وزارة التربية تُقيّم الفصل الأوّل    ناصري يؤكد أهمية التنسيق البناء بين المؤسّسات الوطنية    إحباط محاولات إدخال 26 قنطاراً من الكيف    توفير 500 منصب عمل جديد بتندوف    تنظم منتدى التربّصات بحضور أكثر من 150 مؤسّسة    نقطة تحوّل في المسيرة النضالية للجزائريين    خيام النازحين تغرق في الأمطار    التصعيد العدائي الفرنسي يتزايد    هل يُقابل ميسي رونالدو في المونديال؟    خُطوة تفصل الخضر عن المربّع الذهبي    الوالي يأمر بمضاعفة المجهودات وتسليم المشاريع في آجالها    نجاح أوّل عملية استبدال كلي لعظم الفخذ    بوعمامة في طرابلس    جداريات الأندية الرياضية تُزيّن الأحياء الشعبية    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    قمع غير مسبوق يتعرض له الصحفيين وكذا ازدواجية المعايير    إطلاق خدمة دفع إلكتروني آمنة من الخارج نحو الجزائر    الإطاحة بشبكة إجرامية من 3 أشخاص تزور العملة الوطنية    خنشلة : توقيف 03 أشخاص قاموا بسرقة    رئيس الجمهورية يبعث برسالة تخليدا لهذه الذِّكرى المجيدة    سعيود يترأس اجتماعا تنسيقيا مع مختلف القطاعات    إجماع وطني على قداسة التاريخ الجزائري ومرجعية بيان أول نوفمبر    اللقاء يدخل ضمن الحوار الذي فتحته الرئيس مع الأحزاب    المنتخب الوطني يفوز على منتخب العراق 2- 0    عطاف يستقبل من طرف رئيس الوزراء اليوناني    اليمين المتطرّف الفرنسي يتمسّك بنهج المشاحنة مع الجزائر    تبادل الخبرات في المجال القضائي بين الجزائر والكويت    مواضيع مطابقة لريادة الأعمال كمذكرات تخرّج للطلبة    تأكيد على دور ريادة الأعمال والابتكار    موقع سكني بحاجة لثورة تنموية    "الخضر" في طريق مفتوح للمربع الذهبي    قمة واعدة بين "الصفراء" و"الكناري"    المجتمع الدولي مطالب بالتدخل العاجل    الجنوب.. مستقبل الفلاحة والصناعات التحويلية    إلغاء عقود امتياز ل 15 مشروعا لتربية المائيات بوهران    نقاش الإشكاليات بين التاريخ والمعرفة    إزالة 80 توسعة عشوائية بوادي تليلات    بين الأسطورة والهشاشة والهوية الأصلية    حملة تحسيسية لتعزيز وعي المستهلك    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    فتاوى : اعتراض الأخ على خروج أخته المتزوجة دون إذنه غير معتبر    إصرار لدى لاعبي منتخب العراق    مجموعة العمل المعنية بحقوق الإنسان في الصحراء الغربية..المجتمع الدولي مطالب بالتدخل لوقف قمع الصحراويين بالمدن المحتلة    ملتقى حول قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية : تغييرات جوهرية في التعامل مع قضايا المخدرات    مولودية الجزائر تُعمّق الفارق في الصدارة    ملتقى علمي حول أصالة اللغة العربية ومكانتها العالمية    إطار جبائي للشركات والبحث في إفريقيا    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المنتخب الجزائري يحسم تأهله إلى ربع نهائي كأس العرب بعد فوزه على العراق    3 رؤى سينمائية للهشاشة الإنسانية    عندما يصبح الصمت بطلا    نحن بحاجة إلى الطب النبيل لا إلى الطب البديل..    المسؤولية بين التكليف والتشريف..؟!    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب الجزائري لا يفرّط في ثوابته
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 12 - 2025


مراصد
إعداد: جمال بوزيان
مع الانفتاح على اللغات والثقافات والأفكار
الشعب الجزائري لا يفرّط في ثوابته
تَرصُدُ أخبار اليوم مَقالات فِي مختلف المَجالاتِ وتَنشُرها تَكريمًا لِأصحابِها وبِهدفِ مُتابَعةِ النُّقَّادِ لها وقراءتِها بِأدواتِهم ولاطِّلاعِ القرَّاءِ الكِرامِ علَى ما تَجودُ به العقولُ مِن فِكر ذِي مُتعة ومَنفعة ... وما يُنْشَرُ علَى مَسؤوليَّةِ الأساتذةِ والنُّقَّادِ والكُتَّابِ وضُيوفِ أيِّ حِوار واستكتاب وذَوِي المَقالاتِ والإبداعاتِ الأدبيَّةِ مِن حيثُ المِلكيَّةِ والرَّأيِ.
