مراصد إعداد: جمال بوزيان الجزء الثالث الحفاظ على الهوية الحضارية عبر مناعة قوية الغزو الثقافي والفكري زمن العولمة الرقمية ليس قدرا محتوما دون شك الحياة ميدان اختبار شامل وجهاد مستمر فيه الحلو وفيه المر ورغم ذلك الحياة جميلة إذا عرف الناس التعامل معها بيقظة وحكمة في جميع مساراتهم من أجل إسعاد أنفسهم وإسعاد غيرهم ومهما يتعرضون للضغوط بكل أنواعها سواء أكانوا في أسر وهم قاصرون أو راشدون أو منفردون في بيت ذكورا وإناثا عزابا ومتزوجين.. لكن بعد ظهور الهوائيات المقعرة و الإنترنت خاصة وسائل التواصل الاجتماعي وتبلور الغزو الفكري والثقافي بأكثر من ملمح في كل بلدان العالم دون استثناء اختلط الحابل بالنابل وحدثت مشكلات وأزمات وأخطار. سألنا أساتذة عن التغير الاجتماعي السلبي الذي قلب حياة الناس رأسا على عقب واستفحال ظواهر بعيدة عن القيم النبيلة في كل الميادين وظهور جيل كسول واتكالي ويميل لحياة الترف ولا يريد الحركة إلا ما ندر والسبل الكبرى لمقاومة الغزو الفكري والثقافي لا سيما الجوانب السلبية منه ودور أهل الفكر والثقافة والأدب والإعلام والصحافة وأيمة المساجد وأهل التشريع والمؤسسات والجمعيات... وأخيرا المقترحات لحماية الجيل وزرع روح المسؤولية فيه كي ينشط ويشارك في الحضارة العالمية. ///// جيل تحت الحصار الرقمي.. من الغزو الناعم إلى المقاومة الواعية * أ.سعاد عكوشي لم يعد الغزو الثقافي اليوم جيوشا تغزو الحدود بل أصبح محتوى يخترق العقول عبر شاشات الهواتف والحواسيب فيقلب القيم ويعيد تشكيل الوعي الجمعي بلا مقاومة تذكر. في زمن العولمة الرقمية وجد جيلنا نفسه أمام تحدّ جديد: كيف يحافظ على هويته وفاعليته الحضارية وسط سيل جارف من الأفكار والأنماط الوافدة؟ هذه الورقة محاولة لتشخيص مظاهر الغزو الثقافي والفكري وطرح سبل المواجهة عبر التربية والنقد والإبداع بما يجعل شبابنا شركاء لا متفرجين في صناعة الحضارة العالمية. وبما أن الحياة ميدان اختبار شامل وجهاد مستمر فأن أجمل ما فيها أن الإنسان إذا واجهها بوعي وحكمة استطاع أن يحوّلها إلى فرصة لبناء ذاته وإسعاد غيره. لكن هذا المشهد البسيط تعقّد في العقود الأخيرة مع بروز ثورة الاتصالات الحديثة: الهوائيات المقعّرة أولاً ثم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لاحقا حيث تحوّلت هذه الوسائل إلى نوافذ مفتوحة على العالم بلا رقيب ولا حسيب فأحدثت انقلاباً عميقا في القيم وأنماط العيش والتفكير في مجتمعاتنا. اليوم لسنا بحاجة إلى كثير من الجهد لنلحظ التغير الاجتماعي السلبي الذي طرأ على الأجيال الجديدة.. لقد تفاقمت في السنوات الأخيرة ظواهر غريبة بعيدة عن القيم النبيلة لدى الشباب المسلم في مختلف الميادين حتى غدت سمة ظاهرة للعيان يلاحظها المراقب في السلوك وفي اللغة وفي المواقف وحتى في الطموحات. فالجيل الذي كان من المفترض أن يكون امتدادًا لحضارة لها جذور أخلاقية وروحية راسخة صار في كثير من الأحيان نسخة مشوشة عن أنماط وافدة لا تنسجم مع بيئته ولا مع مرجعيته. أول ما يلفت الانتباه هو سيطرة ثقافة الاستهلاك على حساب