وفاة المجاهد نمار محمد المدعو "محمد الصغير" عن عمر ناهز ال88 سنة    متحدث الأونروا: إستمرار العملية العسكرية الصهيونية في رفح سيؤدي لإنهيار العمليات الإغاثية في غزة بشكل كامل    اجتماع المجلس العربي الاقتصادي والاجتماعي: زيتوني يدعو لتكثيف الجهود لبلوغ الاندماج الاقتصادي    بطولة الرابطة المحترفة الأولى: مولودية الجزائر تعود بالتعادل من خنشلة و شباب بلوزداد يخطف الوصافة    دراجات/الجائزة الكبرى لمدينة وهران: بداية موفقة للجزائري نسيم سعيدي    وفاة 5 أطفال غرقا بشاطئ الصابلات بالجزائر العاصمة    لأحد المنفيين الجزائريين إلى جزيرة كاليدونيا..اكتشاف وثيقة تاريخية نادرة بنسختها الأصلية    باتنة/مهرجان إيمدغاسن السينمائي: إفتتاح الطبعة الرابعة وسط حضور لافت للجمهور    "الفراغ السياسي" .. قضية لم تحظَ بدرس عربي كافٍ    ندوات مهرجان إبداعات المرأة تنطلق اليوم.. محاضرات علمية تغوص في ثراء وعراقة الأزياء والحلي الجزائرية    معرض فني بالجزائر العاصمة يستذكر المسار الإبداعي للتشكيلي لزهر حكار    نظرة شمولية لمعنى الرزق    آثار الشفاعة في الآخرة    الملتقى الدولي حول المحاماة والذكاء الإصطناعي: إبراز أهمية التكوين وتوحيد المصطلحات القانونية    بسالة المقاومة الفلسطينية وتضحياتها مستلهمة من أهم المحطات التاريخية للثورة الجزائرية    انطلاق امتحان تقييم المكتسبات للسنة الخامسة ابتدائي ابتداء من هذا الأحد    الترامبلوين (بطولة افريقيا-2024): ميداليتان فضيتان وبرونزية واحدة للجزائر    أخيراً.. مبابي يعلن رحيله رسمياً    بوروسيا دورتموند.. الرابح الأكبر!    حمزاوي يشدّد على دور الشباب    توقيف 403 مشبه فيه في قضايا مختلفة    مشايخ يوعّون الشباب حول آفة المخدّرات    يوم تحسيسي بغابة بوشاوي بالعاصمة حول مخاطر ظاهرة الرمي العشوائي للنفايات    البيض: 30 مشاركا في الطبعة الأولى لسباق الخيل المنظمة من طرف نادي "الجواد"    تبنّي مقترح الجزائر بشأن دعم منتجي الغاز    مجلس الأمن يتبنّى مبادرة الجزائر    الجزائر ترحّب بتبني قرار أممي لصالح فلسطين    المغرب: هيئة حقوقية تدعو إلى تعبئة المجتمع المحلي والدولي من أجل وضع حد لترهيب المخزن للمواطنين    من تعدّى على الجزائر فقد ظلم نفسه    قانون جديد للصّناعة السينماتوغرافية    محطّة هامّة في خارطة المواقع الأثرية    زيتوني يشارك في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي    مجلة الجيش تُثمّن إنجازات الدبلوماسية    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يؤكد: الاقتصاد الوطني في تطور مستمر وسيشهد قفزة في 2027    تسريع وتيرة العمل لتسليم منشآت هامة    2027 سنة الإقلاع الاقتصادي    إحصاء شامل لمليون و200 ألف مستثمرة فلاحية    "عدل 3" بمسابح وملاعب وعمارات ب 20 طابقا    الاحتلال الصهيوني يجبر الفلسطينيين على إخلاء مناطق جديدة في رفح    الرئاسيات المقبلة محطة هامة لتجسيد طموحات الجزائريين    الجزائر الجديدة هي المشروع الوطني الذي يجسد طموحنا    حركة النهضة