*****
أنا شاوي لكن...!
أ.د.عز الدين كيحل
أنا من منطقة الأوراس معقل الشاوية وهو شيء أعتزّ به ومثل هؤلاء الشاوية لديّ انتماء واحد هو الإسلام ولغة واحدة هي العربية وأرض تلتئمنا جميعا هي الجزائر وبناء على هذا خلت منطقتنا من النعرات الاثنية والعصبيات الجاهلية أما اللسان الشاوي فهو لهجة محلية فيها أوجه شبه واختلاف مع لهجات بلاد القبائل ووادي ميزاب ونحوها يستعملها بعض الناس في التواصل الضيّق فيما بينهم بلا عقدة لا منها ولا من العربية ولا يحاولون فرض لهجتهم على أحد وشتان بين اللغة الجامعة واللهجة المحلية وقد حاولت أصوات الشقاق الامتداد إلى الشاوية منذ مدة –خاصة بعد تجربة الديمقراطية أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات– لكن الأقحاح من الرجال والنساء وعامة الناس كانوا لها بالمرصاد فخرست لأنها لم تكن دعوة بريئة بل هي كما يعلم الجميع جزء من مخطّط قديم متجدّد يستهدف ثوابت الشعب في إطار سياسة فرّق تسُد بدأ برفع شعارات الحقوق الثقافية لينتهي إلى تجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم بخلق كيانات صغيرة وهويّات مصطنعة هزيلة يتيسر معها التحريش والاستفزاز لابتلاعها جميعا.
أنا شاوي لم أرَ في حياتي كلها ولم أسمع ولو مرّة واحدة أحدا يهمّش اللهجة المحلية كما لم أر ولم أسمع أحدا يرفعها إلى مقام اللغة الوطنية أو يطالب بذلك (إلا رجلا سياسيا يبدو لي أقرب إلى الخبال خاض في الأمر أثناء فترة الديمقراطية المقبورة فما التفتَ إليه أحد وطواه النسيان) بل رأيت الجميع ينضوون تحت ظلال الشعار الخالد: الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا ويردّدون مع صاحبه الإمام ابن باديس رحمه الله: شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب .
أنا شاوي ورغم ما يُقال عنّا من خشونة الرأس فإني متفتّح على اللغات والثقافات والأفكار التي تعجّ بها الدنيا فلم يُغرِني شيء من ذلك بترك لغتي العربية ولا ديني الإسلام ولا وحدة شعبي من أجل دعوات اكتشفتْ منذ 50 سنة فقط أن للجزائر لغة أخرى أو دينا آخر أو تاريخا آخر!.
