حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    وسط ترقب الدوري السعودي.. ميلان يضع بن ناصر على لائحة البيع    أكنّ للجزائر وتاريخها العريق تقديرا خاصا..وكل الاحترام لجاليتها    حنكة دبلوماسية..دور حكيم ثابت وقناعة راسخة للجزائر    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    إطلاق عملية تجديد مسح الأراضي    نتائج مشجعة في الخدمات المالية والتغطية البنكية    اللقاء الثلاثي المغاربي كان ناجحا    استنكار تنصل المجتمع الدولي من مسؤوليته    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    التحضير لنصوص قانونية لدعم تشغيل الطلبة ما بعد الدكتوراه    مهرجان عنابة..عودة الفن السابع إلى مدينة الأدب والفنون    الجزائر متمسكة بإقامة نظام دولي أكثر عدلا وإنسانية    تسهيلات بالجملة للمستثمرين في النسيج والملابس الجاهزة    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    تقرير دولي أسود ضد الاحتلال المغربي للصّحراء الغربية    المسيلة..تسهيلات ومرافقة تامّة للفلاّحين    اتحاد العاصمة:"الكاف لم يستند للقانون وموعدنا المحكمة الرياضية"    بن سماعين يطالب بالتفكير في مباريات البطولة قبل نهائي الكأس    4 أندية أوروبية مهتمة بالتعاقد مع عمورة    ثقافة مجتمعية أساسها احترام متبادل وتنافسية شريفة    العاصمة.. ديناميكية كبيرة في ترقية الفضاءات الرياضية    حريصون على تعزيز فرص الشباب وإبراز مواهبهم    تكوين 50 أستاذا وطالب دكتوراه في التّعليم المُتكامل    تحضيرات مُكثفة لإنجاح موسم الحصاد..عام خير    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي    الشباب يبلغ نهائي الكأس    بونجاح يتوّج وبراهيمي وبن يطو يتألقان    غزّة ستعلّم جيلا جديدا    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    توقيف 48 شخصا كانوا محل أوامر بالقبض    الإطاحة بسارقي مبلغ مالي وكمية من الحلي    حجز 27 ألف قرص "إكستازي"    النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    قصص إنسانية ملهمة    ضرورة وضع مخطط لإخلاء التحف أمام الكوارث الطبيعية    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    قال بفضل أدائها في مجال الإبداع وإنشاء المؤسسات،كمال بداري: جامعة بجاية أنشأت 200 مشروع اقتصادي وحققت 20 براءة اختراع    الأقصى في مرمى التدنيس    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    جامعة "عباس لغرور" بخنشلة: ملتقى وطني للمخطوطات في طبعته "الثالثة"    أمن دائرة عين الطويلة توقيف شخص متورط القذف عبر الفايسبوك    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    هلاك 44 شخصا وإصابة 197 آخرين بجروح    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    أحزاب نفتقدها حتى خارج السرب..!؟    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هولاند لا يخاف من الإرهاب
نشر في صوت الأحرار يوم 25 - 01 - 2014

لا أجد في نفسي شغفًا لمتابعة الفضائح حتى لو تعلّقت ببعض المشاهير الذين يدفعون في الغالب أثمانا باهضة لترفهم وانفلاتهم وضربهم القيمَ بعرض الحائط.. ومع ذلك اضطرّ لقراءة الحدّ المطلوب من أخبار فضائح الرؤساء والمسؤولين الكبار لأنها تعبّر عن جزء لا يكاد يتجزّأ من المشهد السياسي العام في هذه الدولة أو تلك.. وهذا ما حدث مع فضيحة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.
الخصوصيات خطّ أحمر ولا ينبغي الخوض فيه، لكنها تتحول إلى شأن عام عندما تتعلق برجل يقود مؤسسة سياسية أو اجتماعية لها تأثيرها المباشر على حياة الناس، وأيٌ مجموعةٍ من العقلاء لن تقبل الركوبَ في طائرة أو سفينة يقودها من لا يتمتّع بالحد الأدنى من المسؤولية والكفاءة والنزاهة والانتباه إلى قيم المجتمع العامة.
الإعلامُ وصف الفضيحةَ، التي تعرّض لها الرئيس الفرنسي مع مطلع العام الجديد، بالمزدوجة، حيث انكشف للرأي العام الفرنسي أن للسيد الرئيس عشيقةً تعيش في قصر الإليزي ويخدمها طاقم يتكون من خمسة أفراد، وقد وضعها الرئيسُ مكانَ السيدة الأولى.. وتمثّل الوجه الثاني للفضيحة في كون هذه العشيقة طريحةَ الفراش في المستشفى دون أن تحظى بزيارة هولاند الذي يُضبط خارجا من بيت عشيقة أخرى هي فنّانة معروفة.
القضيّةُ فجّرها مصوّرٌ معروفٌ سبق له أن هزّ فرنسا بفضيحة أخرى حين أعلن أنّ للرئيس فرانسوا ميتران ابنة غير شرعية، وكشف عام 1994 عن صورها في إحدى المجلات.. والمصوّر المدعو سيباسيان فالييلا صرّح بأن الثمن الذي باع به صور فرانسوا هولاند لمجلة كلورز، وهو خارج من بيت الفنّانة غاييت، لا يساوى قيمة جهده، حيث ظل يتابع الرجل الأول في فرنسا منذ قرابة العشرة أشهر.
