وزير الشؤون الخارجية يستقبل رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    سكك حديدية : برنامج شامل لعصرنة وتطوير الشبكات    أشغال عمومية : تكليف المفتشية العامة للقطاع بمراقبة كل مشاريع الطرقات    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    كمال الأجسام واللياقة البدنية والحمل بالقوة (البطولة الوطنية): مدينة قسنطينة تحتضن المنافسة    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    وسط اهتمام جماهيري بالتظاهرة: افتتاح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    سوريا: اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في سوريا    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    معالجة 40 ألف شكوى من طرف هيئة وسيط الجمهورية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و305 شهيدا    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    بطولة وطنية لنصف الماراطون    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    تفعيل التعاون الجزائري الموريتاني في مجال العمل والعلاقات المهنية    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مختصون يقيّمون و يقترحون : ما يعرض من برامج رمضانية فيه استهتار بالمشاهدو إهانة للفن
نشر في النصر يوم 16 - 05 - 2020

- غياب استراتيجية واضحة للإنتاج و التكوين فسحا المجال للدخلاء
يرى نقاد ومنتجون ومخرجون وممثلون وكتاب سيناريو، أن ما يبث من إنتاج تلفزيوني جزائري في شهر رمضان لهذا العام هو الأسوأ على الإطلاق، سواء ما تعلق منه بالبرامج أو المسلسلات الكوميدية و الدرامية، مع تسجيل استثناءات قليلة، وأن الاشكالية أعمق من أن تحصر في الرتابة
و التفنن في الرداءة و انعدام الحس الإبداعي، بل تعود إلى «الفساد» الذي أصاب دوائر الإنتاج وغياب استراتيجية واضحة للنهوض بالقطاع، ومن ذلك الانعدام شبه التام لمعاهد التكوين ومدن الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، ما فتح الباب واسعا للدخلاء والمتطفلين لملء الفراغ والاتكاء على عصا ضعف السيناريو لتبرير فشلهم .
و قال ضيوف النصر في هذا الملف، إن العديد من الممثلين المحترفين أصبحوا يشحذون الإعانات ويبحثون عن المشاركة في مختلف الأعمال حتى و لو منحت لهم أدوار ثانوية لتوفير قوتهم، في وقت غزت ظاهرة الكاميرا الخفية، وعارضات الأزياء و مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي والمغنيين أدوار المسلسلات و البرامج، ما قلل الإبداع و أفرز مشهدا كارثيا .
ملف من إعداد : عثمان بوعبدالله
- نبيل حاجي ناقد سينمائي و أستاذ جامعي: البرامج الرمضانية شكلت صدمة للمتلقي
* الوضع بحاجة لفرض أطر قيمية وتنظيمية ومتابعة القنوات المستهترة
يرى، نبيل حاجي الناقد السينمائي و الأستاذ الجامعي، في تقييمه للبرامج التلفزيونية الخاصة بشهر رمضان لهذا العام،أنها جاءت هزيلة ودون المستوى، وخلفت ردود أفعال سلبية من الجمهور العام، مقارنة بالإقبال والمتابعة التي شهدها الموسم الماضي، سواء ما تعلق منها بالمسلسلات الدرامية أو البرامج الخفيفة خاصة الفكاهية منها .
و لم يخف تأسفه، من تزامن هذا الفشل في البرامج الرمضانية مع وضع إنساني خاص نتيجة تفشي جائحة وباء فيروس كورنا، الذي دفع بالجميع للمكوث بالبيوت ومتابعة البرامج التلفزيونية سواء على القنوات العربية أو الجزائرية، و كان من المطلوب أن تكون برامج في المستوى للتنفيس على العائلات من ضغط الوباء و الروتين الممل في الحجر المنزلي، لكن ما يبث حسبه من برامج و انتاج تلفزيوني هزيل وضعيف،شكل كما قال صدمة حقيقية لدى المتلقي .
و أشار، إلى متابعته لعدد من البرامج سواء كانت مسلسلات أو سيت كوم وحتى الكاميرا المخفية، والمحصلة حسب تقييمه ، أنها لا ترقى للعمل و البث التلفزيوني ما عدا بعض الاستثناءات، كما أنها لا ترقى حسب ما أضاف إلى حرمة الشهر الفضيل، ناهيك عما وصفه بالمستويات «الهزيلة» في الكتابة والتصورات البصرية أو حتى البناء الدرامي الذي يشكل أسس أي عمل سمعي بصري، مرجعا هذا الفشل إلى تراكم السلبيات التي يشهدها حقل الإنتاج السمعي البصري لأكثر من عقد من الزمن، سيما ما تعلق منها بالاستخفاف بالجمهور وعدم احترام أذواق المتلقين والمشاهدين، بعدما أسندت مهمة الانتاج لشركات ومؤسسات لا تملك بحسبه أية خبرة في الميدان، وأصحابها كما قال (من المتطفلين على القطاع والدخلاء)، مشيرا إلى أن قنوات البث (التلفزيونات) منحت مهمة انتاج هذه البرامج لبعض المؤسسات لاعتبارات شخصية ضيقة ومنافع مادية في إطار الإنتاج التنفيذي، و بالمحصلة تعمدت اسناد مهمة الكتابة والإخراج والتمثيل وغيرها من العناصر الفنية والتقنية لأسماء غير مؤهلة تفتقد إلى المهنية وحس الإبداع بأثمان زهيدة، والنتيجة طبعا ستكون دون المستوى، يضاف إليها عامل الوقت والتسرع والارتجال في التنفيذ، و «هو ما يعكس ما تقدم من ضحالة في البرامج وتردي مستواها القيمي والشكلي، بالنظر إلى غياب أي استراتيجية برامجية سواء بالنسبة للقنوات التي تتعامل مع برنامج شهر رمضان في أخر لحظة»، ومنها تجد نفسها ملزمة بحسبه بتقديم مادة لم تشاهد ولم تراقب، في إشارة إلى اعتذار بعض القنوات لما قدمته بعد اعذارها من قبل سلطة الضبط السمعي البصري .
