الجزائر- لبنان: علاقات تاريخية متجذرة أساسها التعاون والتضامن    المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي : زيارتي للجزائر بداية للعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر ازدهارا    خلال مكالمة هاتفية تلقاها من نظيره فرانك شتاينماير..رئيس الجمهورية يتلقى دعوة لزيارة ألمانيا    سوق أهراس : توقع إنتاج أزيد من 130 ألف قنطار من الطماطم الصناعية    قمة أديس أبابا لمتابعة أنظمة الغذاء للأمم المتحدة : الجزائر ترافع لتحرك دولي عاجل لإيصال المساعدات إلى غزة    بينهم 15 سيدة و12 طفلا..استشهاد 62 فلسطينيا بقصف إسرائيلي على غزة    في تطور ملفت..تركيا تبدأ تصدير الفرقاطات وإندونيسيا الزبون الأول    تحت شعار "صيفنا لمة وأمان" : حملات نظافة واسعة النطاق عبر ولايات الوطن    توقرت.. دورة تكوينية حول كيفية استعمال مطفأة الحرائق    وهران.. نحو استلام النفق الأرضي لمحور دوران "المشتلة" سبتمبر القادم    بإشراف من العميد محمّد المأمون القاسمي الحسنيّ..صدور العدد الأوّل من دوريّة "الجامع"    المجاهد والكاتب والروائي الكبير، رشيد بوجدرة:الكتّاب الممجدون للاستعمار "ظاهرة ظرفية" آيلة إلى الزوال    الجزائر العاصمة : ندوة علمية حول ديناميكية الساحل الجزائري وعلاقته بالمواقع الأثرية    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الرئيس يُكرّم المتفوّقين    وزير العدل يبرز جهود الدولة    قانون التعبئة العامّة يصدر بالجريدة الرسمية    هذه إستراتيجيات الجزائر لتحقيق الأمن الغذائي    هذه توجيهات وزير الثقافة والفنون    عرقاب يستقبل بولس    الألعاب الإفريقية المدرسية/الجزائر2025: ثلاثة اختصاصات في أدوار متقدمة من أجل احراز ميداليات في اليوم الثالث من المنافسات    الوزير الأول يستقبل سفير باكستان بالجزائر    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60034 شهيدا و145870 مصابا    الألعاب الإفريقية المدرسية-2025: السباحة الجزائرية تحرز على خمس ميداليات منها ثلاث فضيات في نهائيات اليوم الاول    قناة أمريكية تسلط الضوء على آخر تطورات القضية الصحراوية    الخارجية الفلسطينية تحذر من مخططات الاحتلال الصهيوني بشأن الضم التدريجي للقطاع    ميلة: المركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف يتعزز بتخصصين جديدين في طور الماستر    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات من جنوب البلاد    حريق بمستشفى تمنراست: 3 وفيات و4 جرحى    كرة القدم/شان-2024 /المؤجلة إلى 2025 : المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته تحسبا لودية موريتانيا    معرض التجارة البينية دعم للسيادة الاقتصادية للجزائر    تجربة سياحية متوازنة ب"لؤلؤة الزيبان"    المخالفات التجارية تتواصل وأعوان قمع الغش بالمرصاد    "سونلغاز" تضبط برنامجا خاصا    وزير الاتصال يعزّي في وفاة الصحفي والكاتب عبد المجيد كاوة    وكالة "عدل" تردّ على استفسارات أصحاب الملفّات المرفوضة    ارتفاع حالات وفيات المجاعة وسوء التغذية في غزّة    تكثيف الجهود من أجل ضمان تعافي سوريا    استراتيجية شاملة لمكافحة جرائم التقليد والقرصنة    500 مليون دولار في المرحلة الأولى لانجاز مشروع "بلدنا"    شان-2024 (المؤجلة إلى 2025) – تحضيرات : المنتخب المحلي يواجه موريتانيا وديا    مكافحة التقليد والقرصنة: توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    الوكالة تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    مهرجان الأغنية الوهرانية يسدل ستاره    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هولاند لا يخاف من الإرهاب
نشر في صوت الأحرار يوم 25 - 01 - 2014

لا أجد في نفسي شغفًا لمتابعة الفضائح حتى لو تعلّقت ببعض المشاهير الذين يدفعون في الغالب أثمانا باهضة لترفهم وانفلاتهم وضربهم القيمَ بعرض الحائط.. ومع ذلك اضطرّ لقراءة الحدّ المطلوب من أخبار فضائح الرؤساء والمسؤولين الكبار لأنها تعبّر عن جزء لا يكاد يتجزّأ من المشهد السياسي العام في هذه الدولة أو تلك.. وهذا ما حدث مع فضيحة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.
