ما أقدمت عليه وزارة الدفاع الفرنسية باقتراح مشروع قانون سيعرض على البرلمان مطلع العام، لتعويض العساكر الفرنسيين والمدنيين الأجانب ضحايا الإشعاعات الناجمة عن التجارب النووية في رقان وفي بولينيزيا، هو خطوة لتصحيح الوضع حتى لا تشذّ باريس عن القاعدة بعد قامت كل البلدان بالاعتراف بضحاياها في مثل هذه الحالات.. الأمر إذا لا يتعلّق، كما يتوهّم البعض، بإجراء يخصّ الجزائر ولا يرتبط أساسا بالملف الكبير وهو ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر وواجب الاعتذار.. هي مسألة جزئية بل هو جزيء بسيط لأن غاية المشرّع والحكومة الفرنسية هي تعويض العسكريين أما الضحايا المدنيون فملحقون بالموضوع وليسوا الموضوع الرئيسي.. ! الصورة واضحة تماما وفُصل فيها في أذهان الفرنسيين أو في أذهان المسؤولين الفرنسيين بالتعبير الدقيق، ولذلك يبدو من الغباء السياسي والإعلامي الاستثمار في هذا الإجراء بأنه خطوة شجاعة من قبل الإليزي للاعتذار تماما مثلما فعلنا مع التصريح الذي أطلقه ساركوزي أثناء زيارته للجزائر وهو الذي يبدو قد حسم الأمر في ذهنه منذ زمن بعيد ولم يكذب على أحد بهذا الشأن.. أجل..قد يستفيد ضحايا التفجيرات في رقان من التعويضات..ولكن هل هذه هي القضية بالنسبة لنا؟ هل هي قضية أورو؟ لقد لوّثت فرنسا كل شيء في الجزائر حتى اللغة والتاريخ، وحرمتنا من ثرواتنا ومقدّراتنا زمنا طويلا، وجرّحت وجداننا الذي لا يزال داميا من ذكراها وسياساتها وجرائمها، وإنه لمن التسطيح الكريه للأشياء أن نتصّور هذا القانون القادم وكأنه شُرّع لنا وأنه بداية الاعتذار أو خطوة في الطريق.. أما بعد: "لا بد من التمييز بين دفع التعويض للأشخاص ودفع التعويض للدولة والأمة". الدكتور محمد القورصو