ثقافة الإنتاج. لم يعد معيار قيمة الشاب مرتبطًا بما يحسن عمله أو بما يقدمه من معرفة أو ابتكار بل بما يمتلكه ويعرضه على الآخرين. صارت صورة الهاتف الذكي أو السيارة أو الحذاء الرياضي أهم من سمعته أو اجتهاده. وهذا الانقلاب القيمي أضعف روح الجدّ وحوّل الكثيرين إلى أسرى لمظاهر فارغة. ويضاف لذلك اللهث المحموم وراء الشهرة السريعة حيث يتنافس الشباب على كسب الإعجابات والمتابعين ولو بمحتويات تافهة أو مستفزة. هنا تُختزل الشخصية الإنسانية إلى مجرد ترند عابر فيغيب العمق والفكرة لصالح الاستعراض والضجيج الإعلامي. كما برز ضعف الانتماء للقيم الدينية والأخلاقية. فالدين الذي كان جوهره صدقًا وأمانة وإحسانًا تحول لدى بعض الشباب إلى مجرد مظهر أو شعار يُرفع عند الحاجة. في المقابل يزداد الانبهار بالمظاهر الغربية وكأنها رمز التحضر. ومن المظاهر اللافتة انسحاب فئات واسعة إلى العالم الافتراضي حتى صار بديلا عن الواقع. هناك يجد الشاب عزاءه وملاذه لكنه يفقد في المقابل شعور المسؤولية تجاه أسرته ومجتمعه. ويعيش حياة موازية مليئة بالصور والرموز لكنها فقيرة في الأثر الفعلي. وزاد الطين بلة تفشي الفردانية حيث تراجع الإحساس بروح الجماعة والتكافل لصالح التفكير في الذات فقط. غاب نحن لتحل مكانها أنا فضعفت الروابط الاجتماعية وصار المجتمع أكثر هشاشة أمام أي أزمة. أما أخطر الظواهر فهي الاغتراب الثقافي وفقدان الهوية. فالشاب الذي يتحدث بمزيج لغوي غريب ويتبنى أزياء وسلوكات لا تمت لثقافته بصلة يشعر تدريجيًا أن الانتماء إلى حضارته عبء وأن الاقتراب من الآخر ولو سطحًا هو طريقه إلى التميز. وهنا يتجلى أعمق أشكال الاستلاب: أن يُسلب الإنسان ذاته دون أن يشعر. هذه الظواهر مجتمعة ليست مجرد انحرافات فردية بل انعكاس لهيمنة النموذج الاستهلاكي الغربي وغياب القدوة الحقيقية وضعف المؤسسات التربوية والثقافية في صناعة بدائل جاذبة. الشاب لا يرفض القيم النبيلة لكنه لم يجدها في صورة ملهمة تحاكي واقعه فالتجأ إلى كل ما هو سريع وبراق حتى وإن كان فارغًا من المعنى. الغزو الفكري والثقافي ليس مفهوما جديدا. فقد تحدّث عنه المفكرون منذ بدايات القرن العشرين حين حذروا من الهيمنة الاستدمارية الناعمة التي تستهدف العقول بعد أن أنهكت الأبدان. لكن الجديد اليوم أن هذا الغزو أصبح أكثر تغلغلاً بفعل التكنولوجيا الرقمية التي جعلت حدود الدولة هشّة أمام المحتوى العالمي. فالشاب في الجزائر أو المغرب أو مصر يعيش يوميا مع الأفكار نفسها التي يتلقاها نظيره في نيويورك أو طوكيو لكنه يتلقاها من موقع الأضعف أي المستهلك لا المنتج. إن مواجهة هذه التحولات لا تكون بالإنكار وحده ولا بالتحسر بل ببناء خطاب تربوي وثقافي جديد يعيد للقيم النبيلة بريقها ويترجمها في صورة عملية تجعل الشاب فاعلا في حضارته لا تابعًا لغيره. فالمعركة اليوم ليست على الجسد فقط بل على الروح والفكر وإذا خسرناهما خسرنا المستقبل بأكمله... والمسؤولية لا تقع على التكنولوجيا ذاتها فهي مجرد أداة. إنما المشكلة في الفراغ القيمي والتربوي الذي جعل شبابنا عرضة للاستلاب. من هنا