حياتنا نحن الجزائريون مرهونة بشكل مؤكد لمداخيل حاسي مسعود بنسبة 95 بالمئة، ونحن الجزائريون اليوم نشعر بنوع من الرفاه بسبب ارتفاع أسعار النفط إلى فوق عتبة 100 دولار للبرميل الواحد، ونحن سعداء لأن ذلك مكننا من القضاء على المديونية الخارجية، ومكننا من تكديس أزيد من 140 مليار دولار كاحتياطي صرف .. وما إلى ذلك من نعم الله الآتية من الصحراء الجزائرية. ولكن ارتفاع أسعار النفط إلى هذا الحد ليس حتمية، فسوق النفط متقلب، وقد يأتي اليوم الذي تصبح فيه الأسعار في مستوى سعر " قارورة مياة معدنية : قديلة أو سيدي الكبير أو إيفري .. " ، وحينها ستكون الطامة الكبرى على الجزائريين إذا لم يقللوا من الإعتماد على النفط وبالسرعة القصوى. لكن القضية الحساسة للغاية والتي تدعونا إلى الإسراع في الحد من التبعية لحاسي الرمل وحاسي مسعود وغيرهما ، هو أن ارتفاع الأسعار سرّعت في الدول المستهلكة وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية من ازدهار فكرة " الحد من التبعية إلى البترول" . فبقدر ما نرغب نحن في الحد من التبعية إليه خوفا من تدهور الأسعار أو النضوب، فإن المستهلكين يرغبون في الحد من التبعية إليه بسبب ارتفاع الأسعار أو النضوب أيضا. وهو ما جعل الدول المستهلكة تبحث عن بدائل للنفط ، حتى لو كان البديل الطاقة النووية بكل أضرارها ومساوئها، وحتى لو كانت الييو - طاقة المستخرجة من الحبوب كالقمح والذرة والشعير هي البديل بكل مساوئه وأضراره وانعكاساته أيضا. وحاليا هناك بحوث متقدمة جدا في الولاياتالمتحدة، يقوم بها خبراء الطاقة في " صحراء نيفادا " تراهن على الطاقة الشمسية كبديل رخيص ومضمون وخال من الأضرار على البيئة والمناخ. وذكرت صحيفة " كريتسان ساينس مونيتور " مؤخرا أن أمريكا لديها طاقة حرارية شمسية ب 420 ميغاوات من ثلاث محطات. وبدون شك فإن البحوث في هذا المجال ستثمر لامحالة، مهما كان البدل للنفط. وربما سيتم ذلك بعد 10 سنوات، إذا استندنا لتصريح باراك أوباما المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية الذي قال أن اعتماد أمريكا على نفط الشرق الأوسط سينتهي بعد 10 سنوات. والسؤال المطروح الآن، ماذا نفعل ببترولنا إذا نجح الغرب في القضاء على التبعية له ؟ أو ما ذا نفعل إذا نضب فعلا بعد 17 سنة مثلما أشارت دراسة لمجلة بريتيش بيتروليوم مؤخرا. إما نشربه أو نأكل بعضنا البعض. هذه هي الخيارات. وإذا أردنا أن لا نقع فيه ، فما علينا سوى " ضخ مداخيله الحالية في إنشاءات البنية التحتية " التي من شأنها تحريك القطاعات الإقتصادية خارج المحروقات.. وبأقصى سرعة .. لو سمحتم.