و اقترح، في ختام تقييمه للشبكة البرامجية بالقنوات الجزائرية، خلال شهر رمضان، أمام ما وصفه بالوضع «المتردي» الذي يسيء يوميا للمؤسسات الإعلامية والعاملين فيها والمتلقين من الجمهور العام، ومدى تأثيرها الذهني والأخلاقي، أن تسارع المؤسسات الرسمية ابتداء من وزارة الاتصال، ومرورا بسلطة الضبط السمعي البصري المخولة قانونا لمتابعة وتقويم ما يقدم على هذه القنوات وأخيرا المجتمع المدني بالتدخل، لفرض أطر تنظيمية لحث ومتابعة تلك المؤسسات قضائيا إن اقتضى الأمر، لتجنب هذا «الاستهتار» بالمتلقي والقيم العامة للمجتمع، ووضع شروط وأطر مستقبلية لمعاينة البرامج قبل بثها جماهيريا، ومتابعة المخالفين بفرض أسس وأخلاقيات تعيد ترتيب البيت السمعي البصري الجزائري، وتنتصر للقيم الأخلاقية والمهنية، لأن دور المؤسسات الإعلامية عموما كما أضاف هو التوعية والتثقيف والترفيه على الجماهير.
ع/ بوعبدالله
- عيسى شريط كاتب سيناريو: مخرجون و ممثلون «فاشلون» عادة ما يعلقون شماعة إخفاقهم على السيناريو
* بعض الأعمال لم توفّق في إبراز قيّم النص
قال، السيناريست عيسى شريط، أن أغلبية الفاعلين في القطاع يعلقون شماعة إخفاقهم على السيناريو، في حين أن العمل التلفزيوني و السينمائي عمل جماعي يتطلب التكامل، مرجعا الضعف و الانحطاط المسجل في البرامج الرمضانية، إلى عوز في الإبداع لدى بعض المخرجين و الاختيار غير الموفق للممثلين، الذي عادة ما يجنح إلى المزاجية و المحاباة، بدل الاعتماد على ممثلين مقتدرين و مخرجين مبدعين لاستنطاق نص السيناريو و ابعاده عن حالة الارتجالية و التشويه المتعمد بالخروج عن النص .
و أرجع،ظاهرة ضعف الإنتاج السمعي البصري انطلاقا من الدراما وانتهاء بالحصص التلفزيونية العادية، إلى جملة من الأسباب، التي عادة ما تغيب في انتقاد البرامج، في حين تعلق شماعة الاخفاق على ضعف السيناريو باعتباره السبب الوحيد، ما وصفه بالاتهام غير المنصف و إشكالية مزيفة و متعمدة بقيت متداولة منذ الاستقلال لتهميش فئة كتاب السيناريو بحسبه من قبل الفاعلين في هذا القطاع .
و يضيف، عيسى شريط، أنه من الأسباب الجوهرية التي تظهر دوما ضعف السيناريو، هو عدم احترامه كنص أجازته لجنة القراءة وأهلته للإنتاج، كونه يتوفر على كل شروط النجاح، لكن ما يحدث كما قال هو عدم احترام هذا النص من قبل المخرج، والممثلين بإحداث تغيّيرات كثيرة تأتي على كل ما يحمله من أفكار وجماليات، ويتم تجاوز الحوار، وفسح المجال للممثلين للارتجال المفرط بلا حدود، وهنا يتم تجاوز الاحترافية نفسها، مشيرا إلى أن السيناريو كنص لا تظهر قِيَمه الموضوعية والجمالية إلا بعد إخراجه، وبعثه في عمل سمعي بصري، و نجاحه يتوقف على مهارة المخرج والممثل و التقني، مضيفا أن ما يلاحظ على بعض الأعمال أن العملية الاخراجية لم توفق في ابراز قيم النص، و ذلك يعود بحسبه إلى ضعف المخرج الذي يفتقر إلى القدرة على التفاعل مع النص وشخوصه وأحداثه.
و في سياق متصل، أشار إلى سبب آخر وصفه بالجوهري، يقتل نص السيناريو، وهو توزيع الأدوار، أو اختيار الممثلين،فالمعلوم في العمل الاحترافي كما قال إن نسبة 70 في المئة لنجاحه تعود إلى الممثلين، ما يستدعي التركيز على هذا الجانب بحسن اختيارهم، لكنما يحدث بحسبه في الأعمال الرمضانية و الجزائرية بصفة عامة مخالف تماما، فتوزيع الأدوار يتم عبر المحاباة، والعلاقات الشخصية المريبة، وغيرها، وهذا عامل من عوامل إضعاف السيناريو.