فإن المواجهة تقتضي اشتراك جميع الفاعلين: * المفكرون والمثقفون: عليهم تفكيك خطاب الغزو وكشف آلياته وتقديم إنتاج فكري جاذب يوازن بين الأصالة والمعاصرة. * الإعلام والصحافة: لا يجوز أن يظلا مجرد منصات للترفيه الفارغ بل ينبغي أن يتحولا إلى أدوات تنويرية قادرة على تقديم مضامين جذابة وعميقة في الوقت ذاته. * أئمة المساجد ورجال الدين: الخطاب الديني لا بد أن يخرج من قوالبه التقليدية ليواكب التحديات الرقمية ويقنع الشباب أن الدين ليس عائقاً أمام الحداثة بل هو أفق للمعنى والحرية الحقيقية. * المشرّعون وصنّاع القرار: لا بد من قوانين تحمي الثقافة المحلية وتدعم الصناعات الإبداعية الوطنية حتى نصبح منتجين للمعنى لا مجرد مستهلكين له. * الجمعيات التربوية والمؤسسات الشبابية: دورها زرع روح المبادرة والعمل الجماعي وتوجيه الطاقات نحو مشاريع تنموية فعلية بدل إهدارها في فضاءات فارغة. مواجهة الغزو لا تعني الانغلاق ولا الحجب بل تعني بناء مناعة فكرية وروحية لدى الجيل تمكنه من التفاعل مع العالم من موقع الفاعل لا المفعول به. ومن أبرز السبل لذلك: / ترسيخ التربية النقدية: تعليم الناشئة كيف يميزون بين الصالح والطالح وكيف يتعاملون مع المعلومة بروح نقدية لا بانبهار أعمى. / إعادة الاعتبار لقيمة العمل والإبداع: ربط التعليم بسوق العمل وتشجيع ريادة الأعمال والاختراعات حتى يشعر الشاب أن مكانته تُبنى بما يقدمه لا بما يستهلكه. / تعزيز الهوية الحضارية: ربط الأجيال بجذورهم التاريخية واللغوية والدينية دون أن يعني ذلك رفض الآخر بل الانفتاح الذكي على منجزاته. / تقديم القدوة الحية: الشباب يحتاجون إلى رموز واقعية في العلم والفكر والفن والرياضة لا مجرد شخصيات افتراضية على الشاشات. / بناء ثقافة المسؤولية المشتركة: إشعار الشباب أنهم شركاء في الحضارة الإنسانية وأنهم مدعوون للمساهمة فيها لا مجرد متفرجين. أخيرا الغزو الثقافي والفكري في زمن العولمة الرقمية ليس قدرا محتوما بل تحديا يمكن تحويله إلى فرصة. فالتاريخ يعلمنا أن الأمم التي نجحت لم تكن تلك التي انغلقت على ذاتها بل التي امتلكت مناعة فكرية وروحية جعلتها قادرة على الاستفادة من الآخر دون أن تفقد هويتها. إن حماية الجيل ليست في الحجر على الوسائل الحديثة بل في بناء وعي نقدي ومسؤولية حضارية تجعله قادرا على قول كلمته والمشاركة الفعلية في صناعة المستقبل. ///// نعيمة بن مبارك مقترحات وسبل حماية الأجيال رغم كل التغيرات الطبيعية والحضارية بقي الإنسان متماسكا بعاداته وتقاليده ساعيا وراء البحث عن كل ما يجعله يحافظ على هويته ومكتسباته رغم افتقاده للكثير من الحاجات الضرورية بمرور الزمن ولكن بظهور الحضارة الغربية بغزوها الفكري والثقافي أثرت على مبادئ أجيال اليوم طمعا في حياة الترف والعصرنة المشبوهة التي شكلها بعض المفكرين بالتقليد الأعمى الذي حجب بصيرة شبابنا اليوم فأصبح عاطلا لا يسعى ولا يخطو أي خطوة لتحقيق مبتغاه وطموحاته. وحتى نقضي على هذه الظاهرة لا بد من اتخاذ أحكام صارمة بمعايير مدروسة من أهل الفكر والثقافة والمسؤولين كافة. ومن هنا نسأل ما السبل الكبرى لمقاومة الغزو الفكري والثقافي لا سيما الجوانب السلبية منه؟ وما دور أهل الفكر والثقافة والأدب والإعلام والصحافة وأيمة المساجد وأهل التشريع والجمعيات والمؤسسات؟. كي نحمي هذا الجيل من الوقوع في فكرة التغيير المشبوه والخروج عن نطاق ديننا ومبادئنا لا بد من: تحسين سلوكيات الجيل الذي يعتبر الركيزة الأساسية في بناء المجتمع والنهوض بالتقدم والازدهار وزرع روح المسؤولية فيه حتى ينشأ جيلا واعيا ومنفتحا على العصر وهذا من خلال تعليمه التأريخ والحضارة بطريقة ممتعة ونافعة تجعله يشعر بالفخر والانتماء كي يتسنى له اللحاق بالمسار العالمي. حتى يستوعب هذه الفكرة لا بد من إشراكه في وقائع قصص حقيقية لأبطال العلم والعمل واعتماد منهج تربوي تعليمي وإبداعي من خلال مناهج تهدف إلى العلم لا إلى الخروج من الأمية فقط وتعليمهم كيفية التفكير بطريقة صحيحة ومتماشية مع ما يحلله من أخبار وهذا بربط السلوك العملي بالقيم الدينية والأخلاقية بأمثلة يومية ترفع من قدراته في المواصلة والبحث المستمر في إثبات مهاراته الابتكارية ومشاركته في مشاريع تطوعية مثل (حماية البيئة) دعم كل مبادرة قد تزيد في إكسابه المهارات ودفعه للعيش في محيط إيجابي هدفه الوحيد الابتعاد عن ما يسمى بالغزو الحضاري بالفكر والثقافة والتكنولوجيا التي أفسدت بعض القيم. لكن كيف يسعى الكثيرون لاتخاذ إجراءات لمكافحة هذا العدو الذي فرق بين الأجناس ولم يعطِ أهمية للنتائج رغم اختلاف الحضارات وتباعد القيم الدينية والأخلاقية. وهدفه الوحيد إضعاف الهوية وتهميش كل ما يفيد مجتمعاتنا ولهذا يتوجب على أهل المسؤولية بناء وعي إعلامي وثقافي قوي بإنتاج محتوى احترافي بلغتنا المقدسة تعالج كل قضايا الشباب مثل (منصات التواصل والأفلام القصيرة...). تعزيز المناعة الفكرية بدل الاقتصار على الخطابات الوعظية وبرمجة حوارات توعوية في المدارس والجامعات حتى تناقش القضايا المثيرة للجدل بدل تجاهلها. الدعوة لإقامة دورات استكشافية في التحقيق فيما يبث عبر قنوات مواقع التواصل الاجتماعي. بالانفتاح الواعي في تشجيع الحوار مع الثقافات الأخرى وترك عنصر الانبهار والانغلاق. تلعب الترجمة دورها في إنتاج كتب ومقالات تزيد من رفع مستوى البعد والرؤية للعالم حتى يتم إصلاح بيئة المعلومات بسن تشريعات تحمي من غزو المستوى السيء والمضلل أو الإباحي مع بدائل إيجابية وناجحة. من جهة أخرى يبقى دور كل فئة دور تكاملي في التعاون والإنتاج والتأثير أكثر بنسبة أكبر بطرح الفكر الإسلامي والحضاري بروح معاصرة تزيد من نسبة الاستيعاب والاندماج في كل ما يقدمه أهل الفكر والثقافة وأئمة المساجد بطرح مواعظ عن طريق الخطب والدروس التي تطرح قصص نجاح شبابية وتشجب سلوكات التقليد الأعمى كالتقزيع والعري وتحثهم على العمل وترك الكسل ونبذ التواكل وزرع روح المسؤولية فيه كي ينشط ويشارك في الحضارة العالمية. أما من جهة الإعلام فيقتضي دورها في التحقيق في قضايا الفساد الثقافية بصناعة برامج توعوية تثقيفية تتميز بالدقة والمصداقية كي نحمي الهوية ونرفع من نسبة التعليم التوعوي