كم أتمنى أن أتعلّم أنا وأبنائي وأحفادي مزيدا من اللغات لكنها لغات حيةّ لا ميّتة ولا لهجات محلية –هي محترمة على كل حال لكنّها تبقى لهجات كما هو الشأن في كلّ بلاد العالم– ولأنها لهجات من جهة ومحلية من جهة أخرى فلا يمكن أن تكون قاسما مشتركا بين شعب كبير فضلا عن أن تحلّ محلّ اللغة العربية... لأن هذا هو بيت القصيد: إحلالها محلّ العربية ضمن خطّة تكتم غاياتها ومآلاتها ليخلو الجوّ في النهاية ليس لهذه اللهجة أو تلك وإنما للفرنسية التي يحيا عليها القوم ويموتون هي حبّهم وهيامهم ومنتهى آمالهم أن تكون هي سيدّة الموقف في بلد هزيل يسبّح بحمد فولتير وجان دارك و إيديت بياف إنهم ليسوا مع هذه اللهجة أو تلك اللغة ولكن مع انتصار حرف غ –الغين– الذي تفرّدت به فرنسا على حرف الضاد الذي لا يحمل مجرّد لغة لكن شعيرة من شعائر الإسلام ووسيلة من وسائل التواصل العالمي وأتساءل: كيف يخفى هذا الأمر الواضح على بعض الطيّبين الذين يحبون الإسلام ويكرهون العربية أو يسمحون للعربية بالوجود على أن تُحشر في الزاوية الضيقة لصالح اللغة الأصلية للجزائريين؟ العربية هي لغتنا الأصلية على أنقاض لهجات محلية لا يحاربها أحد إلا من لديه أغراض أخرى تحركها السياسة الناقمة على ثوابتنا فهو يوظفها لأغراضه.
لم تقدر العشرية الحمراء –لا أعادها الله علينا– على تفتيت الجزائر وخلق كيانات متناقضة في وسطها وأطرافها رغم محاولات حثيثة تغذيها فرنسا وتؤطّرها وعجزت عن ذلك فرنسا ذاتها طيلة الاحتلال كما انقشعت بسلام غيوم الأزمة البربرية أواخر أربعينيات القرن العشرين بفضل رصانة أقطاب الحركة الوطنية ويقظة الشعب الذي قد يفرّط في كل شيء لكنه لا يفرّط في ثوابته مهما تكن الضغوط لكن فعلها دستور بوتفليقة حين عجز عنه كل هؤلاء.. فقط لإرضاء غلاة العلمانيّين التغريبيّين البربريست رغم أنهم أقلية هامشية.
مهما يكن من أمر فأنا الشاوي سأبقى أطلق على أبنائي وأحفادي أسماء عقبة وحسان وعبد الحميد وعبد القادر وفاطمة وألقّنهم اللسان العربي بالإضافة للإنجليزية ونحوها من اللغات الحية كما أشبعهم بفكرة الأمة الواحدة الكبيرة المترامية الأطراف بدل الحدود التي رسمها الاستدمار فضلا عن تلك التي يقيمها أتباعه في البلد الواحد نكاية في الدين واللغة والتراث ووحدة الشعب.
إذا طالب بعضهم –وفيهم مع الأسف من يفعل ذلك عن حسن نية وربما كان عرضة لغسيل المخّ– بترقية اللهجات الأصلية المتعدّدة إلى مصافّ اللغات الرسمية فإني أطالب بمزيد من العناية بالعربية وحسن تدريسها وإنهاء تهميشها لصالح الفرنسية.
وإذا تغنّوا بالشنشنة المشروخة عن العِرق الجزائري وأصالته فأنا الشاوي لن أنخدع بمثل هذه الشعارات المعسولة وأبقى متمسّكا بالإسلام دينا والعربية لغة وطنية رسمية وبهذه البلاد الطيبة وطنا ضمن الأمة الواحدة الكبيرة التي لن أتنكّر للانتماء إليها لصالح انتماء اجتُثّ من الأرض ما له من قرار أنشأته السياسة وحدها... وأعلم أن رأيي هذا هو ما عليه أغلبية الجزائريين وعلى رأسهم الشاوية وأصلاء القبائل وبني ميزاب.
إننا امام الثمار المرّة لما زرعته العلمانية المتطرّفة و الشوفينية المقيتة... أنا شاوي لكني لستُ شيئا إلا بالإسلام والعربية.