الخصوصيات خطّ أحمر ولا ينبغي الخوض فيه، لكنها تتحول إلى شأن عام عندما تتعلق برجل يقود مؤسسة سياسية أو اجتماعية لها تأثيرها المباشر على حياة الناس، وأيٌ مجموعةٍ من العقلاء لن تقبل الركوبَ في طائرة أو سفينة يقودها من لا يتمتّع بالحد الأدنى من المسؤولية والكفاءة والنزاهة والانتباه إلى قيم المجتمع العامة.
الإعلامُ وصف الفضيحةَ، التي تعرّض لها الرئيس الفرنسي مع مطلع العام الجديد، بالمزدوجة، حيث انكشف للرأي العام الفرنسي أن للسيد الرئيس عشيقةً تعيش في قصر الإليزي ويخدمها طاقم يتكون من خمسة أفراد، وقد وضعها الرئيسُ مكانَ السيدة الأولى.. وتمثّل الوجه الثاني للفضيحة في كون هذه العشيقة طريحةَ الفراش في المستشفى دون أن تحظى بزيارة هولاند الذي يُضبط خارجا من بيت عشيقة أخرى هي فنّانة معروفة.
القضيّةُ فجّرها مصوّرٌ معروفٌ سبق له أن هزّ فرنسا بفضيحة أخرى حين أعلن أنّ للرئيس فرانسوا ميتران ابنة غير شرعية، وكشف عام 1994 عن صورها في إحدى المجلات.. والمصوّر المدعو سيباسيان فالييلا صرّح بأن الثمن الذي باع به صور فرانسوا هولاند لمجلة كلورز، وهو خارج من بيت الفنّانة غاييت، لا يساوى قيمة جهده، حيث ظل يتابع الرجل الأول في فرنسا منذ قرابة العشرة أشهر.
الفضيحةُ في حدّ ذاتها قد لا تعني الكثير للمجتمع الفرنسي من جانبها الشخصي البحت، لأن العلاقات خارج الزواج شائعة بين الناس هناك، إن لم تتحول إلى حالة طبيعية عند قطاع معتبر منهم، لكنّ ما يزعجهم هو تصرّف الرجل المسؤول عنهم بهذه الطريقة، حيث الخداع بالنسبة لحالة العشيقة الأولى حين وضعها في محلّ السيدة الأولى وأنفق عليها من الأموال العامة، ثم الإهمال واللاّمبالاة عندما راح يجري وراء عشيقة أخرى بينما تقبع الأولى في المستشفى.
وقضايا القفز على قيم الأسرة والتوسّع في العلاقات الآثمة قد تبدو عادية للفرنسيين وهذا أمر يخصّهم وحدهم، وإن أظهرنا الحزن، نحن معاشر أهل الشرق، على المستوى المتدنّي الذي وصلت إليه مؤسسة الأسرة في بعض المجتمعات الغربية بسبب تغوّل دور الدولة وافتكاكها لعدد من مهام الوالدين والجدّين وبقية أركان الأسرة بمفهومها الأوسع.
