السفير الجديد لإستونيا يبرز فرص التعاون القائمة بين الجزائر وبلاده    رفع العلم الجزائري في مقر مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي    بشار: وضع أربعة قطارات لنقل المسافرين حيز الخدمة على خط بشار- العبادلة - بشار    كرة القدم/ الرابطة الاولى موبيليس (تسوية الرزنامة): تأجيل المباراتين المقبلتين لشباب قسنطينة    إن صالح: رخروخ يعطي إشارة انطلاق أشغال صيانة 25 كلم من الطريق الوطني رقم 1 ببلدية فقارة الزوى    برج بوعريريج: يوم تحسيسي حول السلامة و الصحة المهنية في بيئة العمل    شهر التراث: 15 مشاركا في الملتقى الوطني للخط المغاربي بورقلة    الجوية الجزائرية: إطلاق خطوط مباشرة جديدة إلى وجهات إفريقية وآسيوية خلال الشتاء المقبل    قوجيل يهنئ البطلة الأولمبية كيليا نمور لتألقها في كأس العالم للجمباز بالقاهرة    صناعة صيدلانية: وضع حجر الأساس لمشروع وحدة للعلاج بالخلايا قريبا    حج 2025: تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية ينوه بدور الجزائر في دعم العمل العربي المشترك    الجمباز الفني/كأس العالم: الجزائرية كايليا نمور تحرز فضية الحركات الارضية    البنك الوطني الجزائري يرفع رأسماله الاجتماعي ب100 بالمائة    منظمة حقوقية تدين جريمة هدم الاحتلال المغربي لمساكن المدنيين الصحراويين وتطالب بتحقيق دولي    اللقاء الجهوي الرابع للصحفيين والإعلاميين: ضرورة كسب رهان التحول الرقمي في مجال الإعلام    تكريم أفضل المنصات الرقمية في الجزائر    ورشة تشاورية حول إعداد مدونة المهن البيئية في الجزائر    يوم دراسي للتعريف بمعهد الأدلة الجنائية وعلم الإجرام    ترحيل 182 عائلة متضررة من انزلاق التربة بوهران إلى سكنات جديدة بمسرغين    الجزائر قطعت أشواطا هامّة    درك الوادي يحجز 72 ألف قرص مهلوس    ربيقة: على جيل اليوم التحلي بإرادة رجال نوفمبر    تطبيع الجريمة الإسرائيلية في غزة    مزيان يدعو الإعلام العربي إلى ترقية المضامين    ندوة علمية بالعاصمة حول مخطوط "كتاب القانون في الطب" لابن سينا    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    بوغالي: تاريخ الجزائر مصدر فخر    سونلغاز تؤكّد تقديم كل التسهيلات    محكمة العدل الدولية: انطلاق جلسات لمساءلة الكيان الصهيوني بشأن التزاماته تجاه المنظمات الأممية في فلسطين    وزارة الصحة: لقاء تنسيقي لتقييم أداء القطاع    "الأونروا" تعلن عن نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة    متحدث باسم حماس: لا بديل لغزة إلا المسجد الأقصى والتحرير الكامل لفلسطين    عن مسيرة الفنان محمد زينات : العرض الشرفي للوثائقي زينات.. الجزائر والسعادة    لضمان التموين المنتظم للسوق الوطنية.. تسليم وثائق التوطين البنكي لعدد من المستوردين    بداية العد التنازلي لامتحاني "البيام" و"لباك"    رئيس الجمهورية يعزّي عائلات ضحايا حادثة وهران    إلقاء محاضرة حول الأمير عبد القادر    بحث التعاون بين الجزائر والهند في الصناعة الصيدلانية    وفد من اليتيمات المتفوّقات بمقر المجلس الشعبي الوطني    ملف مفصل يُرفع إلى الجهات الوصية    الذكاء الاصطناعي والتراث موضوع أيام تكوينية    وصول باخرتين من الأضاحي المستوردة إلى ميناءي سكيكدة وجن جن    مولودية وهران تتنفس    رئيس تونس يُقدّر الجزائر    انطلاق أشغال الاجتماعات الدورية للمنسقين الإذاعيين والتلفزيونيين ومهندسي الاتصال العرب بالجزائر العاصمة    تطرقنا إلى السيناريوهات العملية لإنتاج النظائر المشعة محليا    ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة    لا حديث للاعبي "السياسي" إلا الفوز    دينو توبمولر يدافع عن شايبي    منتخب المصارعة بخطى التتويج في البطولة الإفريقية    انطلاق الحجز الإلكتروني لغرف فنادق مكة المكرمة    جاهزية تامة لتنظيم موسم حج 2025    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة بوقرة تفرض حربا عاجلة ضدّ المهلوسات
الجزائر تحولت من منطقة عبور إلى مستنقع لتسويق المخدرات
نشر في السلام اليوم يوم 12 - 10 - 2012

يشدد مراقبون على أنّ بشاعة الجريمة التي كانت منطقة بوقرة التابعة لولاية البليدة، مسرحا لها قبل 96 ساعة، وقيام 3 منحرفين يُرجح أنهم كانوا تحت تأثير السموم بقتل شيخ هرم والتنكيل بجثته، يفرض على السلطات شن حرب عاجلة على المهلوسات ومن يدور في فلكها. وتنظر دوائر مختصة ينظرون بارتياب إلى تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات بالتزامن مع الأرقام المخيفة المتداولة عن أعداد المتعاطين والمهرّبين ما يتطلب معالجة منهجية لجذور آفة تؤشر إلى تحول خطر.
