رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    محروقات : سوناطراك توقع مذكرة تعاون مع الشركة العمانية أوكيو للاستكشاف والانتاج    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    ورقلة /شهر التراث : إبراز أهمية تثمين التراث المعماري لكل من القصر العتيق ومدينة سدراتة الأثرية    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    وزير النقل يؤكد على وجود برنامج شامل لعصرنة وتطوير شبكات السكك الحديدية    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل يفتح ملف خطف طائرة قادة الثورة الجزائرية
نشر في صوت الأحرار يوم 10 - 05 - 2008

لعل الذي يميز الأستاذ محمد حسنين هيكل عن بقية الصحافيين العرب، أنه بقي وفيا لصفة الصحافي، واستطاع أن يبني في مساره المهني، قدرا هائلا من التكثيف والتراكم الذي ارتقى به إلى مصاف كبار الصحافيين والكتاب في العالم، ولقد روى الأستاذ هيكل أن صديقه الرئيس عبد الناصر عرض عليه أكثر من مرة المسؤوليات الوزارية التي ردها، وحتى في المرة الوحيدة التي عين فيها وزيرا للإعلام قبيل رحيل عبد الناصر كان دون علمه ومن غير استشارته، وأنه قدم الاستقالة للرئيس أنوار السادات بعد توليه منصبه مباشرة، ورفض السادات الاستقالة وقال لهيكل: يا أخي أنت ما عندك طموح في الترقية؟ ورد هيكل: يا ريس لماذا تنظر للصحافي أنه يترقى إذا عين وزيرا؟
ويكاد هيكل أن يكون من الاستثناءات القليلة في الصحافة العربية، فالعديد من الكفاءات الإعلامية العربية هرولت لأول بريق ظهر أمامها لتولي المناصب الوزارية والإدارية، ولا غرابة إذن أن يحظى هيكل بهذا القدر من الاحترام في العالم كله، وحتى غدا من المراجع الإعلامية العربية القليلة التي يصح في حقها وصف "شاهد على العصر"، وهو بصفة الصحافي غير ملتزم بالتحفظ الذي يلزم الإداري من الناحية القانونية والأخلاقية..
وقبل أربع سنين قرر هيكل، ودون أن يعطي أسباب لقراره، أن يعتزل الكتابة الصحافية التي احترفها طيلة ستة عقود متتالية، ويومها شعر كثير من متتبعيه بالحسرة لانسحاب قلم قدير، سواء خالفناه أو وفقناه في الرؤى، ولعل هيكل شعر بضرورة عرض تجربته، لكن عبر وسيلة تضمن أكبر قدر من الانتشار، ومادام العصر هو عصر الصورة، وهو ما لا يفوت على صحافي في حجم هيكل، فقد انتخب لعرض تجربته قناة الجزيرة القطرية ذات الانتشار الواسع..
والرجل يدرك أن الطبقة الحاكمة في العالم العربي ما تزال تفكر بمنطق الزعيم الأسطوري، الذي وصفه الشاعر الفرزدق يوما، وهو يمدح عمر بن عبد العزيز: إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا من الخليفة ما نرجو من المطر! ويدرك أن الزعيم يريد باستمرار أن يخاطب الشعب بمنطق من لا يخطئ، فهو ملهم وفوق طاقات البشر، وحركته في المجتمع معصومة، كل هذا نظن أنه كان حاضرا في ذهن هيكل وهو الذي رافق مسيرة تأسيس الدولة الوطنية في العالم العربي، وشاهد هن كثب أغلب قادتها، وهو يعلم أن حركة التغيير في الأنظمة العربية طيلة السنين الماضية كان سطحيا، وما تزال ذهنية تحمل التبعات أو الرغبة في المراجعة ضعيفة حتى لا نقول بأنها غائبة! ولذلك بدا حذرا في تشريح المواقف، ومن يقف وراءها، إلا في مرات قليلة وبعد أخذ الاحتياطات التي تمنع حدوث الارتطامات والصدمات، ومن تلك المرات ما كان في تناول لبعض مواقف ملك الأردن الراحل الملك حسين، وبعض الانزعاج من تلك الشهادة في الأوساط الإعلامية والرسمية.. بادر المغرب في خطوة ذكية، برأي المراقبين، إلى احتضان مكتب الجزيرة الإقليمي بالمغرب العربي، وكان الرهان على الاستفادة من انتشار القناة في تسويق السياسة المغربية، أو في أسوأ الأحوال الحد من الآراء المضادة للسياسة المغربية، وبالفعل تم بث نشرة المغرب العربي منذ سنة من الرباط، واستفاد المغرب من استثمار إعلامي مادي ومعنوي كبير..