الفضيحةُ في حدّ ذاتها قد لا تعني الكثير للمجتمع الفرنسي من جانبها الشخصي البحت، لأن العلاقات خارج الزواج شائعة بين الناس هناك، إن لم تتحول إلى حالة طبيعية عند قطاع معتبر منهم، لكنّ ما يزعجهم هو تصرّف الرجل المسؤول عنهم بهذه الطريقة، حيث الخداع بالنسبة لحالة العشيقة الأولى حين وضعها في محلّ السيدة الأولى وأنفق عليها من الأموال العامة، ثم الإهمال واللاّمبالاة عندما راح يجري وراء عشيقة أخرى بينما تقبع الأولى في المستشفى.
وقضايا القفز على قيم الأسرة والتوسّع في العلاقات الآثمة قد تبدو عادية للفرنسيين وهذا أمر يخصّهم وحدهم، وإن أظهرنا الحزن، نحن معاشر أهل الشرق، على المستوى المتدنّي الذي وصلت إليه مؤسسة الأسرة في بعض المجتمعات الغربية بسبب تغوّل دور الدولة وافتكاكها لعدد من مهام الوالدين والجدّين وبقية أركان الأسرة بمفهومها الأوسع.
ومن هذا المنطلق أجد نفسي منساقا نحو التركيز على ما يعنينا فقط في فضيحة الرئيس فرانسوا هولاند، وتحديدا ما عبّر عنه المصور الفرنسي، مفجّر الفضيحة، حين قال إن أشد ما صدمه أن الرئيس يدخل بيت الفنّانة من دون أدنى احتياطات، وهذا مقارنة بابنة فرانسوا ميتران التي كان رفقتها خمسة عشر حارسا يسهرون على سلامتها، بينما يقتحم هولاند بيت عشيقته الفنانة في ظروف أمنية منعدمة.. فالمصور، على حدّ قوله، لم يجد صعوبة في التقاط صور الرئيس لأنه أتى وحده ممتطيا درّاجة سكوتير.
الذي يعنينا هو خروج الرئيس الفرنسي، سيد الإليزي، وحده دون حراسة ظاهرة أو خفية.. وقد يقول قائل: وما أدراك عن العناصر السرّية التي طوّقت المكان وتفحّصته بعيونها قبل وصول السيد إلى بيت العشيقة.. والجواب في كلام المصور الفرنسي العارف بشؤون بلاده، والذي قارن بين تصويره لهولاند الآن و(ابنة) الرئيس ميتران قبل عشرين عاما، حين قال إن طاقما من الحرّاس يسهرون على سلامتها.. وسأسمح لنفسي بالقول إن أولئك الحراس كانوا سرّيين وقد عرفهم المصوّر بخبرته، فلو كانوا ظاهرين للعيان بلباس الشرطة أو أي شركة (حراسات خاصة)؛ فلن يرفع مصورٌ أو صحفيٌ عقيرتَه ويدّعي أنه حقق سبقا قلّ نظيره بكشف هوية (ابنة) ميتران، فهي بادية للعيان بحَشَمِها وخدمها وحرّاسها.
هنيئا للرئيس الفرنسي وشعبه بهذا المستوى العالي من الأمن والأمان والراحة والطمأنينة التي تجعل سيد الإليزي يدخل ويخرج من بيت العشيقة دون أي مظاهر أمنية وبروتوكولات، ومن يدري قد لا تكون هذه الحالة هي الوحيدة، فربّما كان الرجل مدمنًا على ذلك الدخول والخروج منذ شهور، وهذا شأن يعني الرجل بالدرجة الأولى ثم الشعب الفرنسي بعد ذلك.. لكن مهلا.. لماذا صدّعتم رؤوسنا لسنوات طويلة بأحاديثكم عن التهديدات الإرهابية القادمة من بلداننا، وتحديدا الساحل والصحراء، وشحنتم الرأي العام الدولي، والفرنسي قبل ذلك، ثم خضتم حربا في دولة مالي وأجبرتم دول الجوار على التعاون معكم بشكل أو بآخر، وفي الجزائر انتهكتم مجالنا الجوي، وإن كان بإذن من كبارنا.. لسبب واحد هو الإرهاب الذي يهدّدكم في عقر داركم ولابد من ضربه وتجفيف منابعه.
إن فرنسا تخوض حربا ضد الإرهاب العالمي، ورئيسها يتحرّك دون حراسة.. والأمر لا يخرج من ثلاثة احتمالات: إما أن الرجلَ مجنونٌ أو متهوّرٌ على الأقل، والسؤال: كيف انتخبه الشعب الفرنسي ورضيت عنه النخبة السياسية؟ وإمّا أن السيد الرئيس ليس هدفا للجماعات الإرهابية وهو الذي أصدر الأوامر بالقضاء عليها! وإمّا أنّ هذه الجماعات لا تحسن الرّصد كما فعل المصوّر، بل لا تملك من مقومات القوة إلا الخطف السهل في الصحراء والبيانات على شبكة الانترنت، بل هي أشكال ورقيّة رَسمها مجهولون لأداء دور محدّد بدقّة.
إن هولاند لا يخاف من الإرهاب.. ولطرافة المفارقة تذكّرتُ عنوانَ درسٍ في كتاب السنة الأولى أو الثانية ابتدائي، على عهدنا، عنوانه: مالكٌ لا يخاف من البرد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.