/////
في ظل انكسار الموقف الإسلامي
بين عقيدة إسرائيل الدينية المتقدة وعقيدة كتائب القسام الصلبة
أ.فاتح مومن
من يتأمل المشهد في فلسطين يدرك منذ الوهلة الأولى أن ما يجري ليس صراعًا عاديًا بين طرفين متخاصمين بل هو اشتباك وجودي بين عقيدتين متجذرتين في التاريخ الديني والسياسي للحضارات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام ف إسرائيل مهما حاولت تغليف خطابها بعبارات السياسة الحديثة تظل مشروعًا يقوم في جوهره على عقيدة دينية متقدة ترى في الأرض التي تحتلها عهدًا مقدسًا ووعدًا إلهيًا لا يمكن التنازل عنه تحت أي ظرف من الظروف هذه العقيدة تمنحها قوة تعبئة داخلية هائلة وتحوّل جنودها إلى أدوات في تنفيذ وعد السماء وتربط حاضرهم بماض توراتي يضفي على الحرب معنى قدريًا يتجاوز الحسابات العسكرية.
ويتضاعف أثر هذه العقيدة عند ما تندمج مع الدعم الغربي غير المشروط وهو دعم لا يقوم على المصالح الاستراتيجية فحسب بل على جذور لاهوتية في المسيحية الغربية التي تبنّت خلال القرون الأخيرة رؤية صهيونية ماسونية ترى في قيام إسرائيل خطوة مركزية لاقتراب الخلاص وفق روايتهم الدينية ولهذا يصبح الدفاع عن إسرائيل للعديد من القوى الغربية أشبه بالتزام روحي وواجب ديني مقدس يتجاوز السياسة ويتغلغل في الثقافة والتعليم والهوية الدينية للمجتمع الغربي وهنا لا نتحدث عن تحالف بين دولة ودول بل عن اصطفاف عقائدي كامل يرى في إسرائيل تجسيدًا لنبوءة مقدسة لا يجوز معارضتها.
وعلى الجهة المقابلة تنبثق عقيدة كتائب القسام من تجربة مختلفة تمامًا تجربة شعب محاصر منذ عقود تحوّل فيها الإسلام من مجرد انتماء ديني إلى منظومة بقاء ومصدر للمعنى وقدرة على الصمود ف القسام لا تقرأ المواجهة باعتبارها نزاعًا على حدود أو تفاوضًا على دولة بل باعتبارها صراعًا وجوديًا بين مشروع يستند إلى استدمار ديني مدعوم عالميًا ومشروع مقاوم يستمد شرعيته من تاريخ الأمة الإسلامية وفهمها للجهاد بوصفه واجبًا للدفاع عن الأرض والعقيدة ليتشكل مقاتل القسام عبر منظومة نفسية وروحية تجعل الاستشهاد قمة اليقين والصبر باب النصر والثبات أساس المعركة فلا يتحرك بدافع وطني فقط بل بدافع عقدي يجعل المواجهة ذات طابع قدسي.
ورغم هذه القوة الإيمانية الصلبة فإن القسام تجد نفسها تقاتل في عزلة شبه كاملة عن محيطها الإسلامي الواسع إذ تعيش الأمة الإسلامية حالة انقسام سياسي وضعف في الإرادة وتشتت في الأولويات وتبعيات اقتصادية تجعل القرار الجماعي أقرب إلى المستحيل فتحوّل الأقصى في الوعي الرسمي العربي إلى شعار أكثر منه قضية فعلية بينما وجدت المقاومة نفسها في مواجهة منظومة عالمية كاملة تشمل السلاح والإعلام والدبلوماسية دون أن تجد إلى جانبها سوى إرادة شعبها وصلابة عقيدتها وهكذا وقعت المفارقة القاسية: عقيدة دينية صهيونية مدعومة من الغرب المسيحي مدعومة بقوة هائلة في مقابل عقيدة مقاومة إسلامية تُترك وحدها في الميدان.
وربما تكمن خطورة القسام في نظر الغرب في كونها ليست مجرد جناح عسكري بل نموذجًا لعقيدة تحررية قادرة على إعادة تشكيل الوعي الإسلامي كله لانها تمثل إمكانًا جديدًا لنهضة تقوم على الكرامة والفاعلية والتحدي وهو ما يتعارض مع النظام الدولي القائم على تكريس الهيمنة ومنع الشعوب المستضعفة من امتلاك قرارها لذلك لا يُنظر إلى المقاومة على أنها مشكلة أمنية فقط بل بصفته تيارا فكريا وروحيا وسياسيا يمكن أن يغيّر موقع العالم الإسلامي في خريطة القوة الدولية وهذا ما لا يرغب الغرب في حدوثه.
