عددهم يناهز 45 ألفا أطفال التوحد يعانون في الجزائر عميرة أيسر مرض التوحد أو الاجترار أو الذاتية كلها مصطلحات طبية تعني في العادة تشخيص حالات الإصابة بإعاقة من إعاقات النمو الشاملة والتوحد هو نوع من الإعاقات التطورية سببها الرئيسي يكون في العادة ناتج عن حدوث خلل وظيفي في عمل الجهاز العصبي المركزي أو المخ وهو ما قد يؤدي إلى حدوث توقف أو قصور حاد في عملية النمو الإدراكي أو الحسي وبالتالي حدوث خلل في القدرة على التواصل والتخاطب والتعلم والتفاعل الاجتماعي ويصاحب هذه المتغيرات والأعراض إصابة الطفل بحالة من الانطواء النفسي ومحاولة هروب من عالمه وعدم تقبله كما هو بحيث يظهر للعيان كشخص منغلق ولا يحس بما يدور من حوله وما يحيط به من أفراد أو ظواهر ويصاحب تلك الحالة اندماج نمطي لحركات معينة يواظب على تكرارها.. وفي الكثير من الأحيان يفجِّر المصاب بالتوحد ما يحس به من مشاعر ورفض مجتمعي لواقعه على شكل ثورات غضب عارمة وعلمياً فإن تصنيف بدايات مرض التوحد تعود إلى سنة 1943عندما كان العالم ليو كارنر يفحص مجموعة من الأطفال الذين أصيبوا بمرض التخلف العقلي وقد كان سلوكهم يتميز بالانغلاق الكامل على الذات والانعزال عن كل ما يحيط بهم وقد أطلق عليه كانر مصطلح التوحد الطفولي المبكر. في غياب إحصائيات دقيقة موثقة عن مرض التوحد الذي يصيب الأطفال بشكل خاص في الجزائر فإن هناك دراسات طبية مستقلة تؤكد بأن عددهم يناهز 45 ألف طفل مصاب بهذا المرض وهناك الكثير من الأسباب والعوامل حسب رأي المختصين التي قد تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض ومنها مثلاً العامل الجيني إذ تشير الدراسات والأبحاث الطبية إلى أن هناك احتمال إصابة أشقاء الطفل المريض بالتوحد بمقدار يتراوح ما بين 49 - 199 مرة مقارنة بالأطفال العاديين وكذلك فقد أظهرت نتائج التحاليل الإسهامية أو الترابطية حسب المفاهيم الطبية لعلم النفس الأرطوفوني إلى أن مناطق معينة من الكروموسومات 7 و2 و4 و15 و19 من المرجح علمياً بأنها تساهم في بناء الجين الأساسي المسؤول عن مرض التوحد وكذلك فإن احتمالات الإصابة به تزيد لدى التوائم المتشابهين (وحيدي اللاحقة) بالمقارنة مع التوائم الغير متشابهين (ازدواجي اللاحقة) فالأطفال المصابين بمرض التوحد يعانون في العادة من متلازمة الكروموسوم الهش و2 بالمائة منهم يكونون عرضة للإصابة بمرض التوحد الحدبي وأمراض الفينيل كيتون في حال تمَّ إهمال علاج هذا المرض سريعاً وتلعب العوامل والبيئة البيولوجية دوراً مؤثراً في إصابة الطفل بمرض التوحد فالنسبة الأكبر منهم قد عانوا أو يعانون من أعراض مرض التخلف العقلي. ما بين 4 إلى 32 بالمائة عانوا من أنواع معينة من الصرع فالإحصائيات العلمية تؤكد بأنَّ هناك ما بين 4 إلى 32 بالمائة من مرضى التوحد قد عانوا من أنواع معينة من الصرع ومنها ما يعرف بالصرع التوتري- الإرتجاجي أو ما يعرف علمياً أيضاً بالصرع الكبيرl فعملية التخطيط الكهربائي لدماغ تشير إلى تسجيل نسب غير طبيعية لسريان التيار الكهربائي في دماغ الطفل المصاب بالتوحد وذلك في حدود 11 إلى 83 بالمائة وكذلك فإن ثلثي الأطفال المرضى بالتوحد يعني حوالي 69 بالمائة منهم يعانون أيضاً من مرض التَّخلف العقلي وهناك العديد من الأبحاث والدراسات تشير إلى تدخل عوامل مهمة أخرى في إصابة الأطفال بمرض التوحد ومنها ما يصطلح على تسميته بعدم