بكالوريا 2025: مخطط خاص لتأمين مجريات الامتحان    حج 2025م/ 1446 : عودة أول فوج من الحجاج إلى وهران    الشيخ القاسمي يدعو إلى نشر خطاب ديني جامع لتعزيز الوحدة الوطنية    العدوان الصهيوني على إيران: موجة غضب وتوعد بالرد "القوي" و "الصارم"    إطلاق مشاريع بحثية جزائرية معتمدة من مبادرة التحالفات العربية للبحث العلمي والابتكار الاثنين المقبل    تحيين أزيد من نصف مليون بطاقة "الشفاء" على مستوى الصيدليات المتعاقدة مع هيئات الضمان الاجتماعي    الخارجية الإيرانية: الرد على العدوان الصهيوني حق مشروع وقانوني وفق ميثاق الأمم المتحدة    الكيان الصهيوني يشن هجوما على إيران ودوي انفجارات يهز العاصمة طهران    الرابطة الأول "موبيليس": مولودية الجزائر على بعد خطوة من اللقب، وشبيبة القبائل تحتفظ بمركز الوصافة    الرابطة الأولى موبيليس (الجولة ال 28): النتائج الكاملة والترتيب    رئيس مجلس الأمة يستقبل سفير المملكة العربية السعودية لدى الجزائر    حبوب: انطلاق حملة الحصاد و الدرس عبر الولايات الشمالية و مؤشرات تبشر بمحصول وفير    مؤسسة "اتصالات الجزائر" تنظم حملة وطنية للتبرع بالدم    كتاب "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر" في نهائي نسخة 2025 لجوائز مسابقة "غورموند وورلد كوكبوك"    الجزائر تواصل التزامها بحماية حقوق الطفل    مداحي: الرقمنة والعصرنة خيار استراتيجي لتسيير المرافق السياحية    المعرض العالمي بأوساكا: عروض فرقة "أروقاس" من جانت تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    مراد: تنمية المناطق الحدودية على رأس أولويات الدولة    موسم الاصطياف 2025 والاحتفالات بالذكرى 63 لعيد الاستقلال محور اجتماع للمجلس التنفيذي لولاية الجزائر    مؤسسة صناعات الكوابل ببسكرة: إنتاج 2000 طن سنويا من الكوابل الخاصة بالسكة الحديدية    جامعة "جيلالي اليابس" لسيدي بلعباس: مخبر التصنيع, فضاء جامعي واعد لدعم الابتكار    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية وهران تضمن بقاءها وأولمبي أقبو وإتحاد خنشلة يقتربان من النجاة    اختبار مفيد رغم الخسارة    رانييري يرفض تدريب إيطاليا    قافلة الصمود تتحدّى بني صهيون    الجيش يواصل تجفيف منابع الإرهاب    منصوري تشارك في أشغال الاجتماع الوزاري    قافلة الصمود تعكس موقف الجزائر    رفعنا تحدي ضمان التوزيع المنتظم للماء خلال عيد الأضحى    الأسطول الوطني جاهز للإسهام في دعم التجارة الخارجية    قضية الصحراء الغربية تبقى حصريا "مسألة تصفية استعمار"    الفواكه الموسمية.. لمن استطاع إليها سبيلاً    ولاية الجزائر : مخطط خاص لتأمين امتحان شهادة البكالوريا    الجزائر نموذج للاستدامة الخارجية قاريا    بنك بريدي قريبا والبرامج التكميلية للولايات في الميزان    الاحتلال الصهيوني يتعمّد خلق فوضى شاملة في غزّة    تطوير شعبة التمور يسمح ببلوغ 500 مليون دولار صادرات    استقبال مميز لمنتخب كرة السلة 3*×3 لأقل من 21 سنة    ميسي أراح نفسه وبرشلونة    "الطيارة الصفراء" في مهرجان سينلا للسينما الإفريقية    تأكيد على دور الفنانين في بناء الذاكرة    برنامج نوعي وواعد في الدورة الثالثة    إنجاز مقبرة بحي "رابح سناجقي" نهاية جوان الجاري    تأجيل النهائي بين ناصرية بجاية واتحاد بن عكنون إلى السبت    "كازنوص" يفتح أبوابه للمشتركين من السبت إلى الخميس    تحسين ظروف استقبال أبناء الجالية في موسم الاصطياف    رحيل الكاتب الفلسطيني علي بدوان    عنابة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار رابح بيطاط الدولي    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    الشروع في إلغاء مقررات الاستفادة من العقار    جريمة فرنسية ضد الفكر والإنسانية    قِطاف من بساتين الشعر العربي    الاستفادة من تجربة هيئة الدواء المصرية في مجال التنظيم    تحديد وزن الأمتعة المسموح به للحجاج خلال العودة    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترجم لأوّل مرة للعربية
المدينة الإغريقية.. كتاب عن شروق الديمقراطية وغروبها
نشر في المساء يوم 01 - 11 - 2011

في كتاب ''المدينة الإغريقية'' الذي يترجم إلى العربية للمرة الأولى، يستعرض مؤرخ فرنسي شروق الديمقراطية اليونانية وغروبها، إذ مورست الديمقراطية على نطاق جماهيري واسع قبل أن تستنفذ التجربة أغراضها ويتم احتكار السلطة، حيث يقول جوستاف جلوتز (1862-1935) أنّ ''الطبقة العاملة'' التي حرمت حقّ الممارسة السياسية تحوّلت إلى جيش للتمرّد ينتظر ''رؤساء'' وبدأ عصر الثورات والثورات المضادة إلى أن جاء الغزو المقدوني، ثم الغزو الروماني لليونان التي تصارعت مدنها وعجزت عن الاتحاد.