إن الصراع اليوم في عمقه الأعمق هو صدام بين عقيدة إسرائيلية لا تؤمن بالتعايش لأنها ترى في الأرض عهدًا إلهيًا لا يقبل المساومة وبين عقيدة قسامية تعد المقاومة فريضة لا يمكن إسقاطها لأن فلسطين ليست مجرد أرض بل مسألة هوية ورسالة ودفاع عن أولى القبلتين وما بين العقيدتين تقف الأمة الإسلامية في موقع المتفرّج المقهور تبحث عن ذاتها وتعيش انكسارًا تاريخيًا جعلها عاجزة عن تحويل مشاعرها إلى فعل مؤثر.
ولا يبدو أن هذا الصراع يتجه إلى تسوية قريبة لأن جذوره ليست سياسية بل لاهوتية ولا لأن أطرافه لا يملكون الإرادة بل لأن الإيمان المتقد في الجانبين يجعل من كل جولة حرب جزءًا من معركة أكبر تمتد في الوعي والذاكرة والرموز تمهيدا لمعارك وحروب أرمجدون أو ما يسمى الملحمة الكبرى عند المسلمين ففلسطين اليوم ليست أرضًا محتلة فقط بل مرآة تعكس أزمة حضارية عالمية وتجسّد صدام رؤيتين للإنسان والعدل والحق والقوة وبين هذه الرؤى المتصارعة يبقى الشعب الفلسطيني هو من يدفع الثمن الأكبر بينما يستمر التاريخ في تشكيل مصائر الأمم من جديد على تراب هذه الأرض الصغيرة التي تتقاطع فيها السماء مع الأرض.
المرأة وعقدة الجسد!
أ.مرام بن مسعود
ما تزال المرأة في صراع مع تكوينها الفطري ثم مع الزمن وسطوته تدعي العداوة مع غريم تسعى نحوه بكل ما أوتيت من رغبة وحتى أنها تضرب بعرض الحائط نصوص الوحي إن هي خالفت هواها ثم ها هي تتعامل مع جسدها المعروض على شكل أحرف من زئبق تتنافر ثم تعود لتتواصل في حلقة مفرغة تثير الدهشة لدى السّارح في معروض لا يُعلم من مراده غير أنه يريد مرادا لذاته التي ترفض الإرادة نفسها إنها متاهة في الفراغ تماما مثل معضلة الحلاق الذي يحلق لنفسه ولكن لا ينبغي له وبالتالي لا يحلق لنفسه وبالتالي لا بد أن يحلق لنفسه!.
ولأ تجعل في المقابل القارئ عموما والرجل خصوصا والذي عادة ما يكون غير مكترث بجسد صاحبة الحرف إلى قمة الحساسية والانتباه للفوارق الحسية والمعنوية بينه وبين المرأة فلا يمكنه إذ ذاك إلا أن يعاملها كجسد وكلماتها كنثرات تفوح منها تناقضاتها الفكرية وفي وصف هذه الفوضى تقول الناشطة الأمريكية غلوريا ماري ستاينم: لقد أصبحنا الرجال الذين أردنا أن نتزوجهم .
وفي الحقيقة على المرأة أن تختار أحد طريقين:
الأول: التستر.. ثم لتكون أنثى بكل ما تعنيه الكلمة وتسطّر نفسها بين بنات جنسها بكل اعتزاز وفخر فقد خلقها الله في أحسن تقويم ومنحها كل المميزات التي تجعلها حالة فريدة من نوعها لا تحتاج إلى مزاحمة أحد على مزاياه ولا الشعور بالنقص لتصبح في حالة تدمّر وتظلم من تسلط الرجل وذكوريته ولعمري إنه أرقى أشكال الظهور الذي تشع منه شآبيب الرقة والحنان...
