مراصد إعداد: جمال بوزيان بالتوازي مع الحرب الإيرانية- الإسرائيلية خطوط طوفان الأقصى واضحة ل العرب إن أرادوا تحررا تَرصُدُ أخبار اليوم مَقالات فِي مختلف المَجالاتِ وتَنشُرها تَكريمًا لِأصحابِها وبِهدفِ مُتابَعةِ النُّقَّادِ لها وقراءتِها بِأدواتِهم ولاطِّلاعِ القرَّاءِ الكِرامِ علَى ما تَجودُ به العقولُ مِن فِكر ذِي مُتعة ومَنفعة ... وما يُنْشَرُ علَى مَسؤوليَّةِ الأساتذةِ والنُّقَّادِ والكُتَّابِ وضُيوفِ أيِّ حِوار واستكتاب وذَوِي المَقالاتِ والإبداعاتِ الأدبيَّةِ مِن حيثُ المِلكيَّةِ والرَّأيِ. ///// العرب والأحداث.. في خضم المواجهة الإسرائيلية -الإيرانية أ.د.أبو يعرب المرزوقي غياب مشروع عربي فعلي يؤمن الشعب بامكانية وضرورة تحقيقه ولا علاقة للمسألة هنا بالحكم وحسب وإنما يتعلق أساسا بالتربية هو الذي يجعل العرب اليوم بين شامت لأحد عدوَّيْنا ومتحمس للآخر متناسِين ترتيب الأولويات تراتب خطورتهما. وما الحماسة المفرطة دون حساب للعواقب الا مقدمة للاحباط كما حدث الأمر قبيل حرب العراق مع فرق جذري كون العراق ليس محتلا لأراضينا فهو جزء منا وإن كان نظامه قمعيا وساهم في إذلال الشعب ما أبعده عما اعتمده النظام من عناوين مشروع استئناف متجاهلا فيه البعد الروحي الأصل له ومعاديا له على الأقل في الفترة بين حربي الخليج الأوليين. ولا ننسى أن أكبر إحباط كان بالجريمة النكراء ضد صدام حسين التي ساهمت فيها إيران أيما مساهمة فضلا عن احتلال العراق وتيسيره. وما الشماتة إلا دليل ضعف ووهن وعدم قدرة على تحقيق المرغوب فيه ذاتيا فضلا عن الوقوف عند الظواهر دون الولوج لأصول الأهداف فغايتنا ليست الإجرام وليست إفناء أي شعب وإنما التحرر والتحرير الذاتيين من كل محتل غاصب. والحكم يمكن تغييره بترجمة فعلية للمبادئ والقناعات التي تتأتى من التربية وترفض فعلا لا قولا تواصل الاحتلال الداخلي الخادم للخارجي. وهذا يعني أن الاحتلال الغربي لم يتم التخلص منه فعليا وإن تم إخرج وجوده المباشر في أكثر الأقطار ما تلاه وجود غير مباشر واصل مهمته الأساسية التي طالما اشترك فيها مع الفرس الذين يرون مثلهم أن العداوة الأصل مع العرب والمسلمين منذ قيام دولة الإسلام. والغريب أنهم ينحازون في الأغلب إلى أكثر العدوين امتد فعله في التاريخ والجغرافيا احتلالا وتخريبا وإجراما وأكثرهم حاجة اقتصادية لأراضينا لمواصلة مهمته وأكثرهم نجاحا في مهمته ثقافيا وأكثرهم إنجازا ل التطبيع معه بحيث أصبحت قضية التحرير منه ثانوية بل بلغت درجة كونها منسية. تاريخيا الاحتلال الفارسي الأخير انطلق منذ 1925 م وسبق الاحتلال الآخر سنة 1948 م ولم أعد هنا إلى ما سبق القرن العشرين. جغرافيا الأحواز مساحتها أكثر من 20 مرة مساحة فلسطين كلها دون اعتبار للعراق ولبنان وهما بصدد التحرر سيليهما اليمن بعد أن تحررت سورية ولله الحمد. اقتصاديا حاجة إيران لما احتلته أساسية على عكس إسرائيل التي أساس احتلالها أيديولوجي وحسب ولكن ما تحتله بعد التقسيم لا فائدة اقتصادية فعلية وجودية منه. إجرام إيران بشعبنا في الأحواز مرورا بالعراقفلبنان ثم سورية واليمن يتجاوز مئات المرات إجرام الكيان الصهيوني حتى من حيث العدد وباعتبار كل الحروب. زوال الهوية العربية من الأراضي المحتلةإيرانيا يكاد يتحقق على عكس الهوية العربية في الكيان الصهيوني وما يحتله. ديموغرافيا نسبة أصحاب الأرض بالعودة لنسبة المحتلين في الكيان الصهيوني أقل بكثير منها في إيران فهي تناهز النصف في الحالة الأولى دون