لكن المغرب ضاق ذرعا بالجزيرة، بعد بث حلقة يوم الخميس فاتح ماي الماضي من برنامج "مع هيكل"، وقرر المغرب على إثرها تعليق بث النشرة من الرباط، إذ لم توضح السلطات سبب هذا التعليق المفاجئ، وذهب المراقبون إلى تلك القشة التي قصمت ظهر البعير..وإنها لقشة فعلا، فالجزيرة ظلت متحفظة على ملفات أكثر إثارة في تاريخ المغرب الحديث وظلت تبرز مزايا عهد الملك الشاب في ملف الانفتاح الديمقراطي وحقوق الإنسان.. فماذا قال هيكل في تلك الحلقة؟
بدأ هيكل التعرض لموضوع الاختطاف بتساؤلات: أين خطفوا ؟ خطفوا في الجو في رحلة ما بين الدار البيضاء و تونس، ما حكاية هذه الرحلة ؟ هذه الرحلة كانت بعد توقف المفاوضات في القاهرة التي كانت بين الجزائريين ممثلين بمحمد خيضر وبين الفرنسيين ممثلين ببيجار.. ولأن الثورة الجزائرية والجزائريين محتاجين للمغرب في ما يتصل بالتسليح وتهريب السلاح، ولهذه الأسباب كلها بدأ السلطان محمد يحس أنه بشكل أو آخر تحت ضغوط من الفرنسيين، بدأ السلطان يتصور أنه يستطيع أن يستأنف ما كانت مصر تفعله، فبعث للقاهرة يقول لهم أنا عارف أن الجهود التي كنتم تعملوها توقفت بشكل أو آخر في سبيل إيجاد حل سلمي، ونحن غير راغبين في أن الموقف يسوء.
أنا لا أعرف إلى أي مدى أو ما هي نوعية العوامل التي كانت تدفع السلطان إلى أن يدخل في هذا، لكنه بدا طبيعيا جدا الحقيقة يعني بدا طبيعيا جدا أن المغرب، والأمور تجري بقربه والأمور تهمه والجزائر ملاصقة له، بدا واضحا.. والفرنسيون موجودون عنده والضغوط شديدة عليه طبعا وهو راجع من المنفى، ويريد أن يثبت بشكل أو آخر أنه طرف فاعل فيما يجري في شمال أفريقيا، بدأ يحاول يتفاوض يحاول يرتب مفاوضات بين الجزائريين و الفرنسيين، ورؤية أنه يكون هناك موقف دول شمال أفريقيا كلها، تونس والجزائر وليبيا والمغرب، يجتمعوا في تونس وأن يبحثوا كيف يمكن دعم الكفاح المشترك، ويحاولوا يقنعوا بحل في نوع من الاستقلال المنقوص على الطريقة اللي عملها الرئيس بورقيبة. الملك محمد الخامس في يوم 24/ 25 أكتوبر 1956 تم الاتفاق على أن اجتماعا يعقد يوم 25 تم الاتفاق أنه هو يطلع بالطائرة ويأخذ معه أربعة من قادة الثورة الجزائرية أحمد بن بيلا، محمد خيضر، حسين آية أحمد، بوضياف، ويأخذهم معه في طيارته ويروح بهم تونس لهذا الاجتماع، لسبب ما حصل تطورات.. وهي أن الثوار لا يركبوا مع السلطان، والعذر الذي قدمه أصحاب هذا الرأي واضح، من حيث أنه إذا الثوار هؤلاء موجودين هناك في المغرب سرا، فإذا ركبوا مع السلطان من مطار الرباط فقد ظهروا لأنه إجراءات معينة تتبع في حالة سفر السلطان، وأنه سيكون موجودا مسؤولين ومودعين وحرس وأمن، والفرنسيين موجودين في مطار الرباط فمن الأفضل جدا أن ينفصلوا، السلطان يطلع وحده وثوار الجزائر يتنقلوا من الرباط يروحوا على الدار البيضاء يركبوا طائرة الدار البيضاء..
