شركة الخطوط الجوية الجزائرية تستلم أول طائرة لها ضمن برنامج تجديد أسطولها    العمل على تشجيع الاستثمار واستكمال عملية تصنيف مواقع التوسع السياحي    انخفاض أسعار المواد المستوردة بنسبة 7ر2 بالمائة خلال النصف الأول من السنة الجارية    الأمطار الغزيرة تفاقم معاناة النازحين وتغرق خيامهم    القفز على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير سيكون هزيمة للنظام القانوني الدولي برمته    مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة    تأكيد على أهمية تكوين الحرفيين في التسويق حفاظا على الموروث الثقافي الجزائري    افتتاح الطبعة الأولى لجائزة وادي ريغ الوطنية للأدب والتاريخ    السيدة بن دودة تشرف على افتتاح المهرجان الدولي للفيلم القصير    الجزائر ستظل شريكا فاعلا في الجهود الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    هكذا تمارس "الخدمات الإلكترونية".. والحبس للمتلاعبين بالمعطيات الشخصية    تكامل جزائري- أممي للحفاظ على سيادة ليبيا    حنون تستنفر الشباب للمشاركة في الاستحقاقات القادمة    حركة تنموية استثنائية بولايات الجنوب    ضمان استدامة الخدمات الحيوية    خدمة قضايا المجتمع وتحسين جودة الحياة    يوم تكويني حول الخدمات النفسية في الأزمات والكوارث    إقبال كبير على محلات بيع الأعشاب لتفادي أمراض الشتاء    ارتفاع نسبة اكتشاف حالات السرطان    اكتشفت سليماني ومحرز وهذا سر تعلقي بالجزائر    الترجي التونسي يدعم بلايلي ويؤكد بقاءه مع الفريق    عروض فرنسية وألمانية للمهاجم أمين شياخة    فيانسو يرسم جسور الإبداع السينمائي    بحث سبل بناء منظومة متكاملة    ملامح جيل يتشكّل في تيميمون    ربط أكثر من 100 ألف مستثمرة فلاحية بالكهرباء منذ 2020... وجهود متواصلة لتعزيز الأمن الطاقوي    جريح واحد في انهيار جزئي لبناية قديمة بحسين داي    وزيرة التجارة الداخلية تبحث مع اتحاد التجار والحرفيين انشغالات السوق وتنظيمها    الجزائر تستضيف الدورة ال13 للجنة المشتركة الجزائرية–الفيتنامية    عقود توظيف مباشرة لخريجي 2026 في مدرستي الذكاء الاصطناعي والرياضيات    فرانك شتاينماير يشكر الرئيس تبّون    هل تُبعث لجنة الفصل في الطلبات مُجدّدا؟    الجزائر تحتضن المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة    طوارئ لإخماد حرائق الغابات بعشر ولايات    رئيس الصومال ينهي زيارته إلى الجزائر    وزير الري يشدد من توقرت على نجاعة التسيير والرقمنة لتحسين الخدمة العمومية للمياه    تتويج كينيا بالمراتب الأولى للسباق    منظمات دولية تدين تصاعد القمع في المغرب    فوز معنوي.. ومكاسب بالجملة    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    المسؤولية التاريخية لإسبانيا تشمل منطقة شمال إفريقيا بكاملها    إعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر تتويج لنضال شعبها    20 صحفيا في البرلمان الأوروبي لإسماع صوت الصحراء الغربية    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    غلق مؤقت وجزئي لحركة المرور بالعاصمة    العرابي: الشعب الصحراوي هو من سيقرّر مصيره    بن دودة: الجزائر شريك فاعل    بلمهدي يزور معرض الحج    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    بونعامة يبرز أهمية اعتماد معايير الجودة    بلمهدي يُوقّع اتفاقية الحج للموسم المقبل    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنّما الأمم الأخلاق ما بقيت..
نشر في أخبار اليوم يوم 09 - 05 - 2013


السبيل الأساسي لمكافحة الفساد
إنّما الأمم الأخلاق ما بقيت..
أجملَ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم رسالته كلّها في مكارم الأخلاق حين قال فيما أخرجه أحمد والبخاري في الأدب بسند صحيح: (إنّما بعثت لأتمّم صالح الأخلاق)، وفي رواية عند البزار والبيهقي: (مكارم الأخلاق)، وفي رواية عند مالك في الموطأ: (حسن الأخلاق).
وقد حلّت قضيّة الأخلاق محلّ الصّدارة من اهتمام المفكرين والساعين لبناء النهضات والحضارات، فهي أساس قوام الأمم، وعامل الحفاظ على بقائها، كما قال أمير الشعراء:
إنّما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقيل: (في حسن الأخلاق سعة كنوز الأرزاق)، وقيل: (صفاء الأخلاق من نقاء الأعراق، وإنما تحيا الأمم بأخلاقها).
ولله در القائل:
ولو أنني خيّرت كلّ فضيلةٍ .. ما اخترت غير مكارم الأخلاق
ذلك أن من كرمت أخلاقه حسن سلوكه، وانضبطت تصرفاته، واتسقت مع قواعد الشرع والقانون والعرف الكريم، بغض النظر عن العقوبة التي قد يضعها القانون للمخالف، لأن الفطرة السليمة تجعل الإنسان يفهم الحرية فهمًا صحيحًا، فيستنكف الحر عن أن يقع في الخطأ مروءةً وإباءً، قبل أن يمتنع خوفًا من العقوبة، كما جاء في رواية ابن جرير عن هند بنت عتبة عند بيعة النسوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لهن: {ولا يزنين}، فقالت: يا رسول اللّه، وهل تزني الحرّة؟ قال: {لا واللّه ما تزني الحرّة}. لا يخطر في بالها أن الحرة الأبية ترضى أن تقع في هذه الخطيئة.