الكتاب الذي نشر للمرة الأولى بالفرنسية عام ,1928 ترجمه إلى العربية الناقد المصري الدكتور محمد مندور (1907-1965) الملقّب بشيخ النقّاد العرب المحدثين، وصدر في سلسلة ''ميراث الترجمة'' عن المركز القومي للترجمة في القاهرة، ويقع في 466 صفحة كبيرة القطع.
وكانت مصادفة سيئة وراء ظهور الكتاب، كما ذكر طارق مندور الإبن الأصغر للدكتور مندور، في مقدمة الكتاب الذي ظلّ مدرجا ضمن قوائم أعمال مندور ''تحت الطبع'' حتى قرّر مالك البيت هدمه منذ بضع سنوات، فقررت الأسرة إهداء المكتبة إلى أكاديمية الفنون، وعثروا على كتب ومخطوطات وخطابات ''اتّضح أنّ الكثير منها يستحق النشر''، ومنها خطاب مندور إلى قادة ثورة 23 يوليو 1952 التي أنهت حكم أسرة محمد علي، إضافة إلى ترجمة كتاب ''المدينة الإغريقية''.
ويقول هنري بير في مقدمة كتاب ''المدينة الإغريقية'' أنّ اليونان ''حقّقت للشخصية البشرية نموا لا مثيل له، وفي مقابل البربري الذي يخضع للاستبداد ويؤلهه، نرى الإغريقي مواطنا حرا... وفي المدينة الإغريقية من الإعجاز مثل ما في فن الإغريق وفلسفتهم، لقد كوّنت تلك المدينة تجربة للبشرية، كوّنت مثلا وأنموذجا خالدا على وجه الدهر''، مضيفا أنّ أثينا حقّقت تحوّلا عميقا للعناصر الدينية وجعلتها عناصر عقلية بحتة، أمّا الفلسفة والسلطة الدينية فاتّحدتا لدرجة يكاد معها الفلاسفة أن يصبحوا ملوكا والملوك فلاسفة خيّرون.
ويسجّل أنّ أثينا تعدّ ''مدرسة الإنسانية جمعاء لا مدرسة اليونان فحسب'' وأنّ الشعب كان ''مجموعة أعضاء المدينة لا مجموعة سكانها''، حيث يستبعد الأرقاء والأجانب وأنّ ''الديمقراطية ازدهرت بفضل تحرير الفرد الذي يهب المدينة من القوة بقدر ما تهبه من الحرية''، ويربط بين النمو السياسي وازدياد الثروة وتكوين طبقة زعماء الشعب وأرستقراطية المال، ''أو ما يسمى الرأسمالية''.
ولكن جلوتز مؤلّف الكتاب، يختلف عن حماسة هنري بير للديمقراطية اليونانية فيما يخصّ مفهوم المواطنة أو تراكم الثراء الذي يؤدي إلى الاستبداد، فيقول جلوتز في فصل عنوانه ''النظام الاستبدادي'' أنّ أرسطو (384- 322 قبل الميلاد) رأى ''بفطنته المألوفة أنّ ازدياد الثروة قد كان السبب الأساسي في ظهور الحكم الاستبدادي''، ويضيف المؤلّف أنّ الحكّام المستبدين وبخاصة الذين تركوا أثرا في التاريخ كانوا من كبار البناة لأنّهم ''يوحون إلى الشعب بعزّة قومية تنسيهم حريتهم المسلوبة... وكانت هباتهم السخية تجلب إليهم من كلّ فجّ المعماريين والنحّاتين والشعراء'' ويحرصون على تنظيم مسابقات غنائية ومسرحية.
ويشرح مفهوم الديمقراطية الإغريقية قائلا أنّ الملك لم يكن يستطيع أن يقرّر شيئا بغير رؤساء الجماعات في المدينة، وهم يمثّلون مجلس الشيوخ وإلى جانبهم كان رأي الشعب أو العامة يؤخذ في الحسبان، إذ يجتمعون في الأجورا (الساحة العامة)، وهي تمثّل الجمعية العامة التي تضم جميع مواطني المدينة والمحاربين.
