صاحبة الأنامل الذهبية ”سهيلة” تبدع في الحرف اليدوية في الوقت الذي كانت نظرة المجتمع للمرأة المعاقة نظرة شفقة ومواساة، وصنفت هذه الأخيرة في خانة العاجزين عن المشاركة الإيجابية في المجتمع، قررت سهيلة والكثيرات من أمثالها رفع التحدي ومجابهة الأقاويل بإرادة نجاح قوية جعلتها تقف على قدميها وتحقق ذاتها في مهنة أحبتها فأبدعت فيها. فرضت المرأة المعاقة لنفسها واقعا استطاعت من خلاله إثبات جدارتها ومكانتها في المجتمع، وبدلا من أن تنعت بالمعاقة أرادت أن تسمى ب”المتحدية”، لما حققته من إنجازات عظيمة. سهيلة واحدة من هؤلاء اللاتي رفعن التحدي في الحياة وأردن تحقيق الذات ومساعدة الغير بالرغم من قهر الظروف. الإعاقة مهدت لنجاحها سهيلة ذات 45 سنة من عمرها، واحدة من اللواتي رفضن الاستسلام للإعاقة ولعبارات المواساة والشفقة، لم تتعلم ولم تدخل المدارس بسبب كثرة مكوثها بالمستشفى، غير أن حبها وميلها للخياطة والتطريز صنع منها امرأة بارزة في هذا المجال، حيث تقول سهيلة: ”وأنا في سن الثامنة بدأت أهتم بخياطة أزياء للدمى من بقايا القماش وكنت بارعة في ترقيع الملابس، لاسيما أن أختي الكبرى كانت تعمل في هذا المجال لذا كنت أساعدها، حينها تعلمت الفتلة والمجبود وصرت أتقنها بشهادة الجميع”. فصممت أن تطور نفسها لإثبات قدراتها، ولأنها تحب صنع ألبسة الدمى منذ صغرها ساعدها ذلك في خلق فضاء واسع لها، حيث بدأت في خياطة وحياكة الألبسة التقليدية الجزائرية وعرضها في المعارض أين لاقت إعجاب الجمهور واستحسانه. ”عملت لأجل استدراك ما فاتني من العلم” لم يكن لدى سهيلة دافع في الحياة سوى تدارك ما فتاها من علم وهي ملازمة للفراش في المستشفى، لذا قررت استثمار موهبتها من خلال جذب الزبونات اللاتي استحسن التعامل معها، وكذا تعليم الفتيات خاصة من ذوات الاحتياجات الخاصة، اللاتي تريد سهيلة أن يسرن في نفس دربها لتحدي الإعاقة، وفي ذات السياق تقول: ”لم يكن المال يوما هدفي، فأنا لا أكسبه لأغنى بل لأتمكن من تعويض ما فاتني من العلم، ولأنفقه في إكمال دراستي”. سهيلة التي بدأت دراستها من الصفر صارت اليوم طالبة جامعية بكلية الحقوق، تقول أنها طيلة سنوات الأمية لم تكن تحس أنها حية، فعلمها أشعرها أنها ولدت من جديد. زبوناتها يقصدنها من أكثر من ولاية لما تفننت سهيلة في الحياكة والطرز وصنع أزياء وتحف تسر الزبونة وتشعرها بالرضا، صنعت لنفسها إعجابا منقطع النظير من كل زبونة جربت أناملها وفنها، ولم تتوقف عند بعض الجارات والأقارب، فقد بلغ صيتها عددا من الولايات المجاورة على غرار تيبازة، بليدة، وبومرداس حيث تأتي النساء بحثا عن الإتقان والجمال في مطروزاتها. ويبقى حلم سهيلة الوصول لتحقيق هدفها بتعليم الفتيات هذه الحرف التي يتمكن من وضع بصمتهن في مجال يخترنه.