تعرف مختلف المعاهد والجامعات في الفترة الحالية حالة من الحركة سببها إجراء الامتحانات للسداسي الأول بمختلف التخصصات مما يعني زيادة نشاط مكاتب النسخ التي كثفت هي الأخرى من نشاطها لتلبية رغبات الطلاب وتوفير احتياجاتهم من مطبوعات تحتوي على دروس المواد أو كتب يتم نسخها وبيعها لهؤلاء الذين لم تتسن لهم الفرصة لحضور المحاضرات. ومن خلال تجوالنا بإحدى جامعات الجزائر وبالضبط بكلية علوم السياسة والإعلام لاحظنا أن هذه الأخيرة لا تزال تحافظ على مكانتها من حيث الطوابير غير المتناهية حول مكاتب النسخ التي وضعت تحت تصرفهم للحصول على ما فاتهم من دروس، حيث عمد الكثير من الشباب من طلاب الجامعة إلى تخصيص تلك المكاتب الصغيرة لتوفير كل ما يحتاج إليه الطالب من كتب ودروس بأثمان منخفضة طوال السنة الدراسية، وفي هذا الشأن أوضح الطلبة أن هذه الظاهرة سنوية وترتبط بموسم امتحانات السداسيين من كل سنة، وهي لا تقتصر على ذات الكلية، بل في أغلب الجامعات، وهو ما أكدته (رانيا): (يزداد نشاط هذه المكاتب أكثر بمجرد اقتراب موعد الامتحانات سواء للسداسي الأول أو الثاني حيث يعمل هؤلاء الأشخاص إلى أوقات متأخرة من المساء إلى غاية نهاية الطلبات المتوفرة لديهم، وأنا شخصيا أحبذ فكرة نسخ الدروس داخل الجامعة واعتبرها الحل الوحيد الذي يمكن الكثير منا الحصول على الدروس التي فاتته)، أما زميلتها (خديجة) فقد كانت ضد فكرة النسخ: (أعمل جاهدة على ألا أفوت أية محاضرة حتى لا أضطر إلى شرائها من هذه المكاتب أو نسخها من عند الزملاء لأنها في الكثير من الأحيان تكون غير مفهومة أو غير كاملة مما يعني تعريض نفسي لخطر الرسوب في الامتحان). اقتربنا أكثر من هؤلاء الطلاب الذين حضروا لشراء المطبوعات أو نسخها سألناهم عن سبب تواجدهم هنا وغيابهم عن المدرجات وجدنا أن الأسباب كثيرة تتعدد بتعدد الأشخاص فكل واحد وظروفه الخاصة به فمنهم من أرجعها إلى ملله من المحاضرات، حيث يقولون إن بعض الأساتذة يكررون أحيانا نفس المعلومات أو يملون نفس ما هو مكتوب في المطبوعة التي تباع وأحيانا يخرجون تماما عن موضوع المحاضرة، وهذا ما يعتبره البعض تضييعا للوقت لاسيما العاملين منهم أو من يدرسون أكثر من تخصص واحد، فيما أرجع البعض قلة الحضور إلى صعوبة التنقل خاصة خلال فترة الشتاء التي تعرف ببرودتها الشديدة مفضلين المنزل على الخروج والالتحاق بالجامعة ومنهم من أرجع السبب إلى الضغط الكبير الذي يتميز به النظام الجديد للدروس (ال أم دي)، بينما يوضح بعض الطلبة أنهم يحضرون دروسا معينة دون أخرى والتي عادة ما تكون رئيسية في التخصص، يكون الأستاذ مشهورا بأسئلته المعقدة، فيما يهملون المواد الأخرى. لكن هناك من يقول عكس هؤلاء تماما حسب ما أفادتنا به (سعاد):(أحرص يوميا على حضور جميع الدروس سواء فيما تعلق بالمحاضرات أو بالأعمال التطبيقية بصفة متواصلة من أجل تحقيق النجاح وتجنب دخول الامتحان الاستدراكي لأن المطبوعات بالنسبة لي تعتبر معلومة إضافية لا يمكن الاعتماد عليها كليا)، ومن جهة أخرى هناك من الأساتذة من لا يهتمون لعدد الطلبة الحاضرين، حيث يربطون نجاح المحاضرة بدرجة استيعاب الحضور بغض النظر عن عددهم، حيث يرون أن بعض الطلبة يجلسون في المدرجات جسدا فقط، أما فكرهم وتركيزهم فهو غائب وأحيانا يكون تأثيرهم سلبيا بالتشويش وعرقلة سير المحاضرة ما يضطر الأستاذ المحاضر إلى طلب انصراف عدد منهم حتى يحافظ على الهدوء داخل المدرج. لذا فإن عزوف الطلبة عن المحاضرات يعتبر خطرا يحذر منه الأساتذة بالنظر إلى تأثيره على مستوى الطالب المتخرج من الجامعة بغض النظر عن التخصص، وإذا كان العمل هو السبب الذي قدمه البعض لتبرير غيابه عن المحاضرات خلال السنة الجامعية فهناك من اعتبره غير كاف، لأن النظام الجديد (ال. ام. دي) يستلزم حضور جميع المحاضرات مقارنة مع النظام الكلاسيكي القديم الأمر الذي يستدعي صرامة أكبر من طرف جميع الطلبة والأساتذة المدرسين في نفس الوقت.