رحيل المجاهد والإعلامي محمد العيد بورغدة    مداومة عيد الأضحى: استجابة واسعة في 18 ولاية شرقية    نيوزيلندا تقدّم 5 ملايين دولار كمساعدات إنسانية لغزة        اعتقال 640 طفلاً منذ بدء العدوان على غزة    عيد الأضحى: مقتل 8 أشخاص وجرح 205 آخرين في حوادث مرور    مهرجان المونولوج وفنون المسرح يشعل ثالث القناديل في نوفمبر القادم    العدوان الصهيوني على غزة: تسعة شهداء في قصف غاشم استهدف شرق رفح    عيد الأضحى: استجابة شبه كلية للتجار لنظام المداومة في ثاني أيام عيد الأضحى    بشار/موسم السياحة الصحراوية: توافد نحو 3200 سائح من الجالية الوطنية المقيمة بالخارج على تاغيت    المجاهد والإعلامي السابق محمد العيد بورغدة في ذمة الله    وهران: ملتقى وطني قريبا حول "السياحة بوهران: الواقع والآفاق"    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 37 ألفا و347 شهيدا    ألعاب القوى/البطولة الافريقية 2024: المنتخب الوطني بعين المكان بدوالا    تنس/كأس/دايفس-2024: المنتخب الوطني يتنقل إلى أنغولا    التجمع الدولي بمدينة تروا: الجزائري محمد علي قواند يفوز بنهائي (ب) لسباق 800م    الدكتورة هدى جعفري: نرتقب جمع قرابة 3 ملايين من جلود أضاحي العيد خلال سنة 2024    حماية وترقية الطفولة: جمعيات تثمن المكاسب المحققة وتدعو إلى تعزيز آليات المرافقة    موجة حر بعدد من ولايات البلاد غدا الثلاثاء    صحة: التشجيع على دمج الذكاء الاصطناعي في تطوير أساليب العلاج    تأمينات: ضرورة إعداد قواعد للحوكمة الرشيدة في سياق القانون الجديد    تراجع أسعار النفط    انتخاب الجزائر في لجنة التراث الثقافي اللامادي باليونسكو "اعتراف" بدور الجزائر في مجال صون التراث وطنيا ودوليا    عيد الأضحى: إلتزام شبه كلي للتجار بنظام المداومة في اليوم الأول بنواحي سطيف و باتنة و عنابة    انتخاب الجزائر في لجنة التراث الثقافي اللامادي باليونسكو "اعتراف" بدور الجزائر في مجال صون التراث وطنيا ودوليا    صندوق ضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: مرافقة أكثر من 4000 مشروع بقيمة 532 مليار دج    عيد الأضحى: رئيس مجلس الأمة يهنئ الشعب الجزائري    عيد الأضحى: رئيس الجمهورية يهنئ أفراد الجيش الوطني الشعبي والأسلاك النظامية وعمال الصحة    شرق البلاد: المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى في أجواء إيمانية و روحانية    رئيس الجمهورية يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بجامع الجزائر    ضيوف الرحمن ينفرون من عرفات إلى مزدلفة    الخطباء يدعون الحجاج الجزائريين بعرفة الى العمل على اتمام مناسك الحج على اكمل وجه    مشاركة الشباب في الانتخابات فعل حضاري وديمقراطي راقي    افتتاح الطبعة ال19 لتظاهرة "أندلسيات الجزائر" بالعاصمة    رئيس الجمهورية يغادر باري الإيطالية عائدا إلى أرض الوطن    حجاج بيت الله الحرام يتجمعون بصعيد عرفة الطاهر لأداء مناسك الركن الأعظم في الحج    شبح المجاعة يهدد مجددا أرواح سكان غزّة    البعثة الجزائرية للحج أصبحت نموذجية    تصفيات مونديال 2026: صادي يؤكد التزام الفاف بتوفير كل وسائل النجاح لبيتكوفيتش    الجزائر حاضرة ب21 رياضيا ورياضية في البطولة الإفريقية لألعاب القوى بالكاميرون    شركة الخطوط الجوية الجزائرية: إطلاق رقم أخضر لمتابعة عملية نقل الحجاج و المعتمرين    فلسطين تُثمّن قرار الرئيس تبّون    الجمارك الجزائرية تفتح باب التوظيف    قباضات الضرائب مفتوحة استثنائيا اليوم    سونلغاز ونفطال: توفر المنتجات واستمرار الخدمات أيام عيد الأضحى    استعراض فني للتاريخ    أسعى جاهدة لتطوير نفسي أكثر    الاتحادية الدولية لكرة السلة تؤكد على رزنامة التصفيات    حماد يعلن عن إنشاء منصة رقمية خاصة ب"النخبة"    دعوة إلى تصنيف "الضغط الرئوي" ضمن الأمراض المزمنة    ارتفاع فاحش في أسعار الخضر والفواكه عشية عيد الأضحى    من يستقطب اهتمام المشاهدين؟    إدانة "فيسبوكي" سرّب مواضيع البكالوريا    الحجاج يشرعون في صعود عرفة تحسبا لآداء الركن الأعظم    هكذا أحيى النبي وأصحابه والسلف الصالح الأيام العشر    تساؤل يشغل الكثيرين مع اقتراب عيد الأضحى    نافلة تحرص العائلات على أدائها طمعا في الأجر والمغفرة    الذكر.. مفتاح الرزق وزوال الهم والغم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا بشرَ تحت شمس هذا النهار يا ديوجين
