جناح الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار يستقطب اهتمام الشركات اليابانية في يوكوهاما    وفد من المجلس الشعبي الوطني يزور برلمان عموم أمريكا الوسطى    المؤسسات الناشئة الجزائرية في رحلات استكشافية: نحو بناء منظومة ابتكار تنافسية    الجزائر تستعد لاحتضان معرض التجارة البينية الإفريقية 2025    أمن ولاية الجزائر: عمليات شرطية ليلية واسعة تسفر عن توقيف 288 مشتبها فيهم    وهران تختتم الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي وسط أجواء فنية احتفالية    الجزائر تتألق في المنتدى الثقافي الدولي للطفل بموسكو    الطبعة الأولى لعروض وهران الفكاهية من 25 إلى 29 أغسطس بسينما السعادة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 62622 شهيدا    أيام للفيلم الثوري    أراض مغربية تُمنح للصهاينة!    فلسطين... بعد 77 سنة عودة الوعي العالمي؟    معرض التجارة البينية الافريقية 2025 بالجزائر: ريادة اقتصادية في خدمة التنمية في القارة    حملات تحسيسية لترشيد وعقلنة الاستهلاك    بدء إنتاج محطة كودية الدراوش بالطارف    التحكّم في أغلب حرائق الغابات بعدّة ولايات    زروقي يشدّد على الالتزام ببنود دفاتر الشروط    44 مليار دولار    عرقاب يشرف على تدشين عدة منشآت    رواية الدكتور مومني وأبعاد الهُوية والأصالة والتاريخ    غزوة أحد .. من رحم الهزيمة عبر ودروس    أمطار رعدية ورياح قوية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن بداية من اليوم    العدوان الصهيوني: بريطانيا تؤكد أن منع الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية لغزة "فضيحة أخلاقية"    ترتيبات خاصة بمسابقة التوظيف في رتبة "مربي تنشيط الشباب" لفائدة ولايات جنوب الوطن    بطولة الرابطة الاولى"موبيليس"/2025- 2026/: بداية موفقة لشباب قسنطينة وأولمبيك أقبو    لجنة لتقييم حالة الحافلات والتخطيط لتجديد الأسطول    مؤتمر الصومام عزّز الوحدة الوطنية إلى أبعد الحدود    الشباب يقود القوافل الطبية التطوّعية    شرطة الحدود تحجز أزيد من مليون أورو خلال 3 أشهر    المخزن يتلقى صفعتين في أسبوع واحد    الجزائر ملتزمة بتعزيز مكانة إفريقيا كقوة اقتصادية فاعلة    فرنسا تكذب "رسميا"    الجزائر تدفع إلى التكامل بين الهياكل الأمنية والحوكمية للقارة    أول رحلة بين الجزائر وتمنراست الإثنين المقبل    بطاقة "ذهبية" خاصة بالطلبة الجدد    " صيدال" يكرّم أحد أبطال الإنقاذ في كارثة وادي الحراش    نشاطات ثقافية متنوعة في بونة    بوقرة يعترف بصعوبة المهمة ويحذر لاعبيه    الجزائر تنهي المنافسة ب 23 ميدالية منها ست ذهبيات    أفلام الثورة تُلهب مشاعر جمهور الفن السابع    مسرحية "أميرة الوفاء" تفتك "القناع الذهبي"    عنابة تعيد رسم ملامح المدينة المتوسطية الرائدة    المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية بخنشلة: سهرة ثانية على وقع الطابعين الفلكلوري والعصري    حملات واسعة لتنقية الوديان والبالوعات    أخبار اعتزالي غير صحيحة.. وهدفي أولمبياد 2028    مؤتمر طوكيو الدولي "تيكاد 2025": السيد واضح يؤكد التزام الجزائر بتعزيز مكانة إفريقيا كقوة اقتصادية فاعلة    وهران: تدعيم المؤسسات الصحية ب 134 منصبا جديدا لسنة 2025    البطولة الإفريقية لكرة القدم للاعبين المحليين-2024 (مؤجلة إلى 2025) (السودان/الجزائر): "الخضر" من أجل مكانة في المربع الذهبي    كرة القدم"شان-2024"/المؤجلة الى 2025/: المنتخب الوطني يجري أول حصة تدريبية بزنجبار    حج 2026: تنصيب لجنة دراسة العروض المقدمة للمشاركة في تقديم خدمات المشاعر    انطلاق الطبعة الخامسة للقوافل الطبية التطوعية باتجاه مناطق الهضاب العليا والجنوب الكبير    الجزائر تواجه السودان    16 فريقاً على خط الانطلاق.. بأهداف متباينة    هذه الحكمة من جعل الصلوات خمسا في اليوم    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مازن عبد القادرالمبارك