بالإعلام الجيد بفرض ضوابط على كل محتوى سيء يسيء لمبادئنا وقيمنا حتى نخلق بيئة آمنة مستقرة تناشد الجيل بكل ما يخدمه وترفع من مستواه التوعوي عبر رحلة البحث والاحتكاك بأهل الفكر والثقافة الآخرين. كل تلك المهام القيمة والأدوار الفعالة التي يترأسها أهل العلم والفكر تستطيع إنشاء جيل صالح ومجتهد يندد بالتنوع الثقافي في سبيل الحصول على غريزة متشبعة بالحضارات المتنوعة وروح مسؤولة دون التفريط في هويته الحقيقية اتجاه ما يواجهه في مراحله العمرية. تبقى هذه الظاهرة مسؤولية الجميع بما يحدث أمام أعيننا ونحن نتغاضى عن كل تلك المخاطر التي تهدد الأجيال وتقضي على هويتنا الوطنية والدينية قبل أن تكون إنسانية في المجتمعات التي تفتقد للتوعية وضعف المسار الحضاري والبحثي لكسب جيل متماسك وواع صاحب قدرات تزيده تقدما وعصرنة دون التخلي عن أساس وجوده في المجتمع. التَّقلِيدُ الأَعمَى أَنَا مَن أَغوَتنِي تَقَالِيدُ الغَربِ سِائِرَةً غَافِلَةً بِتِلكَ المَتَاهَاتْ دِينًا قَد تَرَكتُهُ مُتَعَمِّدَةً وَلَبِستُ فَخرًا لِبَاسَ المُتَبَرِّجَاتْ أَنغَامٌ لَطَالَمَا رَقَصتُ عَلَى أوتَارِهَا بِدُنيَا اللَّهوِ وَشَرِّ الشَّهَوَاتْ أَلوَانُ العَصرَنَةِ العَميَاءِ جَذَبَتنِي فَأَمَاتَت بِرُوحِي صِدقَ الإِحسَاسَاتْ مُرَاهَقَةٌ ضَيَّعتُهَا بِتَقلِيد أَعمًى عَمِيَت بَصِيرَتِي بِأَغرَبِ الحَضَارَاتْ لَعنَةٌ عَلَى فَتَاة بِالرَّجُلِ تَشَبَّهَت بِسِروَال عَمدًا مُمَزَّقِ المُودَاتْ وَبِالأُذُنَينِ سَمَّاعَةٌ قَد تَمَركَزَت تَنشُرُ سُمَّ الفِتنَةِ وَالمُنكَرَاتْ وَمِشيَةً مُعوَجَّةً بِهَا تَصَنَّعَت مِن وَرَاءِ تِكنُولُوجيَا المَرئِيَاتْ خِفيَةً رَسَائِلُ إِغوَاء سَادَت رُومَنسِيَّةً بِلَيَالِ تِلكَ الظُّلُمَاتْ كُلُّ المَسَائِلِ بِسُهُولَة تُقَاوَمُ إِلَّا شَابًّا تَمَسَّكَ بِأَتفَهِ العَادَاتْ هَوَاتِفُ نَقَّالَةٌ غَالِيَةُ الأَثمَانِ بِأَفكَار جَرَّدَتهُ مِن كُلِّ الأَخلَاقِيَّاتْ أَمَّا ذَاكَ الفَتَى مُدَلَّلُ أَبَوَيهِ الَّذِي لَبِسَ أَنوَاعَ التَّنُّورَاتْ وَبِكُلِّ أَنوَاعِ الحَلَقِ المُتَلَألِئَةِ تَزَيَّنَ تَبَاهِيًا بِتِلكَ المُودِيلَاتْ وَحِلَاقَةِ شَعر شَبِيهَةِ الوُحُوشِ آه مِن تَقلِيد أَنسَاهُ الرُّجُولِيَّاتْ وَمَلَابِسُ أَجدَاد اِندَثَرَت قِيمَتُهَا بَينَ فِئَةِ الفِتيَانِ وَالفَتَيَاتْ فَكَم ضَاعَ الجِيلُ يَا إِلَهِي وَضَاعَت بِتَقليِدِهِ الأَعمَى المُحَمَّدِيَّاتْ أَينَ الجَوهَرُ بِأَصَالَة وَانضِبَاط يَزِيدُ الشَّخصَ هَيئَةً وَسُلُوكِيَّاتْ؟ أَينَ التَّربِيَّةُ السَّلِيمَةُ الَّتِي تَرفَعُ قِيمَةَ جِيلِ التَّحَدِّيَّاتْ؟ أَينَ أُمَمُ الأَخلاَقِ المُحَافِظَةُ وَالقِيَمِ الَّتِي تُقَدِّسُ المُحَرَّمَاتْ؟ فَالتَّقلِيدُ بِأُسرَة غَافِلَة مُتَدَهوِرَة تَنَاسَت تَوعِيَةَ الفَتَى وَالفَتَاةْ وَأَعلَنَت عَن تَقَدُّمِهَا فِي كَنَفِ التَّقلِيدِ وَكَأَنَّ الإِسلَامُ رَفَضَ التَّغَيُّرَاتْ فَسُحقًا لِتَقلِيد أَعمًى أَضَاعَ الدِّينَ الإِسلَامِي بِكُلِّ المَنهَجِيَّاتْ.