طائرة الدار البيضاء تطلع وفيها السلطان على الساعة الثانية بعد الظهر في طائرته الخاصة إلى تونس، وثوار الجزائر يركبوا بعده في طائرة شركة الطيران المغربية، يسمونها وقتها "شركة الطيران الشريفية"، يركبوا من الدار البيضاء يروحوا على تونس والطائرة تطلع حوالي الساعة السابعة، فحصل فصل، السلطان طلع وحده وطائرة الجزائريين تطلع الساعة السابعة، ولكن الذي لم ينتبه له أحد أبدا، أن كل شيء كان مرصودا في الجزائر، والتفاصيل والوثائق والورق الخاص بهذه العملية كله الآن موجود لأنه عرف.................ترتيب من الأرض لقنص في الجو وقتها كان "لاكوست" الوزير المقيم العام، لم يكن موجودا في الجزائر، ولكن كان هناك نائبه العسكري الذي دخل عليه صبيحة يوم سفره، وقال له: أن طائرة فيها بن بيلا وفيها رفاقه أربعة من قادة الثورة الجزائرية سيعبرون فوق الجزائر أو قريبا من الجزائر، وهذه فرصة لنا من السماء، ونقدر أن نمسك بهم وبذلك الأمور تنكشف السلاح الآتي من مصر والزعماء قبضنا عليهم وخلافات في الداخل والأمريكان يلعبوا على أي حال، لأنهم ليسوا بعيدين عن الجهد الذي يعمل في تونس. أول ما طرحت فكرة أنه طائرة تعبر وفيها السلطان، الأول المعلومات التي كانت موجودة عندهم في الأول، أن السلطان في الطيارة، فماذا نعمل؟ فالقيادة العسكرية بحثت وقالت إن هذه فرصة لا تعوض ولكننا محتاجين لقرار سياسي، لا بد من قرار سياسي يغطي، في ذلك الوقت القيادة الفرنسية كلها، لكن رئيس الوزارة كريستيان بينو في سفر راح إنجلترا يكمل قواعد تنسيق، والوزير المقيم العام لاكوست في بلدته في دوردوغي في فرنسا، حاولوا يبلغوه، لكن أي حال القادة العسكريين قرروا أنهم سيأخذوا الموقف على مسؤوليتهم، وأنهم يتصرفوا ولكن مشكلة التعرض للسلطان؟ لكن من حسن حظهم، أنه على الساعة الواحدة ظهرا، جاءهم خبر ثاني من نفس المصادر أن السلطان ليس في هذه الطائرة، وأنه ستكون هناك طائرتين، وأن طائرة الخطوط الجوية الطبيعية المغربية تطلع من كازابلاكا و فيها الثوار وهذه سهلة جدا لأن الحرج الناشئ من إنزال طائرة فيها سلطان انتهى، وواضح أنه بشكل ما هناك تنسيق هناك علاقة، لأنه ليس من الطبيعي أبدا أن السلطان الذي أخذ هؤلاء الزعماء، وهو يعلم أنهم معرضين للخطر وعمل المستحيل كي يروحوا عنده، وتكلم مع القاهرة لتعرف أن محادثات تجري..