واللافت أنّ المخدرات أضحت خلفية لمدّ إجرامي خطير في الجزائر، وتشير مراجع متخصصة إلى استفحال ظاهرة الإجرام بالمدينة الأولى في البلاد، التي يشتبه في اتخاذها ملاذا من طرف "مردة الليل"، وتبرز البيانات الأمنية اليومية محاذير إضافية مما يغلّف قنابل الجريمة والانحراف والتردي في العالم الليلي بالجزائر، الذي أضحى عنوانا موزّعا بين المخدرات والمشروبات الكحولية والأسلحة البيضاء.
وعبر بوقرة، الرويبة، زرالدة - غابة باينام الدويرة بئرتوتة - براقي الحراش، الرغاية، الدار البيضاء وغيرها، ثمّة المئات من الحالات المشابهة تورط فيها خلال الفترة القليلة الماضية المئات منهم القاصر، الراشد والخريفي العمر، تنّوعت أساب إيقافهم بين المشاجرات والاعتداءات بالأسلحة البيضاء، كان بعضهم في وضع مزر على غرار (ز-ط) 24 سنة الذي كانت عينه متورمة على نحو فظيع جرّاء دخوله في شجار عنيف.
وحول مستويات انتشار الجريمة، أكد العميد أول طيبي مصطفى أنّ الجهة الشرقية من العاصمة أكثر تسجيلا للجريمة، فيما أشار مسؤولو الدرك الوطني أنّ هذه العمليات سوف تستمر في المستقبل بغرض المكافحة الدائمة للجريمة، وذلك بتحديد عدد من الأحياء والضواحي في كل مرة.
وبشأن خارطة الجريمة والانحراف في الجزائر، اكتشفنا في معاينات ميدانية، أنّ هناك إمعان مريب وخطير في فلسفة الانحراف وطريق الإدمان على المخدرات، ولو طرحنا سؤالا واحدا بالخصوص على عدد من المتعاطين فإننا سنحظى بإجابة واحدة رغم اختلاف الظروف التي دفعتهم إلى ذلك وهي إرادة النسيان كما يعتقدون، والبحث عن مسكنات للفقر والفشل في الدراسة أو العمل وغير ذلك مما يرونه دافعا وجيها للاتجاه نحو المخدرات في محاولة يائسة للتغيير أو توهم ذلك، فقد تثبت أن المتعاطي يشعر بنشوة زائفة وسعادة لا يستشعرها في حالاته العادية، لذا ينهمك شباب في كل ما هو رامز للضياع.
وشهد العام الأخير معالجة أزيد من ستة آلاف مدمن على المخدرات والمؤثرات العقلية في الجزائر، بهذا الصدد، يؤكد عبد المالك سايح المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، أنّ الإحصائيات تؤكد على أن عدد المدمنين بالجزائر في تزايد مستمر من سنة إلى أخرى (بنحو 230 بالمائة خلال عامين!)، وغالبيتهم من الشباب.
واستنادا إلى المسؤول ذاته، فإنّ هذا الارتفاع المحسوس في أعداد المدمنين يتجلى من خلال الارتفاع في عدد المستهلكين والمحكوم عليهم قضائيا، فضلا عن تضاعف كمية المحجوزات من المخدرات التي بلغت ما يقارب 75 طنا خلال العام الفارط، بجانب اتساع رقعة رواجها. ويشير الخبير صالح عبد النوري إلى أنّ المؤشرات تبين أن هناك تطورا خطيرا يجعل من الجزائر بلد مستهلك للمخدرات، مشيرا إلى أنّ القنب الهندي هو الأكثر استهلاكا في الجزائر تليه المؤثرات العقلية، بعدما تحوّل البلد إلى محطة عبور مفضلة للمهرّبين.
