رغم التعادل السلبي مع الفريق السوداني حصدنا نقطة ثمينة    توقيف شخص و حجز 02 كلغ مخدرات    انطلاق المسابقة التصفوية لجائزة الجزائر للقرآن الكريم    الأمين العام ل"الأفلان" : "وحدتنا ستقوي سواعدنا لبناء جزائر جديدة ومنتصرة"    الجزائر تحتضن المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة.. الرئيس تبون: إفريقيا قادرة على قيادة التحول الاقتصادي    حساني شريف : الوحدة الوطنية صمام أمان لصون الجزائر من جميع المناورات    رئيس الجمهورية يقدّم تعازيه لعائلات ضحايا حادث بني عباس    ارتفاع حصيلة ضحايا حادث انقلاب حافلة ببني عباس إلى 13 قتيلاً و35 جريحاً    بشار.. مشروع لتعزيز قدرات الشباب وإشراكهم في التسيير المستدام للأراضي    بلعريبي يعاين مشروع القطب المالي بلدية سيدي موسى..تسليم مفاتيح سكنات عدل بحي بورعدة بالرغاية في العاصمة    حل القضيتين الفلسطينية والصحراوية في اطار الشرعية الدولية    منظمات وجمعيات إسبانية تطالب مدريد بتحمّل المسؤولية    نحن بالمرصاد للفتاوى الدخيلة    إحياء ذكرى المحرقة في الأغواط    بوغالي في قطر للمشاركة في "منتدى الدوحة 2025"    موعد مسابقة توظيف الأساتذة يُعرف هذا الشهر    تنظيم إقليمي جديد في الجزائر    نراهن على صناعة حقيقية للسيّارات    الشرطة تفكّك عصابة متاجرة بالكوكايين    جهود حثيثة للتكفل بذوي الهمم وإدماجهم اجتماعياً    الرئيس يراهن على السياحة    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    أرحاب تترأس لقاءً تنسيقياً    تأهل العميد و الكناري واتحاد الجزائر    الخضر يسعون إلى تصحيح المسار    تراجع في الغابات المتضرّرة بفعل الحرائق    اتفاقية بين ديوان الزكاة وبريد الجزائر    نهاية خائن    قرعة الحجّ الثانية اليوم    "وول ستريت جورنال" الأمريكية تضع الاحتلال في قفص الاتهام    تصدير 5 آلاف طن من المنتجات الحديدية نحو 3 قارات    حلول عملية لتمكين الفلاحين من تكثيف استثماراتهم    الحكومة مطالبة بالنجاعة لتحقيق الأهداف    الانتقادات لا تقلقني وسنقدم أفضل ما لدينا أمام البحرين    "الرداء الأبيض"... تفاؤل بموسم فلاحي واعد    أغلفة مالية معتبرة لمشاريع التهيئة الحضرية    "الخضر" لمحو تعثر السودان وإنعاش آمال التأهل    السينما فضاء للذّاكرة والالتزام وبناء الإنسان    الجزائر تبدأ المونديال بمواجهة بطل العالم    وضع ضمانات صريحة لصون الحياة الخاصة للمواطن    وزارة الشؤون الدينية تشدّد الرقابة على الفتوى وتحمي المرجعية الدينية الوطنية    معسكر تحتضن الطبعة الأولى من ملتقى "الأمير عبد القادر" لعمداء ورواد الكشافة الإسلامية الجزائرية    بداية متعثّرة للخضر في كأس العرب    برايك يثمّن قرار الرئيس    عشرات آلاف المرضى بحاجة للإجلاء الطبي العاجل    "المفتاح" لشريف عياد في دورة القاهرة    مهرجان البحر الأحمر يُكرم رشيد بوشارب    استجابة كبيرة لحملة تلقيح الأطفال ضد الشلل بقسنطينة    الرئيس تبون يخصّص 2000 دفتر حجّ إضافي للمسنّين    جلسة حوارية : الفن الإفريقي المعاصر بين الاعتراف الدولي والتحديات المحلية    أقلام واعدة : تظاهرة ثقافية أدبية موجهة للأطفال والشباب    أكاديميون يشيدون بمآثر الأمير عبد القادر    قسنطينة تهيمن على نتائج مسابقة "الريشة البرية" الوطنية لاختيار أحسن طائر حسون    فتاوى    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    هذه أضعف صور الإيمان..    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ -الجزء الثامن عشر بعد المائة-
