خواطر قرآنية الطغيان من أعظم أسباب هلاك الإنسان إن أسباب الطغيان متعددة فمن الناس من يطغيهم ملكهم وشَرُّ سَلِف لهم فرعون الذي ظن لنفسه فضلاً على كليم الله موسى -عليه السلام- بحجة فارغة حيث قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزخرف:51] ثم جاوز الحد في الطغيان حتى قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:24] ومنهم من تطغيهم قوتهم وهؤلاء سلفهم عاد قوم هود حيث قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت:15] ومن الناس من تطغيهم أموالهم وسلفهم قارون الذي قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْم عِنْدِي} [القصص:78] ثم لم يلبث أن اختال بما أوتيه من مال {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} [القصص:79]. والجزاء من جنس العمل فلما كان الطغيان علواً في الأرض بغير الحق كانت عاقبته الذلة والهوان أما فرعون الذي غره ملكه وادعى أنه الرب الأعلى فقد سلبه الله ملكه وغيبه أسفل اليم وملأ فمه طيناً ثم جعله الله لمن خلفه آية وأما عاد الذين غرتهم قوتهم فقد أخزاهم الله وأرسل عليهم جنداً من جنده قال الله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّام نَحِسَات لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت:16] وأما قارون الذي اختال على الناس بكنوزه وأمواله وعلا بها عليهم فقد صيره الله -عز وجل أسفل- سافلين قال الله: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص:81] هذا في الدنيا وللظالمين أمثالها وأما في الآخرة فقد قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:37-39]. وليس الطغيان قاصراً على أهل الكفر والعصيان بل قد يطغى المرء وهو من أهل الطاعة أن رأى نفسه استغنت بشيء من النعم من العلم أو العبادة أو النسب أو غير ذلك.