ويكشف خبراء إنّ بارونات السموم البيضاء يستعينون فيما يعرف ب"المخدرات التخليقية" بمواد كيمياوية وصيدلانية، لذا شددوا على حتمية احتياط السلطات الجزائرية للخطر الذي تمثله المخدرات المصنعة التي انتشرت في البلدان المتطورة، وأجمع هؤلاء على أنّ المخدرات المصنعة التي غزت العديد من البلدان باتت تهدد بغزو الجزائر، وعلى هذا ينبغي إتباع سياسة رقابية مشددة نظرا لاستمرار التنقل الحر للسلع والأشخاص.
وتوصلت تحريات أجرتها الأجهزة الأمنية إلى أنّ المخدرات المصنعة يتم إنتاجها انطلاقا من مواد كيماوية منتجة بصفة قانونية، وأوضحت فلورانس موبيلو وومسلي مسؤولة برنامج مجمع بومبيدو للتعاون في مجال مكافحة المخدرات والمتاجرة بها، أنّ الأمر يتعلق بمخدرات مصنعة بشكل اصطناعي تختلف عن المخدرات النباتية، القنب الهندي والأفيون والكوكايين.
وأشارت الخبيرة ذاتها إلى أنّ هذه المخدرات المصنعة عبارة عن انفيتامين واكستازيا و(أم دي أم أ)، كما أشارت إلى أنّ هذه المخدرات تستهلك في أوروبا من قبل الشباب خلال الحفلات والسهرات، مضيفة أنّ هؤلاء الشباب يلجئون إلى هذه المخدرات للسهر طوال الليل وتحصيل طاقات وهمية بشكل أكبر.
الأرقام الفزّاعة
قال العقيد جمال زغيدي رئيس قسم الشرطة القضائية، عن تمكنّ دوائر الرقابة خلال الفترة الممتدة من شهر مارس إلى شهر أوت للعام الحالي من حجز أكثر من 10 أطنان من مخدر القنب الهندي، إضافة إلى 90 ألف قرص من الحبوب المهلوسة. وأفيد أن مصالح الأمن الوطني استطاعت خلال الفترة نفسها إحباط العديد من عمليات التهريب حيث تم تسجيل 1116 قضية مرتبطة بالمخدرات على مستوى التراب الوطني وكذا ضبط 1760 متورط تم تقديمهم إلى الجهات القضائية المختصة، علما أنّه تمّ حجز 30 طنا من المخدرات العام الماضي، في معطى يؤشر على ارتفاع معتبر، ما يعني أنّ الجزائر التي كانت بلد عبور للمخدرات، أصبح المهربون يتخذون منها مكانا لتسويق المخدرات، سيما مع حجز حوالي 5 أطنان من الكيف المعالج منذ افتتاح العام الحالي.
وباتت المتاجرة بالمخدرات تمثل معضلة حقيقية في الجزائر، رغم نجاح الأجهزة المختصة في إيقاف 2399 شخص تورطوا في ممارسات الترويج والتهريب، ويدعو مختصون إلى تشديد الرقابة، طالما أنّ ارتفاع كمية المحجوزات من المواد المهلوسة يدفع إلى التحرك سريعًا خصوصا بالجنوب الجزائري الذي يشهد نشاطا مكثفا لمجموعات التهريب على مستوى الحدود.
وحرّكت الجزائر في السنتين الأخيرتين، مذكرات إيقاف ضدّ نحو 310 من مهربي المخدرات، لا يزالون في حالة فرار، ويشتبه في تواجدهم حاليًا بفرنسا والمغرب، علمًا أنّه تم إصدار أوامر بتوقيفهم بناء على معلومات أفاد بها مهربون موقوفون، عادة ما ينشطون تحت أسماء مستعارة وهويات مزيفة في ممارسة أنشطة مشبوهة لا تكتفي بتهريب المخدرات فحسب بل تمتد إلى إنشاء شبكات مختصة بتزوير الوثائق والسيارات، مع الإشارة إلى نجاح السلطات الجزائرية خلال السنوات الماضية في إيقاف المئات ممن يوصفون بكونهم "بارونات تهريب المخدرات" تسببوا على طريقتهم في إغراق الجزائر بكم هائل من السموم والمهلوسات.
