يُعد اليوم العالمي للمتطوعين المصادف لتاريخ 5 ديسمبر من كل سنة، موعدا يسلّط الضوء على الجهود التي يبذلها الأفراد لخدمة مجتمعاتهم بإرادتهم الحرة، دون انتظار أي مقابل؛ سواء في مساعدة المرضى، وحماية البيئة، وتنظيم حملات التشجير أو التنظيف، وتوزيع المساعدات، وحماية الحيوانات، وغيرها من الأعمال التي لا تنتهي صورها. إذ يأتي هذا اليوم ليذكّر بأن التطوع ليس عملا اختياريا فحسب، بل صار حاجة اجتماعية وبيئية وتضامنية، تفرضها التحديات المتزايدة. وفي قلب هذا الاحتفال تبرز جهود الجمعيات الشبابية التي تعمل يوميا على أرض الواقع، والتي تؤكد من خلال عملها أن روح المبادرة والعمل الجماعي قادرة على إحداث تغيرات حقيقية حين تتحول إلى ممارسة مستمرة ومؤثرة، تترك الأثر الإيجابي داخل المجتمعات. يأتي اليوم العالمي للتطوع الموافق للخامس من ديسمبر كل عام، لتذكير المجتمعات بأهمية العمل التطوعي، ودوره في صناعة التغيير. ويبدو أن هذه السنة يحمل بعدا مختلفا بالنسبة لجمعية "شباب الخير" للعمل التطوعي. هذه الجمعية الشبابية المتخصصة في مجالات عدة وخاصة البيئية التي أكد أعضاؤها في حديثهم مع "المساء"، عن واقع التطوع اليوم، وما يمثله هذا التاريخ بالنسبة لهم؛ إذ إن اليوم العالمي للمتطوعين ليس مجرد مناسبة رمزية، بل فرصة للتأكيد على أن الجهد التطوعي أصبح ضرورة اجتماعية وبيئية أكثر منه خيارا أو سلوكا جانبيا لفرد راغب في إحداث الفرق داخل مجتمعه. وأوضح فاتح مامي، عضو لدى الجمعية أن ما يدفعه هو وكافة المتطوعين، إلى تعزيز ثقافة التطوع وسط الشباب المنتسبين لهذه الجمعية أو لجمعية خيرية أخرى، هو شعورهم أن الهموم البيئية لم تعد مؤجلة، وأن آثار التلوث وتدهور المساحات الطبيعية صارت ملموسة في الحياة اليومية للسكان، وحتى لكافة الكائنات الأخرى من حيوانات وغطاء نباتي، حيث أكد فاتح أن العمل التطوعي بالنسبة للمشاركين هو أول رد فعل عملي على هذه التحديات. وهو وسيلة لإشراك المجتمع في حماية محيطه دون انتظار مبادرات رسمية، موضحا أن هذا اليوم العالمي يشكل مناسبة لرفع صوت المتطوعين، ولتذكير الناس بأن ما يقومون به طوال العام، ليس نشاطا ثانويا، بل عمل ميداني يساعد على حفظ التوازن البيئي في المدن والقرى. وشدد محدث "المساء" على أن التطوع البيئي يكتسب قيمته من قدرته على جمع الناس حول هدف واحد، مشيرا الى أنه لاحظ خلال السنوات الأخيرة، استعداد أكبر لدى المواطنين للمشاركة في الأنشطة البيئية، وتلبية تلك النداءات للمشاركة، خاصة تلك التي ترتبط بالنظافة، وإعادة التشجير. ويرى أن هذا التفاعل يعكس وعيا جديدا بأن حماية البيئة ليست مسؤولية المؤسسات فقط، بل مسؤولية لكل فرد يعيش فيها، مضيفا أن العمل المشترك خلال حملات التنظيف مثلا، يخلق علاقة مختلفة بين المتطوعين والسكان، إذ يشعر الجميع بأنهم شركاء في الحفاظ على المكان. وأوضح المتحدث، أيضا، أن اليوم العالمي للمتطوعين هو، كذلك، فرصة لتسليط الضوء على الجهد غير المرئي الذي يبذله العشرات من الشباب في مبادرات صغيرة لكنها مؤثرة، فتنظيف شاطئ أو صيانة مساحة خضراء أو تنظيم حملات فرز نفايات في الأحياء، كلها أعمال تترك أثرا حقيقيا، لكنها تحتاج إلى الاعتراف بقيمتها؛ حتى يستمر أصحابها بحماس أكبر، وتعم الحملات مناطق أخرى، مؤكدا أن التحدي الأكبر الذي يواجه المتطوع اليوم، هو ترسيخ فكرة أن التطوع ليس مجرد مساعدة، بل مشاركة ومساهمة فعالة في الحل، خصوصا في ظل الضغوط البيئية التي تتزايد سنة بعد أخرى. ويضيف المتطوع مامي أن هذا اليوم هو أيضا، مناسبة لتقييم ما تم إنجازه خلال السنة، فالتطوع بالنسبة لهم ليس موسما أو يوما عالميا، بل برنامج مفتوح طوال السنة، يبدأ من جمع المتطوعين، مرورا بتكوينهم، وصولا إلى إدارة الحملات البيئية في الميدان. ومن خلال هذا التقييم يحاول الأعضاء تحديد ما يمكن تطويره، وما يحتاجون إليه من دعم؛ سواء من المجتمع، أو من المؤسسات المحلية. وأكد في الأخير أن العمل التطوعي البيئي، هو أحد أنجع الطرق لتعزيز روح المسؤولية بين الشباب، وأن الاحتفال باليوم العالمي للمتطوعين يجب ألا يقتصر على الثناء، بل يكون بداية جديدة لجذب مزيد من الطاقات إلى هذا المجال، فالمساحات الطبيعية التي تتعرض للضغط تحتاج إلى يد تمتد لحمايتها. والمجتمع بحاجة إلى أن يدرك أن كل مبادرة تطوعية مهما صغرت، قادرة على صنع فرق حقيقي، مشددا على أن العمل التطوعي يمكن أن يمس جميع المجالات وليس فقط البيئة أو المناخ، بل كل فعل قادر على خلق فرق إيجابي لصالح فرد، أو حيوان، أو كائن مهما كان صغيرا، هو عمل خيري جيد لصالح المجتمع كافة.