اعتبار للمهجرين قسرا منذ سنة 1947 م والذين سيعودون حتما وينالون حقوقهم عدا هذا لا توقف على المقاومة الضرورية هذه النسبة في الحالة الأخرى تساوي 1 على 9 في أحسن الأحوال مع طمس متواصل للهوية في التسميات والتعليم. استراتيجيا إيران حَجر عثرة أمام إعادة الطبيعة الأصلية لضفتي الخليج مع التمكن مما سيصبح أكثر من نصف المخزون العالمي نفطا وغازا فضلا عن التقدم في حل مشكل المياه مثلها مثل الكيان الصهيوني الذي يمنع أهلنا في فلسطينولبنان وسورية من التمتع بما لديهم من مخزون نفطي وغازي شرق المتوسط مع توحيد ضفته جنوبا وشرقا. اعتماد كل هذه المعطيات ييسر فهم حاجة الغرب لإيران وتردده في تحطيمها كما كان الحال لبقية الدول العربية إلى حد الآن وليس الإشكال متعلقا بالقوة التي لم تبلغ هذا الحد إلا بالتهاون معها وترك المجال لها علما وأنها بالأساس اعتمدت على النسيان و التطبيع السابقين الذين جعلا قوة إيران انطلقت أساسا من بلدان عربية نظام حافظ الأسد في سورية ونظام معمر القذافي في ليبيا . هذا بالإضافة للرؤية العنصرية التي توحد الأصل الآري بين الفرس و الغرب أساسا كما يعدها بالمقابل مع العرب وحتى الساميين اليهود المهمشين في الكيان الصهيوني. ما بقي تحليل العرب وخياراتهم تعتمد على المباشر وتنسى التاريخ ولا تحدد الأولويات بترتيب درجات الخطر وموانع تحقيق مشروع التحرير والتحرر الشاملين لعدم الإيمان الحق بهما لن نتقدم قيد أنملة. ويوم تتغير القناعات العامة فيلاحظ الغرب النقلة النوعية لدى الشعب العربي من حيث الوعي والفهم لمجريات الأحداث سيغير مكرها طريقة التعامل ونكون حينئذأقرب للتحرير والتحرر داخليا وخارجيا في الوطن العربي باعتبار فلسطين والأحواز. وفي الأخير أرى أن الإشكال الأساس هو تقدم العرب لدعم طرف ضد طرف آخر دون طلب أي من الطرفين مساندتهم ودون اعتبار فعلي لوجودهم أصلا عدا تهديدهم والتهديد بهم. والأخطر أن هذا الخيار العربي شعبيا وفي بعض الأحيان رسميا لم يكن بمقابل فعلي بخصوص احتلال المتخاصمَيْن لأرضنا وإجرامهما في حق شعبنا. ///// في الآثار المتعدية ل طوفان الاقصى المتوقعة وغير المتوقعة أسئلة الحاصل والمآلات أ.د.محمد عبد النور سأنطلق من محاولة تحييد تهمة الطائفية أو حتى الأيديولوجيا التي يحنط بها الكثيرون أذهانهم عند مساءلة محور المقاومة في مواقفه وتصرفاته أو التشكيك في نياته لاشك أن هناك الكثير من معارضي المحور ممن لم يتحرروا من الوباء الطائفي والأيديولوجي ذي الجذور القديمة لكن هناك مدخل آخر يجعل نظر من يسائل المحور متطابق مع الموقف الطائفي لكنه متمايز عنه بالجوهر(التمايز الجوهري للموقف النقدي الحاد من المحور عامة والجمهورية خاصة عن الموقف الطائفي السطحي بشقيه الموالي للمحور والمعارض له وبعيدا عن بلادة المحللين.. أقول تمايز سيحتضن الكتلة المنتظرة التي ستتولى زمام مبادرة التحرير الفعلي لبيت المقدس).. هو مدخل الوقائع الحية على الأرض وأن الموقف السلبي من المحور لا يعود إلى الماضي السحيق بقدر ما هو منطلق من مشاهدات وملاحظات لا يتعدى عمرها عقدين تعد عندي كافية لتأسيس موقف سلبي من المحور بناء على ممارساته وأفعاله في المنطقة العربية بالتحديد على أن قصدي من طرح الموضوع لا يتجاوز مسألة الموقف والإسناد المعنوي لا غير يعني لن أدخل في حساب الوقائع ولا المصالح ولا حتى الأيديولوجيا ولا المآلات الممكنة أثناء الحرب وبعدها إلا بالقدر الذي يثبت صوابية الموقف السلبي أو المتشكك من المقاومة فالهدف