أما الطريق الثاني: فهو العقل أن تُخاطِب وتُخاطَب عقلا لعقل وفهما لفهم في حالة تناغم لا يعكر صفوها شرائب الإغراء كالميوعة والخضوع في القول ولا حب التسلط والقفز على المراحل وتخطي الرقاب ولا يمكن في حالتها هذه إلا أن تكون محط تقدير واحترام.. ولعلنا نستشف هذا النموذج من صحابية فاضلة لُقبت بخطيبة النساء وزعيمتهن المدافعة عن حقوقهن كما ذكر ذلك الخطيب البغدادي وابن حجر العسقلاني لأنها كانت تبادر وتسأل النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع ومن أهم تلك المواضع ما جاء في قصة العيد عند ما قال النّبي عليه الصلاة والسلام للنساء: أنتن أكثر حطب جهنم فقالت امرأة كما في رواية مسلم من وسط النساء سفعاء الخدين وفي رواية جزلة لم يا رسول الله؟ قال: لأنّكن تكفرن العشير وتكثرن الشكاة واللعن الخ... قال ابن حجر في الفتح: إنها أسماء بنت يزيد...
وفي رواية أتت أسماء النبي وهو بين أصحابه فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك. وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مجاهدًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم. أفما نشارككم في هذا الأجر والخير...؟
فالتفت النبي إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي إليها فقال: افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله . فانصرفت أسماء بنت يزيد وهي تهلل وتكبر فرحا واستبشارا لله درها ما أذكاها ولأنها حسنة الفهم لم تشعر بالنقص ولا الحاجة لاستظهار العضلات بل تفهمت الفوارق الجسدية بينها والرجل وتكوينها الفطري الذي يميل بها نحو الدعة والرقة...
وحين استعرضت أسباب تفضيل الرجال نراها فهمت أن هذا التفاضل من حيث التكليف والأوامر لا الجزاء والإجزاء!.
-لماذا المرأة؟
رغم كل خططه وقوته واستبداده يصرّ الغرب على تعرية المرأة وتوجيه سهامه نحوها مرة بدعوى التحرر وأخرى بدعوى الحقوق وغيره من الدعاوى الزائفة ومخطئ من يظن أن هذه السهام وجهت للمرأة المسلمة فقط بل بالعكس كانت المرأة الغربية الضحية الأولى لهذه النظريات الملعونة حتى وصلت المجتمعات الغربية إلى ما وصلت إليه من انحدار أخلاقي تام من انتشار للفاحشة والشذوذ وتفكك الأسر وضياع الأجيال...
تقول مارلين مونرو - أشهر ممثلة إغراء - في رسالتها التي أودعتها صندوق الأمانات في أحد بنوك نيويورك ردا على رسالة جاءتها قبل انتحارها من إحدى الفتيات تسألها عن العمل في السينما فقالت: احذري المجد احذري من يخدعك بالأضواء إني أتعس امرأة على هذه الأرض! لم أستطع أن أكون أما إني امرأة أفضل البيت أفضل الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة بل الإنسانية لقد ظلمني الناس وإن العمل في السينما يجعل المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة التوقيع: مارلين مونرو .
لأن ضياع المجتمعات وانحلالها نتيجة حتمية لضياع المرأة وخروجها عن فطرتها التي فطرت عليها كان التركيز عليها لخلق النكبات وهو مخطط كبير حرصت عليه المنظمات السرية التى تملك زمام الأمور وتعمل على بسط سلطتها على الدول عامة والإسلامية خاصة حين أجبرت هذه الأخيرة على التوقيع على اتفاقيات تمس مباشرة بمكانة المرأة وقيمتها المجتمعية مثل اتفاقية سيداو ..