و يرى شريط، أنه و للحفاظ على محتوى نص السيناريو الأصلي والمختار من قبل لجنة القراءة، يتحتم متابعة عملية الإنتاج بشكل صارم، وفرض حتمية احترامه بصرامة أيضا، حينها يمكن الحكم على جودته، أو ضعفه، أما أن نترك الحرية المطلقة للمخرج وممثليه غير الأكفاء، وأغلبهم من الهواة، ليعيثوا فسادا في النص ومحتواه بالارتجالية ( المنحطة و المقرفة)، فالحكم عليه سيكون مجحفا في هذا الحال، داعيا إلى ضرورة الادراك بأن العمل السمعي البصري عمل جماعي، تقع مسؤولية فشله، أو نجاحه على الجميع، لا على السيناريو «البائس» وحده . ع/ بوعبدالله
- خديجة مزيني ممثلة : هنا استسهال فظيع للعمل في السمعي البصري
* دخول المغنيين وعارضات الأزياء واليوتوبرز عالم التمثيل على حساب المحترفين
اعتبرت، الممثلة خديجة مزيني أن ما يعرض من أعمال تلفزيونية خلال شهر رمضان، لا يستحق التقييم، مضيفة أنها لم تعثر بعد على انتاج تلفزيوني يستحق المتابعة، ما عدا أعمال سطحية و برامج الكاميرا الخفية التي صارت مثل "العار" الذي لحق بصورة الإنتاج السمعي البصري الجزائري، داعية إلى وقف هذه الأعمال التي وصفتها بالمهازل قبل فوات الأوان.
و أرجعت، بطلة مسلسل المشوار و أعمال تلفزيونية و سينمائية أخرى، التي قالت إنها غيبت عن المشهد التلفزيوني لأزيد من 05 سنوات، أن أسباب التدهور الحاصل متشعبة و متداخلة وهي كل متكامل، بداية ببعض المنتجين الذين وصفتهم ب"المتطفلين والجشعين"،مشيرة إلى أن معظمهم لا علاقة له بالصورة، وكل همهم جني الأموال في أسرع وقت ممكن، و قالت إنهم " كونوا لوبيات مافيوية بتواطؤ مع دوائر الإنتاج "، ناهيك عن استسهال العمل السمعي البصري بطريقة فظيعة، و إنتاج مشاهد و أعمال فيها انحدار كلي للمستوى والذوق العام، خاصة بعد غزو الوجوه الدخيلة لعالم التمثيل، و استنجاد المنتجين بهم لتتحول إلى موضة جزائرية بامتياز، بدخول المغنيين وعارضات الأزياء والمنشطات والناشطين على اليوتيوب والعارضات في الأنستغرام لعالم التمثيل، وكل ذلك على حساب الممثلين المحترفين والنتيجة كما قالت(انحطاط في الأداء وتراجع فظيع للمستوى الفني وللذوق العام)، و هو ما أدى إلى ظهور ردود أفعال ساخطة تستشف من خلال عملية مسح شامل لما يدور في مواقع التواصل، مشيرة في هذا الصدد إلى أن استغباء المتفرج لم يعد ممكنا مع الانفتاح الإعلامي الحاصل، فأي متفرج اليوم له إمكانية الاطلاع على مئات القنوات في الساعة الواحدة، فكيف له أن يرضى على "مستويات كالتي تبثها مختلف القنوات الجزائرية بعدما رفع من ذوقه وصار جد متطلب".
و ترى، أن الرقي بالمستوى العام للإنتاج التلفزيوني، لن يتأتى سوى بإحداث ثورة جذرية في المنظومة ككل، معتبرة أن الجزائر الجديدة يجب أن يسايرها إعادة نظر في كل أطر العمل وأساسياته بداية بالتغيير في دوائر الإنتاج، وكذا قائمة المنتجين و"علاقاتهم المشبوهة بعالم الإشهار"، مرورا بضرورة استحداث نقابة أو منظمة للفنانين وضبط سلم تقييمي للممثلين و إبعاد المتطفلين والدخلاء على المهنة و "أخلقة الفن" لأنه صار قطاعا "مليئا بالنهب للمال العام".
و عن غياب العديد من الوجوه البارزة، عن المشهد السينمائي و التلفزيوني خلال السنوات الأخيرة، فاعتبرته تغييبا ممنهجا وفقا لأجندة المنتجين التي وصفتها بالجشعة، مضيفة أن الفنان الحقيقي لا يرضى أن يساوم في كرامته و مبادئه ولا في وزنه، وهذا لا يتماشى بحسبها و فلسفة بعض المنتجين، مضيفة إن "معظم من داروا في فلك الإنتاج السينمائي والتلفزيوني منذ سنوات صاروا أثرياء، و كل ذلك على حساب الفنانين الذين يعيشون في معاناة اجتماعية ويموتون في ظروف مأساوية"، معبرة عن أسفها لتشتت الفنانين و نجاح أعداء الفن في تفرقتهم.
ع / بوعبدالله
- الممثل حسان بن زراري: الأعمال الرمضانية فيها ظلم للمشاهد
* ممثلون مهمّشون يعانون أوضاعا اجتماعية قاسية
تحسر، الممثل حسان بن زراري في هذا الحوار، بشدة لما وصل إليه قطاع الإنتاج السينمائي و التلفزيوني من ضعف في الأداء، مشيرا إلى أن ما يتم عرضه لحد الآن فيه ظلم كبير للمشاهد و عار على المنتجين و الممثلين الذين وصفهم بالدخلاء على عالم الفن و التمثيل، كما تحدث بحرقة عما وصل إليه واقع الممثلين الكبار و المحترفين الذين بلغ ببعضهم الأمر إلى حد شحذ الصدقات و الإعانات لمعاناتهم من التهميش و أوضاع اجتماعية صعبة.
