تتميز مدينة القليعة بمظاهر خاصة منها العمرانية المتجسدة في المنازل والبيوت العتيقة ذات الطراز المعماري الأندلسي القديم، بأبوابها المقوّسة والمغطاة بمختلف أنواع القرميد الذي تشتهر به مدن الأندلس القديمة.. والتي لا تزال معالم حضارتها صامدة رغم مرور الزمن القليعة تشبعت بالحياة الأندلسية بعد سقوط غرناطة آخر دولة للمماليك الإسلامية في الأندلس، رحلت أعداد كبيرة من الأندلسيين إلى عدة مناطق بالمغرب العربي، وكانت القليعة بولاية تيبازة إحدى المدن الأندلسية التي تأسست عن طريق المهاجرين من الأندلس، قبل أكثر من 5 قرون، والتي لازالت لحد الآن تحمل الطابع الأندلسي في مختلف مظاهرها المادية والثقافية. تأسست مدينة القليعة سنة 1550 من طرف الأندلسيين القشتاليين والغرناطيين والبلنسيين على يد حسن باشا ابن خير الدين بربروس، إبّان فترة الحكم العثماني، حيث عرفت المدينة إقبالا كبيرا للنازحين الأندلسيين والذين ينتمي معظمهم إلى الطبقات المتوسطة من أصحاب المهن والحرف وصغار التجار، إذ استقروا فيها وبنوا قصورهم ومنازلهم وفق الطابع الأندلسي الأصيل محمَّلين بجميع تقاليدهم وعاداتهم العريقة، وتعود تسمية القليعة حسب الروايات المتعاقبة من شيوخ وكبار المدينة بهذا الاسم إلى أنه تصغير لاسم القلعة، إحدى المدن التي كانت موجودة قرب غرناطة خلال فترة الحكم الإسلامي لبلاد الأندلس. العمارة الأندلسية راسخة تتميز القليعة بمنازلها وبيوتها العتيقة التي شيدت وفق النسق المعماري الأندلسي المستوحى من الحضارة الإسلامية، حيث يلفت انتباهك وأنت تتجول في شوارع وأزقة مدينة القليعة الضيقة، تلك البيوت القديمة التي لاتزال صامدة لحد الآن، لتكون شاهدا على عظمة الحضارة الأندلسية، إضافة إلى مختلف المعالم التاريخية المنتشرة في مختلف أرجاء المدينة من بينها ”القلعة العتيقة”الموجودة على مستوى حي الإخوة عليان والتي يعود تاريخها حسب العديد من الروايات إلى أكثر من 5 قرون، كما يمثل المسجد العتيق الذي يتميَّز بطرازه المعماري المميَّز أحد المعالم التاريخية القديمة بمدينة القليعة، زيادة إلى مقام الولي الصالح ”سيدي علي مبارك” أحد العلماء البارزين في المنطقة والذي شيد هو الآخر وفق نمط أندلسي إسلامي خالص. تقاليد أندلسية تطبع تعاملات أهل القليعة يسعى سكان مدينة القليعة على إحياء الحرف التقليدية الأندلسية والصناعات الحرفية والفنية المتوارثة أبا عن جد، وتعتبر صناعة الأثاث المنزلي بالخيزران من أكثر الصناعات التقليدية التي تشتهر بها مدينة القليعة خاصة على مستوى شارع طريق الجزائر، والتي تثير إعجاب كل من يمر بها وتشد انتباههم، ويحرص أصحاب هذه المهنة على المحافظة عليها وتداولها جيلا بعد جيل، ما ساهم في الحفاظ على الطابع الثقافي والتراثي للمنطقة، كما تشتهر القليعة بصناعة الأثاث المنزلي والنقش على الخش، إذ تعتبر هذه الصناعة من أعرق الصناعات التقليدية والحرفية المتوارثة التي يمتهنها أهالى القليعة. ”دار الغرناطية” للمحافظة على الموسيقي والغناء الأندلسي يعمل أهالي القليعة على حفظ موروثهم الفني من الموسيقي والغناء، ويظهر ذلك جليا من خلال العديد من المدارس الموسيقية والغنائية التي تزخر بها مدينة القليعة، بهدف المحافظة على التراث الموسيقي والغنائي الأندلسي ونقله للأجيال الجديدة، وتعد مدرسة الغرناطية المختصة في الفن الأندلسي والتي تأسست في 27 مارس 1972 بمبادرة من فئة محبي الموسيقى الأندلسية الجزائرية، والتي ترمي نشاطاتها إلى المحافظة على التراث الفني الأندلسي ونشره وترقيته، حيث ساهمت مدرسة ”دار الغرناطية” منذ تأسيسها على حفظ التراث الفني الأندلسي الذي يتضمن قصائد شعرية نظمها أشهر شعراء الأندلس، وتتغنى كلها بالحضارة الأندلسية، ويرجع هذا إلى الأهمية الكبيرة التي توليها مدينة القليعة للأمور الفنية خاصة تلك التي تهدف للحفاظ على التراث الأندلسى، فنقلوا الموشحات الأندلسية الشهيرة والزجل وأدخلوا الآلات الموسيقية إلى هذه المدرسة مثل العود والرباب والكمان.