من المقال هو مخاطبة الوعي العام في موقفه من الحاصل لا غير. لكن قبل ذلك فلأبدأ بالكلام في مسألة الانتصار للجمهورية الإسلامية في مواجهتها للعدوان الصهيوني عليها في هذا التوقيت بالضبط إذا سلمنا بأن توقيت الموقف وإعلانه مهم جدا وأنه فعلا توجد أوقات يجب فيها التركيز على المؤتلف والابتعاد عن ترديد المختلف لتحقيق وحدة فعلية ومعنوية تستهدف العدو المشترك وهذا يعني أن العدو المشترك هو إسرائيل سواء عند المساند لإيران أو من يقف في الحياد فظني أن الموقف الحالي الأمثل من كل من يسائل محور المقاومة في أفعاله وسلوكاته ويشكك فيه هو إعلان الحياد دون السقوط في مطب الانتصار للعدو المشترك. ذلك أن الحقيقة الثانية في المسألة هي عدم تكافؤ طرفي الصراع لا من حيث الإمكانات الذاتية ولا من حيث الأحلاف فغالبية المتابعين من المنتصرين للمحور يخلطون بين الانتصار للمحور -سواء كان جزئيا خلال الحرب الجارية أو كليا في كل ما يصدر عنها- وبين حساب قوته الحقيقية على أرض الواقع فالواضح من الناحية الفعلية أن الجمهورية الإسلامية لم تتوقع العدوان عليها ابتداء ولا أنها تمكنت من حماية الصف الأول من قادتها فهي لم تختلف عن حزب الله عندما قرر الصهاينة القضاء على قياداته الأولى بل تشابه الأمر حتى في قتل الشخصية البديلة بعد تعيينها بقليل. فهذا دليل أول على الضعف العسكري. ثم إن نهج التوسل المستمر للجمهورية والتهديد الكلامية وطلب الوساطات والترجيات لكل الأطراف جلي واضح وهو دليل ثان على الضعف ذلك أن منطق الحسم في الحرب هو منطق كسر العظم العملي لا التهديدات ولا الترجيات وهو باختصار منطق الصهاينة في الحرب الجارية مباشرة الحرب لا هوادة والذي يستعمل الطائرات القريبة وذات الدقة في الحرب مقابل المسيرات والصواريخ العابرة للدول التي أصبح الجميع يسمع بسفرها جوا قبل وصولها إلى الهدف. وعلى كل ذلك فإن السؤال المحوري والأهم يتعلق بالاعتبار التالي: هل الجمهورية الإسلامية بنظامها الحالي جزء من الوحدة الشعورية والحضارية العامة للأمة؟ أو بعبارة أخرى ما الأساس الذي تشكلت عليه العداوة بين الطرفين المتحاربين؟ ببساطة أساس العداوة هو الصراع على الإقليم العربي هو أصل العداء غير المعلن فالواضح أن الطرفيْن يتنافسان على الإقليم منذ غزو العراق وإلى ما قبله منذ تأسيس حزب الله في لبنان وحتى لا يسفهني السفيه فإن التنافس لا يعني أنه دراما مسرحية خالية من العداء والرعب والتوازن الحربي الحقيقي لكنه مبني على أهداف واستراتيجيات لا علاقة لها بخدمة الصالح العربي العام إلا ما كانت تراه الجمهورية في خدمتها وهو ما انقلب عليها انقلاب السحر على الساحر وطبعا سخرت حلفاءها العرب عقائديا لخدمة مشروعها. وعليه فما أجبر الطرفيْن اليوم على الدخول في الحرب الجارية ليس هو غير طوفان الأقصى الذي قرره ثلاث أفراد بشكل منفصل تمام الانفصال عن علم الجمهورية وقادتها وطبعا وجه بشكل غير مباشر ضد إرادتها طوفان الأقصى كان طوفانا على الكيان الصهيوني كما هو طوفان خفي وعميق على المحور فما يكبدان بعضهما به هو من مفاعيل طوفان الأقصى بلا ريب وبه أصبح تأثير طوفان الأقصى يزداد ويتوسع كل يوم.. يبقى أن حساب مآلات الحرب الجارية كما يأتي: أن تتوقف الحرب في حدود دنيا لتستمر وظيفة المحور في حدود دنيا أهمها استمرار التزييف والتضليل بأنياب مقتلعة أو أن يتم القضاء نهائيا على النظام القائم في الجمهورية وإعادة الشاهنشاهية وفي كلا الحالين لن يتوقف الكيان هنا لأن في جعبته الهدف الثاني