أجرى الحوار : عثمان بوعبدالله
بداية ما رأيك فيما يقدم من أعمال تلفزيونية و مسلسلات منذ بداية شهر رمضان؟
إنتاج رمضان في هذا العام لم يكن في المستوى لحد الأن، و لا أستطيع الحكم عليه نهائيا، لكن أغلب ما يتم عرضه فهو كارثي و لا يمت بصلة للفن، فيه إنتاج من دون قيمة، إلا بعض الاستثناءات و الأعمال التي تعد على أصابع اليد الواحدة، و ما سواها غارق في الانحطاط و السطحية، ربما هناك عملين فقط يشجعان على مشاهدتهما، و ما يقدم عار كبير و فيه ظلم للمشاهد و المتفرج الجزائري، على المسؤولين اتخاذ قرارات صارمة كتلك المتعلقة بتوقيف برنامج الكاميرا الخفية الذي كان صادما للمشاهد و نحن كممثلين و عاملين في حقل الإنتاج التلفزيوني، صرنا نشعر بالعار أمام المشاهد.
عاشرت ثلاثة أجيال من المنتجين و الممثلين فما هو تقييمك لما بلغت إليه الكوميديا
و الدراما الجزائرية؟
كما سبق و أن قلت ما يعرض من أعمال لا يستحق حتى المشاهدة، فما بالك بالنقد و التقييم، يوجد شباب هواة ينتجون أعمالا أفضل من هذه بكثير، لكن هذا لا ينفي بداية ظهور بعض الأعمال التي فيها بعض الإبداع على قلتها،شاهدت سلسلة الفهامة أضحكتني قليلا و أعادت لي البسمة و كما قلت هناك سلسلتين أخريين، أما الباقي لحد الآن لم أفهم إن كان المسؤولون على الإنتاج في التلفزيونات و مدراؤها يدركون درجة إسفاف و انحطاط هذه الأعمال المنفرة للمشاهد و المنافية للعرف و الأخلاق و الجانب الجمالي و الإبداعي، و هل هذا هو مستواهم؟، في وقت لدينا ممثلين مقتدرين و كتاب سيناريو جادين و بارعين .
ألا ترى أن انتقاد ضعف الإنتاج الرمضاني يتكرر في كل عام، هل هذا يعني عدم توفر البدائل و ما دوركم كفنانين من كل هذا ؟
لا يستمعون لنا و لا يأخذون برأينا، وضعت مشروعا قبل ظهور وباء كورونا منذ حوالي تسعة أشهر، و اعتبره بحكم تجربتي و رؤيتي للجوانب الابداعية والفنية في مستوى تطلعات المشاهد الجزائري، والدليل قبوله من طرف لجنة القراءة، وكان سيجمع ممثلين من المستوى العالي ومخرج له تجربة كبيرة في الميدان و هو محمد حازورلي، كنا ننوي أن نقدمه في رمضان لكن لم نعرف لحد الآن سبب الرفض .
هل قدمتموه للتلفزيون الجزائري أم قناة خاصة؟
لا، قدمناه للتلفزيون الجزائري، القنوات الخاصة لم أعد أتعامل معها، بحكم تجارب أصدقاء و منتجين مازالوا يلهثون وراء مستحقاتهم رغم عرض أعمالهم الدرامية و الكوميدية عبر هذه القنوات منذ سنوات،لأن القنوات الخاصة كما يعلم الجميع، لا تخضع للقانون الجزائري،فمثلا نسيم بومعيزة لم يتلق مستحقاته لحد الآن عن مسلسل (بوبالطو)، و نحن أيضا لم نتلق مستحقاتنا لكن لمن نشتكي؟ ...أقولها صراحة الخطأ منا لم نفعل شيئا يجمعنا و حاولنا لم شمل الممثلين المحترفين، لكن كلما وصلنا إلى توافق إلا و قاموا بتكسيرنا و تحطيم كل ما بلغناه، لا توجد لدينا نقابة لندافع بها عن حقوقنا و عن مهنتنا .
في هذا الصدد هناك من انتقد مشاركة ممثلين كبار بأدوار ثانوية في بعض المسلسلات، معتبرين ذلك قبول بالبقاء في الهامش رغم رصيدهم و تجربتهم الفنية، فما قولك ؟
بعض الفنانين مغلوبين على أمرهم، فهم بحاجة إلى توفير قوت عائلاتهم كغيرهم من المواطنين، قد يكون بحاجة للعمل على الأقل لقضاء شهر رمضان في ظروف مريحة، و هناك من يسري الفن في عروقه و دمه يحاول دائما تقديم الأفضل و التقرب من جمهوره حتى و لو شارك بدور بسيط، ما أردت قوله أن اشتراط الأدوار لم يبق متاحا في ظل هذه الفوضى و الانحطاط حتى بالنسبة للممثلين الكبار، فالممثل أصبح مضطر ماديا للعمل حتى و لو كان ذلك بدور ثانوي، و المؤكد هو وجود ممثلين يعتبر الفن هو مصدر قوتهم الوحيد و منهم من يعاني المرض و من متاعب مادية و ظروف اجتماعية قاسية، و هو مطالب بتوفير حاجيات عائلته لذا يصبح مجبرا على تأدية دوره حتى و لو كان مع متطفلين و دخلاء، و لا أتحدث هنا من فراغ، بل عن خبرة، فأنا عضو في اللجنة الاجتماعية للديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، و نطلع يوميا على حالات تبكي الحجر، من خلال الملفات التي تصلنا للحصول على المنح و الإعانات، فما تتضمنه من حقائق مأساوية عن وضع الفنانين يندى له الجبين، منهم ممثلون يبكون و يتوسلون للحصول على الإعانة، و هناك ممثلون كبار لا يتجاوز معاشهم 20 ألف دينار، و هنا أتساءل من يريد تحطيم معنويات الفنانين، ممثلون أتوا من كل الولايات لأجل الاعانات .
