81 مشروعا جمعويا يستفيد من برنامج دعم وتمويل الشباب لسنة 2025    ارتفاع صادرات ميناء الجزائر بأكثر من 42% خلال الثلاثي الثاني من 2025    جيش الاحتلال يدمر "برج الكوثر" في غزة..استشهاد 26 فلسطينيا بغارات إسرائيلية    بوغالي يرحب باعتماد الأمم المتحدة قرارا مؤيدا ل"إعلان نيويورك" حول حل الدولتين    أم البواقي.. الانطلاق قريبا في إنجاز مشروعين للماء الشروب بعين كرشة وعين ببوش    وزير الشباب يزور المخيم التكويني للوسيط الشبابي للوقاية من المخدرات بزرالدة    إفريقيا لم تعد تقبل بالأمر الواقع    معرض الجزائر سيسهم في سد فجوات تنموية    كريمة طافر تترأس اجتماع عمل    افتتاح الدورة البرلمانية: بوغالي يترأس اجتماعا تحضيريا مع رؤساء المجموعات البرلمانية    التزام ثابت ومقاربات فعّالة لخدمة القارّة    غالي يدعو إلى الضغط على المغرب    خطة صهيونية لتهجير فلسطينيي غزّة    حماية الأطفال والشباب تحتاج منظومة واقعية وجذابة    التسجيل في التحضيري يبدأ يوم 28 سبتمبر    تحديد هوية الإرهابيين المقضي عليهما    ترسيم سيفي غريب وزيرا أول وتكليفه بتشكيل الحكومة    اليوم الدولي للديمقراطية : مجلس الأمة يبرز الخطوات المحققة لصالح تمكين المرأة في الجزائر    سوق أهراس تستقبل الموروث الثقافي لولاية إيليزي    البطولة الإفريقية للأمم لكرة اليد لأقل من 19 سنة إناث: المستوى الفني كان "جد مقبول"    توقيع عقود شراكة خلال أيام المعرض فاقت 48 مليار دولار    توقف 03 أشخاص في قضيتين متفرقتين    ضبط أزيد من 2 كلغ من الكيف المعالج    توقيف شخص و حجز 10ألاف مؤثر عقلي    الأولوية الآن بالنسبة للفلسطينيين هي حشد الاعتراف"    الرابطة الأولى "موبيليس" (الجولة الرابعة): النتائج الكاملة والترتيب    لا دعوى قضائية من مالي ضد الجزائر    ماكرون في عين إعصار غضب "الخريف الفرنسي"    قسنطينة: مشاركة مرتقبة ل10 بلدان في الطبعة ال13 للمهرجان الثقافي الدولي للمالوف من 20 إلى 24 سبتمبر    "مدار" توقّع مذكرة لتصدير السكر إلى ليبيا    تسريع وتيرة إنجاز صوامع تخزين الحبوب عبر الولايات    إصابة آيت نوري تتعقد وغيابه عن "الخضر" مرة أخرى وارد    آدم وناس يسعى لبعث مشواره من السيلية القطري    عوار يسجل مع الاتحاد ويرد على منتقديه في السعودية    متابعة لمعارض المستلزمات المدرسية وتموين السوق    وفاة سائق دراجة نارية    التحضير النفسي للأبناء ضرورة    إشادة ب"ظلّ البدو" في مهرجان تورونتو    الدرك يضع حدا لنشاط شبكة إجرامية    حفر في الذاكرة الشعبية واستثمار النصوص المُغيَّبة    "سفينة المالوف" تتوج الدورة ال13 للمهرجان الدولي بقسنطينة    المهرجان الدولي للرقص المعاصر يعزف "نشيد السلام"    مشاريع سينمائية متوسطية تتنافس في عنابة    «نوبل للسلام» يقين وليست وساماً    مؤسّسة جزائرية تحصد الذهب بلندن    بقرار يتوهّج    آيت نوري ضمن تشكيلة أفضل النجوم الأفارقة    الديوان الوطني للحج والعمرة يحذر من صفحات مضللة على مواقع التواصل    الفنان التشكيلي فريد إزمور يعرض بالجزائر العاصمة "آثار وحوار: التسلسل الزمني"    الديوان الوطني للحج و العمرة : تحذير من صفحات إلكترونية تروج لأخبار مضللة و خدمات وهمية    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خمس دقائق للمحاسبة.. قبل النوم
نشر في أخبار اليوم يوم 25 - 12 - 2012

ستظل الفتاة دائماً قرة عين لوالديها، فمحبتها في القلب لها طعم خاص يختلف عن محبة البنين، ولا تزال لهفة الوالدين وخوفهما على البنات أكثر وأشد. وليس لديهما أمنية أعزّ من أن تكون ابنتهما حقاً هي خير ابنة علماً وخلقاً وسلوكاً.