تشارك في رئاسيات 7 سبتمبر القادم    إعذار مقاول ومكتب متابعة منطقة النشاط بسكيكدة    البنايات الهشة خطر داهم والأسواق الفوضوية مشكل بلا حل    بشكتاش التركي يحسم مستقبل غزال نهائيا    مختبر "سيال" يحافظ على اعتماده بمعايير "إيزو 17025"    شايبي يحلم بدوري الأبطال ويتحسر على "كان 2025"    وستهام الإنجليزي يسرع عملية ضم عمورة    التزام ثابت للدولة بترقية الخدمات الصحية بالجنوب    بنك الاتحاد الجزائري بموريتانيا : إطلاق نافذة الاسلامية لتسويق 4 منتجات بنكية    لا تشتر الدواء دون وصفة طبية    صدور القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية في الجريدة الرسمية    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الجمعة بالنسبة لمطار الجزائر العاصمة    انطلاق مشاريع صحية جديدة بقالمة    استحسن التسهيلات المقدمة من السلطات : وفد برلماني يقف على نقائص المؤسسات الصحية بقسنطينة في مهمة استعلامية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف أضر الإسلام السياسي بالإسلام؟
نشر في الفجر يوم 06 - 03 - 2015

صحيح أن الدين الإسلامي أكبر من أن ينجح أعداء الإسلام في تشويهه، وأن كل إساءة لا تلزم إلا أصحابها، ولكن في نفس الوقت، هناك بعض الحقائق تفرض نفسها، ومن باب الموضوعية النظر فيها والإنصات إليها.
ومن هذه الحقائق، أن الإسلام السياسي في الفضاء العربي قد جنى على صورة الإسلام في العالم ومرر أيضا رسائل تضليلية إلى المجتمعات العربية الإسلامية، وتحديدا فئة الشباب، المعروفة بجنوحها الطبيعي إلى البحث عن الهوية والتمايز عن الآخر.
لقد فشل الإسلام السياسي في استثمار الرأسمال الرمزي الحقيقي للإسلام، وابتكر لنفسه مفاهيم وأفكارا مُنحرفة عن مقاصد الدين الإسلامي، علاوة على أن الواقع والتجربة أثبتا معا، أن الإسلام السياسي يُوظف الإسلام في مآرب سياسية محضة، مستغلا الشعور الديني في عملية التعبئة الشعبية.
لذلك، فإنه يبدو لنا أن الإسلام السياسي أضر بصورة الإسلام وحجب عنه صورته الحقيقية ومعانيه اليسيرة العقلانية. وهنا نسجل أكبر أخطار الإسلام السياسي، التي تجعل منه بالفعل عبئا ثقيلا، ما فتئت تداعياته تتراكم.
وكي لا يكون كلامنا أشبه ما يكون بإلقاء التهم جزافا، سنضربُ مثالا الفكر الإخواني والمفاهيم الخطيرة، التي يقوم عليها، والتي استثمرتها أيضا التنظيمات المتشددة ذات المشروع السياسي، باعتبار أنها تهدف إلى إقامة ما تصفه مغالطة بالدولة الإسلامية.
تقوم المرجعية الإخوانية على مجموعة من المفاهيم المركزيّة، أهمها مفهوم الحاكميّة وفكرة ” جاهلية القرن العشرين”، وأيضا مفهوم الإسلام الشامل. بالنسبة إلى مدى تبني مفهوم الحاكميّة، فإن حركة الإخوان تكشف عنه أولا من خلال منهاج الفهم الذي تعتمده، وأيضا بشكل علني ومباشر من خلال كثافة تواتر مقولتهم ”القرآن دستورنا والرسول قدوتنا”. فهو منهاج إحيائي يلغي أي دور للعقل في تقديم اجتهادات في مجال تأويل النص الديني، وهو ما يفصح عنه خطاب سيد قطب أحد الرموز المؤسسة لجماعة الإخوان المسلمين.
