تحدت فئة المعاقين في الجزائر مشاكل عديدة تعترضها في حياتها اليومية بعد تحقيقها نجاحات باهرة في مختلف المجالات وتجاوزت نظرة المجتمع القاسية الذي همش هذه الشريحة بالرغم من امتلاكها لقدرات تستدعي الاهتمام والعناية. وضرب المثل سليم حوات ذو 30 سنة من قسنطينة متحديا إعاقته الجسدية منذ ولادته، بعد تمكنه من إبهار الجميع بنيل شهادة في الصيدلة بحيث تسلم أول أمس جائزة المستحق لسنة 2011 من رئيس جمعية مساعدة المرضى المحرومين ورئيس مصلحة طب الأورام »بيار وماري كوري« احمد بن ديب رغم اعاقته حركيا فتمكن بفضل روح الإرادة والعزيمة من ممارسة حياة مهنية طبيعية ومميزة. ورغم مساعي الجمعيات في المطالبة بترقية وحماية حقوق المعاقين وإدماجهم في المجتمع فإنهم يعيشون معاناة كبيرة ويتجرع الآلاف منهم مرارة الألم بسبب عدم تقبل المواطنين لإعاقتهم ونظرته الاقصائية نحوهم التي لا تتغير بأنهم يثيرون الشفقة ويشكلون عالة على المجتمع. وتحارب هذه النظرة بحملات التعبئة والتحسيس اتجاه هذه الفئة التي أثبتت أكثر من مرة بأنها تمتلك قدرات ومواهب متعددة على غرار الأشخاص العاديين بل وتجاوزتهم أحيانا متحدية مختلف الظروف الصعبة من اجل تحقيق هدف واحد وهو الاندماج في المجتمع. وفي كثير من الأحيان يكسر المعاقون الرأي الخاطئ المتداول في المجتمع بان إعاقتهم سواء كانت بصرية أو ذهنية أو حركية تحول دون تمكنهم من تحقيق نجاحات باهرة في مختلف المجالات والمساهمة في تطوير البلاد. واثبت العديد من هؤلاء المحرومين بأنهم جديرون بالاعتبار والعناية بعد تمكنهم من تحدي إعاقتهم بحيث أن ما حققوه من انجازات أوضحت بان هذه الفئة لا تحتاج إلى استعطاف من احد ولكن الاعتراف فقط. وقد رصدت »الشعب« خلال تغطيتها لتظاهرة المعرض الوطني لمنتجات المعاقين بمناسبة اليوم العالمي لهذه الفئة إصرارا كبيرا لدى الشباب العارض في ولوج عالم الشغل وعدم الاستسلام لإعاقتهم معتبرين إياها بالمحفز لدحر كل المعوقات التي تحول دون تحقيق أحلامهم ومشاريعهم الاستثمارية. واتضحت الصورة أمامنا أكثر في هذه التظاهرة التي عرفت توافدا كبيرا من الزوار أين كشف المعاقون بالملموس قدرتهم الإبداعية التي تجاوزت الإعاقة والنظرة الاقصائية بحيث لايكاد يصدق المتجول في أروقة الصالون أن ما يعرض من مواد ومنتجات وحرف تقليدية وعصرية هي من صنع أشخاص يعانون من إعاقة خاصة أن ما أنجز يحتاج لدورات تكوينية في أي تخصص. وقد شكل هذا المعرض بالنسبة لفئة المعاقين فضاءا مفتوحا للتعريف بمنتوجاتهم المحلية ذات النوعية والجودة والسعي لإثبات قدراتهم الفكرية للجمهور الزائر وأنهم يحترفون نشاطات مختلفة خياطة أو صناعة الحلي والفخار والحياكة والحلوى، الاليمنيوم، صناعة السروج الجلدية وغيرها لعلهم يغيرون نظرة المجتمع الاقصائية لهم. وقد أخد ملف المعاقين بعين الاعتبار من طرف وزارة التضامن الوطني والأسرة من خلال الشروع لأول مرة بإجراء تحقيق وطني حول الإعاقة في الجزائر لإحصاء عدد المعوقين على المستوى الوطني بعد تحديد والاتفاق على مفهوم الإعاقة وتحديد أصل كل نوع منها. ويهدف هذا التحقيق الوطني الذي يدخل ضمن الإجراءات المتخذة من طرف الدولة في إطار كيفية توفير العناية اللازمة للمعاقين إلى توحيد الجهود لضمان التكفل الأمثل بهذه الفئة الهشة وتحسين ظروف معيشتها ومساعدتها على الاندماج في المجتمع دون الحاجة للغير.