لكن هو يعلم المخاطر التي عليهم وكان سيأخذهم في طائرته وهو كرجل عربي و سلطان يتصور أن هؤلاء في حمايته وفي عهدته، ولكن هنا يوجد أحد يشتغل، طرف ما يشتغل، بشكل أو آخر ويوحي أو يؤثر فعلا، على أي حال القيادة الفرنسية في الجزائر أعفيت من مشكلة أنهم نزلوا الطيارة وفيها السلطان. .....................أزمة خطف قادة الطائرة التي فيها السلطان فاتت فعلا وهي مرصودة، وبعثوا ل"لاكوست" في بلدته في فرنسا أن شيئا ما مهم جدا، ولمحوا إلى أخذ طائرة، وجاء الى الجزائر وتقاطعت طائرته مع طائرة السلطان لكنه وصل قبل التعرض لطائرة الزعماء الجزائريين لأنه كان في فترة من اثنين لستة لسبعة بعد الظهر في المساء، الإشارات الموجودة.. طائرة الزعماء الجزائريين طارت في معادها، و فيها مع الزعماء الجزائريون، وهذا هو الملفت، مندوب مراسل لنيويورك تايمز، وهذا لأن الثورة الجزائرية الحقيقة وهي تدرك التناقض الأميركي الفرنسي حاولت أن تستغل هذا التناقض..
وطلعت الطائرة في معادها فإذا بالطيارات الفرنساوية تتعرض لها لكن أول إشارة راحت لها تقول للطيار معك أناس مطلوبين للسلطات الفرنسية فانزل، قال من الذي يعطي هذا الأمر؟ قالوا له هذا أمر من الحكومة الفرنسية يقولوا لك في مطار الجزائر، قال لهم أنا فوق مايوركا فوق مطار بالما ولازم أنزل لأخذ الوقود، قالوا له تقدر تنزل تأخذ الوقود وتطلع وتتجه للجزائر، الطيار يحاول والمراسلات يعني فعلا مثيرة لأن الطيار يقول أنا لا أخضع، أنا طيران تابع لشركة مغربية والسلطات في الجزائر ما لهاش ولاية علي.. نزل في مايوركا أخذ وقودا وبعدها طلع، وحذروه أنه ما من أن يقول أي كلمة لمن في الطائرة على المراسلات الجارية ..
يعني مفاوضات جارية والزعماء الجزائريين قاعدين في الطائرة في فترة تزودها بالوقود دون أن يشعروا أنه في أي شيء جاري فيما يتعلق بمصائرهم، طلعت الطيارة من مايوركا، والطيار يتصور أنه في مقدوره أن ينحدر إلى تونس مباشرة لكن الفرنسيين هددوه إذا لم تنزل سوف نسقط الطائرة مهما كان الثمن، هنا لا يوجد مجال للمناقشة، وهو قال أنا خائف لو قربنا من النزول قد يكون بعض القادة الجزائريين مسلحين، والناس المطلوبين لا أعرفهم..
الطائرة نزلت وهم يتصورون أنهم نازلين في تونس، الطيارة بدأت تنزل نزلت على مطار الجزائر وطلع مدير الأمن الجزائري، فوجئوا بأنه مدير الأمن الفرنسي في مطار الجزائر، طالع وهناك سلاح طالع كثيرجدا وعلى أي حال القادة الجزائريون أدركوا أن أي مقاومة ستضر بالركاب المدنيين، و تعرف واحد من الأمن الفرنسي على بن بيلا.. قال له: أحمد بن بيلا، قال له: حاضر، وأحمد بن بيلا عارف القواعد، و قاموا كلهم واخطفوا.. السلطان طار مخه، أن يخطف قادة الثورة الجزائرية، وبدا واضحا أن محاولة لتصفية الأمور كلها في شمال أفريقيا.. .............اليد الخفية من الذي دبر، كيف جرى هذا؟ هنا أنا أقف، أنا لن أتعرض لها كثيرا، أتكلم فيما بعد عن الشخص الذي أنا أعتبر أنه أدار هذه الأزمة على أي حال من الجانب العربي أو من الجانب المغربي، وهو في ذلك الوقت الأمير الحسن ولي عهد المغرب، وفيما بعد ملك المغرب.