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 05 - 2022


في مدينة الأبيض سيدي الشيخ
فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ
-الجزء الثامن عشر بعد المائة-
بقلم: الطيب بن ابراهيم
*لويس ماسينيون الجاسوس
في الحلقات الماضية تحدثت عن لويس ماسينيون الذي كان يتحرك على الدوام من أقصى العواصم العالمية إلى أقصى القرى النائية ومن أرقى الجامعات العلمية إلى أفقر الإرساليات التنصيرية وركَّزت على علاقته الحميمية بإرسالية إخوة يسوع الصغار التنصيرية التابعة لتلامذة شارل دي فوكو بمدينة الأبيض سيدي الشيخ الجزائرية وهو ما لم يكن يعرفه عنه أحد في حياته باستثناء قلة قليلة من المقربين منه وتطرقت في هذه السلسلة لبعض الحقائق التي تنشر لأول مرة عامة وحول ماسينيون خاصة عن علاقته مع إرسالية إخوة يسوع الصغار بمدينة الأبيض سيدي الشيخ . وفي هذه الحلقة نتوقف عند التساؤل حول علاقة ماسينيون بالتخابر مع الدوائر الاستعمارية والكنسية خاصة أن رسائله وتقاريره مع هذه الأخيرة كانت تعد بالمئات وعلى أعلى المستويات. والتخابر تهمة أخرى لاحقت ماسينيون في حياته وبعد وفاته وحتى من أقرب مقربيه! فما حقيقة ما قيل عنه في هذا الموضوع؟.
ومع ذلك فماسينيون الحذر والمحتاط لم يكن من النوع السهل المنال فالعالِم الكبير كان حاد الذكاء شديد الحرص على سمعته ولم يترك أثرا يدينه بسهولة ويحسب لكل أمر حسابه إلى درجة أن قال عنه احد نقَّاده وهو إدوارد سعيد : ومن الحمق ألا يحترم المرء العبقرية المحض والجدة الطرية لعقل ماسينيون .
يُعدُّ اتهام لويس ماسينيون بالتجسس اتهام قديم مصاحب له منذ شبابه وأول مرة وجهت له فيها هذه التهمة كانت سنة 1908 أثناء تكليفه بمهمة تنقيبية عن الآثار في العراق حيث اعتقل هناك في شهر ماي سنة 1908 من طرف الجنود العثمانيين الذين اتهموه بالتجسُّس والتآمر على الأمن العام وهمّ العثمانيون بإعدامه لولا تدّخل العلاّمة محمود شكري الألوسي والقاضي علي نعمان الألوسي للتوسط لصالح ماسينيون.
وأثناء الحرب العالمية الأولى تجند ماسينيون بالجيش الفرنسي بجبهة الدردنيل يوم 16 مارس سنة 1915 كمترجم للقوات الجوية بعد ذلك التحق بالقيادة العامة كخبير في شؤون الشرق الإسلامي قبل أن يُوَجّه إلى فرقة الاستعلامات التي تتحرك ضمن الصفوف الخلفية للجيش الفرنسي وكان ضابطا برتبة ملازم أول قبل أن يتم اختياره مستشارا لممثل فرنسا في اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916.
ودائما أثناء الحرب العالمية الأولى تم أول لقاء بين الجاسوس البريطاني لورنس العرب توماس إدوارد لورنس 1888 - 1935 ولويس ماسينيون كان ذلك يوم 8 أوت سنة 1917 واستقبَلا معا بلباسهما العسكري الجنرال البريطاني إدموند ألنبي أثناء دخوله لمدينة القدس محتلا يوم 11 ديسمبر سنة 1917 ( أي بعد شهر من صدور وعد بالفور ) ولقد شبّه بعض الفرنسيين مواطنهم ماسينيون ب لورنس العرب وأطلقوا عليه لورنس الفرنسي فهل وجه الشبه لكونهما معرّبيْن أم لكونهمها جاسوسين؟!.