ويعني مبدأ الحاكميّة في كتابات حسن البنا الخضوع ل”سلطان الله وحاكميته وشريعته وحدّه في كل شأن من شؤون الحياة”. ويحملنا شرح مدلول مفهوم الحاكمية مباشرة إلى كشف التصور الشمولي لمنهج ”الإخوان” في فهم الإسلام، ذلك الفهم الذي يؤكد أصحابه اختلافه عن الأفهام الأخرى للإسلام، بدليل أن الإمام حسن البنا، قد وضع في إحدى رسائله المعنونة ب”رسالة التعاليم” بروتوكول فهم الإسلام من خلال ما يُعرف بالأصول العشرين التي تُحدد أركان البيعة وتُعتبر - أي الأصول العشرين – ”الأرضية الفكرية الدّينيّة التي تقوم عليها الجماعة في كل مكان”. ونجد على رأس قائمة الأصول العشرين هذين المبدأين الأساسيين الأولين:
الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا، فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة.
القرآن والسنة المطهرة المرجع الوحيد لكل مسلم في التعرف إلى أحكام الإسلام. وإلى جانب مبدأ شمولية المنهاج الإسلامي للحركة وإطلاقية مبدأ الحاكميّة بمعنى مركزية النسق العقيدي في فكر الحركة، فإن فكرة الجاهلية، تُعد مقولة رئيسية في تحديد معالم تصوّر ”الإخوان” للعلاقة مع الواقع الحاضر ومشكلات العصر، وأيضا كيفية التفاعل مع الآخر مرجعيات وأفكارا.
يُوضح محمد قطب في كتابه ”جاهلية القرن العشرين” بإطناب وافر المقصود ب”الجاهلية”، فهي ”ليست فترة تاريخية مضت إلى غير رجوع، إنما هي جوهر معين يمكن أن يتخذ صورا شتى بحسب البيئة والظروف والمكان.. وهي ليست المقابل لما يُسمى العلم والمعرفة والحضارة والمدنية والتقدم المادي والقيم الفكرية أو الاجتماعية أو السياسية أو الإنسانية.. إنما الجاهلية حالة نفسيّة ترفض الاهتداء بهدى الله ووضع تنظيمي يرفض الحكم بما أنزل الله”. ومن ثمة، فإنه طبقا لهذا التصور للجاهلية، فإن كل الحضارات والثقافات التي ”لا تهتدي بالهدى الرّباني”، هي في حالة جاهلية، بل إن ما يُسميه محمد قطب الجاهلية الحديثة، هي ”جاهلية العلم والبحث والدراسة والنظريات جاهلية التقدم المادي المفتون بقوته المزهو بما وصل إليه من آفاق.. والجاهلية التي تفتن الناس باسم التقدم والتطور والحضارة والمدنية”.
ويتبين لنا من مركزية مفهوم الجاهلية في التراث الإخواني، الصيغة الأساسية في التصنيف: الإسلام أو الجاهلية. ومن هذه الصيغة تتشكل الصيغة الجوهرية في البناء الفكري الإخواني: الإسلام الشمولي هو الحل.
ففي ضوء هذه المفاهيم والوحدات الدلالية المركزيّة، تُبنى مرتكزات المنهج الإسلامي الإخواني.
لقد أسست هذه المفاهيم، التي تغلغلت في غالبية مكونات مشهد الإسلام السياسي في البلدان العربية لظاهرة التطرف، وذلك من منطلق كونها جوهر الفكر الإخواني وعموده الفكري الأساسي، وهي كذلك عبارة عن ترخيص ديني لمقاطعة العصر والإغراق في الماضوية ومحاربة الآخر، بما أنه يمثل الجاهلية الجديدة. وحتى عندما اضطرت الحركات الإخوانية إلى ”تلطيف خطابها” والتنكر لبعض أفكارها الأولى، وذلك من باب ضمان المشاركة السياسية، فإن الإسلام السياسي الراديكالي الذي تربى على مرجعيات الفكر الإخواني ومرجعياته المؤسسة له، قد تمسك بها وأعلن استنادا إلى أدبياتها ”جهاده” التكفيري.
هكذا نرى ما ألحقه الإسلام السياسي بالإسلام من أضرار طالت في البدء المفاهيم والأفكار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.