الأمير حسن، أنا أعتقد أن عددا كبيرا جدا من الملوك العرب والزعماء العرب، كانت عندهم أفكار صحيحة أو خاطئة، أنا لا أناقش أكانت مبررة أو غير مبررة.. فتبرير أي إنسان لمواقفه يعنيه هو بالدرجة الأولى، لأنه هو القادر وحده على أن يطل على الصورة بجميع أبعادها، لكن الأمير الحسن في ذلك الوقت أنا أعتقد أنه كان يتصرف تحت منطق معين، وقد عرفته عن قرب، قابلته كثير جدا، وقابلته من أول سنة 1956 لغاية نهاية حياته، يعني أكثر من اثنا عشرة مرة، بعضها مقابلات طويلة وبعضها مسجل وبعضها كتب وبعضها نشر وهو موجود على قيد الحياة، و دخلنا في مساجلات هو وأنا، وكتب علي مرة في مذكراته طلع كتاب اسمه (ذاكرة ملك) وذكر علي فيه واقعة وأنا رديت عليه، وقلت له (ذاكرة صحفي) لكي أصحح هذه الواقعة أمام الناس، لأنه هو قال في كتابه أنا ائتمنته على سر معين في حوار طويل وأنا سأتكلم عليه فيما بعد، وهذا لم يكن دقيقا، ولا أقدر أقول صحيحا لأنه لا يليق على ملك أقول هذا.. الملك الحسن وهو أمير وولي العهد لما أبوه خلع عن العرش، والعالم العربي كله كان هائجا، كان في تصور الملك أنه يستطيع أن يعتمد على غضبة الجماهير العربية وعلى مواقف الدول العربية.. الأمير الحسن عمره ما قبل هذا الكلام كله، يعني كان له رأي في حكاية الجماهير والشعوب، وهو "الملك الحسن" قاسي قوي بطبيعته، فوالده السلطان محمد تقليدي يعني طيب إذا أردنا أن نقول، لكن طيب بالمعنى السلطاني العربي المغربي، الذي فيه تراث الصراع مع الأندلس وتراث ملوك الطوائف وهذه قضية معقدة ممكن نتكلم فيها، لكن البلاط المغربي باستمرار فيه أكثر مما يبدو على السطح وأكثر جدا مما يستطيع القادمين من المشرق مرات أن يفهموه لأن هذا تراث معقد جدا، ولما يقال عن المغرب أنه المخزن دولة المخزن باعتبارها القاعدة المؤيدة للغزو الذي حاصل في إسبانيا كله، واقع الأمر أن المخزون المغرب كمخزن ثقافي وتراثي وسياسي وفكري إلى آخره، المغرب أعتقد أنه بلد غني شديد الغنى بالتجربة الإنسانية والتجربة التاريخية، ولكن هنا كان الملك محمد الخامس.. أما الأمير الحسن فشيء آخر، والدته من البربر، ومن فرع والدته اكتسب قوة الاندفاع والقدرة على مواجهة الأزمات بعنف إلى مداه، وعلى أي حال وهو في المنفى مع أبيه في مدغشقر لم يكن معتقدا أن كل حكاية الجماهير العربية، وأنا اذكر مرات كنت أقابله في القاهرة في الرباط في باريس في فاس مرات، وهو كان دائما لا يقولها صراحة لكن كان المرة الوحيدة التي قال لي صراحة، قال لي أنتم تخوفونا بالإعلام وصوت العرب في مصر يعني، وأريد أن أقول لك شيء، أنتم لم تغزوا المغرب أبدا، لكن المغرب جاء عندكم وأقام دولة الفاطميين، يعني لا تخوفوننا بالإعلام وهذا الكلام كله. هو كان عنده رأي في الجماهير والشعب، ولم يكن معتقدا في شيء من هذا، وبالتالي هو في ذلك الوقت وأبوه في المنفى بدأ يتصل، وأنا هنا أقولها صراحة بدأ يتصل بعناصر في إسرائيل، كيف جرى الاتصال؟ المغرب فيه أقلية يهودية لها تاريخ وهي متراجعة مع المسلمين في الأندلس ولكنها جالية كبيرة ولها إسهام في تاريخ المغرب وهي جالية أنا مستعد أقول إنها جالية قامت بأدوار تستحق الاحترام في يقظة المغرب. لكن الأمير الحسن بدأ يتصل بالجالية اليهودية في المغرب وهو في مدغشقر أين كان يعيش مع أبيه، وبدؤوا هم كذلك يتصلوا به، لأنه هو وجد الجالية اليهودية بدأت قلقة بعد ما عزل السلطان محمد عن العرش وجاء بدله سلطان آخر اختاره الفرنسيون من العائلة الشريفية وهو بن عرفة، والطائفة اليهودية، الأقلية اليهودية، في المغرب بدأت تشعر بقلق لأن أوضاع الحكم لم تعد هي الأوضاع السلطانية التي هي تعودت عليها وتعاملت بها مع الملك محمد الخامس، ومع أبوه وتعاملت مع الأمير الحسن، فيهود المغرب ومنهم كثير جدا هاجروا إلى إسرائيل كانوا من أول سنة 1948 بعضهم وحتى الأمير الحسن بعد ذلك، كان دائما يقول لي: أنا عندي حزب في إسرائيل، أنا عندي مائتي ألف مهاجر مغربي من المغرب من يهود المغرب راحوا لإسرائيل وهؤلاء حزب مؤثر وإنهم من يحكموا بالفعل من قادة الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة جدا، كان في كثير من أصول مغربية، فالملك الحسن أو الأمير الحسن في ذلك الوقت يشعر أنه عنده يهود المغرب يتصلوا به يهود المغرب يوصلوه لعنصرين من الناس يوصلوه لطائفتهم التي هي في إسرائيل، ويوصلوه للنفوذ اليهودي الإسرائيلي ثم يصلوا به إلى الولايات المتحدة الأميركية والولايات المتحدة الأميركية وفيها اللوبي الإسرائيلي، عندها تأثير على السياسة الأميركية، الأمير الحسن بدأ يشعر أن هذا هو طريقه إلى العودة إلى العرش وليس كل الكلام عن الجماهير والكلام..
هو يعتقد أنه كلام لا يوصل لشئ كثير، وعلى أي حال لم تطل فترة المنفى عن سنة ونصف، منفى السلطان وابنه، ولم يلبث السلطان أن عاد، ونحن اعتبرنا في المشرق أن هذا انتصار عظيم جدا لحركة القومية العربية، والإذاعات والجماهير في حين أن الأمير الحسن اعتبر أن هذه العودة إلى المغرب ليس سببها كل هذا الذي يقال، وإنما سببها هو ما فعل هو، وبالتالي الأمير الحسن بدأ يأخذ وضعا في المغرب حتى أمام أبيه، بعدما رجعوا الى العرش، بدأ يأخذ وضع طرف أكثر من ولي عهد وفقط، بدأ يأخذ واحد قيادة القوات المسلحة بدأ يأخذ المسؤولية عن كل أجهزة الأمن ويعتبر نفسه هو القائم على أمور المغرب وأن أبوه تقليدي وإلى آخره، وأنا رأيت العلاقة بين الاثنين وسأتكلم فيها فيما بعد.. لكن هنا الأمير الحسن كان شخصية أخرى، يتصرف بمنطق ثاني مختلف.
الأمير الحسن لا يريد مشاكل، في شأن الثورة الجزائرية يريد تسوية، في شأن الأسلحة اللي كانت ذاهبة للجزائريين في المركب آتوس والذي حجز، هو غير مقتنع بهذه الأساليب، خائف جدا، ويعرف تأثير الفرنسيين بالنسبة للجزائر، وأن الجزائر هذه مسألة غير قابلة للحل مسألة غير قابلة للاستقلال على نمط ما جرى أو نوع من الاستقلال على نمط ما جرى في تونس أو في المغرب. في ذلك الوقت، الأمير الحسن، أنا أظن أنه لم يكن بعيدا سواء بقصد أو بالتسريب، أو بطريق الفرنسيين الذين هم في بلاطه أو دائرة مكتبه عرفوا بأمر سفر قادة الثورة الجزائرية وأظن أن الأمير الحسن هو بالتحديد من أقنع السلطان أن يفصل هو يركب طيارة والجزائريين لحمايتهم ولكي لا يظهروا، يأخذوا الطيارة الثانية وهذا هو التغيير الذي حصل ولكن الأمير الحسن لم يكن بعيدا على الإطلاق عن عملية خطف قادة الثورة الجزائرية، وهو له في هذا منطق معين ولكن حصل خطف الزعماء الجزائريين وبدا للفرنسيين أنهم قدام فرصة من ذهب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.