ظلّت الخطابات النقدية جمعاء، تغرف من كأس الخمرة نفسها وتتطهّر بالماء ذاته، عند الخطيئة أو الفضيلة، على أساس أن الجريمة قد تكون عشيقا مجنونا للاستقامة، كما يمكن للقرد أن يصاهر الأرنب، فيؤسّسان للمجتمع الجديد، على غرار ما تسوّق له الرواية الأمريكية من خلال ''شفرة دافينشي'' للروائي دان براون - وهو الأدب الذي يقبل عليه أبناء العم سام بعد نهاية رواية ''العادي'' -حيث لا حقيقة واحدة، في ظل الإثارة والسرّيّة وحرب الرّموز الخطرة بين الوثنية والمسيحية وبينهما وبين باقي الديانات، كما يلوّح بذلك العديد من الكتّاب والمحرّرين الكبار (نقلا عن أحد الاقتباسات ) · السؤال، كيف نقرأ - نحن الآن - في غياهب الواقع، بعيدا عن النّجومية وحلقات التشهير والظّفر بتذاكر التمثيل والجلوس في واجهات قاعات العروض، على خلفية إملاء ''أيديولوجيات قديمة''، أغلبها ''دوغمائي'' والبعض منها - فقط'' -طلائعي تسطيحي'' كما يحدث في هامش نزعات ''سيكولوجية إثنية'' لا ترقى إلى التجريد وعالم الأفكار، كأن يحدث مسح الذّاكرة الذاتية من وقائع اجتماعية واقتصادية، لا يستطيع الشّعر والرواية - عندنا مواكبتها ''أو الخوض في تفاصيلها إلا من ''باب الحاكم العالي'' ومن خلفية ''خرافة الأحياء الشّعبية''، على العكس تماما من الأدب الأمريكو-لاتيني، بحيث لا ترديد للأصداء فيه، بقدر ما يأتي بواقعه كما هو عليه، بسحريته وغليانه، بل لا يتدخّل في إصدار أحكامه ''الفقهية'' و ''الذّاتية'' عليه كما هو في المخيالات المتداخلة مع الرّغبات والأهواء· والعادة في عرف النّقد تقديم الإضافة والانتصار على المنغّصات الوهميّة، كما يحدث مع الدّجاج وهو يحضن بيضه، دون احتساب أعداد هذا البيض عن غيره في المرّات السّابقة، لذلك فإن الاعتقاد بوجود عقيدة اجتماعية، هي ليست من اختصاص ''ممارسة الأدب''، بينما لا ينفي ذلك أنها في دائرة اختصاص '' القيم الإنسانية '' التي حاربتها أغلب الأعمال المنتسبة لحقل الإبداع الأدبي، فنجحت الرواية الأمريكية وقبلها الأوروبية وجانب من الرواية الإيرانية، على أكثر من محور '' تأثير'' دون أن تحقّق الرواية العربية أو المنتسبة إليها شيئا على صعيد التأثير، بقدر ما أثّرت الأيديولوجيا والعادات والتقاليد - ليس عن طريق الأدب - ولكن عن طريق '' السّلطة'' - مهما كانت هذه السّلطة، لذلك على الأدب (عندنا) أن ينزل إلى دنياه ، قبل أن يفارقها ·