وجاء في بيانات نشرتها إدارة الشرطة القضائية، أنّ 82 قضية تمت في الوسط التربوي تم على إثرها إيقاف 82 شخصًا متورطًا، فيما عولجت 29 قضية في مؤسسات عقابية جرى خلالها توقيف 45 متورطًا، ومثّل البطالون من سن 25 إلى 45 سنة نسبة 56.32 % من الموقوفين، بينما شكّل الشباب من 18 إلى 25 سنة نسبة 34.55% من اللائحة العامة، ويوجد من ضمن الموقوفين نساء وقاصرون، ناهيك عن رعايا دول عربية، بينهم تونسيون ومغاربة وفلسطينيون وكذا آخرون من مالي والنيجر ونيجيريا إضافة إلى فرنسا.
ويقول الديوان الجزائري لمكافحة المخدرات أنّ استهلاك المخدرات امتدّ بين أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 12 سنة، علمًا أنّ السلطات اكتشفت عشرات المزارع من المخدرات خلال الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى نشوب قلق كبير وسط الرأي العام المحلي، خشية انتشار حقول الأفيون والحشيش وشتائل القنب الهندي هنا وهناك.
1200 شجيرة لإنتاج الأفيون في الجنوب
من جهتها، ذكرت القيادة العامة للدرك في كشوفات حديثة، إنّ دوائر الرقابة حجزت أكثر من 1200 شجيرة لإنتاج مادة الأفيون وُجدت متوزعة على أربعة حقول جنوب البلاد بالمنطقة المسماة قصر آغنت التابعة لمدينة تيميمون ما يرفع عدد الحقول المُكتشفة إلى 43 حقلا. وأفادت تقارير تلقت "السلام" نسخة منها، إنّه جرى إيقاف ثلاثة أشخاص وحجز مائتي غرام من بذور شجيرة الأفيون خلال نفس العملية، كما استرجعت مصالح الدرك بولاية عين تموشنت الغربية 66 كلغ من الكيف المعالج لفضتها مياه البحر خلال اليومين الأخيرين، إضافة إلى 30 كلغ على مستوى شاطئ الورود ببلدية سيدي بن عدة و30 أخرى بشاطئ العين ببلدية أولاد الكيحال، وستة كيلوغرامات بشاطئ السبيعات المجاور.
واكتشفت السلطات خلال الأشهر الأخيرة، عشرات مزارع المخدرات ما أدى إلى نشوب قلق كبير وسط الرأي العام المحلي، خشية من انتشار حقول الأفيون والحشيش وشتائل القنب الهندي هناك، وبلغ إجمالي ما احتوته مزارع المخدرات المكتشفة مؤخرا في الجزائر، شمل قرابة 77 ألف شجيرة أفيون، 8530 شجيرة حشيش، و15 كيلوغراما من البذور، علما أنّه جرى اكتشاف 39 حقلا كان ينشط فيها 38 متورطا، وإذا ما قورنت هذه الأرقام مقارنة بما شهدته الفترة نفسها من العام المنقضي، نلحظ تطورا لافتا، بزيادات وصلت إلى حدود ثلاثة آلاف شجيرة أفيون، وأكثر من ذلك في الشق المتعلق بمساحات الحشيش، وهو ما يقود إلى الجزم بأنّ هذه الظاهرة "تبعث فعلا على القلق"، خصوصا مع ما تكشفه معلومات متوافرة، أنّ كل ولايات الجنوب الجزائري فيها حقول للأفيون، نظرا لما تتميز به من صعوبة المسالك والتضاريس ووجود تلك المنطقة في منأى عن المراقبة.