نشر في النصر يوم 07 - 05 - 2012


محمد الأمين سعيدي/شاعر
العالمُ، وفي أشدّ فصولِه أنوثةً، أقصد فصل الربيع، تجتاحُه أمواجٌ مظلمة من العنف والدم، وتتوّجه الذكوراتُ القديمة بكثير من الموت البشع، وتحيطه بركام من الجثث التي لا تجدُ مكانا تهجع فيه، أو تستر في جوفه ما تبقى فيها من أشلاء عارية. العالم يُصبِح أكثر دموية مما كان، وأقلّ أنثوية مما يجب أنْ يكون عليه. كل شيء غارق في عويل قاتل: تبكي الأمّ على بقايا وليدِها البكر حتى تجفّ العين والكبد، تبكي الرصاصة الهامدة في صدرِه عليه، يئنّ الخنجرُ أمام المذبوحين، وتثمل الأرض بنبيذ الدّم فتعربدُ وتختلُّ، على صدرها المطعون، موازينُ الأشياء. هكذا تتغلّب الذكورة كعادة التاريخ على أجمل الفصول أنثوية، هكذا يفقد الربيعُ الأنثويّ احتمالاتِه الجمالية المستحيلة التحقق في واقع خشن الملمس، بل بهذه الطريقة تتساقط ثمراتُ البهجة المنتظَرة ذابلةً أمام مدنٍ تتساقط تاركة وراءها أطفالا بلا بيوت، مزهريات بلا شرفة لاستراق النظر، حكايات رائعة بلا جدّات ولا سقف، نوافذ بلا حبيبات متنمّرات كنّ يصطدْنَ «مكتوبهنّ» من أعالي العمارات. وإذ تحترق أشجار البيوت الأنيقة مثل «أنجيلينا جولي» تحترق كذلك أشجارُ السلالة تحت وابلٍ من القذائف الحاقدة وتتهاوى أوراقُها لتسترُ ما تبقى من العائلات المقتولة أو المحروقة أو المذبوحة.
بعدَ هذا-لا ريب-سيُنزلُ الفناءُ جفافَه على كل شيء، وستجفّ الأنهارُ المتدفّقة بشبق جنسيّ على جسد الأرضِ المؤنث كما تجفّ أرواح البشر الطيبين العالقين بين الموت والقيامة؛ الغارقين في ظلماتِ الظلم. سيخرج الدجّال الأعمى ليوقظ في الإنسان صهيل «التارميناتور»، ستنسحق الروحُ أمام ضحكات التراب الخبيثة الصفراء.
حطّمْ مصباحَك يا ديوجين الطيّب، لا بشر تحت شمس هذا الزمن العمياء، مات الإنسان في فصل ولادة الإنسان، هلك الناسُ تحتَ وطأة يدٍ ذكورية دكتاتورية لا تؤمن إلا بخراب العالم.
كنتُ سأسأل القصيدة أنْ تسألَ مصباحَ ديوجين الطيب ماذا يرى؟ كنتُ سأسألُ.. لولا أنّ القصيدة صارت بكماءَ لا تجيب، والمصباحَ صارَ أعمى، ومع هذا كان سيخبرُها بأنّه يرى الأشياء تفقد أنوثتها التي تغمر العالم بفيضٍ من الحبِّ، وبأنَّ العالم يتذكّر، يصبح موئلا للعقد البائسة وللعنف الخارجِ لتوِّه من الجحيم، وأنّ الإنسان البائس صارَ غذاءً لأحذية المجرمين، وأنّ شلالات الدم الدافق ستُدخِل الأرض في الثمالة وتخرجها عن مسار دورانها الأزلي فتصطدم بكوكب في الجوارِ كما يصطدم جسدُ طفل صغير بدبّابة خارجة عن مسارِها الحقيقيّ، وأنّ الرصاصاتِ الطائشة قد أصبحتْ أمّةً من الطير تجولُ في الجهاتِ مخترقة اللحم والعظم، وأنّ الموت-تماما مثل رؤساء الأحزاب السياسية-يغري الناسَ بالانخراط معه من أجلِ النضال ضدّ الحياة.
هكذا..كان سيقول مصباح ديوجين لولا أنه أعمى، وهكذا كانت ستخبرني القصيدة لولا أنّ لسانها مقطوع في هذا العصر الصموتِ كحجر تافهٍ مملّ. غيرَ أنّ الحالَ لا يحتاجُ إليك يا ديوجين ليكشف عن سوء حاله، والجثثَ المتسكّعة في الطرقات وحيدة إلا من أشلاءها المحترقة ليستْ في حاجة ليضيئها مصباحُك أيها الطيّب فهي تملأ الشوارع وتسدّ مجالات الرؤية، كما أنّ البطون الجائعة وقد أودتْ بأصحابها الفاقة صارتْ تعبّر عن ذاتها بالأشعار والأغنيات، وفي أحايين كثيرة بالصمت الجميل(على وزن الصبر الجميل).
مرآة لمصباح ديوجين الأعمى:
على عويلٍ
تدورُ الأرضُ حاملةً جرحا قديما
ونهرًا..
ماؤه نارُ
تدورُ حزنا
على ما كانَ من فرحٍ
تدور حزنا كما الموتى بها داروا
ترى «ديوجينَ» في أدغالِ حيرتهِ
يسائلُ العشبَ:
أينَ الأهلُ؟ والدارُ؟
مرّوا جنوبا
يدُ الأحزانِ تحملهم
صوب الغيابِ..وفي بيدائه ساروا
تقاسموا خبزَ موتٍ
في منازلهم..
ومُنْيَةً تحتَ حرّ النفي تنهارُ
على عويلٍ..
غدتْ أرواحُهم شجرا لليتمِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.