كثيرة هي مشاكل المرضى المصابين بالسرطان، فإضافة إلى هشاشة حالة النفسية والاجتماعية، تأبى الجهات المختصة من مستشفيات وصناديق التعويض والمسؤولين، إلا أن تزيد من معاناتهم، بغلقها جميع النوافذ والأبواب التي يطرقونها خلال مراحل العلاج التي يمرون بها لأجل التخلص من مرض لا يزال يزهق الكثير من أرواح الجزائريين، في الوقت الذي تصنفه الدول المتقدمة على أنه مرض مزمن يعالج وتستمر الحياة بعده. في الوقت الذي كانت الجمعيات الناشطة في مجال حقوق مرضى السرطان تنتقد تأخر العلاج الإشعاعي بعدة أشهر بعد العلاج الكيميائي، إلا أننا اليوم نلمس تأجيل المواعيد لسنوات، فالمريض أصبح ينتظر من سنة ونصف إلى سنتين، ليكون العلاج دون فعالية، أو بالأحرى دون جدوى حسب ما أكده البروفسور أحمد بن الديب المختص في علاج مرضى السرطان، فقد أكد أن التدخل الإشعاعي بعد الكيميائي ضروري جدا، ويستدعي الإسراع في تطبيقه مباشرة ليجد مفعوله ويؤدي دوره المطلوب، غير أن التأخر في تفعيل العلاج بعد سنتين أو أكثر يعرف إجماعا من جميع الأطباء والأخصائيين بعدم الجدوى منه”. وأضافت الأمينة العامة لجمعية الأمل لمرضى السرطان أن العدد الهائل المتوافد على مصلحة بيار وماري كوري باعتبارها أكبر مركز وطني يستقطب المرضى من 48 ولاية من الوطن، بات يدفع الأطباء إلى عدم مراعاة استعجال الحالة التي يعاني منها المريض، خاصة أن عامل الوقت مهم جدا للتشخيص والعلاج في حالة مرضى السرطان، واستغربت ذات المتحدثة من الأطباء الذين يطلبون من المريض أن ينتظر في حين أن المرض لا يعرف الانتظار. مخطط السرطان المشروع المؤجل وبخصوص إنجاز مخطط للسرطان الذي تم إعداده من طرف البروفسور زيتوني بعد عدة أشهر من العمل والمحادثات، غير أن ممثلة جمعية الأمل التي تعنى بحقوق المرضى لديها الكثير من التحفظات بخصوص هذا المخطط، فبعد تحصلها على نسخة من هذا المخطط علقت على احتواء الوثيقة على شطر سمي: ” تقييم المخطط الوطني لمكافحة السرطان وتحسينه”، قائلة: ”نحسن مخططا لا وجود له رسميا”، وأضافت: ”إننا نتفق مع ما أتى به المقترح من وصف للواقع وعدد المرضى وغير ذلك، غير أننا لا نزال في الجزائر لا نملك سجل سرطان، يحصي على الأقل الموتى بسبب هذا المرض، كما أن الوثيقة التي تم توقعها تحوي الوصايا والاقتراحات أكثر من احتوائها على عمل دقيق المعالم”. من جهته أكد البروفسور أحمد بن ديب أن مخطط السرطان لا جدوى منه الآن لأننا سنقوم بفتح النار على السرطان دون وجود الوسائل الضرورية لأجل ذلك، وأضاف أنه لا توجد إحصائيات حالية دقيقة بالجزائر، ولا وجود لمخطط هذا الأخير الذي يستلزم الوسائل والتدابير والخطوات الأساسية، ودعا إلى توحيد المعطيات في سجل لمرضى السرطان. العلاج بالأشعة.. وعود المسؤولين التي لم تتحقق ”يبدو أنه لا وجود لحل مشكل العلاج بالأشعة، فقد توالت وعود الوزراء المتتالين بتشغيل 57 آلة إشعاعية، غير أن الواقع يؤكد عدم تشغيل ولا واحدة إلى يومنا هذا”، هكذا علقت حميدة خطاب، الأمينة العامة لجمعية الأمل لمرضى السرطان في حديثها عن العلاج الإشعاعي الذي اعتبرته أكبر وأضخم مشكل يعاني منه المريض خلال مراحل علاجه من السرطان. وفي سياق متصل وخلال حديثها عن الوعود الزائفة، تقول محدثتنا: ”لقد تم