نشر في الجزائر نيوز يوم 28 - 09 - 2010

ليس هناك عربي واحد مهتم باللغة العربية لم يقرأ كتابا واحدا على الأقل للدكتور مازن المبارك، ولازلت احتفظ منذ الشباب بكتابه المميز نحو وعي لغوي، فقد برهن في هذا الكتاب الصادر عام 1970 أنه اللغوي العربي الوحيد الذي لم يصرفه التصريف اللغوي إلى تصاريف غير لغوية، ولعله نتيجة ذلك من أوائل اللغويين العرب الذين آمنوا بجدية أن اللغة كائن اجتماعي وبالتالي قضية سياسية
قومية إستراتيجية من أعلى مستويات التفكير الوطني القومي الديني الإنساني، وليس هذرا فقهيا وليست إشاعات وتشنيعات على طريقة شاطر ومشطور والخطأ الدارج خير من الصواب المهجور.
وفي جانب آخر كانت أمي تحدثني كثيرا عن جده محمد المبارك، فقد كان صديقا لوالدها محمد الخالدي في دمشق ·· وما أن حط بي طائر الأقدار في دمشق أواخر ثمانينيات القرن الماضي حتى دلتني على منزل آل المبارك في حي العمارة· فأخذت دليل الهاتف أبحث عن اسم العائلة، فاخترت اسم مازن فأدرت القرص، فإذا بي بالضبط مع الأستاذ الدكتور مازن بصوته الهادئ ذي الرنة الدمشقية الناعمة ولغته الفصحى وحروفه الواضحة السليمة المخارج·· ولكم أن تتصوروا فرحتي·· قدمت نفسي وطلبت موعدا، فاستقبلني في بيته في الجادة التي تحمل اسم عمه الشيخ الطيب المبارك بحي الشيخ سعد من منطقة المزة.
وقد زودني في تلك الجلسة بكل ما كنت أرغب به من معلومات عن الجالية الجزائرية وعرفني على أشقاء ممدوح وهاني الذين يسكنون في نفس فيلا آل المبارك التي يسكنها ·· ثم تعرفت على جميع أشقائه عدنان في الجزائر وعبد الهادي الذي كان في الإمارات·
انعقدت بيننا مودة لا تزال قائمة إلى يومنا هذا تخللتها مراسلات طلب فيها توجيهاته حول موضوع لغوي أو تاريخي· ومع أن كبريات الصحف والمجلات العربية تتهافت على كتابات الدكتور مازن وتجزل له المكافآت المالية، إلا أنه قبل مني حين كنت رئيسا لتحرير ملحق ''الشعب الثقافي'' في التسعينياتأن يزودني ببعض المقالات منها دراسة فريدة عن الشيخ طاهر الجزائري صديق ورفيق والده وبالمجان فجريدة ''الشعب'' لاتدفع لكتابها أو هكذا أراد مديرها آنذاك.
درس مازن المبارك أولا في مدرسة عائلته، فوالده عبد القادر المبارك الذي عرب المصطلحات العسكرية والإدارية وعضو المجلس العلمي العربي بعد إنسحاب تركيا إثر الحرب العالمية الأولى، أما أخوه محمد عبد القادر المبارك فهو الداعية الإسلامي الشهير والباحث اللغوي الكبير والوزير الخطير الذي ترأس جمعية دار الجزائر ذراع الثورة الجزائرية في المشرق العربي أما جده شيخ محمد بن محمد المبارك، فهو أول من افتتح مدرسة للبنات في المشرق العربي أما جد والده محمد المبارك الدلسي، فهو أحد قيادات الزاوية الرحمانية الذين خاضوا المقاومة في منطقة القبائل مع أحمد بن سالم بقيادة الأمير عبد القادر، وهاجر من دلس، حيث تعرف عائلتهم باسم الخطيب عام .1847
في هذه المدرسة، نشأ مازن المبارك ثم حصل على شهاداته الأكاديمية من أرقى جامعتين عربيتين في عهده جامعة دمشق وجامعة القاهرة، متتلمذا على أساطين اللغة والأدب من شفيق جبرى حتى طه حسين مرورا بمحمد كردعلي وشوقي ضيف.
