بقلم: ماهر ابو طير اقتحم اسرائيليون المسجد الأقصى يوم أمس الثالث من رمضان والاقتحامات باتت يومية بحماية الشرطة الاسرائيلية في سياقات تطويع المقدسيين والفلسطينيين على اعتبار ان الاقتحامات باتت امرا عاديا لابد من قبوله بعد ان تحول الى طقس يومي. الاقتحامات التي تقوم بها جماعات اسرائيلية سوف تتزايد وهذا ما يمكن فهمه من السلوك الاسرائيلي المتواصل وهي اقتحامات لموقع ديني إسلامي يدعي اليهود أن موقع هيكل سليمان كان في الموقع ذاته دون أن يثبتوا أساسا إن هناك أي اثر للهيكل ودون ان يقدموا دليلا تاريخيا واحدا يعترف به المؤرخون على موقع الهيكل ان كان موجودا في الأساس بل ان الغرابة أن يقرر اليهود إن موقع الهيكل المزعوم هو في ذات موقع المسجد الأقصى وليس في مواقع أخرى. بعيدا عن جدلية الدين والتاريخ والإثباتات ونفي هذه الإثباتات فأن الأهم ما تعنيه هذه الاقتحامات من ناحية سياسية وهي موجات بدأت منذ سنين طويلة وباتت تتزايد يوميا خصوصا بعد اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لاسرائيل وبعد افتتاح السفارة وإذا كان الأمر يمس وجود الفلسطينيين ومقدساتهم وكون القدس في الأساس عاصمة لفلسطين فهو أيضا سيقود إلى ماهو اكبر أي نزع الصفة الدينية عن المقدس الإسلامي تمهيدا لتهويد المدينة كليا في سياقات مفهوم اسرائيل دولة يهودية وبحيث يتم محو كل رمز ديني إسلامي ولربما مسيحي في وقت لاحق في المدينة. معنى الكلام ان الاقتحامات ليست مجرد حالة دينية تدفع مجموعات اسرائيلية لاقتحام الأقصى استدعاء لذكريات الهيكل المزعوم بل هي عمل سياسي منظم يراد منه محو هوية المكان والمنافسة على الهوية التاريخية التقليدية الموجودة تمهيدا لشطب هذه الهوية عبر اضعافها تدريجيا وهو امر شهدناه في حرم إبراهيم الخليل في مدينة الخليل حين يتعامل اليهود مع الحرم ومسجده باعتباره موقعا دينيا يهوديا يصلون فيه ويمارسون طقوسهم في دلالة سياسية أيضا تتعلق بهوية كل مدينة الخليل المستهدفة أيضا اسرائيليا ولايمكن ان تكون جزءا من حل الدولة الفلسطينية مثلما هي القدس وكل مناطق الضفة الغربية التي تعد يهودا والسامرة وفقا للمفهوم الاسرائيلي. اسوأ ما في ردود التعامل مع الاقتحامات إن العالم العربي يتعامل معها باعتبارها مجرد حدث سيء يبدأ وينتهي خلال ساعات ثم نسترد السكينة حول أن المسجد الأقصى لم يتعرض لإضرار خلال هذه الاقتحامات لكن الأخطر يرتبط بعملية إخضاع المقدسيين والعرب لمبدأ الشراكة الاسرائيلية في الحرم القدسي آو مبدأ التقاسم الزمني تمهيدا لتقاسم جغرافي آو محو كل هوية المكان وهكذا فأن هناك دورا وظيفيا لهذه الاقتحامات له دلالات سياسية وليس مجرد طقوس صلاة. يقال هذا الكلام لكل اولئك الغافين المتفرجين الذين يعتبرون هذه الاقتحامات مجرد تجاوز اسرائيلي عابر لا يستحق أي رد فعل آو ضجة فيما هو تطويع خطيرا جدا على كل المستويات ويهدد هوية المدينة بما يعنيه الأمر بما يفرض في المحصلة رد فعل مختلف داخل فلسطين وخارجها.