و ما هي وصيتكم للجيل الحالي من الممثلين، و منهم من يعتقد أنكم لم تريدوا التواضع
و الأخذ بيدهم ؟
نحن نشجع العمل الملتزم و المحترف، أما المتطفلون على القطاع فمن الأفضل لهم العودة إلى نشاطاتهم التي يجيدونها، وعلى الجهات الوصية إقامة معاهد تكوين جهوية على الأقل و ليس في كل ولاية، في حال وجود نية النهوض بقطاع السينما و الإنتاج التلفزيوني، هل يريدون أن نقدم يد العون للدخلاء على الفن و التمثيل .. كانت الوزارة تستشيرنا كممثلين منذ سنوات و نحن نكرر مطلب إقامة معهد تكوين في كل مرة،لتكوين أساتذة و ممثلين في المسرح و الموسيقى لكن لا شيء تحقق لحد الآن، و حتى الممثلين الحاليين منهم من تخرج من مدرسة الفنون الجميلة، وأصبحت حظوظهم تكاد تكون منعدمة للمشاركة في الأعمال التلفزيونية، في وقت أصبح المنتجون يلجأون لمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي و عارضات الأزياء،لكن المشاهد ذكي و يعي كل شيء .
لكن هؤلاء الممثلين الذين وصفتهم بالدخلاء، منهم من يقول إن الأعمال التي كانت تقدم سابقا مثل أعصاب و أوتار و بلا حدود استمدت رواجها من وجود قناة تلفزيونية واحدة، و لو انتجت حاليا مع الانفتاح الإعلامي و غزو الفضائيات لوجدت منافسة صعبة، فما رأيك ؟
كيف؟ ..لا لا !،المنتوج الجيد هو من يجلب الانتباه و يجعل الجمهور متعلقا به حتى و لو تعددت القنوات، أما المنتوج المنحط فهو غير قابل للعرض أساسا حتى و لو كانت قناة واحدة، و الأمثلة كثيرة فقد حذرت سلطة الضبط من التجاوزات في بعض الأعمال، التي تم توقيف بثها و تقديم المؤسسات التي عرضتها لاعتذار صريح للجمهور، الفرق كبير و لعلمكم سلسلة أعصاب و أوتار لم تكن تحظى بمتابعة الجزائريين فقط، بل كانت محط أنظار و اهتمام الأشقاء في تونس و المغرب و هناك منتجين و مخرجين كانوا مهتمين بالعمل و أرادوا الاستفادة من تجربتنا، لأن السيناريو كان في المستوى و حتى الممثلين، العمل كان جماعيا ،و لو تعرض السلسلة حاليا ستحصل على نسب مشاهدة كبيرة، و ما زالت تلك البرامج القديمة حية لحد الآن و يتم تداولها بكثرة في مواقع التواصل و قنوات اليوتيوب و تحقق نسب مشاهدة عالية . ع/ بوعبدالله
- جعفر قاسم مخرج و منتج: الإشكالية في غياب استراتيجية للإنتاج وانعدام معاهد للتكوين
* أغلب المنتجين لا يملكون مؤهلات
يرى، جعفر قاسم المنتج و المخرج، أن اشكالية الإنتاج التلفزيوني، أكبر من أن تحصر في ضعف البرامج و المسلسلات خلال شهر رمضان، إذ لا توجد كما أضاف استراتيجية وسياسة واضحة، في ما يتعلق بكل ما له علاقة بالإنتاج السمعي البصري و السينمائي، و من ذلك الانعدام شبه التام لمعاهد و مراكز التكوين و مدن الإنتاج التلفزيوني.
وأوضح أن المنتجين و لغاية اليوم يعانون من نقص في التقنيين وكتاب السيناريو في الدراما و الفكاهة، و هذا ما يتسبب في "المهازل" التي نشاهدها، مضيفا أنه تلقى تكوينه في الجزائر منذ سنوات، لكن اليوم لا توجد مراكز أو معاهد للتكوين، وهذا ما سبب ضعفا في نوعية الإنتاج سواء التلفزيوني أو السينمائي.
و قال، جعفر قاسم، مخرج العديد من المسلسلات الرمضانية الناجحة على غرار ناس ملاح سيتي و سلسلة عاشور العاشر، إنه لا يعتقد أن مراكز التكوين الموجودة بقيت تكون تقنيين، وحتى وإن كانت تكون إلى اليوم فبأعداد غير كافية، مشيرا أن التكوين المتخصص و طويل المدى يلعب دورا هاما في تخصصات ، فن التصوير والإضاءة والصوت و حتى الديكور، مشيرا إلى أن المجال صعب جدا، و يحتاج لتكوين دقيق و على أعلى مستوى، من خلال انشاء معاهد متخصصة، و لم لا إيجاد إطار تعاقدي حتى تكون الشهادات الممنوحة جامعية و معترف بها ، حتى تمنح للمتخرجين إمكانية دخول عالم الشغل في القنوات التلفزيونية و مؤسسات الإنتاج التلفزي و السينمائي، في القطاعين العمومي و الخاص، قائلا " في الجزائر يوجد حوالي 200 شركة انتاج، لكن لا توجد مدرسة تكوين للفنانين والممثلين"، و الذين عادة ما يتم اكتشافهم في أغلب الحالات بتنظيم مسابقات الانتقاء العشوائية (الكاستينغ) أي أن أغلبهم يدخل عالم التمثيل كما قال دون تكوين .