ولاهم مكانة المرأة في المجتمع يحسن بنا العودة إلى نصوص الوحيين يقول تعالى في محكم التنزيل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . [سورة الحجرات الآية 13] وفي هذه الآية يُبين القرآن أن لا فضل للذكر على الأنثى أو العكس إلا بالتقوى والعمل الصالح. يُذكر أن الإعلان التاريخي الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق بالمرأة وحقوق الإنسان والذي ينص على: (يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق) قد أٌقر في 10 نوفمبر 1948 م مما يعني أن الإسلام قد سبق بذلك العديد من التشريعات العالمية المعاصرة في موضوع المساواة بين الجنسين بما لا يقل عن ألف عام.
كما يذكر التاريخ أيضا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبل وفاته بأيام قليلة خرج على الناس وكان مريضًا بشدة وألقى آخر خطبة عليهم فكان من جملة ما قاله وأوصى به: أيها الناس الله الله في الصلاة الله الله في الصلاة . بمعنى أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا على الصلاة وظل يرددها إلى أن قال: أيها الناس اتقوا الله في النساء اتقوا الله في النساء اوصيكم بالنساء خيرا .
ويقول عالم النفس الاجتماعي الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب : فضل الإسلام لم يقتصر على رفع شأن المرأة بل نضيف إلى هذا أنه أول دين فعل ذلك .
وإنه لحريٌّ بنا أن نتعلم تعاليم ديننا من مصادرنا الأصيلة بعيدا عن إملاءات من يعمل لصالح حضارته وأسلوب حياته فهل يعقل أن يريد بنا خيرا وهو في أحسن أحواله يرانا أقل شأنا ومادة خصبة للنهب والنصب والتاريخ بل الواقع خير شاهد على هذا المسلك.
/////
بين الألقاب الحقيقية والصفات الوهمية:
كيف تُصنَع المكانة الاجتماعية!؟
* أ.صافي محمد مظهر أحمد
تُعدّ الألقاب الفخرية ظاهرة قديمة تتجدد باستمرار وقد اكتسبت أهمية اجتماعية ورمزية كبيرة فهي تعبير عن تقدير المجتمع أو المؤسسات لشخصيات قدّمت منجزًا أو أثرا واضحًا في مجالات مختلفة. غير أن هذه الظاهرة لم تخلُ من الانحرافات إذ تحوّلت في أحيان كثيرة إلى وسيلة للوجاهة الاجتماعية أو المتاجرة بالألقاب سواء عبر جامعات غير معترف بها أو جهات تفتقر إلى أي معيارية في منح التكريم.
وعند ما تكون الجهة المانحة جامعة رسمية معروفة فإن الدكتوراه الفخرية تشكّل علامة تقدير معنوية لا تخوّل حاملها استخدام صلاحيات أكاديمية بل تمنح باعتبارها وسام شرف. إلا أن بعض الجهات غير المرخّصة استغلت هذا النوع من التكريم فتحوّل إلى سلعة تُمنح مقابل المال أو العلاقات أو بغرض الترويج الإعلامي. وقد شهدت السنوات الأخيرة عددا من الحالات التي أثارت جدلا واسعا فهناك أشخاص حصلوا على دكتوراه فخرية من مؤسسات لا وجود لها إلا على الورق أو عبر الإنترنت أو من أكاديميات تجارية لا تحمل أي اعتماد. في كثير من هذه الحالات تدخلت وزارات التعليم أو الهيئات الأكاديمية لتوضيح أن تلك الشهادات لا قيمة علمية لها وتم التحذير من استخدامها. بعض الدول أصدرت بيانات رسمية تُجرّم استخدام لقب علمي غير معترف به فيما قامت جهات إعلامية بنشر تقارير لكشف الجامعات الوهمية التي تبيع الدرجات العلمية. وقد أدى ذلك إلى سحب الاعتراف الاجتماعي من بعض الحاصلين على هذه الألقاب وأُجبر البعض على التراجع عن استخدامها علنًا تجنبًا للمساءلة القانونية أو الأخلاقية.