كما يقول عارفون طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إنّ الظاهرة الجديدة أخذت أبعادا كبيرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وكان منعرجها الأشدّ وطأة خلال شهر مارس المنقضي، حينما تم اكتشاف أربع مزارع جديدة للأفيون تتربع على مساحة ثلاثة هكتارات في منطقة تيميمون التابعة لولاية أدرار، واحتكاما لبيانات الدرك، فقد تم إيقاف 8 أشخاص وحجز 15 شجيرة أفيون، ناهيك عن حجز 4.32 طن من الحشيش في ولاية بشار المجاورة، ويشتبه في اتجاه عشرات المزارعين إلى الخوض في زراعتي الأفيون والحشيش بداعي المكاسب المالية الضخمة، ويفسر المعطى المذكور تراجع محاصيل الزراعات الأخرى في جنوب الجزائر، والندرة التي صارت تعانيها مادة أساسية كالقمح هناك.وعادة ما تتم زراعة الأفيون والحشيش على مستوى بلدات وقرى موصوفة بكونها صعبة المنال لما تنطوي عليه من خصوصيات العزلة ووعورة المسالك المؤدية إليها، ويلجأ عرّابو مزارع المخدرات إلى التظاهر باستئجار آلات الحفر، لإنشاء بساتين، بيد أنّهم سرعان ما ينفذون خططهم في أماكن مجهولة وغير مأهولة في الغالب، حيث يقومون بغرس مساحات غير محدودة وسط الكثبان، لكن الدوريات المكثفة والفجائية التي صارت الشرطة الجزائرية تواظب عليها، جعل من نشاط مزارع المخدرات يتضاءل نسبيا، بعد الضربات القاسية التي تلقاها مزارعو الأفيون.
وحرّكت الجزائر في السنتين الأخيرتين، مذكرات إيقاف ضدّ نحو 310 من مهربي المخدرات، لا يزالون في حالة فرار، ويشتبه في تواجدهم حاليًا بفرنسا والمغرب، علمًا أنّه تم إصدار أوامر بتوقيفهم بناء على معلومات أفاد بها مهربون موقوفون، عادة ما ينشطون تحت أسماء مستعارة وهويات مزيفة في ممارسة أنشطة مشبوهة لا تكتفي بتهريب المخدرات فحسب بل تمتد إلى إنشاء شبكات مختصة بتزوير الوثائق والسيارات، مع الإشارة إلى نجاح السلطات الجزائرية خلال السنوات الماضية في إيقاف المئات ممن يوصفون بكونهم "بارونات تهريب المخدرات" تسببوا على طريقتهم في إغراق الجزائر بكم هائل من السموم والمهلوسات.
60 بالمائة من المتورطين بالمخدرات يقل سنهم عن 35 سنة!
جاء في دراسة ميدانية للشرطة القضائية، أنّ 82 قضية مخدرات تورّط فيها أحداث في السن، حيث مثّل الشباب من 18 إلى 25 سنة نسبة 34.55% من اللائحة العامة، إضافة إلى عاطلين عن العمل تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 45 سنة بنسبة 56.32 % من الموقوفين، ويوجد أيضا بين المتورطين نساء وقصّر، حيث يقول الديوان الوطني لمكافحة المخدرات أنّ استهلاك المخدرات امتدّ بين أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 12 سنة، ورعايا دول عربية، بينهم تونسيون ومغاربة وفلسطينيون وكذا آخرون من مالي والنيجر ونيجيريا إضافة إلى فرنسا.
وأكد عيسى قاسيمي مدير التعاون الدولي بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، أنّ نحو 59.83 بالمائة من الأشخاص المتورطين في قضايا المخدرات بالجزائر يقل سنهم عن 35 سنة، وأشار قاسيمي في تصريحات خصّ بها "السلام" إلى كون المراهقين يتواجدون في الصدارة، مضيفا أنّ 25 ألف مدمن دخلوا مراكز العلاج في العشرية الأخيرة".
وذكرت بيانات نشرتها إدارة الشرطة القضائية مؤخرا، أنّ الأشخاص بين سن 25 إلى 45 سنة يمثلون نسبة 56.32 % من الموقوفين، بينما يشكّل الشباب من 18 إلى 25 سنة نسبة 34.55% من القائمة السوداء، ما يدفع إلى تعميق الوقاية من المخدرات وسائر المؤثرات العقلية. وينضاف هذا الكشف إلى ما كشفه المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات من امتداد استهلاك هذه السموم بين أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 12 سنة (!!)، فيما أظهرت دراسة ميدانية حديثة تلقت "الوطني" نسخة منها، إنّ 40 بالمائة من المراهقين في الجزائر يدخنون، ويجمع خبراء على أنّ فئة القصر في الجزائر أصبحوا يتعاطون التبغ بقدر أكبر من "الحرية" غير آبهين بالمحظورات والمحاذير والعواقب، وتبرز خطورة التدخين أكثر بين عموم المراهقين، فالسجائر رائجة بشكل غريب بين المتمدرسين وفي فئات عمرية حرجة (بين 11 إلى 16 سنة) وسط (استقالة أبوية) و(لا مبالاة أسرية).
