيقية. بالمقابل، لم تخف الباحثة الأمريكية أسفها لقلة الترجمات الخاصة بالأشرطة المرسومة الجزائرية، مؤكّدة أنّ الترجمة هي أصل التعارف بين الشعوب، ووسيلة لإبراز خصوصية التجربة الجزائرية في الفنون البصرية. ودعت الفنانين الشباب إلى الانفتاح على الترجمة بشكل مستمر ومكثّف، حتى تصل أعمالهم إلى القرّاء والباحثين عبر العالم، مؤكّدة وجود اهتمام أكاديمي متنام في الجامعات الأمريكية بالشريط المرسوم الجزائري، معتبرة أنّ هذا الاهتمام مردّه أصالة المواضيع الجزائرية واستلهامها من السياق الثقافي المحلي. وأشارت إلى وجود مقالات نقدية وأبحاث جامعية تتناول أعمال فنانين جزائريين، وتدرس ما تحمله من مضامين اجتماعية وتاريخية وثقافية ثرية. في هذا السياق، تحدّثت توراك عن مقالين أكاديميين أنجزتهما حول المانغا الجزائرية، الأوّل عن موضوع "العالمية المحلية"، قدّمت فيه مثالين من أعمال فنانين جزائريين هما "نور المولد" لحنان بلمديوني و«ديغا" لناتسو، وهما عملان بأسلوب المانغا اليابانية لكن بمضامين جزائرية خالصة. أما المقال الثاني، فخُصّص ل«المانغا الجزائرية ومسألة الجنس" (ذكر-أنثى)، حيث درست من خلاله عمل "نهلة وتوارق" للفنان سليم براهيمي. في قراءتها التحليلية لتطوّر مواضيع الأشرطة المرسومة الجزائرية، لاحظت توراك أنّ الجيل الجديد من الفنانين لم يعد يحصر إبداعه في موضوع الثورة التحريرية كما كان سائدا في السابق، بل اتّجه إلى تنويع في القضايا، مضيفة أنّ هذا التحوّل يعكس نضجا في الوعي الفني وتحرّرا في التعبير لدى الجيل الحالي. كما نوّهت الباحثة الأمريكية إلى أنّ زياراتها الثلاث السابقة لمهرجان الشريط المرسوم في الجزائر مكّنتها من متابعة ديناميكية التبادل الفني التي ولدتها هذه التظاهرة، حيث شهدت تعاونا مثمرا بين فنانين جزائريين وتونسيين، إضافة إلى مشاركات من دول الساحل الإفريقي، وهو ما أتاح للفن الجزائري أن يجد مكانه المستحق في الخارطة العالمية. وأكّدت ألكسندرا التي تدرّس بكلية سوارثمور بولاية بنسيلفانيا بشمال شرق الولاياتالمتحدة، أنّ المانغا الجزائرية أصبحت ظاهرة فنية تستحق الدراسة الأكاديمية والتشجيع المؤسّسي، لأنّها تعبّر عن الجزائر المعاصرة بعيون جيل شاب يحمل أدوات رقمية ولغة بصرية عالمية، دون أن يفقد جذوره المحلية.