ومع بداية الحرب العالمية الثانية في شهر سبتمبر سنة 1939 كان لويس ماسينيون من بين أوائل الملتحقين بالجيش الفرنسي كقائد كتيبة في قيادة الأركان وكقائد لمجوعة الشرق الأوسط في وزارة الإعلام وفي سنة 1945 - 1946 أرسل للشرق الأوسط وكان قد تجاوز الستين من العمر.
ومن جهة أخرى هناك اتهامات وإشارات لنشاط ماسينيون المخابراتي وردت من قبل بعض المثقفين والمفكرين الكبار فمثلا المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد 1935 2003 يرى أن المستشرقين الانجليز أمثال لورنس الجاسوس وسايكس الذين تميزوا بالذكاء والمناورة كانوا يتفوقون على نظرائهم الفرنسيين باستثناء لويس ماسينيون لكن الاتهام الأقوى كان من مواطنه وشريكه في حقل الاستشراق ماكسيم رودنسون.
*ماكسيم رودنسون 1915 - 2004
ماكسيم رودنسون هو مواطن لويس ماسينيون وشريكه في الميدان وهو أحد أعلام الاستشراق الفرنسي وكان أكثر جرأة وصراحة وإن حاول تبرير موقف ماسينيون فهو يعرف مُواطِنَه وشريكه في النهج كما يعرف نفسه وعندما يتحدث عن ماسينيون لا يستطيع أن ينكر الوقائع المنسوبة إليه ولكن يحاول إيجاد المبررات فيقول : مثلا ماسينيون وأنا لا أحبذ عادة كل ما يقوله كان يُطلب منه أن يكتب تقارير إلى وزارة الخارجية وأعرف من بعض الذين يعملون في وزارة الخارجية كما يقولون لي بأن بعض كتاباته كانت حمقاء إلى حد ما هل كان ماسينيون جاسوسا أو عميلا؟ كان وطنيا فرنسيا وكان واجبه أن يخبر حكومته ولا أعرف كيف ينتقد الوطنيون المتطرفون نقاد الاستشراق وطنيا فرنسيا يخدم وطنه .
المستشرق رودنسون يقول كلاما مهما وخطيرا في آن واحد أولا هو لا يوافق ماسينيون في كل ما يقوله وثانيا أن ماسينيون كان يكتب تقارير حمقاء إلى حد ما رودنسون نفسه غير راض عنها ويصفها بالحمقاء ويتساءل هل كان ماسينيون جاسوسا أو عميلا؟ لكنه يقول عن تقارير ماسينيون التجسسية أنه عمل وطني وأن ماسينيون يجب أن لا ينتقد لأنه كان يخدم وطنه.
والحقيقة أنه لا أحد شكك في وطنية أي جاسوس تجند لخدمة وطنه منذ فجر التاريخ باستثناء العملاء الذين تجندوا لخدمة العدو على حساب أوطانهم فما بالك بتجند شخصية من العيار الثقيل مثل ماسينيون لخدمة وطنه فهو وطني حتى النخاع كما لا أحد شكك في وطنية أي جند من جنود الاحتلال مهما ارتفع عدد ضحاياه في الجزائر وهذا ما يحاول رودنسون أن يتلاعب به على منتقدي ماسينيون العالِم ومنتقدي تجسسه وخلاصة القول أن رودنسون يعترف بتجسس ماسينيون لكنه يبرر جاسوسيته بالوطنية!!.
وبالمناسبة أذكر هنا مقارنة لرئيس إرسالية الأبيض القس روني فوايوم وهو مقرب جدا من ماسينون يقارن فيها بين هذا الأخير وشيخهما شارل دي فوكو حيث يعترف أن كلا منهما كُلِّف بمهمة ( ؟ !) الأول في العراق في بعثة أثرية والثاني في المغرب لوضع خريطة لمنطقة الأطلس الصحراوي وكلاهما اتهم بالتجسس وكلاهما تم التدخل لمساعدته من قبل السكان شارل دي فوكو ساعده بالمغرب اثنان هما: الحاج بو رحيم وبالقاسم الحموزي ولويس ماسينيون ساعده اثنان هما محمود شكري الألوسي والقاضي علي نعمان الألوسي !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.