و زيادة على ذلك، أكد على أن أغلب المنتجين حاليا لا توجد لديهم المؤهلات، متسائلا من أين أتوا؟ و كيف دخلوا مجال الانتاج؟، مضيفا أن معظمهم كانوا يشتغلون في مجالات أخرى و اقتحموا عالم التمثيل، فيمكن بحسبه لأي كان أن ينشئ شركة إنتاج، وإن كانت لديه علاقات مع أصحاب القنوات الخاصة، لا يطرح أمر التكوين أو حتى توفر أدنى حد من الاطلاع على أساسيات الإنتاج إلى درجة عدم التفريق بين الكوميديا أو أي نوع آخر، لذلك يضيف جعفر قاسم "وصلنا اليوم لهذا المستوى المتدني في الإنتاج التلفزيوني".
و يرى محدثنا، أنه و للنهوض بالإنتاج التلفزيوني الجزائري، فما على الجهات الوصية و الدولة قبل كل شيء، إلا أن تبني استراتيجية و تضع الأساس، لتجني الثمار بعد سنتين أو ثلاث سنوات من العمل، مبديا أمله فيما هو قادم حيث قال "حاليا نلمس نية من قبل الوزارة وحتى الرئيس الجديد في التغيير الشامل و النهوض بواقع السينما و الثقافة بشكل عام"، و كل الأمل أن يجسد هذا الخطاب على أرض الواقع، و يستمر حتى يسهل إنشاء معاهد التكوين التي يمكن أن تفتح من طرف الخواص، و لا تكون عمومية بالضرورة، أو على الأقل إقامة ورشات تكوينية لستة أشهر، لتجاوز هذا الخلل، الذي اعترف أنه يدفع بالمخرجين للاستعانة بتقنيين أغلبهم هواة، يشارك بعضهم كمساعد الصوت أو الصورة، و اللافت كما قال إن منتجين من أمثالهم يقدمون أعمالا تحظى بالموافقة و تعرض على المشاهد في رمضان و منهم من يقدمون أعمالهم بالمجان.
ع / بوعبدالله
فاطمة وزان منتجة و مخرجة و كاتبة سيناريو: دخلاء استولوا على إنتاج المسلسلات و البرامج الرمضانية
* قنوات خاصة عرضت أعمالنا و رفضت تسديد مستحقاتنا
تتحدث، في هذا الحوار فاطمة وزان المنتجة والمخرجة وكاتبة السيناريو، عن واقع الإنتاج التلفزيوني الكوميدي و الدرامي و حتى السينمائي بمرارة، محملة مسؤولية ما وصفته بالتفنن في الرداءة بالدرجة الأولى إلى منح أغلب الأعمال لمنتجين دخلاء، مبدية اعتراضها على فكرة المنتج المنفذ التي حولت الأعمال التلفزيونية إلى ما يشبه الصفقة، الهم الكبير فيها كما أضافت هو الحصول على الأموال و تقاسم الكعكة، دون تقديم أعمال في المستوى، كما كشفت عن تخبط الكثير من المنتجين في مشكل تأخر تسديد مستحقاتهم من القنوات الخاصة منذ سنوات، و التي منها من تنكرت رغم عرضها لأعمالهم من مسلسلات وبرامج تلفزيونية، و بلوغ هذه القضايا إلى أروقة العدالة.
أجرى الحوار : عثمان بوعبدالله
انتقاد متزايد و استنكار لما يوصف بالسطحية و التعدي على القيّم الانسانية والاجتماعية و السقطات المتعمدة في البرامج الرمضانية، و بالأخص بعض المسلسلات و برامج الكاميرا الخفية، فما هو تقييمك لما يعرض ؟
في الحقيقة، لا أتابع جميع البرامج كاملة، لكن أحاول الاطلاع عليها بالتجول عبر كل القنوات لأخذ فكرة عامة، و لكن ما عساني أن أقول؟، كل عام نعاني تقريبا من نفس المشكل ومن رداءة الأعمال التلفزيونية، التي تقع في نفس الأخطاء، بمعنى ما تحدثنا عنه في الأعوام الفارطة تكرر في انتاج هذا العام و بجرعة مضاعفة، على غرار ما تحدثنا عنه من العنف في الكاميرا الخفية، وبالعكس أصبحوا يتفننون في الرداءة مثل مقالب المرأة التي تمنح كهدية،و المؤسف أن مثل هذه البرامج توضع في مقدمة الأعمال الرمضانية لأنها غير مكلفة والمنتج لا يكلف نفسه عناء تقديم عمل متكامل و ذو قيمة، و يكتفي بهذا النوع من الأعمال المربحة التي لا تحتاج إلى تمويل كبير .
كما قلت في كل عام تنتقد البرامج الرمضانية لرتابتها و خلوها من الحس الابداعي و فوق ذلك تحريضها على العنف و الصراعات، فهل وفّرتم البديل كمنتجين ؟
أغلب المنتجين، ليس لهم تكوين ولا علاقة لهم بالإنتاج التلفزيوني من الأساس، وهم متطفلون على السينما والتلفزيون بصفة عامة، لا يجب أن نلقي باللوم على المنتجين الجادين وعلى المبدعين وكتاب السيناريو، لدينا مبدعين وشباب يحبون العمل و لديهم أفكار يبحثون عمن يستثمر في طاقاتهم، و الدليل في فترة الحجر الصحي انفجرت طاقات الشباب و قاموا بتنظيم ورشات ومهرجانات عن بعد، حاليا و بحكم أني عضوة لجنة تحكيم في المهرجان الافتراضي لأفلام الحجر المنزلي، استقبلنا حوالي مائة فيلم و اخترنا عشرة أعمال منها، وكان صعبا علينا ترتيب الأعمال ومنح الجوائز الثلاثة الأولى لتقاربها و جديتها من حيث الأفكار و زوايا الإبداع .
