شكّل صالون المشروع المبتكر للشباب في طبعته الثانية المنظم بجامعة البليدة 1 خلال الأسبوع الماضي تحت شعار "الشباب يبتكر... الجزائر تزدهر"، محطة التقاء لعدد من الشباب المبدعين المشاركين من 12 ولاية، الذين تنافسوا فيما بينهم للظفر بالمراتب الأولى من خلال مجموعة من المشاريع الإبداعية، التي تنوّعت بين أفكار ابتكارية في المجال الزراعي، والبيئي، والتكنولوجي، وقطاع الري، والصحة. حاولت "المساء" خلال جولتها بين أجنحة المشاركين في الصالون المنظم بجامعة البليدة 1، الاحتكاك بعدد من الشباب الذين قدموا من مختلف ولايات الوطن، لعرض أفكارهم الإبداعية، آملين أن تنال مشاريعهم رضا لجنة التحكيم. وكانت البداية مع الشابة فاطمة الزهراء شويب من ولاية الشلف، متخرّجة من معهد علوم وتقنيات البحر بجامعة الشلف، التي أكدت في حديثها أنّ مذكرة تخرجها لم تكن كلاسيكية، بل كانت تأسيساً مؤسسة ناشئة تهتم برسكلة وتثمين نفايات الأسماك بحكم تخصّصها. وأوضحت المتحدثة أنها تمكنت من إنتاج فرينة السمك المستعملة في صناعة أعلاف الأسماك، وزيت السمك الذي يُستعمل كمكمل غذائي للأطفال والتغذية الموجهة للأسماك. كما أشارت إلى أنّ تفكيرها في تطوير المشروع دفعها إلى ابتكار ثلاجة ذكية مخصّصة لحفظ فضلات الأسماك التي عادة ما يتم التخلص منها. وهي المادة الأولية التي تعتمد عليها عملية الرسكلة. وأضافت أنّ غياب هذه الثلاجة كان أحد أهم أسباب إحجام المستثمرين عن دخول هذا المجال. غير أنها نجحت في حلّ هذا الإشكال بابتكار ثلاجة ذكية لفضلات الأسماك. وكشفت فاطمة الزهراء أن مشروعها شارك في معرض التجارة البينية الإفريقية. ومن بين 50 دولة و2000 مشروع، تُوِّج مشروعها بالمرتبة الثالثة إفريقيّا. كما حاز علامة مشروع مبتكر. وتم تسجيل براءة الاختراع. وأكدت أن المشروع يحظى بتشجيع كبير، وأنه يجري حالياً التحضير لإطلاقه فعلياً بتمويل من مستثمر، معبرة عن طموحها في التوسع أكثر في مجال رسكلة النفايات البحرية. كما اعتبرت مشاركتها في الصالون فرصة للتعريف بمشروعها، وتوسيع شبكة علاقاتها بالمبدعين. ومن جهته، عرض الشاب محمد الصغير، طالب إلكترونيك بجامعة سعد دحلب، مشروعاً يتعلق بحل إشكال كبير في ورشات البناء، متمثلا في تصميم آلة لطي الأسلاك أوتوماتيكياً لتوفير الوقت والجهد في إعداد الأسلاك الموجهة للخرسانة. وأوضح أن مشروعه قد يبدو بسيطاً، لكنه يقدّم حلاً فعلياً لمشكل قائم، إذ تجهز الآلة الأسلاك بطريقة تلقائية بدل إعدادها يدوياً. وأضاف أن الجهاز يمكن أن يشكل، كذلك، وسيلة بيداغوجية في مراكز التكوين المهني لتلقين دروس الكهرباء. وأشار محمد الصغير إلى أن طموحه يكمن في المساهمة في حل مشاكل الورشات، خصوصاً في ظل المشاريع السكنية العديدة التي تعرفها الجزائر، مؤكداً أن مشروعه قابل للتجسيد مباشرة، شريطة توفر ممول يتبنّى الفكرة. وكشف أنه يراهن على نجاح الجهاز في السوق، وأن ملف مشروعة سيُعرض قريباً للحصول على علامة لابل. أما محمد بوزيدي من ولاية سعيدة المتخصص في الهندسة البيوطبية والمشارك في الصالون، فقد قدّم جهازاً لقياس درجة الحرارة عن بعد. ورغم أن المشروع قد يبدو كلاسيكياً، إلا أنّه –حسبه – يتضمن تعديلات مهمة أهّلته ليصنَّف ضمن المشاريع المبتكرة. وأوضح أن تجربة جائحة كورونا كشفت محدودية الأجهزة المستعملة آنذاك، كونها لا تقدم معلومات آنية ولا ترتبط بالحاسوب. وأكد أن مشروعه يقوم على تطوير جهاز محلي الصنع يتجاوز هذه العيوب، إذ يتيح مشاركة النتائج فوراً مع الحاسوب والطبيب، ما يمنحه أهمية طبية وصناعية. وقد حصل على براءة الاختراع، وينتظر شهادة لابل. وأضاف أنه يسعى رفقة زميله عز الدين مغاربين، للانتقال من صيانة الأجهزة الطبية إلى تصنيعها محلياً، بدءاً من الأجهزة البسيطة، ووصولاً إلى أجهزة متطورة مثل السكانير شريطة توفر المادة الأولية. الصالون فضاء لتواصل المبدعين الشباب وفي حديثه عن أهداف تنظيم الصالون، أوضح مروان رمضاني رئيس جمعية السراج لنشاطات الشباب والمشرف على التظاهرة بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة، أن نجاح الطبعة الأولى التي تناولت المشاريع الرقمية دفع إلى توسيع المشاركة هذا العام لتشمل مختلف المجالات. وكشف أن المنصة استقبلت أكثر من 160 مشروع مبتكر خلال شهرين. وبعد عملية الانتقاء تم اختيار 12 مشروعاً في مجالات متعددة، منها الفلاحة، والبيئة، والاتصالات، والطب، والري، من ولايات عدة، بينها البليدة، والشلف، وسعيدة، وتيزي وزو وورقلة. وأكد رمضاني أن الهدف من الصالون هو تحفيز الشباب على الإبداع، وتبادل الأفكار أكثر من كونه منافسة، مشيراً إلى أن المعرض ثري بالأفكار التي تبحث عمّن يحتضنها، ويحوّلها إلى مشاريع مبتكرة، قادرة على حل مشكلات موجودة في المجتمع، وتجسيدها على أرض الواقع.