حصار وجوع وقتل بالسودان الفاشر.. المأساة المنسية حذر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن الوضع الإنساني في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان يزداد سوءا يوما تلو الآخر مع اشتداد الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة. ق.د/وكالات تُظهر صور الأقمار الصناعية أن السواتر الترابية المحيطة بالمدينة امتدت الآن لأكثر من 68 كيلومترا مما قلّص الفجوة المتبقية إلى ما لا يزيد عن 3 أو 4 كيلومترات وهو ما يُحجّم خيارات الحركة للدخول إلى المنطقة أو الخروج منها. كما تُظهر الصور مجموعات كبيرة من الناس يحاولون الفرار سيرا على الأقدام من داخل المنطقة المحاطة بالسواتر وتفيد مصادر محلية بأن المدنيين الذين يحاولون مغادرة المدينة واجهوا العنف والمضايقات والنهب على طول الطرق غير الآمنة. وجدد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الدعوة إلى حماية المدنيين في الفاشر بموجب القانون الدولي الإنساني وتأمين ممر آمن للراغبين في مغادرة المدينة. في غضون ذلك أفادت رابطة للأطباء السودانيين بوفاة أكثر من 20 شخصا في الفاشر -بمن فيهم أطفال ونساء حوامل- بسبب سوء التغذية خلال هذا الشهر وحده وذكرت الأممالمتحدة أن هذه الوفيات المأساوية تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتأمين الوصول الإنساني لإيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى السكان المحاصرين. وفي 26 جويلية الماضي أعلنت شبكة أطباء السودان وفاة 239 طفلا بمدينة الفاشر منذ جانفي الماضي جراء نقص الغذاء والدواء. وتفرض قوات الدعم السريع حصارا على الفاشر منذ 10 ماي 2024 رغم التحذيرات الدولية من خطورة المعارك باعتبارها مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس. *الوضع في كردفان أما بالنسبة للوضع الإنساني في منطقة كردفان فهو لا يزال وخيما أيضا وفقا للمكتب الأممي. فقد تسبب الصراع المستمر في تقييد الوصول إلى الغذاء والإمدادات الأساسية والخدمات المصرفية والمساعدات الإنسانية بينما ألحق الضرر بالبنية التحتية الحيوية. ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة نزح أكثر من مليون شخص في المنطقة منذ بدء الصراع قبل عامين ونصف. وأكدت الأممالمتحدة أن المساعدة المحدودة التي تستطيع المنظمات الإنسانية تقديمها -نظرا للقتال النشط وقيود الوصول ونقص التمويل- لا يمكنها مواكبة الضغط الهائل على المجتمعات المضيفة التي هي نفسها بدأت تنفد مواردها. وفي مناطق أخرى من السودان يستمر الفيضان الموسمي في زيادة الاحتياجات الإنسانية ففي ولاية الجزيرة أفادت مصادر محلية بأن مياه الفيضانات دمرت بالفعل مزارع في محلية جنوب الجزيرة مما أثر على 15 ألف شخص ويحتاج الناس على وجه السرعة إلى المأوى والغذاء والأدوية الأساسية. وشدد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على أن هناك حاجة ملحة لزيادة الدعم الدولي لدعم وتوسيع العمليات المنقذة للحياة في جميع أنحاء السودان. ومنذ منتصف افريل 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا بحسب الأممالمتحدة والسلطات المحلية بينما قدرت دراسة أعدتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا. *الأممالمتحدة تطالب بحماية وممر آمن للمدنيين طالبت الأممالمتحدة أمس الثلاثاء بتوفير حماية وممر آمن بشكل عاجل للمدنيين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان. وشددت المنظمة الأممية في بيان على ضرورة رفع الحصار عن الفاشر وإنهاء الهجمات العشوائية مطالبة في الوقت ذاته بضمان وصول المساعدات الإنسانية لإنقاذ الأرواح. وأضافت أن المدنيين في مدينة الفاشر أمام خيارات مستحيلة بين الحصار أو مواجهة العنف والنهب عند محاولة الفرار في طرق غير آمنة. وذكرت الأممالمتحدة أنها تلقت تقارير عن عمليات قتل غير قانونية واختطاف واحتجاز تعسفي إلى جانب هجمات عشوائية على الأسواق والمستشفيات وأماكن العبادة. من جانب آخر قال أحمد حسين المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح (المتحالفة مع الجيش) إن الجيش والقوات المشتركة لن يهدأ لهم بال حتى القضاء على قوات الدعم السريع في جميع أنحاء البلاد. ووصف حسين في تصريح لوكالة السودان للأنباء عملية الإنزال الجوي التي نفذها سلاح الجو التابع للجيش بمدينة الفاشر بأنها كانت ناجحة. ولفت إلى أن نجاح الإنزال الجوي يضاف إلى سلسلة الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش والقوة المشتركة على قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة. وقال مصدر عسكري سوداني يوم الأحد الماضي إن الجيش نجح في إمداد الفرقة السادسة مشاة بالفاشر عبر إسقاط جوي بعد حصار دام أكثر من عام.