برأيك لم لا تفتح التلفزيونات أبوابها لهذه المواهب الشابة، وتقبل بأعمال دون المستوى كما قلت و لمنتجين لا علاقة لهم بالفن و التمثيل؟
هذا السؤال أريد أن أطرحه على الاعلاميين لتناوله كظاهرة، لماذا لا تفتح الأبواب لهؤلاء الشباب؟ و في نفس الوقت تشجع الأعمال الفاشلة، مثلا أنا كمنتجة لدي 12 عملا في التلفزيون أغلبها حقق نسب مشاهدة مقبولة، على غرار «المشوار»، «حنان امرأة»، «الذكرى الأخيرة» و غيرها، لا أقول كنت في القمة لكن بإمكانيات قليلة قدمنا أعمالا جمعت العائلة والجمهور، ونالت استحسان الأغلبية ومع هذا لم أتمكن من انتاج مسلسلات جديدة، بحجة انعدام التمويل و قلة الميزانية رغم أن لدي أعمال و سيناريوهات جديدة .
و لما نتحدث عن القنوات الخاصة فالسؤال المطروح هل لدينا قانون يضبطها، بما أنها تعتبر قنوات أجنبية، و لهذا هل لدينا قوانين تضمن حقوق المنتج، تعاملت مع قناة خاصة في مسلسل «الحب و العقاب» و لم أتلق مستحقاتي لحد الآن وما زالت القضية على مستوى العدالة و ليست الوحيدة.
لنضع المشاهد في الصورة، ما هي ميزانية الأعمال التلفزيونية بالتقريب ؟
بطبيعة الحال أي عمل جاد يحتاج إلى ميزانية ضخمة وثقيلة، لا يوجد رقم ثابت فكل مسلسل له ميزانية خاصة، تصرف في الأمور الفنية والملصقات والومضات الاعلانية والإمكانيات التقنية والتصوير إذا كان داخلي أو خارجي و الديكورات و الملابس و غيرها .
يشتكي البعض من نقص التكوين و بغض النظر عن الممثلين الكبار أو نجوم الجيل الحالي، هل لدينا تقنيين و مخرجين يمكن التعويل عليهم لرفع التحدي لبلوغ انتاج بمستوى تنافسي يعيد المشاهد الجزائري التائه بين القنوات العربية و حتى
المغاربية ؟
عندنا مواهب وطاقات تنتظر من يمنحها يد المساعدة للتقدم، و لكن لا نملك انتاجا غزيرا، أعتقد لو كانت هناك وفرة في الإنتاج سيتحسن الجانب النوعي مع مرور الوقت،لأن المنتج إذا كان عمله غير مقبول سينسحب طواعية، مع أن التنوع يخلق تنافسا لتقديم الأحسن ، و بالتالي تفتح إمكانية التسويق و البيع،ما يجعل المنتج قبل بداية التصوير يبحث عن كيفية تسويق منتوجه، لذا يصبح أكثر حرصا على النوعية، كما يجب أن نتخلص من المحسوبية في اختيار المشاريع و الأعمال .
يلاحظ في السنوات الأخيرة لجوء منتجين إلى مخرجين و تقنيين أجانب، من تونس على وجه الخصوص، برأيك لماذا ؟
المخرجون الأجانب لم يقدموا أعمالهم للتلفزيون الجزائري، هذه الظاهرة يلجأ إليها المنتجون في القطاع الخاص لأنهم يظنون أن اسم المخرج سيجلب الأنظار ويمكن أن يتحصل على التمويل (السبونسور) الكافي و يبيع منتوجه للقنوات بسهولة، كما أن لتزعزع الثقة بين المشاهد الجزائري وحتى الممولين في الأعمال الجزائرية، جزء من التوجه للتقنيين و المخرجين الأجانب و دعمهم ماديا لتقديم عمل في المستوى، و هذا لا يعني أننا لا نملك ممثلين و مخرجين بل هي ربما حيلة لكسب ثقة المشاهد و الحصول على أكثر دعم .
برأيك ما هو السبب في فقدان المشاهد الثقة في الإنتاج الوطني ؟
لا يوجد سبب واحد، و لا أؤمن بفكرة نقص الطاقات والمبدعين، فالجزائر ولادة مثلما لها أبطال في الرياضة و العلوم و التاريخ و الرواية لها أبطال في الفن و التمثيل، و طاقات في كتابة السيناريو، لكن مشكل الرداءة ليس بمنأى عن تصرفات أضرت بالمشهد التلفزيوني، و على رأسها المحسوبية و حتى الفساد الذي أخذ حيزا كبيرا في الانتاج، حيث أصبحت الأعمال تنتقى بناء على أساس الشخص و الولاء و ليس على أساس مشروع أو سيناريو .