وتنشئة فتاة منضبطة، ومثالية، لا يعني أن هذه الفتاة لا تخطيء أبداً. بالطبع لا. فالبشر - عدا الأنبياء- حتماً سيخطئون، لكن العاقل من الناس هو الذي لا يقف عند الخطأ فيكرره، ويصرّ عليه ليتحول إلى عادة وخلق ذميم. بمعنى أن يكون صاحب ضمير يقظ وانضباط ذاتي وهو ما سمّاه القرآن الكريم (النفس اللوامة) بل أقسم الله تعالى بها لكرامتها عليه، فصاحب النفس اللوامة في حالة تصحيح ومراجعة دائمة وتوبة مستمرة، قال تعالى: (لا أقسم بيوم القيامة، ولا أقسم بالنفس اللوامة) سورة القيامة.
والوصول بالفتاة إلى أن تكون صاحبة نفس لوامة. تلك الفتاة دائمة التقويم والتصحيح لتصرفاتها. يتطلب تربيتها على محاسبة النفس يومياً وتعويدها أن يكون لها مع نفسها وقفة كل ليلة في خمس دقائق قبل النوم..!
أعزائي المربين
لا يمكن للتربية الإسلامية المتمثلة في مؤسسة الأسرة وشخص الوالدين أن تصل بالنفس البشرية إلى مستوى الشخصية السامية المتكاملة، المتمثلة في الرسل والأنبياء، فهؤلاء رعتهم قدرة الخالق جلّ وعلا، واقتضت حكمته سبحانه أن يكونوا معصومين من الذنوب والآثام، ولكن أسمى ما يمكن أن تهدف إليه تلك التربية هو الوصول بالنفس إلى مستوى النفس اللوامة التي أقسم الله تعالى بها تشريفاً لها في قوله تعالى: (لا أقسم بيوم القيامة، ولا أقسم بالنفس اللوامة) سورة القيامة، وهي النفس المؤمنة اليقظة التي تلوم صاحبها إذا أخطأ، وتدفع به إلى اتباع الحق والتوبة عن المعصية.
وعبارة (الضمير الحي) هي أقرب ما يكون إلى معنى النفس اللوامة في العصر الحاضر، وإنّ من أكبر ضمانات استمرار الابن والابنة على صحوة الضمير هو تربيتهم وتدريبهم على محاسبة النفس وتقويمها.
القرآن يأمرنا بتزكية النفس، ويدربنا على إصلاحها:
قال تعالى: (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دسّاها) سورة الشمس، وقال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى) سورة النازعات.
مما يبين أهمية العناية بالنفس، وضرورة محاسبتها فينفي عنها عيوبها، ويحاول تزكيتها بالأقوال والأعمال الصالحة.
ولذلك يبدأ الوالدان في دعوة الفتاة إلى محاسبة نفسها بعد أداء الأعمال، وذلك مستمد من قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) سورة الحشر، يعني ليوم القيامة أي: لينظر أحدكم أي شيء قدم لنفسه عملا صالحا ينجيه أم سيئاً يوبقه، فالله عز وجل يدعونا في هذه الآية إلى مراقبة الله عزّ وجلّ ومحاسبة أنفسنا قبل أن يأتي يوم الحساب.
ولا ينبغي أن ينتظر الوالدان حتى تكبر الطفلة وتصير فتاة يافعة، ثم يبدآن في لفت انتباهها إلى محاسبة النفس ومعالجة الأخطاء، بل من التربية الصحيحة أن تتربى الفتاة على ذلك منذ الصغر بتذكيرها دائماً أن الله مطلع عليها لا يخفى عليه شيء من أمرها.
وهذا هو منهجه صلى الله عليه وسلم في تربية الناشئين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: يا غلام !إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك..) أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وهذا الحديث العظيم تضمن ثمرة من ثمار المراقبة والمحاسبة، وهي أنّ الله تعالى يحفظ عبده في الدنيا من الآفات والمكروهات، وفي الآخرة من أنواع العقاب والدركات، وأنه إذا راعى حق الله تعالى وتحرّى رضاه كان الله معه ولم يتخلّ عنه.
وهكذا التبكير في تعويد الفتاة على دوام المراقبة ومحاسبة النفس وتزكيتها مع التوازن فيه، يعودها على الانضباط الذاتي ويقظة الضمير واستقامة السلوك ظاهراً وباطناً. (محمد شاكر الشريف: نحو تربية إسلامية راشدة، ص:102).
الإيمان بالملائكة وأثره في تعميق محاسبة النفس
الإيمان بالملائكة الكرام هو أحد أركان الإيمان الستة، والذي عليه تقوم التربية الإيمانية للفرد المسلم، لذلك لابد من ربط الفتاة بهذا الركن جيداً، وتذكيرها بأن الملائكة الكرام يكتبون كل شيء عمله المرء من خير أو شر، قال تعالى: (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) سورة الزخرف:80. أي ما يسرونه في أنفسهم ويتناجون به بينهم. بلى نسمع ونعل، ورسلنا لديهم يكتبون أي: الحفظة عندهم يكتبون أعمالهم.