وكشفت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين الاجتماعيين، ومست عددا من الولايات الكبرى كعينة أنّ 40 بالمئة من الفتيان التي تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة سبق لهم التدخين مرة واحدة على الأقل، كما بيّن مسح للمؤسسة الجزائرية للبحث الطبي، أنّ بين 1370 تلميذ في مختلف المستويات التعليمية، هناك 8 بالمئة تقلّ أعمارهم عن 12 سنة، يدخنون، بينما يعترف 77 بالمئة من هؤلاء أنّهم تحصلوا من أموال من أوليائهم واشتروا بها سجائر، بينما فضل البقية (تدبر أمورهم) في "تأمين" حاجتهم من السجائر، علما أنّ 15 بالمئة من الفئة المستهدفة يجهلون العلاقة بين الإدمان على التدخين وتعاطي المخدرات، وهو ما يجعلهم أسرى للأخيرة من حيث لا يشعرون.
وأفيد استنادا إلى تحقيق ميداني، أنّ نسبة 70 بالمئة من الشباب ما بين 13 و18 سنة يدخنون لكنّهم غير مدمنين، وأظهرت متابعات أنّ تناول السيجارة الأولى لدى كثيرين بدأ منذ سن الثانية عشر وشهد تناميا إلى غاية بلوغهم الثامنة عشر، وعلى هذا يدعو خبراء إلى حتمية تبني السلطات المختصة استراتيجية شاملة بأبعاد ديناميكية لوقاية الأطفال والمراهقين وكذا الشباب الغض من شبح التدخين وتوابعه، خصوصا وأنّ الأخير يقتل 1500 شخص كل عام.
ضرورة استحداث مجمعات طبية لمتابعة المدمنين
في بلد بات يحصي آلاف المدمنين على المخدرات، يفرض هذا الوضع على الجزائر فتح مجمعات طبية تتكفل بعلاج هؤلاء المدمنين الذين تقتضي حالاتهم تكفلا متواصلا وفعالا. ويؤكد البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث، أنه وعلى غرار بعض التجارب الحاصلة في عدد من دول العالم، ينبغي أن تكون هذه المجمعات مدعمة بأخصائيين نفسانيين، كما يقترح د. خياطي في تصريح ل"السلام"، تكوين مربين على مستوى الأحياء يتشكلون من كوادر في قطاعات الشؤون الدينية والتربية والشباب والرياضة والتكوين المهني فضلا عن أعضاء من الحركة الجمعوية الفاعلة، ويتم تدعيمهم أيضا بخدمات أشخاص سبق لهم وأن عايشوا تجربة الإدمان على المخدرات لضمان نتائج أحسن في ميدان مكافحة هذه الآفة الخطيرة.
ويدافع خياطي عن صيغة المجمعات الطبية، بحكم انتصارها لأساليب مغايرة في التعاطي مع الظاهرة الحساسة، على غرار اقتراحها مقاربة جديدة في علاج المدمنين وإعانتهم على تجاوز انتكاساتهم كبديل للمتابعة الكلاسيكية، وتكفل الخطوة بحسب محدثنا - توفير العناية القصوى للمدمنين حتى لا ينتكسوا وذلك من خلال إمدادهم بالعلاج الصحي والاجتماعي وإحاطتهم بالرقابة المستمرة.
وبرأي الدكتور خياطي، فإنّ التفكير في هذه المسألة جاء بعدما أثبتت الطرق التقليدية عدم نجاعتها ومحدوديتها في تحقيق الأهداف المرجوة، حيث لوحظ أنّ 70 في المائة من المدمنين الذين يغادرون المصالح الإستشفائية يعودون مرة أخرى وفي ظرف وجيز إلى عادة الإدمان.
يٌشار إلى أنّ الوزارة الأولى رصدت أموالا طائلة خلال الفترة السابقة، وقامت بتشييد 15 مركزا استشفائيا متخصصا في نزع السموم لدى المدمنين و53 مركزا وسيطا للتكفل بالمدمنين، مع إحداث أجنحة خاصة بالمؤسسات العقابية تهتم بمعالجة المدمنين، فضلا عن 185 خلية إصغاء وتوجيه موزعة عبر محافظات البلاد الثماني والأربعين.
وقام الديوان الوطني لمكافحة المخدرات، في إطار برنامج الشبكة الأورو-متوسطية بتأطير 154 طبيبا وأخصائيا نفسانيا قصد تعيينهم في المراكز المذكورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.