أتمنى من الحراك السياسي الذي شهدته الجزائر، أن يأتي بحراك ثقافي و أكيد بدأت التغييرات، فالأشخاص الذين يتعاملون بالرشوة و الفساد لا يهمهم الانتاج، بقدر ما يهمهم كم تكون حصتهم في اقتسام الكعكة من العمل الذي تحول إلى ما يشبه الصفقة، سيجعلهم الحراك يخافون من أن يكون مصيرهم مثل الكثير من المفسدين القابعين في السجون، و خاصة مع الفريق الجديد على رأس التلفزيون الذي أعاد التفاؤل بإحداث التغييرات اللازمة،و الشروع في إصلاحات و لو تتحقق النزاهة في التسيير والنيات الصادقة للتغيير الفعلي و النوعي كما يبدو، أظن أن الإنتاج سيتحسن بكثير .
يزداد اللوم عليكم و على جيلكم،بأنكم لم تعطوا الفرصة للشباب و ربما لا ترغبون في تحقيق التكامل و الاستمرارية بين الأجيال، فما هو موقفك ؟
ممكن هذه الفكرة موجودة، لكنني شخصا لا اتعامل بهذا المنطلق، كمنتجة أو كمخرجة وكاتبة سيناريو، وبالعودة لأعمالي،أغلب الممثلين كانت بدايتهم معي و أذكر منهم سعيد منعة وعز الدين بورغدة و غيرهم، منحنا الفرص للعديد من الممثلين الشباب و أصبحوا أسماء لامعة، هناك شباب ليس لهم أي علاقة بالتمثيل،كما أن الممثلين المبتدئين تواجه معهم صعوبة و يكون العمل معهم متعبا و فيه مضيعة للوقت، والوقت في السينما يقابله المال وتضييع تصوير مشاهد في اليوم مكلف، و رغم ذلك غامرت في مسلسلات «للزمن بقية»، «الحب والعقاب «أو» الليالي البيضاء» بممثلين أغلبهم جدد وفي نفس الوقت لا بد أن نستعين بممثلين معروفين لجلب انتباه المشاهد و من خلالهم اكتشاف الوجوه الجديدة .
برأيك ما هي الحلول الممكنة لتحسين الإنتاج، أو ما هو المطلوب لكي نرفع مستوى السينما و الإنتاج التلفزيوني لننافس به عربيا و لم لا عالميا ؟
أجدد التأكيد على أن الطاقات و المواهب موجودة و بحاجة إلى عناية فقط، علينا أن ننشئ ورشات لكتاب السيناريو و التمثيل بما يسمح باكتشاف المواهب ومرافقتها بالتمويل، فمن المستحيل أن يتخرج سيناريست دون تكوين،و العمل على اقامة ورشات الكتابة المشتركة، كما هو معمول به في كل الدول، على غرار كتابة سيناريو الأفلام الامريكية والفرنسية وحتى المصرية، تجد ورشة مشتركة لكتابة السيناريو،أما في الجزائر تبقى محتشمة و لا توجد لدينا تقاليد.
و بحكم تجربتك كمنتجة و مخرجة ما الذي ينقص ؟
في الجانب التقني لا يوجد لدينا تكوين، و الدليل لا نتكلم على هذا العام فالوضع استثنائي لكن في السنوات السابقة الإنتاج كله ينطلق في وقت واحد و لما تبحث عن التقنيين تجدهم منشغلين بأعمال أخرى،فيا حبذا لو تلتفت الوزارة الوصية إلى انجاز معاهد لتكوين التقنيين، ومدارس خاصة لتكوين الممثلين و المنتجين السينمائيين، و لكن هذا ليس هو العامل الوحيد أو الأساسي في عدم تطور الإنتاج التلفزيوني و المسلسلات، نتمنى أن تتغير الأمور بحراك ثقافي مثلما تغيرت الكثير من الأمور بعد الحراك الشعبي، و قد تغيرت حتى على مستوى التلفزيون، كانوا في السابق يعتبرون الإنتاج صفقة مربحة،بعيدا عن البحث على قبول الجمهور، فسواء أعجبهم العمل أولا لا يهمهم لأن الإنتاج تنفيذي، إذا لا بد من إعادة النظر في التعامل وإعلان القطيعة مع هذه الطريقة في الإنتاج لأنها شجعت المنتجين و المسؤولين على عدم التعب و تقديم أعمال ارتجالية تفتقر للإبداع، في نظر ي يجب أن تتخذ قرارات بأن يكون كل منتج على استعداد و لديه إمكانيات و يحاسب على النوعية، عكس ما كان في السابق،أين تجد المنتج يقدم العمل و لا يهمه سواء كانت النوعية جيدة أم رديئة ما دام أنه يتلقى حصته من المال.
طيب ما معنى الإنتاج التنفيذي حتى نضع القارئ في الصورة ؟
الإنتاج التنفيذي، بمعنى أن تمنح مؤسسة مثل التلفزيون الجزائري مهمة الإنتاج لسلسلة ما لشخص وفقا للميزانية المحددة و شروط معدة مسبقا، اذ لا يمكن أن تتحمل لوحدها من ناحية التنظيم و التسيير عبء انتاج جميع المسلسلات خاصة مع اشتداد المنافسة مع باقي القنوات، فمهمة المكلف تقتصر على التنفيذ فقط وليس الإنتاج،و لا يحوز على الملكية، و كأنه يعمل بالمناولة فقط بعقد و شروط من الناحية النوعية لكنها لا تحترم في العموم، و يبقى هذا محل تساؤل و على ادارة التلفزيون أن تكون أكثر صارمة في التعامل، خاصة و أن الجميع يعلم بوجود «طفيليين» على السينما و أناس لا علاقة لهم بالعمل التلفزيوني وأصبحوا منتجين، و أمام هذا لا بد من الانتقاء لتصفية المنتجين الفاشلين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.