سؤال وجواب في فقة الدين والحياة إعداد الشيخ : يوسف قويدر جلول ما حكم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها ؟ منع الفقهاء أن يبيع الرجل الثمار قبل النضج وبدوّ صلاحها أي قبل أي يظهر صلاحها للاستهلاك، ولقد فسّر الفقهاء بدوّ الصّلاح بمعان شتّى: فالحنفيّة قالوا في تفسيره: أن تؤمن العاهة والفساد، وإن كان بعضهم فسّره بأن تصلح الثّمرة لتناول بني آدم، وعلف الدّوابّ. والمالكيّة فسّروه تفسيراً مختلفاً نسبيّاً: فهو في التّمر: أن يحمرّ ويصفرّ ويزهو، وفي العنب: أن يسودّ وتبدو الحلاوة فيه، وفي غيرهما من الثّمار: حصول الحلاوة، وفي سائر البقول: أن تطيب للأكل، وفي الزّرع والحبّ: أن ييبس ويشتدّ. أجمع الفقهاء على عدم صحّة بيع الثّمار قبل الظهور لكونها معدومة وبيع المعدوم لا يجوز، ثانيا: بيع الثّمار بعد ظهورها وقبل بدوّ الصّلاح وله ثلاثة أحوال: 1 . أن يكون البيع بشرط التّبقية، وهذا لا يصحّ بالإجماع لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ نَهى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، نَهى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ أخرجه البخاري والنّهي يقتضي فساد المنهيّ عنه فلا يصح البيع. 2 . أن يكون البيع بشرط القطع في الحال فيصحّ البيع بالإجماع حيث لا ضرر ولا غرر لأنّ المنع كان خوف التلف وحدوث العاهة فعن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَعَنْ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ قِيلَ وَمَا يَزْهُو قَالَ يَحْمَارُّ أَوْ يَصْفَارُّ رواه البخاري. وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ التَّمْرِ حَتَّى يَزْهُوَ فَقُلْنَا لِأَنَسٍ مَا زَهْوُهَا قَالَ تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ رواه البخاري. وجه الدلالة النهي الصريح عن البيع قبل بدو صلاحه للضرر الموجود فيه وخوف الجائحة وهذا مأمون فيما يقطع. 3 . أن يكون البيع مطلقا - لم يذكر القطع ولا غيره وقد اختلف الفقهاء في هذه الحالة على قولين: القول الأول: ذهب الجمهور من المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة (إلى بطلان البيع للنّهي عن بيع الثّمرة قبل بدوّ صلاحها). والقول الثاني: ذهب الحنفيّة إلى أنه: إن كان الثّمر بحال لا ينتفع به في الأكل، ولا في علف الدّوابّ، فالصّحيح أنّه لا يجوز بيعه. وإن كان الثمر ينتفع به، فالبيع جائز، واستثنى الفقهاء من عدم جواز بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه ما إذا بيع الثّمر مع الشّجر، لعدم الغرر الفاحش فيه. بيع الثّمار بعد بدوّ الصّلاح: اتّفق الفقهاء على جواز بيع الثّمار بعد بدوّ صلاحها بشرط القطع أو الإبقاء، لحديث أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَعَنْ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ قِيلَ وَمَا يَزْهُو قَالَ يَحْمَارُّ أَوْ يَصْفَارُّ رواه البخاري . فيجوز بعد بدوّ صلاحه لأنه مأمون العاهة بعد بدوّ الصّلاح غالبا وأما قبله فيكون معرضا للتلف فيفوت بتلفه الثّمن. بيع الثّمار متلاحقة الظّهور: اختلف الفقهاء في جواز بيع الثّمار متلاحقة الظّهور على قولين: القول الأول: ذهب الحنفيّة في ظاهر الرّواية والشّافعيّة والحنابلة إلى عدم جواز هذا البيع لأنّ ما لم يظهر منها معدوم وقد نهي عنه فعن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلاَ شَرْطَانِ فِى بَيْعٍ وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ). رواه أبو داود بسند حسن صحيح ولعدم القدرة على تسليمه، ثمّ هي ثمرة لم تخلق فلم يجز بيعها كما لو باعها قبل ظهور شيء منها. واستثنى الشّافعيّة ما لو حصل الاختلاط قبل التّخلية فيما يغلب فيه التّلاحق والاختلاط، أو فيما يندر فيه، فإنّه حينئذ لا ينفسخ البيع لبقاء عين المبيع ; ولإمكان تسليمه، ويخيّر المشتري بين الفسخ والإجازة; لأنّ الاختلاط عيب حدث قبل التّسليم. القول الثاني: ذهب متأخّروا الحنفيّة والمالكيّة إلى جواز ذلك البيع; لأنّ ذلك يشقّ تمييزه فجعل ما لم يظهر تبعا لما ظهر، كما أنّ ما لم يبد صلاحه تبع لما بدا. ولأن النّبيّ صلى الله عليه وسلم رخّص في السّلم للضّرورة مع أنّه بيع معدوم فيلحق بالسّلم بطريق الدّلالة، استحسانا، والقياس عدمه، والله ورسوله أعلم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. * إمام أستاذ من ولاية عين الدفلى للتواصل معنا عبر الإيمايل : هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته أو صفحة الفايسبوك: https://www.facebook.com/abouassem.kouiderdjelloul