وقد جاء في رواية سعيد بن منصور أنها قالت: {لقد كنّا نستحي من ذلك في الجاهليّة، فكيف بالإسلام؟}.
وقد ورد أن عمر رضي الله عنه قال: (لو كان قلب نساء العرب على قلب هند ما زنت امرأةٌ قط).
وجميع الأديان إنما تدعو إلى تلك الأخلاق الفاضلة، ويؤكد كل العقلاء أن بقاء ورقي ومصير الدول والحضارات مرهون بتمسكها بالأخلاق التي شرعها الله لعباده وأمرهم بها لتكون أسباب سعادة الأمم ورقيها وبقاء حكمها ودولتها.
ومما ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن من صفات أهل الإيمان وأخلاقهم، يعلم أن الأمة لا تستقيم ولا تقوم دولتها إلا بهذه الأخلاق، فإذا استقامت عليها حكامًا ومحكومين كتب الله لهم النصر وأيدهم بروح منه، كما جرى لسلفنا الصالح في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وكما وعدهم سبحانه بذلك في قوله عز وجل: }ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وللّه عاقبة الأمور} (الحج: 40).
لهذا كانت التربية في جوهرها عند الأمم الناهضة عملية أخلاقية، بل يعتبر كثير من رواد التعليم أن النمو الأخلاقي هو الغاية القصوى من العمل المدرسي والتعليمي كله، وأن هدف التربية هو غرس الفضيلة في النفوس.
وقد كان الإسلام سباقًا إلى تأكيد هذه المعاني مع ربط الأخلاق بالوحي، إذ يربي المؤمن على أن يكون مصدر خير وسعادة لنفسه وللناس من حوله، وعلى أن يكون ضاربًا بسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والنمو في المجتمع الذي يعيش فيه، وفضلاً عن آيات القرآن العظيم التي أحصى بعض الباحثين أن ربعها يتناول الأخلاق، فقد كثرت كثرة بالغة الأحاديث النبوية الداعية إلى تربية النفس والأمة على الأخلاق العملية الفاضلة، ومن باب الإشارة فقط أنقل لحضراتكم ما رواه البخاري في (الأدب المفرد) تحت عنوان باب حسن الخلق، بأسانيد صحيحة:
- عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ما من شيءٍ في الميزان أثقل من حسن الخلق).
- وعن عبد اللّه بن عمرٍو قال: لم يكن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاحشًا ولا متفحّشًا، وكان يقول: (خياركم أحاسنكم أخلاقًا).
- وعنه أنّه سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (أخبركم بأحبّكم إليّ، وأقربكم منّي مجلسًا يوم القيامة؟) فسكت القوم، فأعادها مرّتين أو ثلاثًا، قال القوم: نعم يا رسول اللّه، قال: (أحسنكم خلقًا).
- وعن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت: ما خيّر رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بين أمرين إلّا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإذا كان إثمًا كان أبعد النّاس منه، وما انتقم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لنفسه، إلّا أن تنتهك حرمة اللّه تعالى، فينتقم للّه عزّ وجلّ بها.
وعمدة الباب في هذا الأمر الحديث المتفق عليه عن عبد اللّه بن عمرٍو رضي اللّه عنهما، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى اللّه عنه)، وفي رواية: إنّ رجلاً سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيّ المسلمين خيرٌ؟ قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده)، وفي رواية أبي موسى رضي اللّه عنه، قال: قالوا يا رسول اللّه، أيّ الإسلام أفضل؟ -وفي لفظ: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيّ المسلمين أفضل؟- قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده).
إن سلامة الناس من لسان المسلم ويده هي الحد الأدنى للأخلاق التي يربي عليها الإسلام أبناءه ومعتنقيه، حتى تتآلف قلوبهم وينصرفوا إلى التعاون فيما بينهم تفريغ طاقاتهم فيما هو نافع ومفيد لأنفسهم ولأمتهم وللدنيا من ورائهم، ولهذا كان نفع الآخرين وإدخال السرور عليهم أحب الأعمال إلى الله، فقد أخرج الطبراني عن ابن عمر أنّ رجلاً جاء إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله، أيّ النّاس أحبّ إلى الله؟ وأيّ الأعمال أحبّ إلى الله؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أحبّ النّاس إلى الله تعالى أنفعهم للنّاس، وأحبّ الأعمال إلى الله تعالى سرورٌ تدخله على مسلمٍ، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي في حاجةٍ أحبّ إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة شهرًا- ومن كفّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتّى يتهيّأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام).
ولا تزال الأخلاق ترتقي بالمسلم حتى تصل به إلى الإيثار، فيقدم حاجة أخيه على حاجته الماسة، ويقدم من نفسه لإخوانه ما هو في مسيس الحاجة إليه {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ} (الحشر: 9).
وهل تحتاج الأمم الناهضة إلى أكثر من هذا لتتجاوز أزماتها وتنطلق في بناء مستقبلها بروح الأخوة والوحدة والتعاون، لا بروح الفرقة والتخاصم التي تدمر ولا تعمر وتهدم ولا تبني، وتمضي بالأمة نحو السقوط.
وأختم ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم (ببيت في أعلى الجنة لمن حسّن خلقه)، وبما أخرجه الطبراني عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: (إنّ أحبّكم إليّ أحاسنكم أخلاقًا، الموطّئون أكنافًا، الّذين يألفون ويؤلفون، وإنّ أبغضكم إليّ المشّاؤون بالنّميمة، المفرّقون بين الأحبّة، الملتمسون للبرآء العنت (العيب)).
ورحم الله يحيى بن معاذ الذي قال: (حسن الخلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات، وسوء الخلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.