من المعروف عن آل المبارك في المجتمع الدمشقي أنهم عائلة اجتماعية كبيرة يقصدها الناس لقضاء حوائجهم عند ذوي الشأن ·· والناس في هذه المسائل تدفعهم الحاجة، فيطرقون الباب دون مواعيد ومع ذلك لم أجد أحدا سواء مازن أو إخوته يتبرمون، بل كنت أعجب من أين يجدون الوقت؟ وكلهم أهل علم وقراءة وكتابة- ليلائموا بين الإنفتاح الاجتماعي والخلوة الثقافية ·· فمازن وحده عدا عن إخوته نشر حتى الآن ما يزيد عن ثلاثين كتابا عدا عن مئات المقالات في مختلف الصحف والمجلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وفوق هذا وذاك، فإنه عضو في عدة مؤسسات ثقافية وحضارية عربية وعالمية، منها الحوار العربي الأوروبي، فهو يتقن الإنجليزية والفرنسية·· إن مكتبة أل المبارك جزء هام في المكتبة العربية وليس فقط في المكتبة السورية ·· فقد استطاع مازن أن ينظم وقته أبدع تنظيم ويقوم بواجبه نحو مجتمعه الذي لم ينفصل عنه يوما ونحو طلبته واختصاصه.
وقد قابله هذا المجتمع بكل عرفان للجميل، فقد كرم عدة مرات، منها تكريم ''دار الفكر'' له وهو تكريم كنت نشرت عنه خبرا في إحدى الصحف الجزائرية، ففي هذا الحفل قدم عدد من اللغويين السوريين أبحاثا عنه نشرت في كتاب بعنوان مازن المبارك أبحاث مهداة له بمناسبة بلوغه السبعين.
وأصدر الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد مرسوما بتعيين مازن المبارك عضوا في مجمع اللغة العربية الشهير بدمشق لينضم إلى قافلة الجزائريين الذين حصلوا على هذه العضوية منذ تأسيس المجمع عام ,1919 فهم بالإضافة إلى والده عبد القادر وشقيقه محمد: الشيخ طاهر الجزائري، وعالم الفيزياء الدكتور مكي الحسني الجزائري، الأمين العام الحالي للمجمع.
رغم مرضي في القلب والسكر، مما يؤثر على نشاطي إلا أنني لا استطيع أن أتخلف عن زيارة الدكتور مازن سواء في بيته أو في مجمع اللغة العربية ولا عن زيارة شقيقه عبد الهادي ·· وهما يقدمان لي اليوم كل عون في كتابي الجديد الذي أعده عن الجزائريين في الشام وزوداني بصور ووثائق وملاحظات·
ليس لي أن أنسى التنويه إلى أن أحدا لم يشاهد مازن المبارك يوما قد تخلى عن أناقته أو ابتسامته · لن أتمكن من تعداد كتبه في هذا المكان لكني أذكركم أن أستاذي وصديقي قد بدأ نشر مؤلفاته عام 1959 بتحقيقه لكتاب الإيضاح في علل النحو للزجاجي ولايزال يواصل الكتابة والنشر حتى يومنا هذا، بينما توقف الكثير من أبناء جيله عن الكتابة والتأليف· ويجب علي أن أقول لكم أن مازن المبارك لم ينس وطنه الأم يوما، لقد زاره عدة مرات، إما مع الوفد الذي نقل رفات الأمير عبد القادر أوأستاذا زائرا في جامعة وهران أو زائرا للعائلة في دلس. وقد سألني أحد الخبثاء يوما هنا في الجزائر: كيف ترضى عن دنياك وأنت لم تحقق فيها مالا يسد رمقك أو منصبا يعلي بين الناس موقعك؟ فقلت يكفيني منها أن عرفت فيها مازن المبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.