أجمع المتدخلون في الندوة الوطنية خلال اليومين الماضيين حول المعتقلات والسجون التي احتضنتها قاعة المحاضرات مولود قاسم نايت بلقاسم بجامعة فرحات عباس بسطيف، أن مجازر الثامن ماي 45 بما خلّفته من مآسي وحشية تبقى وصمة عار في جبين فرنسا الاستعمارية، كونها تتنافى والقيم الإنسانية بصفة عامة، ومبادئ حقوق الانسان بصفة خاصة. الندوة التي احتضنتها قاعة المحاضرات بجامعة فرحات عباس بسطيف، والتي أشرف عليها وزير المجاهدين محمد الشريف عباس، وحضرتها العديد من الشخصيات وأعضاء الأسرة الثورية، تم خلالها عرض أشرطة وثائقية تاريخية تبرر بالصور والصوت مختلف أنواع التعذيب التي مارسها المستعمر في المحتشدات والسجون والمعتقلات التي أقامها في العديد من مناطق الوطن من أجل تعذيب الجزائريين. وكعينة من ذلك، تم عرض شريط حول معتقل "قصر الطير" الرهيب بدائرة عين والمان، للمخرج السعيد عولمي، الذي ركز فيه على الأساليب الوحشية التي استعملها الفرنسيون لتعذيب آلاف الجزائريين الذين مروا على هذا المعتقل، وهي أساليب مرعبة بالنظر إلى وحشيتها التي فاقت كل التصورات وأبدت للعام والخاص الطابع الهمجي للمستعمر الذي كان يدعي الحضارة من خلال شعاره: الحرية، العدالة، المساواة. الندوة كانت من جهة أخرى، فرصة لدعوة فرنسا إلى الاعتراف بكل الجرائم التي ارتكبها في الجزائر، حيث دعا الأمين العام لمنظمة المجاهدين، السعيد عبادو، المسؤولين الفرنسيين إلى ضرورة التحلي بالشجاعة وتقديم الاعتذار للشعب الجزائري عن الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية طيلة 132 سنة من تواجدها في الجزائر، مشيرا في ذات السياق إلى أنه لا يمكن أن تقوم أي شراكة حقيقية بين الطرفين إلا بمراجعة فرنسا لمواقفها، والاعتراف بهذه الجرائم التي تعرض لها الجزائريون. الاحتفالات بالذكرى الخامسة والستين لمجازر 8 ماي 45، التي احتضنت مدينة سطيف تظاهراتها الرسمية هذه السنة، تميزت أيضا بإقامة عدة معارض للصور تبرز مظاهر الظلم والطغيان التي تعرض لها الشعب الجزائري خلال الحقبة الاستعمارية، بالإضافة غلى تنظيم عدة تظاهرات ثقافية ورياضية، وتكريم المجاهدين والمجاهدات، والتي تواصلت نهار أمس بتنظيم مسيرة الوفاء انطلاقا من مسجد أبي ذر الغفاري بحي المحطة، وصولا إلى ساحة الشهيد سعال بوزيد وسط المدينة، وهو نفس المسار التاريخي الذي سلكه المتظاهرون خلال حوادث 8 ماي 45 الأليمة منذ 65 سنة.