الإعلان كذلك عن انطلاق الخدمة بمراكز العلاج الإشعاعي في باتنة وعنابة وسطيف عدة مرات منذ سنة 2010، وإلى حد الآن لا وجود للعلاج بالأشعة في هذه المدن”، وتضيف: ”قبل بضعة أشهر كانت كل العلاجات تبذل في المستشفيات العمومية، وكان الوزير الأسبق للضمان الاجتماعي قد التزم رسميا ألا يسمح أبدا بفتح مراكز العلاج الإشعاعي أو الكيميائي في القطاع الخاص. الضمان الاجتماعي يدير ظهره للمرضى تكلفة مريض واحد مصاب بالسرطان تبلغ الملايين وتتراوح بين 50 إلى 100 مليون سنتيم، والمواطن البسيط دون أدنى شك لا يمكنه الحصول على مبلغ ضخم كهذا، لذا تطالب جمعية الأمل لمرضى السرطان صندوق الضمان الاجتماعي بالتكفل التام بالمرضى، من خلال التعويضات، وضربت ذات المتحدثة مثالا بإجراء السكانير الذي يكلف على أقل تقدير 15 ألف دينار، فيما يقوم الصندوق بتعويض 100 دينار منها، ما اعتبرته إهانة للمريض وتقليلا من احترامه، لاسيما في ظل استحالة القضاء على المشكل القائم في المستشفيات العمومية، ودعت كذلك إلى رفع التمييز وتعويض العلاج الإشعاعي، مثلما يحدث في مجال أمراض القلب والقصور الكلوي. كما طالبت ممثلة الجمعية بتعويض أكياس الكولوستيمي والمهدئات عبر بطاقة الشفاء على مستوى الصيدليات، وبالرغم من أن هذا الأمر قد يبدو ثانويا إلا أن هذه الأكياس والمهدئات غير متواجدة بصفة دائمة. إيمان مقدم
دراسة حديثة تكشف ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان ب75 بالمائة بحلول عام 2030 كشفت دراسة أجرتها الوكالة الدولية لبحوث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية في ليون بفرنسا، أن عدد مرضى السرطان في العالم سيعرف ارتفاعا بنسبة تفوق 75 بالمائة بحلول عام 2030، وأن هذا العدد مرشح للارتفاع في البلدان الفقيرة التي تعتمد على أنماط حياة غير صحية. وأضافت الدراسة أن الارتفاع المسجل في الإصابات السرطانية يرتبط بالنظام الغذائي نتيجة التركيز العالي في المواد الحافظة والدهون المهدرجة، إضافة إلى عدم ممارسة التمارين الرياضية. وقال ممثل عن قسم معلومات السرطان بالوكالة الدولية لبحوث السرطان، إنّ السرطان أضحى السبب الرئيسي للوفيات لدى كثير من الدول مرتفعة الدخل، وأنه سيتصدّر الأمراض المتسببة في أكبر عدد من الوفيات في العالم خلال العقود القادمة. وتنبأت الدراسة بزيادة أنواع السرطان المرتبط بالعدوى، خاصة سرطان عنق الرحم، وسرطان الكبد والمعدة في البلدان ضعيفة النمو، لاسيما الواقعة جنوب صحراء إفريقيا، أين تقل الحماية والرعاية الصحيتين. في حين ستعرف دول غنية على غرار بريطانيا واستراليا وروسيا والبرازيل ارتفاعا في أنواع السرطان المرتبطة بالتدخين كسرطان الرئة والسرطان المرتبط بالسمنة والنظام الغذائي. وتوقعت الدراسة أن البلدان متوسطة الدخل مثل الصين والهند وإفريقيا قد تعرف هي الأخرى ارتفاع في عدد حالات السرطان تبلغ 78 بالمائة بحلول عام 2030. ويبقى الحل، حسب الأخصائيين، في تبديد الأساطير والمفاهيم الخاطئة حول مرض السرطان، والتي ضمّنت في الهدف الخامس من الإعلان العالمي للسرطان الذي يهدف إلى رفع مستوى الوعي بهذا المرض والتعريف بخطورته وطرق الوقاية منه وكيفية علاجه، وتثقيف الأسرة بكيفية التعامل مع المصاب به من أفرادها.