إنّ تلاوة مثل هذه الآيات وتكرارها على سمع الفتاة، مستشهدين بها على أهمية محاسبة النفس سيدعوها بالفعل إلى الانتباه إلى ما يصدر عنها من أعمال، والمسارعة إلى التوبة والتصحيح الفوري للأخطاء.
خلق الإحساس والتأثر يثمر محاسبة النفس
الفتاة التي تحاسب نفسها تمتاز بالإحساس والتأثر، حيث يظهر هذا الخلق في حزن المرء على نفسه إذا أذنب، وندمه على ما بدر منه من خطأ، بحيث يدفعه ذلك إلى التوبة، جاء في الحديث الصحيح: (من سرته حسنته وساءته سيئته، فذلكم المؤمن) (رواه الترمذي وصححه. وصححه الألباني، راجع صحيح سنن الترمذي/رقم:1758).
ولكِ في أم المؤمنين أسوة حسنة، يروى عنها أنها كان بينها وبين ابن أختها عبد الله بن الزبير شيء، فنذرت ألا تكلمه، ثم تمّ الإصلاح بينهما، فكانت تذكر نذرها بعد ذلك وتبكي، حتى تبل دموعها خمارها. مع أن رجوعها في هذا النذر فيه وجه مستحسن من الشرع وهو عدم قطع الرحم، إلا أنها كانت تتذكر وجوب الوفاء بالنذر، فتبكي، رضي الله عنها! (محمود الخزندار:هذه أخلاقنا، ص:353).
فكيف بزماننا الذي أصبحت فيه المعاصي سهلة، ولها مناخ كبير من الفضائيات والأنترنت ورفقاء السوء، يهيئون وقوعها.. مما يجعل الحذر أوجب، والانتباه ودوام محاسبة الفتاة لنفسها ألزم وأشد تأكيداً.
من ثمرات المحاسبة سرعة الرجوع عن الخطأ والذنب
إذ لا يسرع إلى التوبة والاستغفار وتصحيح الأخطاء إلا مؤمنة تخاف الله تعالى، وتعرف أن عليها رقيب، وأنها ستحاسب وتؤاخذ بما تنوي وتقول وتفعل، ومحاسبة النفس تكون أيضاً في الأمور التي تتعلق بالطباع وهيئات النفوس، إذ بها تتهذب وتنكسر حدة الطباع السيئة وتخف آثارها، ولنضرب مثالا على ذلك بحدة الطبع وسرعة الانفعال والغضب، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يكون الرجل سريع الغضب قريب الفيئة فهذه بهذه، ويكون بطيء الغضب بطيء الفيئة فهذه بهذه. فخيرهم بطيء الغضب سريع الفيئة وشرهم سريع الغضب بطيء الفيئة). (رواه أحمد 3/61، وضعفه الألباني).
وعدم الاستهتار بالأخطاء والذنوب:
يثمر خلق المحاسبة عدم الاستهانة بالأخطاء واستصغارها، وفي الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (إنّ المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه، فقال به هكذا فطار) _ رواه البخاري-.
ولتكن خمس دقائق قبل النوم:
إنه أروع وقت للتعود على المحاسبة..عندما تخلد الفتاة للراحة.. وأثناء ترديد أذكار النوم، وقبل أن تستغرق فيه.. حيث تستدعى الذاكرة القريبة أحداث اليوم المنصرم لتعيشها صاحبتها مرة أخرى، ثم تبدأ بمحاسبة نفسها بصوت داخلي: ماذا قصدت بالعمل الفلاني؟ هل كنت حقاً أبتغي فيه وجه الله تعالى أم كنت أريد لفت أنظار صديقاتي؟ ولماذا اندفعت عندما عاتبتني أمي على كذا وكذا، فرفعت صوتي وأنا أشرح لها مبرراتي؟........إلى آخر هذه الأسئلة.
فإن وجدت الفتاة في أعمالها اليومية خيراً فلتحمد الله، وتدعو الله تعالى بالثبات على الطاعة والأخلاق الطيبة، وإن وجدت ذنباً أو تقصيراً فعليها أن تتوب وتندم، وتستغفر، وتجدد العهد مع الله تعالى بعدم العودة لذلك. (حنان عطية الطوري: الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة، ص:120).
وأخيراً:
إنّ تربية الفتاة على يقظة الضمير ومحاسبة النفس تعني بناء شخصية متوازنة تجاه ما تقتضيه الطبيعة البشرية من صدور الأخطاء، حيث تتعامل الفتاة مع الخطأ على أنه مجرد منعطف لا طريق مسدود..لأن الله تعالى جعل باب التوبة والمغفرة مفتوح ليل نهار، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله تعالي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) (رواه مسلم).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.