وهي تركيا وستكون البداية من دفاعها المتقدم في سورية لذلك فإن الواقعية تقتضي معرفة حقيقة المحور وحجم قوته والطموح الصهيوني.. أما اللاتعين الحقيقي فيمكن تحديد في دول العرب المحيطة بالخصوص فأنظمتها تقف قلبا مع الصهاينة وشعوبها تقف على النقيض تماما. والسؤال: إلى أي حد سينتظر فيه الكيان قبل الانقلاب على الأنظمة التي تساعده ليتولى بنفسه مهمة جلد الشعوب أما أن الشعوب ستتولى زمام المبادرة لتستبق بجلد المحتل بداء بوكلائه قبل الوصول إليه والسؤال الأهم هنا أن الأمر سيتوقف عند نقطة إعادة هيكلة المنطقة الذي تسعى إليه إسرائيل وبالتالي ستجد الأنظمة والشعوب العربية مدة للتراخي والإخلاد أو العمل والمجابهة أم أن طوفان الأقصى وآثاره ستقوى وتستمر بلا توقف لتكون نهرا يشق الطريق إلى مستقبل إنسان المنطقة مباشرة بلا فواصل زمنية ليشكل إنسان المستقبل عبر مخاضات مباشرة هذا الذي يستعصي على الخيال رغم أن خطوطه العريضة واضحة وضوح الشمس إلا لمن استحب العمى. تركيع إيران أو تغيير نظامها يفرض قيام حركة تحرير واستئناف حقيقي عربيا من الواضح والطبيعي أن المسألة الإيرانية لا تقارن بالوجود الصهيوني في المنطقة ومن المسلم به أيضا أن ما تتعرض له المنطقة العربية من استباحة يعود رأسا إلى طبيعة النظام العربي الضعيف والذي لا يملك قراره خاصة على المستوى الخارجي فمن المسلمات أن إيران دولة جارة وبينها وبين العالم العربي تاريخ مشتبك بعكس الكيان الدخيل. فإذا كان التعامل مع الأخير (بوصفه كيانا دخيلا وضع أساسا لتفريق اجتماع أمر شعوب المنطقة) هو الإزالة التامة فإن التعامل مع إيران (التي تحاربها إسرائيل لفك رابطة تقاسم العالم العربي بينهما للاستفراد به نهائيا) هو إعادتها إلى حجمها الطبيعي. فبقي العالم العربي بينهما الحلقة الأضعف الذي أصبح من حق أي كان أن يقتسم كعكتها وفي النهاية فإن أساس المعضلة وحلها الممكن هو تخلي العالم العربي أنظمة وشعوبا عن حالة الضعف والإخلاد والانتظارية والاتكالية المستشري في كيانه ذلك أن قيام العالم العربي بأنظمته وشعوبه لتحقيق السيادة الحقيقية على نفسه هو المعول عليه الممكن والوحيد في تحقيق إنهاء الاحتلال الصهيوني الذي تراوده أحلام مملكة داوود وإعادة إيران التي تراودها أحلام امبراطورية فارس إلى حجمها الطبيعي. ولن يكون ذلك إلا بالعمل على فرض سياسات احترام وجوار مشتركة مع إيران سواء مع النظام الحالي -إن بقي قائما بعد الحرب- أو مع النظام الملكي الذي يسعى الغرب لإعادته من أجل إخلاء المجال ل التطبيع ذلك أن نجاح الغرب و إسرائيل في وضع نظام مطبع في إيران يعني أن المواجهة القادمة ستكون مباشرة بين الشعوب العزلاء و إسرائيل وكل حلفائه في الغرب مع مطبعي العرب بل قد تكون الحاجة إلى المطبعين العرب قد نفدت فيتم الاستغناء عنهم. وهذا يعني أن المهمة القادمة للعالم العربي ستكون مضاعفة حرب ضد التطبيع الذي سيتم تعضيده بدولة كبيرة هي إيران بعد إعادة العائلة البهلوية للحكم وهو ما سيجعل الشعوب مكشوفة أكثر أمام العدوان إن لم يكن على إنسانها فعلى قيمها إما إن بقيت في النظام العربي الحالي ذرة حس سيادي فليس عليه إن إلا يوجهه إلى تهيئة الظروف والشروط المناسبة لقيام منظومة سياسية مضادة ل التطبيع وهذا لن يكون بغير تحرير الشعوب وإعطائها زمام المبادرة السياسة والاقتصادية للمزاوجة بين التنمية الحضارية والحرب ضد المحتل حتى إزالته. ودون ذلك خرط القتاد.. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.