ويوضح أنّ الأجورا في تلك المدن كانت مغلقة أمام الفلاحين والبسطاء ورجال المهن، وأنّ ''المواطنين'' كان امتيازهم ينحصر في حق حضور ''جمعية عامة عاجزة، وأمّا حقيقة السلطة فكانت مستقرة في مجلس ضيّق''، حيث كانت العشائر الكبيرة تحتكر السلطة وكان الصنّاع والفلاحون ''الذين لا يكادون يتميّزون عن الرقيق لا يشعرون أي أمل في إمكان إصلاح''، وكان دهاء الفلاح يجعله ينجب إبنا واحدا حتى لا يتجزأ ماله القليل ولكي لا يترك أسرة من البؤساء.
ويقول جلوتز أنّ الطبقات الدنيا من صناع وباعة وعمال وصيادين وبحارة وغيرهم من ''الطبقة العاملة''، كان من بينهم من يهتم بالسياسة، ونظرا لاختلاطهم بالأجانب الوافدين، فإنّهم أحسّوا بتضامنهم حتى ''أصبح جيش التمرّد معدّا في حاجة إلى رؤساء''، فإذا بالنخبة البرجوازية بذكائها وشجاعتها تنتهز الفرصة للحصول على حقوقها السياسية التي حرمت منها، بوضع نفسها على رأس تلك القوة التي وجدتها تحت تصرّفها.
ويضيف أنّ المدينة انقسمت ''وكان قد انقضى الزمن الذي يكتفي فيه الساخط بأن يئن مبتهلا إلى السماء، وحلّ العنف محلّ التصوّف، لقد ابتدأ صراع الطبقات، وكان صراعا مخيفا دام زمنا طويلا... مليئا بالثورات والثورات المضادة والمذابح والنفي ومصادرة الثورات... أوّل مطلب تقدّمت به الديمقراطية بعد أن نظّمت نفسها في حزب كان هدفه إعلان القوانين''.
ولم تكن اليونان دولة بالمعنى العصري، ولا كانت الديمقراطية تطال المواطن العادي وبخاصة الفلاحين وأصحاب الحرف وسكان القرى، فيقول المؤلف أنّ أبرز خصائص اليونان القديمة كان انقسامها لعدد من المدن التي تكون دولا صغيرة ومنها اسبرطة وأثينا، وفي حين كان أهل القرى منذورين للرق، كانت المدينة تسمح بالتنظيم السياسي نظرا لأنّ الرجل الإغريقي كائن مدني أو ''حيوان مدني''، كما قال أرسطو.
ويصف مفهوم الاستقلال بأنّه ''العشق المبرح'' الذي يجعل المدينة الإغريقية مهما تكن صغيرة دولة ذات سيادة، ولو تجاورت مدينتان فإنّهما تنفصلان تماما ''فالحدود المقدّسة'' تفصل الجغرافيا والديانات والقوانين والتقاويم والعملات والموازين والمكاييل، وعندما يخرج الاغريقي من عالمه/مدينته يجد نفسه في بلد أجنبي ''وغالبا بلد معاد...، هذه النزعة الاستقلالية الغيورة عرضت الجنس الإغريقي كلّه إلى أخطار لم يكن في مقدوره دفعها'' ومنها النزاعات التي أرهقت المدن ''ولم يكن بدّ من تدخّل مقدونيا وروما تدخّلا عنيفا''، بعد عجز المدن عن الاتحاد.
ويقول جلوتز أنّ القرن الخامس قبل الميلاد شهد ترسيخ قيمتي الحرية والمساواة، وأنّ ''النظرية الدستورية في المساواة... تتلخّص في كلمة واحدة.. الشعب سيد''، ويتولى القانون حماية حقوق الأفراد من سلطة الدولة ومن بعضهم ضد البعض الآخر، كما يحمي مصالح الدولة من الإفراط في الفردية.
ويسجّل أنّ نهاية ذلك القرن شهدت فوضى، وأنّه في بداية القرن الرابع قبل الميلاد حدثت نزاعات وبدا أنّ البلاد عاجزة عن التغلّب على فكرة المركزية التي تمثّلها المدن، ''فهي لن توحد إلاّ بالغزو وكان لا بدّ لبلاد الإغريق من أن تسقط كي يختفي نظام المدينة السياسي''، ويرى أنّ انتصار فيليب المقدوني (382-336 قبل الميلاد) وضع نهاية مرحلة في تاريخ العالم وقضى على المدينة اليونانية وأصبحت بلاد الإغريق كلها للمرة الأولى تابعة لدولة أجنبية، إذ جعلها الغزو المقدوني جزءا من دولة كبيرة وأصبحت الدولة تتركز في شخصيات قوية تسلح طموحها بالمكر والعنف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.