قال الله تعالى:( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريماً) النساء 31 . ما أضعف الإنسان في مقاييس القوة فكراً وجسداً وعاطفة هكذا خلقه الله ثم كلفه لكنه سبحانه وتعالى لم يكلفه ما لايطيق، وفيما كلفه كان غفوراً لزلاته رحيماً بضعفه، ولكن بعض الناس يتشددون ويغالون ويعارضون القرآن الكريم بآرائهم وأهوائهم، فالنص القرآني يبين لنا أن ضعف الإنسان قد ينزلق إلى أعمال كبيرة لها أثر، وقد ينزلق إلى أعمال صغيرة ليس لها من الخطر الشيء الكثير لاسيما إذا كانت فيما بين العبد والعزيز القدير، ويتشدد المتشددون على أنفسهم وعلى غيرهم وهذا كان وسيبقى في جميع العصور، قال الحسن البصري: إن أناساً سألوا عبد الله بن عمرو بن العاص بمصر فقالوا: إنا نرى أشياء من كتاب الله عز وجل أمر أن يُعمل بها، فأردنا أن نلتقي أمير المؤمنين في ذلك، فقدم وقدموا معه فلقيه عمر رضي الله عنه فقال: متى قدمت؟ فقال: منذ كذا وكذا وقال يا أمير المؤمنين إن ناسا لقوني بمصر فقالوا إنا نرى أشياء في كتاب الله أمر أن يُعمل بها فلا يُعمل بها فأحبوا أن يلقوك في ذلك. قال: فأجمعهم لي، قال: فجمعتهم له –فأخذ أدناهم رجلا فقال: أنشدك بالله وبحق الإسلام عليك أقرأت القرآنَ كله؟ قال: نعم قال: فهل أحصيته في نفسك فقال: اللهم لا، قال ولو قال نعم لخصمه، قال: فهل أحصيته في بصرك؟ فهلا أحصيته في لفظك؟ هلا أحصيته في أثرك؟ ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم قال: فثكلت عمراً أمُّه، أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله؟! قد علم ربنا انه ستكون لنا سيئات، وتلا: (إن تجتنبوا كبائر ما تُنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم، وندخلكم مدخلا كريماً) ثم قال: هل علم أهل المدينة؟ أو قال: هل علم احد بما قد متم؟ قالوا: لا قال: لو علموا لوعظت بكم وجعلتكم عبرة وموعظة لغيركم. إن رحمة الله بنا أن صغائر ذنوبنا تكفرها أعمالنا الصالحة وتزيل آثارها، فمن أحسن وضوءه وصلاته وصيامه وألان القول وتصدق وذكر الله وأحسن إلى الجار والضعيف والمسكين ومشى لعمل صالح، وتوجه إلى ربه بذِكر أو دعاء أو قرآن وتسبيح وأمثال ذلك الكثير فإن الله تعالى يمحو عن الخطايا والسيئات، ومن زل إلى معصية، فالتوبة والإقلاع عنها ورد الحقوق إلى أهلها ورفع ضررها وأثرها حتى تصفو النفوس وتذهب الضغائن، وقد جاءت النصوص والآثار بتحديد هذه الذنوب الكبار ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات – أي المهلكات – قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات) متفق عليه.