بعد مرور خمس سنوات على انطلاق شرارة ما يسمى بالربيع العربي، لازلت الدول التي انجرت شعوبها وراء الشعارات الرنانة التي تحمل في ظاهرها الدفاع عن الحقوق، وفي باطنها دسائس ضد الامة، والتي تنطبق عليها مقولة كلام حق أريد به باطل ، تنزف اجتماعيا واثنيا وعرقيا، وفق خطة صهيو غربية، من أجل تفتيت الأمة العربية والاسلامية، لتجسيد مخطط سايكس بيكو جديد، على انقاض نهاية المرحلة الماضية والقيام بتشكيل خريطة جغرافية تخدم المصالح الغربية الصهيونية في المنطقة. لم يكن ما يسمى اعلاميا بالربيع بردا وسلاما، كما توهمت العديد من الشعوب، بل كان مخططا تنفيذه باجندة معدة مسبقا من اجل زعزعة استقرار المنطقة وتشتيت الامة من جديد، فتونس التي لم تكن تعرف الارهاب، تغرق في براثنه اليوم، الى حد لا يطاق حيث حصدت العمليات الارهابية العديد من الأرواح وزرعت الخوف والرعب وسط التونسيين، فاذا كان هذا حال تونس الخضراء التي تحولت الى حمراء من جراء الارهاب، فان ليبيا حدث ولا حرج، فبلاد اكبر نهر صناعي في العالم يعيش التمزق ومهدد بالتفكك في أي لحظة، فلا صوت يعلو على صوت الارهاب والرصاص، ولا حل واضح في الافق رغم جميع الجهود المبذولة وهذا لسبب واحد لان المؤامرة كانت اعمق، فلا يزال الشعب الليبي الذي أوهم بالحرية المزعومة يدفع ثمن مخطط كان هدفه تدمير ليبيا وليس اعامرها كما اعلن عنها يوما . ! اما اذا استعرضنا أوضاع ما يسمى ب الربيع العربي على مصر، فان ما كان يحلم به الشعب المصري لم يتحقق بل تحول الى كابوس حقيقي، يؤرق يومياته، فقد فقدت البلاد قواها واصبحت تبحث عن مخرج لازمتها الامينة التي اصبحت التفجيرات الارهابية شغلها الشاغل اضافة الى جميع الانشغلات الاقتصادية والاجتماعية، فلايزال المصريون يتوقون الى عودة الامن والاستقرار ويحلمون بغد افضل في ظل الازمات المتعددة التي فرخها ما يسمي بالربيع العربي.!، من جهتها لازالت سوريا تغرق في الفوضى والدمار، التي اودت بالالاف القتلى وتيتيم الملايين وتهجر مئات الالاف في بلد كان يضرب فيه المثل في الاستقرار والامن والتعايش، هذه الصورة السوداوية في سوريا ليس أحسن منها في اليمن الذي كان يلقب بالسعيد، الا ان ما يسمى بالخراب العربي حوله الى أتعس البلاد، من جراء ما يتعرض له من تمزق وتفكك وأصحب محكوما بالطائفية في الوقت الذي كان اليمن يسع ويتعايش فيه الجميع، ليتحول الى كومة من الخراب مثله مثل العديد من البلدان العربية التي أوهمت بشعارات زنانة كان هدفها ان تحول واقع الشعوب العربية الى كابوس استمر 5 سنوات ولايزال. هل تحسنت ظروف الشعوب التي مسها الربيع العربي ؟ يقول المتتبعون انه اذا كان هدف أي حراك اجتماعي وسياسي في دولة في العالم، هو تحقيق تغير أفضل، والذي يعني البحث عن أمن، وواقع اجتماعي واقتصادي وسياسي افضل ، فدعونا نتكلم بصراحة عن مائلات الأوضاع في الوطن العربي بعد هذا الحراك الذي اتى على الاخضر واليابس في هذه الدول وحول واقع الشعوب الى مأساة حقيقة، فاذا كان نشوء الاحتجاجات والاحتقان خلال ما يسمى بالربيع العربي، يهدف الى تخفيض الاسعار فقد ارتفعت هذه الاخيرة باربع مرات بعد الحراك ، واذا كان هدفها الحرية والديمقراطية فقد تحول التراشق بالكلام الى التراشق بالرصاص !، اما اذا كان هدفها تحسين الوضعية بصفة عامة للبلاد فقد انهارت هذه الدول اقتصاديا واجتماعيا وامنيا وتحولت الى كومة من الخراب جراء الربيع الاسود، ورغم أنه من حق الشعوب أن تعبر عن تذمرها عن واقع معيشي معين وتحتج بالطرق السلمية، لكن من غير المنطقي لها ان تخرب بيوتها بايدها، مهما كان السبب، خاصة وأن العديد من الدراسات والتقارير الدولية بعد خمس سنوات من الخراب العربي ، تؤكد ان الليبيين والسوريين واليمنيين أصبحو يتمنوا الرجوع يوما الى ما قبل الخراب العربي . !