ومن هذا المنطلق أجد نفسي منساقا نحو التركيز على ما يعنينا فقط في فضيحة الرئيس فرانسوا هولاند، وتحديدا ما عبّر عنه المصور الفرنسي، مفجّر الفضيحة، حين قال إن أشد ما صدمه أن الرئيس يدخل بيت الفنّانة من دون أدنى احتياطات، وهذا مقارنة بابنة فرانسوا ميتران التي كان رفقتها خمسة عشر حارسا يسهرون على سلامتها، بينما يقتحم هولاند بيت عشيقته الفنانة في ظروف أمنية منعدمة.. فالمصور، على حدّ قوله، لم يجد صعوبة في التقاط صور الرئيس لأنه أتى وحده ممتطيا درّاجة سكوتير.
الذي يعنينا هو خروج الرئيس الفرنسي، سيد الإليزي، وحده دون حراسة ظاهرة أو خفية.. وقد يقول قائل: وما أدراك عن العناصر السرّية التي طوّقت المكان وتفحّصته بعيونها قبل وصول السيد إلى بيت العشيقة.. والجواب في كلام المصور الفرنسي العارف بشؤون بلاده، والذي قارن بين تصويره لهولاند الآن و(ابنة) الرئيس ميتران قبل عشرين عاما، حين قال إن طاقما من الحرّاس يسهرون على سلامتها.. وسأسمح لنفسي بالقول إن أولئك الحراس كانوا سرّيين وقد عرفهم المصوّر بخبرته، فلو كانوا ظاهرين للعيان بلباس الشرطة أو أي شركة (حراسات خاصة)؛ فلن يرفع مصورٌ أو صحفيٌ عقيرتَه ويدّعي أنه حقق سبقا قلّ نظيره بكشف هوية (ابنة) ميتران، فهي بادية للعيان بحَشَمِها وخدمها وحرّاسها.
هنيئا للرئيس الفرنسي وشعبه بهذا المستوى العالي من الأمن والأمان والراحة والطمأنينة التي تجعل سيد الإليزي يدخل ويخرج من بيت العشيقة دون أي مظاهر أمنية وبروتوكولات، ومن يدري قد لا تكون هذه الحالة هي الوحيدة، فربّما كان الرجل مدمنًا على ذلك الدخول والخروج منذ شهور، وهذا شأن يعني الرجل بالدرجة الأولى ثم الشعب الفرنسي بعد ذلك.. لكن مهلا.. لماذا صدّعتم رؤوسنا لسنوات طويلة بأحاديثكم عن التهديدات الإرهابية القادمة من بلداننا، وتحديدا الساحل والصحراء، وشحنتم الرأي العام الدولي، والفرنسي قبل ذلك، ثم خضتم حربا في دولة مالي وأجبرتم دول الجوار على التعاون معكم بشكل أو بآخر، وفي الجزائر انتهكتم مجالنا الجوي، وإن كان بإذن من كبارنا.. لسبب واحد هو الإرهاب الذي يهدّدكم في عقر داركم ولابد من ضربه وتجفيف منابعه.
إن فرنسا تخوض حربا ضد الإرهاب العالمي، ورئيسها يتحرّك دون حراسة.. والأمر لا يخرج من ثلاثة احتمالات: إما أن الرجلَ مجنونٌ أو متهوّرٌ على الأقل، والسؤال: كيف انتخبه الشعب الفرنسي ورضيت عنه النخبة السياسية؟ وإمّا أن السيد الرئيس ليس هدفا للجماعات الإرهابية وهو الذي أصدر الأوامر بالقضاء عليها! وإمّا أنّ هذه الجماعات لا تحسن الرّصد كما فعل المصوّر، بل لا تملك من مقومات القوة إلا الخطف السهل في الصحراء والبيانات على شبكة الانترنت، بل هي أشكال ورقيّة رَسمها مجهولون لأداء دور محدّد بدقّة.
إن هولاند لا يخاف من الإرهاب.. ولطرافة المفارقة تذكّرتُ عنوانَ درسٍ في كتاب السنة الأولى أو الثانية ابتدائي، على عهدنا، عنوانه: مالكٌ لا يخاف من البرد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.