ولا يقتصر الأمر على الألقاب الأكاديمية بل يمتد إلى انتحال الصفات المهنية. فصفة كاتب أو إعلامي أو صحفي باتت تُستخدم بيسر رغم أن لكل منها شروطا مهنية واضحة. كثير من الأشخاص يقدمون أنفسهم باعتبارهم كتّابا دون أن يملكوا أي منتج مكتوب أدبيّا كان أو صحفيا أو فكريا. وقد ظهرت ظاهرة إطلاق صفة كاتب على أشخاص لم ينشروا كتابًا ولا مقالًا ولا دراسة ولا يحملون أي تجربة في مجال الكتابة سوى الظهور العابر على مواقع التواصل. هذا النوع من الانتحال على الرغم من أنه قد يبدو بسيطًا إلا أنه يسيء للكتّاب الحقيقيين ويشوّه قيمة الإنتاج المعرفي ويخلق حالة من التضليل لدى الجمهور.
في بعض البلدان تُعد صفة صحفي أو إعلامي محمية قانونيًا ويجري معاقبة من يستخدمها دون عضوية مؤسسات مهنية أو دون عمل فعلي في الصحافة. وقد سُجلت حالات أحيل فيها أفراد للقضاء بسبب تقديم أنفسهم بصفتهم صحفيين للحصول على مزايا أو نفوذ أو وصول إلى جهات رسمية. وفي حالات أخرى تم حظر أشخاص من الظهور الإعلامي بعد انتحالهم صفات مهنية دون امتلاك أي مؤهل. أما صفة كاتب تحديدًا فهي أقل حماية قانونية لأنها أقرب إلى توصيف إبداعي لكن يمكن محاسبة المدّعي حال استخدم الصفة لتحقيق مكاسب مهنية أو شخصية مبنية على تضليل كما يمكن للمؤسسات الثقافية والإعلامية رفض منحه هذه الصفة أو التعامل معه باسمها وتقوم بعض دور النشر عادة بكشف الادعاءات عبر طلب نماذج مكتوبة أو أعمال منشورة.
تعود أسباب هذه الظواهر إلى عوامل اجتماعية وثقافية ونفسية أبرزها غياب المعايير الواضحة لتقييم الإنتاج الفكري وضعف الرقابة القانونية وانتشار وسائل التواصل التي تسمح لأي فرد بتقديم نفسه بما يشاء دون تحقق. كما يلعب تقديس الألقاب دورًا مهمًا إذ يرى البعض في اللقب اختصارًا للطريق نحو المكانة فيلجأ إليه دون اجتهاد حقيقي أو مسار مهني واضح. يضاف لذلك وجود جهات تستغل هذا التوجه لتحقيق أرباح عبر بيع شهادات أو منح ألقاب بلا أي أساس أكاديمي.
التعامل مع هذه الظواهر يتطلب وعيًا اجتماعيًا لا يقل أهمية عن القوانين. على المجتمع أن يربط بين اللقب وبين الإنجاز وأن يُسائل من يقدّم نفسه بما لا يملك. كما ينبغي للمؤسسات الأكاديمية والثقافية أن تعلن بوضوح الجهات المعترف بها وأن تُفند الشهادات الوهمية كلما ظهرت. أما الإعلام فعليه مسؤولية مضاعفة في التثبت من صفات الضيوف وعدم الترويج للمدّعين. وفي المقابل يجب تشجيع الأفراد على احترام المسار الطبيعي لكل مهنة أو لقب وبناء مكانتهم عبر عملهم وإنتاجهم لا عبر ألقاب سريعة لا تصمد أمام النقد ولا الزمن.
إن مواجهة هذه الظواهر ليست مسألة شكلية بل مسألة تتعلق بالنزاهة الفكرية والأخلاق المهنية. فحين يفقد اللقب قيمته ويُستباح استخدامه بلا معيار يصبح المجتمع أكثر هشاشة ويضعف احترام الكفاءات الحقيقية. ولهذا فإن الخطوة الأولى نحو الإصلاح تبدأ بالاعتراف بالمشكلة ثم بإعادة الاعتبار للجهد الحقيقي الذي يستحق وحده أن يُكافأ بلقب أو صفة أو تقدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.