التوافق المناعي إذ أن حدوث خلل في تركيب الجهاز المناعي قد يؤدي إلى الإصابة بهذا المرض فكريات الدم البيضاء من النوع اللمفاوي والتي قد تختلط مع الأجسام التي تهاجم جسم الأم في فترة الحمل تؤدي إلى تلف أو تخريب النسيج العصبي للجنين فاحتمالية إصابة الجنين بالتوحد وهو في بطن أمه وفي مراحل وأطوار التكوين الخلقي البيولوجي الأولى واردة جداً وخاصة لدى الأمهات اللواتي أصبن بحالات نزيف الدموي في الأشهر الثلاثة الأولى من فترة الحمل بالإضافة إلى أن وجود عقي (غائط الجنين) قد يؤدي إلى رفع نسبة الإصابة بهذا المرض فهذا المرض الذي يؤثر على الدماغ يكون سبباً مباشراً في حدوث ارتفاع في نسب الناقل العصبي السيروتونين في دم الأطفال المصابين بالتوحد وإلى معاناتهم الدائمة في أغلب الأوقات من مرض طيف التوحد وحتى لو كانوا ينتمون إلى فئة الأطفال الذين لا يعانون في الأغلب من عوارض مرض التخلف العقلي الملازم لمرض التوحد في حالات كثيرة وتشير الدراسة الطبية كذلك إلى أن الأطفال المصابين بمرض التوحد يعانون من تضخم المادتين الرمادية والبيضاء في المخ وهم في سنِّ العامين ولا يؤثر ذلك بالطبع على عمل المخيخ أو سلامته العضوية. وكذلك فإن الأطفال المصابين بالتوحد يلاحظ عليهم وهم في سن 12 شهراً كبر حجم رؤوسهم بالمقارنة مع من هم في سنهم من أقرانهم ويعود ذلك إلى تضخم كل من الفص الدماغي والقذالي والجاري غير أن الفص الجبهي.يبقى على حاله. الشفاء منه مرتبط بجملة من الإجراءات الطبية والمجتمعية اللازمة ومرض التوحد عند الأطفال يمكن الشفاء منه إذا اتخذ الأهل جملة من الإجراءات الطبية والمجتمعية اللازمة في مراحل المرض المبكرة وذلك لكي يصبح هؤلاء الأطفال أشخاصاً طبيعيين يسعون إلى الاندماج في بيئتهم ومحيطهم المدرسي والعائلي مما سيسمح لهم مستقبلاً بتطوير علاقات مجتمعية هادفة مع أقرانهم والتمتع بثقة أكبر في النفس عندما يكبرون وتختلف وسائل علاج مرضى التوحد والتي تتم في العادة عبر ثلاث مستويات ( المستوى السلوكي والتثقيفي والنفسي) وهي الطريقة الأكثر فعالية فالطفل المصاب بالتوحد عليه أن يخضع لمتابعة طبية ونفسية مكثفة ومنتظمة بالإضافة إلى العمل على دمجه في محيطه ورفع مستوى إدراكه التثقيفي وذلك عن طريق إرساله لتعليم في مدارس خاصة متفرغة لتعليم الخاص والطبيب السلوكي المعالج عليه أن يعمل سوية مع الأهل من أجل تقريب أساليب التعليم المركز التي يتلقاها الطفل المصاب بالتوحد مع الأساليب الأسرية التي يجب أن تكون مدروسة وتخضع لمراقبة المستمرة من طرف الطبيب المختص بعلاج الطفل من التوحد. وهذا ما سيسرع من عملية اكتساب الطفل لمهارات اللغوية والإدراكية والاجتماعية وهناك أدوية معينة ترافق الطفل في حالات معينة من مرض التوحد كأدوية أريبيبرازول ودواء الريسبيريدون فعلاج هذا المرض مسؤولية الجميع وبدون استثناء وبالرغم من أن وزارة التضامن الوطني والأسرة قد قامت ببناء مراكز متخصصة في عدة ولايات من الوطن للتكفل بهم على الوجه الأمثل ولكن كل تلك الجهود تبقى غير كافية لأن الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد لا يحتاجون إلى مراكز وأبنية تحتضنهم وإنما إلى الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة على أعلى مستوى لتعامل معهم وفق أساليب التربية الحديثة وهو ما نفتقر إليه هذه المراكز حالياً للأسف الشديد في معظم الأحيان.