أثنى العديد من الباحثين و المختصين بولاية تيزي وزو ممن عايشوا المختص اللغوي محند آكلي حدادو الذي وافته المنية الاثنين الماضي إثر مرض عضال على أعمال هذه القامة الأمازيغية التي كان من الممكن لها أن تساهم -حسبهم- بشكل فعال و تشكل إضافة في الأكاديمية الجزائرية للغة الأمازيغية المقرر إطلاقها قبل نهاية السنة الجارية. وبقاعة الأساتذة التابعة لقسم اللغة و الثقافة الأمازيغية أين كان يدرس المرحوم, استذكر أساتذة و تلامذة أعمال هذا المختص اللغوي الذي كون معظمهم. وقالت ليديا قرشوش, أستاذة محاضرة في ذات القسم اختصاص لغة و عرفت محند آكلي حدادو طيلة مشوارها الجامعي كأستاذ في البداية ثم كمؤطر خلال الماجستير, أنها "تتأسف للخسارة الكبيرة" لفقدان هذا الباحث "الذي لا غنى عنه" في قسمه, حيث أشرف على تكوين معظم الأساتذة. وفيما بعد أصبح مدرسها لمادة تاريخ اللغة الأمازيغية و هي تحتفظ في ذاكرتها بذكريات "أستاذ ذو وجه ملائكي و بشوش و كفء و دائما في خدمة طلبته". كما أنه كان "مناضلا ملتزما برسالة مولود معمري الذي كان تلميذه و الذي كان يقول عنه انه كان أباه الروحي". كما أبدى الأستاذ قاسي سعدي, من جهته, انبهاره بالثقافة الكبيرة للمرحوم حدادو الذي كان شغوفا بالميثولوجيا البربرية. "كان موسوعة متعددة التخصصات. كان يدرسنا تاريخ اللغة الأمازيغية و النحو كما اكتشفنا من خلاله الحضارات الغربية". وأضاف الأستاذ سعدي أن المرحوم كان "عارفا كبيرا بالثقافة الإسلامية و هو الجانب المخفي في مشوار هذا الباحث الذي كانت أولى منشوراته +الحلم و تفسيره في الإسلام+ (1991), كما قام بترجمة عدد من السور القرآنية" . وذكر ذات المتحدث أن محند آكلي حدادو كان متفتحا على جميع اللغات و الثقافات, حيث كان يتحكم جيدا في اللغتين العربية و الفرنسية, معتبرا وفاته "خسارة كبيرة لقسمه و للثقافة الجزائرية العربية الأمازيغية الإسلامية ", لافتا إلى أن المرحوم أطر 4 إلى 5 طلبة دكتوراه "يتوجب عليهم مواصلة مشواره." ومن جهته قال سعيد شماخ, أستاذ باحث بذات القسم بجامعة مولود معمري بتيزي وزو, أن "المرحوم كان رجل ميدان, حيث كانت مجموع أعماله مهمة و لم يبخل بمجهوداته فيها" . وأشار إلى أنه "كان من بين الأساتذة الأوائل للأمازيغية في سنة 1990 و انتاجاته الهامة تندرج في إطار استمرارية أشغال مولود معمري و سالم شاكر". وبدوره, أوضح مدير المركز الوطني البيداغوجي و اللغوي و التعليم الأمازيغي (التابع لوزارة التربية الوطنية), عبد الرزاق دوراري, استذكر رجل الانفتاح و الذي كان التزامه بالأمازيغية أيضا " نوع من أنواع الانفتاح على الثقافات الأخرى", مضيفا أنه "رغم إعاقته الجسدية إلا أنه لم يستسلم للصعوبات و نجح بفضل التزامه في عمله على المحافظة و ترقية اللغة و الثقافة الأمازيغية". كما استذكرت إحدى طالباته في ماستر 2 تخصص لغوي ,لامية عزي, صفات الأستاذ الذي "كان دائما في خدمة طلبته و يحترم الوقت رغم مرضه و كان يشجع طلبته على التعبير". و تقول : "عندما كنا نقدم بحوثا كان يضعنا في أريحية. عادة ما أكون متوترة عند تقديمي لعملي و لكن معه لم يكن لدي خوف أبدا". واسترسلت قائلة " كان يشجعنا على التعبير و يقول لنا : عبروا عن أنفسكم حتى و إن كنتم تعتقدون أن ما تقولونه خطأ". ولدى افتتاح أشغال ملتقى دولي حول "تقييم النظام الصحي" أمس الأربعاء, استذكر رئيس الجامعة خصال الفقيد و تواضعه و البصمة التي تركها في الثقافة و اللغة الأمازيغية بفضل أعماله التي حققت "تقدما في اللغة الأمازيغية". كما وقف الحضور دقيقة صمت ترحما على روح الأستاذ محند آكلي حدادو قبل بداية أشغال الملتقى.